الحوثيون يوقفون 35 مبادرة إنسانية ويعتقلون عشرات المتطوعين

TT

الحوثيون يوقفون 35 مبادرة إنسانية ويعتقلون عشرات المتطوعين

في الوقت الذي استمرت فيه الفعاليات الخيرية الرمضانية التي تنفذها مبادرات شبابية تطوعية وتستهدف عبر مشاريع مختلفة فئات النازحين والفقراء بمناطق سيطرة الحكومة اليمنية الشرعية، ضيقت الميليشيات الحوثية الخناق على العشرات من هذه المبادرات في العاصمة صنعاء ومدن أخرى، وذلك بالتزامن مع ارتفاع أعداد الفقراء والجوعى في مناطق سيطرة الجماعة إلى أرقام غير مسبوقة.
وأفادت - في هذا السياق - مصادر محلية حقوقية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن الميليشيات منعت منذ مطلع شهر رمضان 35 فرقة ومبادرة شبابية تطوعية من تنفيذ مشاريع إنسانية لصالح الآلاف من الفقراء في صنعاء ومدن يمنية أخرى.
وقالت المصادر إن الجماعة نشرت قبل نحو أسبوعين جواسيس بمعظم أحياء ومناطق العاصمة ومدن الأخرى لمراقبة المبادرات الشبابية التي تقدم المعونات للأسر الفقيرة والأشد فقرا.
وكشفت عن اعتقال الميليشيات العشرات من الشبان والشابات العاملين بتلك المبادرات لحظات تسليمهم المعونات لصالح الفقراء في صنعاء وريفها ومدن إب وذمار وحجة وتعز والمحويت وعمران، حيث أودعتهم السجون قبل أن تأخذ منهم التزاما بعد العودة للعمل التطوعي الإنساني في مقابل إطلاق سراحهم.
وتحدثت المصادر عن قيام الجماعة بمصادرة كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية بينها مساعدات نقدية وأخرى غذائية، وكذلك بطانيات وملابس ومكائن خياطة وخيم واقية للأمطار وغيرها.
وطبقا لذات المصادر، فإن من بين الأسباب التي تقف خلف منع الميليشيات للفرق من العمل التطوعي ادعاء الجماعة بوجود ما قالت إنه صندوق مختص بهذا الجانب ويعمل تحت إشراف وإدارة ما يسمى المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية، وهو كيان حوثي تم ابتكاره قبل عامين لشرعنة ابتزاز المنظمات الدولية وحرف مسار تمويلاتها الممنوحة لليمنيين المحتاجين لصالح المجهود الحربي.
وعلى ذات الصعيد، شكا طواقم أعمال إنسانية وتطوعية في أحياء: (باب اليمن وصنعاء القديمة والبليلي والقاع وبيت بوس والسنينة والتحرير) في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» من تعرضهم قبل أيام لمضايقات وعمليات مصادرة واعتقال هدفها منعهم من ممارسة أي نشاط خيري بنطاق العاصمة إلا تحت نظر مشرفي الجماعة على مستوى الأحياء.
وقال رئيس فريق شبابي متطوع في صنعاء، فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن مسلحي الجماعة وفي إطار التضييق المستمر على الأعمال الإنسانية منعوا الاثنين الماضي ناشطين من توزيع مواد غذائية لأكثر من 100 أسرة متعففة في أحياء متفرقة بصنعاء بحجة أن تلك المساعدات لا تخضع لأي رقابة حوثية.
ولفت الشاب اليمني إلى تهديد الحوثيين له ولفريقه بالاعتقال والسجن والمصادرة والتغريم حال استمرارهم في عملية توزيع المساعدات على الفقراء والمحتاجين، مؤكدا أنه وعددا من زملائه المتطوعين بدأوا مطلع رمضان بحملة واسعة لتأمين مواد غذائية ومساعدات نقدية للكثير من الأسر ممن ضاق بها الحال نتيجة الظروف الحالية التي أوجدها الانقلاب والحرب الحوثية.
وأوضح أنه تعود منذ أعوام بدعم من متطوعين وفاعلي خير من اليمنيين وغيرهم النشاط في العمل الإنساني والخيري إلى أن جاءت الميليشيات الحوثية وأوقفتهم عن الاستمرار.
وعبر الشاب عن غضبه واستنكاره لتلك الممارسات الحوثية بحق المبادرات الإنسانية التي قال إنها «ترسم ولو القليل من البسمة في وجوه الفقراء والمحتاجين وتخفف البعض من معاناتهم جراء ما لحق بهم من أوجاع وحرمان في ظل الانقلاب الحوثي وفساد قادة الجماعة».
وتواصلا لجرائم الميليشيات بحق الفرق والمبادرات الشبابية، تحدثت مصادر محلية في محافظة إب (170 كم جنوب صنعاء) تحدثت مصادر محلية عن إيقاف الانقلابيين في الأيام الأولى من رمضان خمس مبادرات شبابية تطوعية ومنعتها من مواصلة مشروع توزيع وجبات إفطار بسيطة للصائمين يوميا قبيل صلاة المغرب على معظم المساجد وفي الطرقات والشوارع بذات المحافظة.
وأفادت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، بأن مجاميع مسلحة حوثية انتشرت قبيل المغرب على طرقات وأبواب مساجد إب وباشرت باعتقال العشرات من الشبان المتطوعين المشاركين في مبادرة «عابر سبيل» لإفطار الصائمين، وصادرت ما بحوزتهم من وجبات ثم هددتهم بالاعتقال والسجن حال عادوا لممارسة ذلك النشاط.
وطبقا لذات المصادر، فقد لاقت تلك الممارسات الحوثية استياء وغضبا كبيرين لدى سكان وأهالي المحافظة، حيث اعتبر البعض منهم مثل ذلك العمل الإجرامي بأنه يكشف للجميع زيف ما تدعيه الجماعة من أنها تقوم بخدمة مصالح الناس، وتقف إلى جانب همومهم وأوجاعهم واحتياجاتهم.
ومنذ الانقلاب على السلطة الشرعية استخدمت الجماعة الحوثية (حليف إيران في اليمن) مختلف الطرق والأساليب لتضييق الخناق على المؤسسات والجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، وعمدت في المقابل إلى إغلاق المئات منها بمناطق سيطرتها، واستحدثت أخرى تابعة لها لتحكم قبضتها على كافة الفعاليات والأنشطة الخيرية والإنسانية.
وكانت مؤسسات وجمعيات إنسانية وخيرية شكت في وقت سابق من تدخلات الانقلابيين في أنشطتها ومحاولة فرض أجندة خاصة بهم أثناء عملية توزيع المساعدات مع ممارسة الابتزاز المالي، الأمر الذي دفع الكثير من هذه الجمعيات إلى التوقف عن العمل في ظل الأوضاع المأساوية التي لا يزال يعيشها اليمنيون بمناطق السيطرة الحوثية.
وبحسب ما أفادت به تقارير دولية وأخرى محلية سابقة، فقد تسببت الحرب التي أشعلتها الميليشيات في 2014 بواحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث بات اليوم وفقا لذات التقارير أكثر من 22 مليون يمني بحاجة ماسة وعاجلة إلى المساعدة الإنسانية، بما في ذلك 8.4 مليون شخص لا يزالون يكافحون لتأمين احتياجاتهم المعيشية الضرورية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.