قال ناشطون سياسيون وصحافيون بمنطقة القبائل الجزائرية إنهم لاحظوا أمس هدوءاً مشوباً بحذر في المعاقل الرئيسية للتنظيم الانفصالي «حركة استقلال القبائل»، غداة اتهامه من طرف الجيش بـ«إعداد مخطط إجرامي يقضي بتنفيذ تفجيرات في المظاهرات الشعبية». وفي غضون ذلك، خلف قرار توقيف 23 معتقلاً إضرابهم عن الطعام ارتياحاً بالغاً وسط عائلاتهم والناشطين، خصوصاً بعد أن تدهورت حالة بعضهم الصحية.
ولم يصدر أي رد فعل من رئيس التنظيم الانفصالي، فرحات مهني، الذي يقيم خارج البلاد، رداً على الاتهامات الخطيرة التي وردت في بيان لوزارة الدفاع أول من أمس. في حين لوحظ، بحسب مراسلي صحف بتيزي وزو (120 كلم شرق) وبجاية (250 كلم شرق)، أهم مدن القبائل، أن نشطاء الانفصال تلقوا بـ«حذر شديد» الاتهامات، من دون إبداء رغبة في التحرك ضدها ميدانياً. ونقل عن بعضهم أنهم سينددون بها في المظاهرات، التي تجري كل يوم جمعة، في إطار الحراك الشعبي، والتي عادة ما تكون ضخمة.
وتعد القبائل الخصم اللدود للسلطة منذ عشرات السنين، وسكانها يرفضون مشروعاتها السياسية، أياً كانت، وهم يقاطعون الانتخابات بشكل دائم. ويعيش دعاة الانفصال، وهم بالآلاف، وسط السكان الذين يرفض غالبيتهم توجهاتهم. لكن من دون أن يكون لهم رد فعل ضدهم.
ويضم كثير من العائلات نشطاء من أجل استقلال المنطقة، التي ينطق سكانها باللغة الأمازيغية. ويوجد من بينهم منتسبون للتعليم ونقابيون، وكثير من طلاب الجامعات، ونشطاء سياسيون، من دون انتماء حزبي.
يشار إلى أن الحزبين الكبيرين المتجذرين في القبائل، «جبهة القوى الاشتراكية» و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، يرفضان أطروحة الانفصال، لكنهما يتفاديان المواجهة مع التنظيم، الذي يبحث عن استقلال المنطقة منذ تأسيسه عام 2011.
وقالت وزارة الدفاع إن جهازها الأمني «اكتشف مؤامرة خطيرة تستهدف البلاد، من طرف حركة استقلال منطقة القبائل». وأكدت أن «عضواً سابقاً في الحركة التخريبية قدم اعترافات خطيرة لمصالح الأمن عن وجود مخطط إجرامي خبيث، يعتمد على تنفيذ تفجيرات»، موضحة أن «عدة عناصر ينتمون للحركة الانفصالية تورطوا في هذا المخطط، وتلقوا تدريبات قتالية في الخارج، بتمويل ودعم من دول أجنبية». من دون ذكر هذه الدول، ولا أي تفاصيل أخرى عن «العناصر».
إلى ذلك، عبر أهالي 23 معتقلاً مضرباً عن الطعام منذ أسبوعين عن ارتياح، إثر إعلانهم مساء أول من أمس التخلي عن حركتهم الاحتجاجية. وقال محامون يدافعون عنهم إنهم أقنعوهم بتوقيف الإضراب خوفاً على سلامتهم، خصوصاً أن أربعة منهم تم نقلهم من طرف إدارة السجن بالعاصمة إلى المستشفى بسبب تدهور حالتهم الصحية.
وشن المعتقلون إضراباً عن الطعام، تعبيراً عن رفض التهم التي وجهتها لهم النيابة، ومنها «ضرب استقرار البلاد»، و«المس بالوحدة الوطنية»، و«إهانة رموز الدولة». ومن أشهرهم محمد تاجديت، الذي عرف بأشعاره الهجائية ضد النظام، والأخوين رياحي المعروفين بانخراطهما القوي في الحراك. كما تم أمس عرض عدة نشطاء بوهران (غرب)، على النيابة بعد اعتقالهم في المظاهرات، التي شهدتها المدينة الجمعة الماضي.
ونشر زكي حناش، الناشط البارز الذي يتابع كل صغيرة وكبيرة عن المعتقلين، بحسابه بشبكة التواصل الاجتماعي، أن قوات الأمن اقتادت عدداً من المتظاهرين إلى مراكزها للتحقيق، فاق 10 آلاف منذ بداية الحراك في 22 فبراير (شباط) 2019. فيما تم إطلاق 1200 متابعة قضائية ضدهم وتنظيم 500 محاكمة لهم، بينما تم الإفراج عن قطاع منهم، ولا يزال آخرون في الحبس المؤقت.
وتراوحت أعمار المتظاهرين الذين تعرضوا إلى مضايقات السلطة، ما بين 17 و86، حسب حناش، أشهرهم رجل الثورة الثمانيني لخضر بورقعة الذي سجن في 2019، بسبب مواقفه السياسية، وتوفي الخريف الماضي متأثراً بفيروس كورونا.
الجزائر: ترقب في «القبائل» غداة اتهام انفصاليين بـ«إعداد تفجيرات»
الجزائر: ترقب في «القبائل» غداة اتهام انفصاليين بـ«إعداد تفجيرات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة