الجزائر: ترقب في «القبائل» غداة اتهام انفصاليين بـ«إعداد تفجيرات»

جزائريون يشاركون في تظاهرة أمام مبنى جريدة «ليبرتي» للمطالبة بإطلاق الصحافي رباح كريش في العاصمة الجزائرية أول من أمس (أ.ف.ب)
جزائريون يشاركون في تظاهرة أمام مبنى جريدة «ليبرتي» للمطالبة بإطلاق الصحافي رباح كريش في العاصمة الجزائرية أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: ترقب في «القبائل» غداة اتهام انفصاليين بـ«إعداد تفجيرات»

جزائريون يشاركون في تظاهرة أمام مبنى جريدة «ليبرتي» للمطالبة بإطلاق الصحافي رباح كريش في العاصمة الجزائرية أول من أمس (أ.ف.ب)
جزائريون يشاركون في تظاهرة أمام مبنى جريدة «ليبرتي» للمطالبة بإطلاق الصحافي رباح كريش في العاصمة الجزائرية أول من أمس (أ.ف.ب)

قال ناشطون سياسيون وصحافيون بمنطقة القبائل الجزائرية إنهم لاحظوا أمس هدوءاً مشوباً بحذر في المعاقل الرئيسية للتنظيم الانفصالي «حركة استقلال القبائل»، غداة اتهامه من طرف الجيش بـ«إعداد مخطط إجرامي يقضي بتنفيذ تفجيرات في المظاهرات الشعبية». وفي غضون ذلك، خلف قرار توقيف 23 معتقلاً إضرابهم عن الطعام ارتياحاً بالغاً وسط عائلاتهم والناشطين، خصوصاً بعد أن تدهورت حالة بعضهم الصحية.
ولم يصدر أي رد فعل من رئيس التنظيم الانفصالي، فرحات مهني، الذي يقيم خارج البلاد، رداً على الاتهامات الخطيرة التي وردت في بيان لوزارة الدفاع أول من أمس. في حين لوحظ، بحسب مراسلي صحف بتيزي وزو (120 كلم شرق) وبجاية (250 كلم شرق)، أهم مدن القبائل، أن نشطاء الانفصال تلقوا بـ«حذر شديد» الاتهامات، من دون إبداء رغبة في التحرك ضدها ميدانياً. ونقل عن بعضهم أنهم سينددون بها في المظاهرات، التي تجري كل يوم جمعة، في إطار الحراك الشعبي، والتي عادة ما تكون ضخمة.
وتعد القبائل الخصم اللدود للسلطة منذ عشرات السنين، وسكانها يرفضون مشروعاتها السياسية، أياً كانت، وهم يقاطعون الانتخابات بشكل دائم. ويعيش دعاة الانفصال، وهم بالآلاف، وسط السكان الذين يرفض غالبيتهم توجهاتهم. لكن من دون أن يكون لهم رد فعل ضدهم.
ويضم كثير من العائلات نشطاء من أجل استقلال المنطقة، التي ينطق سكانها باللغة الأمازيغية. ويوجد من بينهم منتسبون للتعليم ونقابيون، وكثير من طلاب الجامعات، ونشطاء سياسيون، من دون انتماء حزبي.
يشار إلى أن الحزبين الكبيرين المتجذرين في القبائل، «جبهة القوى الاشتراكية» و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، يرفضان أطروحة الانفصال، لكنهما يتفاديان المواجهة مع التنظيم، الذي يبحث عن استقلال المنطقة منذ تأسيسه عام 2011.
وقالت وزارة الدفاع إن جهازها الأمني «اكتشف مؤامرة خطيرة تستهدف البلاد، من طرف حركة استقلال منطقة القبائل». وأكدت أن «عضواً سابقاً في الحركة التخريبية قدم اعترافات خطيرة لمصالح الأمن عن وجود مخطط إجرامي خبيث، يعتمد على تنفيذ تفجيرات»، موضحة أن «عدة عناصر ينتمون للحركة الانفصالية تورطوا في هذا المخطط، وتلقوا تدريبات قتالية في الخارج، بتمويل ودعم من دول أجنبية». من دون ذكر هذه الدول، ولا أي تفاصيل أخرى عن «العناصر».
إلى ذلك، عبر أهالي 23 معتقلاً مضرباً عن الطعام منذ أسبوعين عن ارتياح، إثر إعلانهم مساء أول من أمس التخلي عن حركتهم الاحتجاجية. وقال محامون يدافعون عنهم إنهم أقنعوهم بتوقيف الإضراب خوفاً على سلامتهم، خصوصاً أن أربعة منهم تم نقلهم من طرف إدارة السجن بالعاصمة إلى المستشفى بسبب تدهور حالتهم الصحية.
وشن المعتقلون إضراباً عن الطعام، تعبيراً عن رفض التهم التي وجهتها لهم النيابة، ومنها «ضرب استقرار البلاد»، و«المس بالوحدة الوطنية»، و«إهانة رموز الدولة». ومن أشهرهم محمد تاجديت، الذي عرف بأشعاره الهجائية ضد النظام، والأخوين رياحي المعروفين بانخراطهما القوي في الحراك. كما تم أمس عرض عدة نشطاء بوهران (غرب)، على النيابة بعد اعتقالهم في المظاهرات، التي شهدتها المدينة الجمعة الماضي.
ونشر زكي حناش، الناشط البارز الذي يتابع كل صغيرة وكبيرة عن المعتقلين، بحسابه بشبكة التواصل الاجتماعي، أن قوات الأمن اقتادت عدداً من المتظاهرين إلى مراكزها للتحقيق، فاق 10 آلاف منذ بداية الحراك في 22 فبراير (شباط) 2019. فيما تم إطلاق 1200 متابعة قضائية ضدهم وتنظيم 500 محاكمة لهم، بينما تم الإفراج عن قطاع منهم، ولا يزال آخرون في الحبس المؤقت.
وتراوحت أعمار المتظاهرين الذين تعرضوا إلى مضايقات السلطة، ما بين 17 و86، حسب حناش، أشهرهم رجل الثورة الثمانيني لخضر بورقعة الذي سجن في 2019، بسبب مواقفه السياسية، وتوفي الخريف الماضي متأثراً بفيروس كورونا.



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.