السياسة الداخلية: نجاح في {حرب اللقاح} وتعثر في ملف الهجرة

بايدن استهل دخوله البيت الأبيض بتوقيع أوامر تنفيذية تلغي قرارات سلفه ترمب (أ.ب)
بايدن استهل دخوله البيت الأبيض بتوقيع أوامر تنفيذية تلغي قرارات سلفه ترمب (أ.ب)
TT

السياسة الداخلية: نجاح في {حرب اللقاح} وتعثر في ملف الهجرة

بايدن استهل دخوله البيت الأبيض بتوقيع أوامر تنفيذية تلغي قرارات سلفه ترمب (أ.ب)
بايدن استهل دخوله البيت الأبيض بتوقيع أوامر تنفيذية تلغي قرارات سلفه ترمب (أ.ب)

دخل بايدن إلى البيت الأبيض في سن الثامنة والسبعين، مع انتشار مخيف لوباء «كورونا»، وملايين الأميركيين العاطلين عن العمل، واقتصاد يرزح تحت إغلاقات نتيجة الوباء، ودعوات متزايدة لتحقيق العدالة العرقية وإصلاح الشرطة على خلفية مظاهرات عارمة في أعقاب مقتل الأميركي الأسود جورج فلويد على أيدي شرطي أبيض، واستقطاب سياسي حاد في الشارع الأميركي مع صدمة سببها الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني)، ومخططات تشريعية مهمة مع الكونغرس. وقد تعهد بايدن وفريقه منذ البداية بمواجهة ثلاث أزمات أساسية هي الفيروس والاقتصاد والظلم العنصري.
ومنذ يومه الأول، وقّع بايدن أوامر تنفيذية بلغ عددها أكثر من 60 تركز معظمها على نقض سياسات أقرها سلفه الرئيس السابق دونالد ترمب (حوالي 23 أمراً).

«كوفيد - 19» وتوزيع اللقاح
حقق بايدن نجاحاً جيداً في تنفيذ الأهداف التي أعلنها في توزيع اللقاحات في الحرب ضد «كورونا»، معلناً الوصول إلى هدف توزيع 200 مليون جرعة لقاح للأميركيين خلال 100 يوم. وأنشأ بايدن قنواته الخاصة لتوزيع اللقاحات، موجهاً عناية خاصة بمجتمعات السود والأقليات الأخرى. وبينما عمل خبراء الصحة على ترويض وحش الوباء، كان على إدارة بايدن أيضاً مواجهة الانكماش الاقتصادي الهائل الناجم عن الفيروس وفقدان ملايين الأميركيين وظائفهم بسبب الإغلاق في قطاعات مهمة مثل السياحة والترفيه والطيران. ويقول خبراء إن العودة للحياة الطبيعية ستكون أهم من أي إنجاز سياسي يحرزه بايدن. ويعتمد تقييم المائة يوم الأولى من ولايته على مدى نجاح حملة التطعيم وفتح المدارس والشركات والمطاعم والعودة إلى الحياة الطبيعة.

الهجرة
قدم بايدن مشروع قانون للكونغرس لتوفير مسار للحصول على الجنسية الأميركية لحوالي 11 مليون شخص من المهاجرين غير الشرعيين الذين يطلق عليهم «الحالمون». وأوقف الرئيس الأميركي عمليات البناء في الجدار الحدودي مع المكسيك، إلا أن موجة المهاجرين المتزايدة عند الحدود الجنوبية أدت إلى تعثر جهوده لحل ملف الهجرة وسببت أزمة حقيقية داخل البيت الأبيض. ورغم محاولات المسؤولين التقليل منها ووصفها بـ«التحدي»، فإن بايدن اضطر للاعتراف بأنها أزمة. وقد تعهد بايدن بالتراجع عن سياسات سلفه ترمب المتشددة ومنها الفصل بين الآباء وأطفالهم عند الحدود، وأصدر أمراً تنفيذياً لجمع شمل الأطفال بآبائهم وأمهاتهم. ورغم ذلك، تتعرض إدارة بايدن لانتقادات شديدة لأن هناك أطفالاً ما زالوا يعيشون في مرافق تشبه السجون، ولأن هناك زيادة هائلة في أعداد المهاجرين منذ وصوله إلى سدة الحكم.

العدالة العرقية وإصلاح الشرطة
نجح حكم الإدانة الصادر الأسبوع الماضي ضد الضابط السابق ديريك شوفين في قضية مقتل الأميركي الأسود جورج فلويد إلى إشاعة نوع من الارتياح حول الأمل في تحقيق العدالة والتقدم نحو إلغاء نظام التهرب من المحاسبة ضد المتهمين بقضايا ضد الأقليات العرقية، وبصفة خاصة ضد السود الأميركيين. وقد تعهد بايدن بجعل إصلاح العدالة العرقية والعدالة الجنائية وإصلاح الشرطة جزءاً رئيسياً من أولويات إدارته. وتعيق الخلافات الحزبية هذه القضية بشكل كبير، حيث يواجه بايدن صعوبة كبيرة في هذا الملف.
وقد وقع بايدن أربعة أوامر تنفيذية لمعالجة معاملات الوكالات الفيدرالية التمييزية في سياسات الإسكان والسجون وفي مواجهة كراهية الأجانب خصوصا الأميركيين الآسيويين. ويدفع بايدن أيضاً بخطى حثيثة لتقييد تملك الأسلحة بعد أن تزايدت حوادث إطلاق النار الجماعية بشكل مقلق وصفها بايدن بـ«الوباء».

الكونغرس
مع وجود غالبية ديمقراطية في مجلس النواب، ومجلس شيوخ يملك الديمقراطيون فيه سيطرة ضئيلة، حقق بايدن فوزاً سياسياً كبيراً مع تمرير قانون الإغاثة في ملف «كورونا» بقيمة 1.9 تريليون دولار، الذي تضمن مدفوعات مباشرة للأسر الأميركية. لكن لا تزال تصريحاته بأن خطته للتعافي الاقتصادي ستخلق 19 مليون وظيفة جديدة، محل تشكيك واسع من الحزبين.
ويحرص بايدن على الاجتماع بالأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ لمناقشة أجندته التشريعية بما فيها مشروع طموح للبنية التحتية ومشروع البيئة الخضراء لتحويل الكثير من الصناعات الملوثة للبيئة إلى صناعات أكثر حرصاً على البيئة، مثل التوسع في السيارات الكهربائية ومشروعات الطاقة المتجددة.



كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

TT

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

يؤدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، اليمين الدستورية بصفته الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. أما التأثير العالمي لولايته الثانية فقد بدأ يُشعر به بالفعل قبل انطلاق العهد الجديد. فمن القدس إلى كييف إلى لندن إلى أوتاوا، غيّر فوز ترمب الانتخابي وتوقع أجندة ترمب الجديدة حسابات زعماء العالم، حسبما أفادت شبكة «بي بي سي» البريطانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال إلقائهما كلمة مشتركة بالبيت الأبيض في واشنطن بالولايات المتحدة يوم 28 يناير 2020 (رويترز)

اتفاق وقف النار في غزة

لقد أحدث دونالد ترمب تأثيراً على الشرق الأوسط حتى قبل أن يجلس في المكتب البيضاوي لبدء ولايته الثانية بصفته رئيساً. قطع الطريق على تكتيكات المماطلة التي استخدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتحالف مع شركائه في الائتلاف القومي المتطرف، لتجنب قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي وضعه سلف ترمب جو بايدن على طاولة المفاوضات في مايو (أيار) الماضي. ويبدأ ترمب ولايته الثانية مدعياً الفضل، مع مبرر معقول، في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفق «بي بي سي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء في الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر 2024 (رويترز)

قلق الحكومة البريطانية

ترمب وفريقه مختلفان هذه المرة، وأكثر استعداداً، وربما بأجندة أكثر عدوانية، لكن سعادة ترمب بإبقاء العالم في حيرة واضحة. فهذا الغموض المصاحب لترمب هو ما تجده المؤسسة السياسية البريطانية صادماً للغاية.

حصلت سلسلة من الاجتماعات السرية «للحكومة المصغرة» البريطانية، حيث حاول رئيس الوزراء كير ستارمر، والمستشارة راشيل ريفز، ووزير الخارجية ديفيد لامي، ووزير الأعمال جوناثان رينولدز «التخطيط لما قد يحدث»، وفقاً لأحد المصادر.

قال أحد المطلعين إنه لم يكن هناك الكثير من التحضير لسيناريوهات محددة متعددة للتعامل مع ترمب؛ لأن «محاولة تخمين الخطوات التالية لترمب ستجعلك مجنوناً». لكن مصدراً آخر يقول إنه تم إعداد أوراق مختلفة لتقديمها إلى مجلس الوزراء الموسع.

قال المصدر إن التركيز كان على «البحث عن الفرص» بدلاً من الذعر بشأن ما إذا كان ترمب سيتابع العمل المرتبط ببعض تصريحاته الأكثر غرابة، مثل ضم كندا.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعقدان اجتماعاً ثنائياً في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 28 يونيو 2019 (رويترز)

صفقة محتملة

في الميدان الأوكراني، يواصل الروس التقدم ببطء، وستمارس رئاسة ترمب الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا. وهناك حقيقة صعبة أخرى هنا: إذا حدث ذلك، فمن غير المرجح أن يكون بشروط أوكرانيا، حسب «بي بي سي».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (حينها مرشحاً رئاسياً) يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة حول التعليم أثناء عقده تجمعاً انتخابياً مع أنصاره في دافنبورت بولاية أيوا بالولايات المتحدة يوم 13 مارس 2023 (رويترز)

سقوط ترودو في كندا

يأتي عدم الاستقرار السياسي في أوتاوا في الوقت الذي تواجه فيه كندا عدداً من التحديات، وليس أقلها تعهد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الكندية.

حتى وقت قريب، بدا جاستن ترودو عازماً على التمسك برئاسته للوزراء، مشيراً إلى رغبته في مواجهة بيير بواليفير - نقيضه الآيديولوجي - في استطلاعات الرأي. لكن الاستقالة المفاجئة لنائبة ترودو الرئيسية، وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) - عندما استشهدت بفشل ترودو الملحوظ في عدم أخذ تهديدات ترمب على محمل الجد - أثبتت أنها القشة الأخيرة التي دفعت ترودو للاستقالة. فقد بدأ أعضاء حزب ترودو أنفسهم في التوضيح علناً بأنهم لم يعودوا يدعمون زعامته. وبهذا، سقطت آخر قطعة دومينو. أعلن ترودو استقالته من منصب رئيس الوزراء في وقت سابق من هذا الشهر.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 29 يونيو 2019 (رويترز)

تهديد الصين بالرسوم الجمركية

أعلنت بكين، الجمعة، أن اقتصاد الصين انتعش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مما سمح للحكومة بتحقيق هدفها للنمو بنسبة 5 في المائة في عام 2024.

لكن العام الماضي هو واحد من السنوات التي سجلت أبطأ معدلات النمو منذ عقود، حيث يكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتخلص من أزمة العقارات المطولة والديون الحكومية المحلية المرتفعة والبطالة بين الشباب.

قال رئيس مكتب الإحصاء في البلاد إن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين في عام 2024 كانت «صعبة المنال»، بعد أن أطلقت الحكومة سلسلة من تدابير التحفيز في أواخر العام الماضي.

وفي حين أنه نادراً ما فشلت بكين في تحقيق أهدافها المتعلقة بالنمو في الماضي، يلوح في الأفق تهديد جديد على الاقتصاد الصيني، وهو تهديد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 500 مليار دولار.