فعاليات واحتفالات وعروض تستهدف دمقرطة الموضة

لخريف وشتاء 2015.. لندن تستبدل الابتكار المجنون بالتصاميم التجارية

سارة فيرغسون دوقة يورك خلال مشاركتها في عرض الأزياء الهادف لجمع التبرعات للمصابين بإيبولا  -  ناعومي كامبل تتوسط مجموعة من العارضات العالميات المشاركات في حفل «فاشن فور ريليف» لصالح مرضى «إيبولا» بأفريقيا
سارة فيرغسون دوقة يورك خلال مشاركتها في عرض الأزياء الهادف لجمع التبرعات للمصابين بإيبولا - ناعومي كامبل تتوسط مجموعة من العارضات العالميات المشاركات في حفل «فاشن فور ريليف» لصالح مرضى «إيبولا» بأفريقيا
TT

فعاليات واحتفالات وعروض تستهدف دمقرطة الموضة

سارة فيرغسون دوقة يورك خلال مشاركتها في عرض الأزياء الهادف لجمع التبرعات للمصابين بإيبولا  -  ناعومي كامبل تتوسط مجموعة من العارضات العالميات المشاركات في حفل «فاشن فور ريليف» لصالح مرضى «إيبولا» بأفريقيا
سارة فيرغسون دوقة يورك خلال مشاركتها في عرض الأزياء الهادف لجمع التبرعات للمصابين بإيبولا - ناعومي كامبل تتوسط مجموعة من العارضات العالميات المشاركات في حفل «فاشن فور ريليف» لصالح مرضى «إيبولا» بأفريقيا

إذا كنت في زيارة إلى لندن هذه الأيام، ولاحظت أنها تضج بأناقة تطبعها بعض التقليعات والصرعات الجريئة، أو لفتت انتباهك فتيات بالكاد يتمالكن أنفسهن وهن يمشين على كعوب عالية، وفي أزياء خفيفة، وكأنهن متوجهات إلى سهرة في عز النهار متحديات البرد، أو فقط لاحظت أن انتظارك لسيارة أجرة يطول أكثر من العادة، فلا تعجب، فزيارتك تتزامن مع أسبوع لندن للموضة، أهم حدث بالنسبة للعاصمة البريطانية؛ فهو يتعدى الموضة، وما تعنيه من مجرد أزياء أو حقائب ملونة، إلى أنه قطاع صناعي حيوي يوظف الملايين، ويلهم الملايين في الوقت ذاته.
ما لا يقل عن 50 مصمما سيشاركون فيه ليجودوا علينا بتوجهات جديدة لخريف وشتاء 2015. وليس ببعيد أن تتخلل هذه الاقتراحات بعض التقليعات أيضا. في العادة تكون الأيام الأولى هادئة، وكأنها للتسخين فقط، ثم يزيد الإيقاع في كل يوم ليصل أقصاه يوم الاثنين، حيث ستشارك بيوت مهمة مثل «بربيري» والمصمم إيريدم ودار «هانتر» وغيرها. إذا سألت أي مصمم عن المشاركة في الأيام الأولى، فإنهم يجمعون أنها مقبولة ومرحب بها مقارنة بيوم الأحد، الذي يعد الوحيد غير المفضل لدى كثير منهم هذا الموسم، لأنه يتزامن مع حفل توزيع جوائز الأوسكار. غني عن القول إن حفل الأوسكار سيسرق الأضواء والتغطيات الصحافية من كل المصممين، بغض النظر عن أهميتهم؛ فهذه المناسبة أكبر بكثير من أي أسبوع، بحكم أن العارضات فيها نجمات تتابعهن كثير من النساء ويقتدين بهن، مما يجعل المقارنة بين أي عرض أزياء والحفل غير عادلة على الإطلاق. حتى توم فورد الذي تعود على المشاركة في أسبوع لندن منذ سنوات، وبإمكانه أن يجذب وسائل الإعلام ويجعلهم يفكرون أكثر من مرة قبل أن يتجاهلوه، هاجر هذا الموسم إلى لوس أنجليس ليكون قريبا من هوليوود، وكله أمل أن تظهر نجمة أو أكثر بتصاميمه. فبحسبة بسيطة، فإن ظهور أي واحد، ولو بفستان واحد، في هذا الحفل أجدى من أي عرض أزياء عالمي، من الناحيتين التسويقية والإبداعية، على حد سواء.
لكن منظمة الموضة بلندن لن تقف مكتوفة الأيادي، فقد علمتها السنوات والتجارب أن تتصدى لكل الاحتمالات بقوة الابتكار، وأخيرا بالإنترنت والتسويق العالمي. كما جندت منذ عامين، جيمس ماكارثر، الرئيس التنفيذي لماركة «آنيا هيندمارش» ورئيس المنظمة في القسم التجاري لكي يراجع الاستراتيجية التجارية للأسبوع ككل، ويساعد في بناء وتقوية الماركات البريطانية. الهدف من هذه الاستراتيجية هي تعزيز مكانة لندن كعاصمة عالمية تحتضن مواهب شابة لهم قدرات هائلة على اختراق أسواق قريبة وبعيدة، بدعمهم وتقديم كل المساعدات اللوجيستية لهم. وتقدر المنظمة أنها تقضي 10 آلاف ساعة في كل عام لإنجاز هذه العملية بمتابعة تطور المصممين ودعمهم من خلال مبادرات عديدة، مثل «هيدونيزم» و«نيو جين» وغيرهما من المبادرات. اليوم، أكثر من 50 في المائة من المصممين المشاركين في الأسبوع تلقوا في مرحلة ما من مشوارهم العملي، دعما من المنظمة، واستفادوا من إحدى مبادراتها، من كريستوفر كاين، إيرديم، جوناثان سوندرز إلى هاوس أوف هولاند، ماري كاترانزو، مرورا بعصمان: بيتر بيلوتو، روكساندا إلينشيك وغيرهم.
عودة إلى لندن هذه الأيام، تجدر الإشارة إلى أن المكان الذي سيعرف ازدحاما كبيرا، ويُنصح لأي شخص غير مهتم بالموضة أن يتجنبه إلى يوم الثلاثاء المقبل، هو «سومرست هاوس» والشوارع المحيطة به. فهذا هو البيت الرسمي للأسبوع منذ 2009. طبعا هناك وجهات أخرى متفرقة يختارها المصممون، الذين يتمتعون بإمكانيات عالية تحديدا، إما لمعمارها المتميز أو لتاريخها الغني، حتى تكون خلفية درامية لعروضهم. وهكذا على مدى 5 أيام، ستعيش لندن إيقاعا سريعا، لن تزيد فيه زحمة السير فحسب، بل أيضا سخونة «إنستغرام» أو «تويتر» أو أي وسيلة من وسائل التواصل الأخرى التي لن تتوقف على إبلاغ العالم بما يجري في الخيمة المنصوبة في سومرست هاوس، أو في أي من المآثر التاريخية الأخرى التي ستجري فيها العروض. كل سيغطيها حسب رؤيته، وإن سيبقى اللافت هو التغطيات الإعلامية البريطانية، التي تتعامل مع الأسبوع من منظور وطني واقتصادي، بما فيها الصحف التقليدية العريقة. وطني لأنه أصبح مفخرة لهم بعد أن دخل ميدان المنافسة مع باقي العواصم العالمية، وتفوق على بعضها إلى حد أنه سحب السجاد من تحت أقدامها، واقتصادي لأنه اكتسب قوة تجارية مهمة. فقد فهم مصمموه أخيرا اللعبة، وأصبحوا يجتهدون في الجمع بين الابتكارات الفنية والتصاميم التجارية، عوض الاعتماد على جنون الفنون، التي كانت تثير الأنظار إليه لكنها لم تكن تغني من جوع ولا تبيع. الآن تغيرت الموازين وأصبحت لندن ترقص على الحبلين: الابتكار والاتجار. ليس هذا فحسب، بل أصبح سباقا بدخوله مجال الإنترنت ووسائل التواصل من أوسع الأبواب، ألا وهو البث المباشر.
محلات «توب شوب» في أكسفورد ستريت، مثلا، فتحت أبواب المشاركة لكل زبائنها، إذ بإمكان كل واحد منهم متابعة العروض، وإرسال تغطياتهم وتعليقاتهم وانتقاداتهم عبر «تويتر»، على أن تفوز أحسن تغطية أو تعليق بقسيمة شراء سخية يحصل الفائز بموجبها على خزانة متكاملة. ليس هذا فحسب، بل تم وضع ماكينة ضخمة بعنوان «تويتس فور تريتس» (tweets for treats) يمكن أن يربح فيها البعض بطاقات لحضور عرض «توب شوب» في الموسم المقبل.
ولأن البث المباشر في لندن وحدها لم يعد كافيا أو ديمقراطيا، برأي أليسدير ويليس، مصمم دار «هانتر»، فقد قرر أن يبث في كثير من المدن البريطانية الأخرى، مثل بيرمنغهام، مانشستر وغلاسكو، بنصب شاشات ضخمة في شوارعها، بمساعدة شركة «أوشن» (Ocean) المتخصصة في التسويق الخارجي. هدفه أن يتمكن أكبر عدد من الناس من متابعة عرضه يوم الاثنين المقبل على الساعة السادسة مساء.
ليس هذا فحسب، فسيشهد الأسبوع أيضا عدة فعاليات على مدى 5 أيام للاحتفال بالمواهب الصاعدة، من كل الجنسيات التي تقصد لندن كونها منبرا مفتوحا لهم، مثل فعالية الموضة العالمية، التي افتتح بها الأسبوع مساء يوم الخميس الماضي، واحتضنت 130 مصمما من 30 بلدا هذا العام.
ولأن صناع الموضة أيضا فاعلو خير، لم يكن من الممكن أن يمر الأسبوع من دون حفل خيري لرعاية قضية إنسانية. هذا الموسم، نظمت العارضة السمراء ناعومي كامبل عرضا لجمع التبرعات لصالح المصابين بـ«إيبولا» في أفريقيا. أقيم الحفل «فاشن فور ريليف» في سومرست هاوس، بمشاركة مجموعة من الشخصيات المعروفة، مثل دوقة يورك السابقة، سارة فيرغسون، وعارضات عالميات.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».