فوتيل لـ«الشرق الأوسط»: مساعدة السعودية دفاعياً مصلحة أميركية

قائد القيادة المركزية السابق قال إن الانسحاب من العراق وقرارات المالكي وراء ولادة «داعش»

الجنرال جوزيف فوتيل
الجنرال جوزيف فوتيل
TT

فوتيل لـ«الشرق الأوسط»: مساعدة السعودية دفاعياً مصلحة أميركية

الجنرال جوزيف فوتيل
الجنرال جوزيف فوتيل

اعترف قائد القيادة المركزية الأميركية السابق في الشرق الأوسط الجنرال جوزيف فوتيل بأن انسحاب الولايات المتحدة من العراق في 2011 ساهم في ولادة تنظيم «داعش» الإرهابي، وهيأ له الأرض الخصبة للانطلاق بأعماله الوحشية في المنطقة. كما ألقى باللوم في الجزء الأكبر على رئيس وزراء العراق السابق نوري المالكي الذي تسببت إدارته في «تسييس الجيش العراقي»، مما أدّى إلى عدم تكافؤ القتال مع «داعش» وسقوط الموصل في 2014.
بعد عامين من تقاعد فوتيل من منصبه في الجيش الأميركي، كشف في حوار مع «الشرق الأوسط» أن ارتباطه بمنطقة الشرق الأوسط لا يزال مستمراً، إذ يعتبرها منطقة ذات إرث تاريخي، وبُعد استراتيجي مهم للولايات المتحدة، وأن العلاقة السعودية - الأميركية «لا بد من أن تتواصل بدعم واشنطن لحليفتها الرياض في حرب اليمن، والدفاع عن نفسها». وهنا نص الحوار:

> بعد خروجك متقاعداً من غرفة قيادة العمليات المركزية الأميركية في الشرق الأوسط... كيف ترى المنطقة اليوم والحضور الأميركي فيها؟
- أولاً، أعتقد أن منطقة الشرق الأوسط تظل منطقة مهمة جداً للولايات المتحدة، ولدينا الكثير من مصالح الأمن القومي هناك. وفي الأسابيع الماضية فقط، مع الحادث الذي وقع في قناة السويس، تم تذكيرنا بمدى أهمية الممرات المائية في الشرق الأوسط للتجارة العالمية. وهذا مجرد أحد اهتماماتنا في المنطقة. ولذلك أعتقد أن لدينا مصلحة طويلة الأمد هناك ضمن استراتيجيتنا الاقتصادية والأمنية الشاملة، وهذا لا يعني بالضرورة أنه يجب أن تكون لدينا أعداد كبيرة من القوات هناك إلى الأبد، لكننا مهتمون بهذا المجال، وعلينا التأكد من أننا نتبع استراتيجيات وسياسات تدعم مصالحنا.
> كيف تقيّم الوضع هناك؟
- أعتقد أن الوضع في الشرق الأوسط يزداد تعقيداً، أعني أننا رأينا أشياء يمكن اعتبارها إيجابية، مثل العلاقات المحسنة بين إسرائيل والدول العربية في المنطقة، وهذا أمر إيجابي، لكنني أعتقد أنه يجعل الأمور أكثر تعقيداً بالنسبة لإيران. فمن ناحية أخرى، إيران أكثر عدوانية. والهجوم على منشآت «أرامكو» السعودية قبل فترة مثال آخر على كيف أصبحت المنطقة معقدة. من وجهة نظري، هذه منطقة تستمر في توليد التعقيد وستستمر في النمو والتعقيد في المستقبل، وأعتقد أن التخطيط اليوم أكثر تعقيداً مما كان عليه عندما كنت أعمل هناك.

- الحرب على «داعش»
> لماذا لم ينجح التحالف الدولي لمحاربة «داعش» في القضاء على التنظيم؟
- أعتقد أن هذا سؤال جيد للغاية، لأن ما تعلمناه بمرور الوقت هو أنه من الصعب للغاية القضاء التام على المنظمات المتطرفة العنيفة مثل «داعش». نعم لقد نجحنا في تفكيكه وقتل قادته، لكن العديد من المقاتلين يذهبون إلى هناك، والعديد من الظروف الأساسية التي تدعم تنظيمات مثل «داعش» أو «القاعدة» لا تزال موجودة بالفعل، وبالتالي فإن حل هذا الأمر يتطلب أكثر من وجود عسكري. يجب أن تعالج الدول في المنطقة هذه المشاكل، وعلى التحالف معالجة هذه المشاكل مع الدبلوماسيين. فبينما حققنا بعض النجاح العسكري، إلا أنه في حد ذاته لا يكفي لمعالجة مشكلة «داعش» بشكل كامل، وسنحتاج إلى مواصلة ممارسة الضغط، سواء كان عسكرياً أو دبلوماسياً. ولقد حققنا بعض التقدم في بعض المجالات، وأعتقد أن عملنا مع العراق على سبيل المثال كان جيداً، وواصلنا الحفاظ على قدراته. إلا أنه من ناحية أخرى، لا يزال لدينا الكثير من اللاجئين، ولا يزال لدينا مقاتلو «داعش» الذين بقوا في الخلف، وهذا ليس جيداً، وقد تكون هذه بذور المجموعة التالية.
> من صنع «داعش»؟ أذكر أنك قلت في مناسبة سابقة أثناء عملك إن رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي أسهم في نشأة التنظيم عندما منع الجيش من مواجهته في الموصل. حدثنا عن تفاصيل ذلك.
- هناك مجموعة متنوعة من العوامل التي أسهمت في ظهور منظمات مثل «داعش»، وأصبح ذلك جلياً في نهاية الحرب في عام 2011 عندما غادرت الولايات المتحدة العراق. وكما تعلمون، لقد رفعنا الكثير من الضغط عن فلول تلك التنظيمات، ولم نبق هناك مع شركائنا من القوات العراقية، لذا قد نكون أسهمنا في حدوث ذلك، ولكن في الوقت نفسه، كانت هناك قضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية. وكل هذه الأمور أدّت إلى ظهور منظمات مثل «داعش». وشاركت الدول المضيفة في هذا الخطأ، إذ كان عليها تحمل المسؤولية أيضاً، لذلك أعتقد أنه من المهم الاعتراف بالمسؤولية في نشوء منظمات مثل هذه، وتأتي من مجموعة متنوعة من العوامل المختلفة.
وفيما يخص حادثة الموصل عام 2014، أعتقد أن ما رأيناه كان لأننا ابتعدنا عن الجيش العراقي. لقد أصبح الجيش إلى حد كبير أداة سياسية لنوري المالكي في تلك الفترة، واستبدل القادة العسكريين الأكفاء جداً بواسطة أولئك الذين يدينون له بالولاء سياسيا أكثر من كونهم مؤهلين عسكرياً. ونتيجة لذلك عندما واجهوا عدواً شريراً يمكن إلحاق الهزيمة به مثل «داعش»، كانوا يفتقرون إلى الاحتراف والتماسك وكانوا يفتقرون إلى القيادة العسكرية التي يحتاجونها لهزيمة هذه المنظمة، لذا رأينا الجيش العراقي ينهار في أماكن مثل الموصل، ويرمي حقاً العراق في حالة من الذعر الشديد للغاية لأنه لم يتمكن من الدفاع عن مدنه وحدوده وأراضيه. لهذا السبب أعتقد أن رئيس الوزراء نوري المالكي يتحمل بعضاً من المسؤولية.

> كيف ترى قدرة الجيش العراقي اليوم؟
- أعتقد أن قدرته جيدة اليوم، والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة عمل بدءاً من عام 2014 ولسنوات عدة في إعادة بناء الجيش العراقي. وقد قام العراقيون بالكثير من هذا العمل بأنفسهم. لم نحاول إنشاءها على صورتنا الخاصة، فقد قمنا بدعمهم أثناء نموهم، وأعتقد أننا نراهم اليوم يؤدون عملهم على مستوى جيد، ويجرون مجموعة متنوعة من العمليات من دون الحاجة إلى مساعدة التحالف لذلك أعتقد أن تقدمهم كان جيداً جداً.
> قال الجنرال فرنك ماكنزي في إحدى مقابلاته إن المناطق الخاضعة لسيطرة نظام بشار الأسد تهدد بعودة «داعش»... ما مدى تقييمك لهذا الأمر؟ وهل تتفق معه؟
- نعم، أتفق معه دائماً في هذا الأمر لأنني أعتقد أن تقييمه للوضع دقيق للغاية. ومن المهم أن ننظر اليوم إلى بعض الظروف في أماكن مثل شمال شرقي سوريا، لأن مخيمات النازحين مثل مخيم «الهول» تشكّل مشكلة أخرى إذا لم نعالجها، إذ يوجد في مكان ما نحو 70 ألفاً من النازحين بينهم أفراد من أسر عناصر «داعش»، وفيما بدأنا نراه اليوم هو مزيج خطير من هذه العائلات اللاجئة التي اخترقها مقاتلو «داعش» الذين يحاولون الاستفادة من هذه العائلات بالذات. وقامت قوات سوريا الديمقراطية «قسد» بالعمليات هناك مؤخراً واعتقلت على ما أعتقد حوالي 50 من مقاتلي التنظيم الذين يعملون في هذه المخيمات، لذلك علينا الانتباه في دول التحالف، ويتعين على مجموعة متنوعة من الدول المساعدة في معالجة مشكلة ما تبقى من مقاتلي «داعش» المحتجزين والعائلات التي تركوها، لأنهم سيتحولون إلى متطرفين وسيتم استغلالهم وسيكونون بذور الجماعة الإرهابية التالية التي سنضطر إلى التعامل معها.
> هل تعتقد أن «قوات سوريا الديمقراطية» بحاجة إلى مزيد من الدعم من الولايات المتحدة؟
- نعم، أعتقد أن «قوات سوريا الديمقراطية» تستحق الدعم من الولايات المتحدة والتحالف، لأنها لعبت دوراً مهماً في مساعدتنا على تحقيق أهدافنا وهزيمة «الخلافة الداعشية»، سواء كان ذلك يعني المزيد من القوات أو المزيد من الأسلحة أو أي شيء يساعدهم، وأعتقد أن ذلك ممكن، وسيتعين تحديده من قبل الجنرال ماكنزي والقيادة في وزارتنا والإدارة الجديدة.
> هل ترى أي تغيير على الأرض بين الإدارتين السابقة والحالية؟
- أعتقد أنه قد يكون من السابق لأوانه الحكم. على ما أعتقد، حتى الآن رأينا هذه الإدارة تحافظ على المستوى الحالي من الدعم الذي أعتقد أنه جيد. لكن علينا أن نرى الاتجاه الذي يسلكونه ومعالجة مشاكل مثل «داعش» وسوريا ليست مجرد مشاكل عسكرية، إذ يجب معالجتها من خلال الجهود الدبلوماسية والحل السياسي، فهذه هي الطريقة الوحيدة التي سيكون لديك بها حل نهائي. يمكن للجيش أن يدعم، لكن الأمر سيتطلب أكثر من ذلك لحل هذه المشاكل الطويلة المستعصية على الحل.

- مواجهة إيران
> إيران اليوم توجد في المنطقة بميليشياتها وتسيطر على 4 عواصم عربية... من يدعمها ولماذا؟
- أعتقد أن القيادة الإيرانية تقف وراء هذه الأنشطة. كان قاسم سليماني والمرشد الأعلى بالتأكيد يدعمون زعزعة الاستقرار ويرتكبون هذه الأنشطة لفترة طويلة من الزمن، لذا فهم وراءها بالتأكيد. لكنني أود أن أشير أيضاً إلى اتفاق بين إيران والصين، وهي اتفاقية طويلة الأجل لمدة 25 عاماً وقد تصل إلى 400 مليار دولار. لذلك، يبدو أن دولاً مثل الصين تضع نفسها حيث يمكنها الاستفادة من بعض الأنشطة التي تمارسها إيران عبر المنطقة. لذا، فإن إيران مسؤولة بشكل أساسي عن هذا، لكن ما نراه هو أننا نرى دولاً أخرى، وجهات فاعلة أخرى تحاول أيضاً الاستفادة من حالة عدم الاستقرار التي زرعتها إيران.
> ماذا عن روسيا... لقد ذكرت الصين فقط؟
- أعتقد أن روسيا وإيران فعلاً شريكتان لنظام الأسد في سوريا، ولذا فإنهما تعملان معاً هناك. وأعتقد أن النقاش يمكن أن يدور حول ما إذا كانت إيران تستفيد من روسيا أو ما إذا كانت روسيا تستفيد من إيران هناك. لكنهما تعملان في علاقة تكافلية، وكلتاهما تستفيد من أنشطة إيران.
> ما المصلحة المشتركة بين إيران والصين وروسيا؟
- أعتقد أن مصلحتهم المشتركة هي تقليل نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ولا شك في أن إيران تريدنا خارج المنطقة، وروسيا كذلك حتى تتمكنا من ممارسة نفوذهما الخاص. أما الصين فلديها أهداف اقتصادية في هذه المنطقة قد تعتقد أنها مهددة بسبب وجودنا وتأثيرنا هناك، لذا فإن جزءاً كبيراً من دافعها هو إخراج الولايات المتحدة من هذه المنطقة إلى الأبد.
> هل تعتقد أننا سنشهد حرباً مباشرة بين أميركا وإيران على غرار سيناريو حرب العراق؟
- لا أعرف بالتأكيد، ولكن آمل ألا يحصل ذلك لأن لا مصلحة لأي شخص في ذلك، فهو ليس في مصلحة إيران وبالتأكيد ليس من مصلحة الولايات المتحدة التورط في حرب قتالية مع إيران... الأولويات الاستراتيجية مثل التنافس في المحيط الهادي والحفاظ على مرونتنا الاقتصادية، ستتأثر بشكل كبير بحرب بين الولايات المتحدة وإيران. وأعتقد أنها ستلحق دماراً بالمنطقة، ولن يكون ذلك في مصلحة المنطقة أيضاً. لذلك يتعين علينا أن نأمل في أن تسود الحكمة، وتكون الأمور أكثر برودة وسنجد طرقاً لتهدئة التوتر، وعدم الوصول إلى نقطة ندخل فيها إلى قتال ساخن وحرب مباشرة.
> هل تعتقد أن مقتل قاسم سليماني كان أمراً إيجابياً لصالح المنطقة؟ وهل كان على قائمة أهدافك عندما كنت قائداً في الميدان؟
- لم يكن قاسم سليماني مدرجاً بشكل مباشر في قائمة الأهداف الخاصة بي. وفي الوقت الذي كنت فيه قائد القيادة المركزية الأميركية، كنا نركز في الغالب على خطة الحملة العسكرية ضد «داعش» في العراق وسوريا. وكانت هناك ميليشيات مدعومة من إيران تقاتل في أماكن مثل العراق ضد «داعش». لذلك لم نحاول استفزاز إيران في ذلك الوقت بالذات. لم نحاول استفزازهم، لقد ركزنا حقاً على المهمة التي نحن بصددها، لذلك لم يكن ذلك من أولوياتي. لكن عندما تم استهدافه وقتل في غارة أميركية، كان تقديري ومن كل ما أعرفه أن الولايات المتحدة اتخذت إجراءات حكيمة في هذه الحالة، لأنه كان يخطط لقتل أميركيين ويخطط ضد أصدقائنا وحلفائنا في المنطقة، وكان علينا حماية أنفسنا. أعتقد أن قاسم سليماني حصل على ما يستحقه. كان له تأثير مزعزع للاستقرار في المنطقة. كان له تأثير مزعزع للاستقرار في إيران. وكان هناك الكثير من الناس في إيران عانوا على يد قاسم سليماني، لذا يجب ألا نتعاطف مع موته. لقد حصل على ما يستحقه. المنطقة معقدة للغاية هناك، لكنني أعتقد أن الولايات المتحدة اتخذت الإجراء الذي اضطرت إلى القيام به في ذلك الوقت.
> كيف ترون إيران من بعده وما تأثير مقتله؟
- أعتقد أن التأثير رائع جداً. لعب قاسم سليماني دوراً استثنائياً في إيران، فلم يكن قائداً عسكرياً فحسب، بل كان قائداً للمخابرات، وكان شبه دبلوماسي، لذا فقد جمع كل هذه الأمور في شخصه في رجل واحد، وهي مهام ربما يفعلها عندنا أكثر من شخص مثل مدير وكالة المخابرات ووزير خارجيتنا. كما كان في كثير من الحالات وجه إيران في المنطقة وكان مسؤولاً عن تدبير نشاطاتها. مقتله ليس شيئا يمكن لإيران أن تستبدله بسهولة، وسيستغرق الأمر جيلاً أو أكثر ليظهر شخص مثل قاسم سليماني. لذلك أعتقد أن له تأثيراً كبيراً جداً على إيران. لن يكونوا قادرين على استبداله. لكن في بعض الحالات قد يجعلها غيابه أكثر خطورة لأنه لا توجد سيطرة مركزية على كل هذه العناصر المختلفة تحت النفوذ الإيراني.

- دعم السعودية
> كيف ترى الجهود السعودية في التصدي للهجمات التي تواجهها من اليمن؟
- أعتقد أن السعوديين تحملوا مسؤولية حماية أنفسهم، والكثير من المعدات التي باعتها الولايات المتحدة إلى السعودية على مدى سنوات عدة تم تصميمها لمساعدتهم في الحصول على دفاع قوي وحماية حدودهم، سواء البحرية أو البرية... من مصلحتنا مساعدتهم حتى يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم. وعلينا التأكد من احتواء الحرب في اليمن وعدم السماح لها بالانتشار في جميع أنحاء المنطقة.
> أفاد تقرير صحافي بأن فريقاً يسمى «النمر» من البنتاغون متوجه إلى السعودية لمساعدة الجيش السعودي من حيث التدريب وتزويده بالمعدات الدفاعية... ماذا تعرف عن ذلك؟
- لا أعرف الكثير عن تلك المبادرة، لكنني أظن أنها فكرة جيدة. أعتقد أنها خير مثال على كيفية عملنا لمساعدة السعودية من دون أخذ تحمل المسؤوليات العسكرية لحماية السعودية على عاتقنا... وأعتقد أن هذا هو السبب في إرسال ما يسمى بفريق «النمر»، رغم بعض الاختلافات السياسية.
لدينا علاقة طويلة مع السعودية تعود إلى عام 1945 منذ لقاء الرئيس فرنكلين روزفلت والملك عبد العزيز بن سعود على ظهر سفينة «كوينسي». لا توجد علاقات مثالية، وستكون هناك مشاكل، لكن علينا العمل عليها. وأعتقد أن السعودية ستكون قوة قوية ونابضة بالحياة من أجل خير المنطقة. ونحن بحاجة لأن نساعدها على الوصول إلى ذلك.

- الخروج من أفغانستان
> هل حان الوقت للخروج من أفغانستان؟
- يبدو ذلك، ويتعين علينا القيام بذلك بطريقة مسؤولة، بقدر ما نستطيع. لقد مررنا بوقت طويل هناك كان صعباً للغاية... وهناك قرارات صعبة للغاية أمامنا بالنسبة إلى الإدارة الجديدة. وليس الأمر بسهولة القول نبقى أو لا نبقى... أعتقد أنه يتعين علينا التفكير بعناية شديدة في هذا الأمر، فسيكون من المفيد إذا استطعنا معرفة ما إذا كانت جهودنا يمكن أن تساعد في الحد من بعض العنف، أو في الواقع نتوصل إلى نوع من السلام الدبلوماسي ولكن أعتقد أنه يتعين علينا التفكير ملياً في هذا الأمر.
لا تزال لدينا مخاوف بشأن المنظمات الإرهابية التي تنطلق من هذا الجزء من العالم. وإذا قررنا أننا لن نبقى على الأرض وعلينا أن نقبل حقيقة أننا قد نكون عرضة لمؤامرات ومن ثم هجمات محتملة ضد مواطنينا ومصالحنا وأصدقائنا، فهذه أمور ليست سهلة الإجابة عليها بنعم أو لا، لأنها معقدة للغاية، ولكن بالعودة إلى نقطتي الأولى هنا، كما قال الوزير أوستن، نحن بحاجة إلى إنهاء جميع النزاعات. ولذا فنحن بحاجة إلى اتباع نهج يجعلنا نتحمل المسؤولية.
> كنت على الأرض هناك... قل لنا ما الصعوبات وكيف تعالج؟
- الصعوبات التي رأيتها قرأ عنها الكثير من الناس على الأرجح، فمثلاً حكومة كابل ضعيفة بشكل عام، ولديها تحديات في ممارسة نفوذها خارج المناطق الحضرية الرئيسية، بسبب سطوة «طالبان». ورغم الكثير من الجهد والتحسينات، فإنهم ما زالوا يواجهون تحديات مع القيادة العسكرية الفعالة في هذه المناطق. ولديهم تحديات مع الفساد الذي كان مستوطناً في أفغانستان لفترة طويلة جداً ومن الصعب جداً التغلب عليه، ولديهم خصم مرن للغاية، هو «طالبان» التي لم تستسلم بسهولة ولم تلعب بشكل نظيف في الصراع، ولم تلتزم بالاتفاقات التي أبرمتها مع بلدنا أو مع الآخرين... يتعين علينا اتخاذ قرارات ضد منظمات مثل «القاعدة» و«داعش»، كنا حاربناها وهزمناها وواصلنا الضغط، لكن لم يتم القضاء عليها تماماً وما زالت في هذه المنطقة.
> هل تعتقد أن «طالبان» تشكل تهديداً لأميركا؟ وهل يمكن عقد صفقة معها؟
- أعتقد أنهم يشكلون تهديداً غير مباشر للأميركيين والعديد من الدول الغربية، لأنهم ما زالوا يرفضون كسر دعمهم لمنظمات مثل «القاعدة»، وهذا بالنسبة لي أمر صعب، ومن الصعب الوثوق بمنظمة لن تتنصل من منظمة مثل «القاعدة». وبالتالي، إذا كانوا على استعداد لدعم تلك المنظمة، فمن المحتمل أن يكونوا على استعداد لدعم المنظمات الأخرى.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».