«رمّان الكبتاغون» صدّرته شركة وهمية بعد وصوله من سوريا على دفعتين

المسؤولية تطال «الزراعة» و{غرفة التجارة» والجمارك

شحنة الكبتاغون المضبوطة في السعودية داخل ثمار الرمان (واس)
شحنة الكبتاغون المضبوطة في السعودية داخل ثمار الرمان (واس)
TT

«رمّان الكبتاغون» صدّرته شركة وهمية بعد وصوله من سوريا على دفعتين

شحنة الكبتاغون المضبوطة في السعودية داخل ثمار الرمان (واس)
شحنة الكبتاغون المضبوطة في السعودية داخل ثمار الرمان (واس)

كشف مصدر وزاري لبناني واكب عن كثب الاجتماع الموسع الذي رعاه أمس رئيس الجمهورية ميشال عون وخُصص للبحث في التداعيات المترتبة على قرار المملكة العربية السعودية بوقف استيراد الخضار والفواكه من لبنان بعد أن ضبطت كمية من حبوب الكبتاغون وُجدت بين حبات الرمان المستوردة من لبنان، بأن صناديق الرمّان كانت وصلت إلى بيروت على دفعتين من دمشق ترانزيت من أجل التصدير. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن عدد حبات الرمّان قُدّر بالآلاف ومن بينها الحبات «الملغومة» المحشوّة بالكبتاغون، وإن الشركة الوهمية تمكّنت من الحصول على شهادة المنشأ لتصديرها بحراً عبر مرفأ بيروت إلى السعودية.
ولفت المصدر الوزاري الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، إلى أن شهادة المنشأ التي تصادق عليها وتصدرها غرفة التجارة والصناعة بعد ورودها إليها من وزارة الزراعة، أتاحت للشركة الوهمية - التي باشرت التحقيقات بإشراف النيابة العامة التمييزية للكشف عن اسمها بعد توقيف شخصين على ذمّة التحقيق للاشتباه بعلاقتهما باستيراد الرمان من سوريا - بتصديره إلى السعودية بذريعة أنها من إنتاج لبناني، مع أنه لم يحن بعد موسمه، إضافة إلى أن المحصول اللبناني من الرمّان لا يؤمّن احتياجات السوق اللبنانية التي يتم تأمينها من سوريا.
وأكد أن استحصال الشركة الوهمية على شهادة المنشأ أتاح لأصحابها مجهولي الهوية الحصول على موافقة وزارة الزراعة لتصدير الرمان إلى السعودية، وهذا ما فتح الباب في الاجتماع الموسع أمام تبادل رمي المسؤولية بين وزيري الاقتصاد راؤول نعمة وبين الزراعة عباس مرتضى، مع أن كمية الرمان المصدّر لم تخضع للتفتيش من قبل الجمارك اللبنانية لحظة دخولها براً إلى بيروت عبر معبر المصنع الحدودي ولا في أثناء شحنها بحراً من مرفأ بيروت إلى السعودية.
وقال إنه كان يُفترض بالمعنيين التدقيق في طلب الشركة الوهمية الحصول على شهادة المنشأ والمصادقة عليها، تمهيداً لشحنها براً إلى السعودية، وعزا السبب إلى أن كمية الرمان ليست من إنتاج لبناني لأن الموسم الزراعي لم يحن أوانه، إضافة إلى عدم الكشف عليها من الجمارك لافتقادها إلى أجهزة السكانر المخصصة للكشف عليها.
ولاحظ أن أحد الموظفين العاديين هو من وقّع في وزارة الزراعة على شهادة المنشأ، وكذلك الحال بالنسبة إلى الموظف العادي في غرفة التجارة والصناعة، الذي أتاح للشركة الوهمية الحصول على هذه الشهادة.
وأضاف المصدر الوزاري أن ممثل الجمارك في الاجتماع أبلغ الحضور بعدم وجود أجهزة «سكانر» للكشف على البضائع، وأن هناك حاجة للبيانات الجمركية التي تضطرهم لاستخدام أوراق عادية لتبيان الحمولات المشحونة إلى الخارج، وقال إن عون تدخّل وسأل عن عدم تأمين هذه الأجهزة مع أنه كان تقرّر تأمينها عام 2020.
وتبيّن - بحسب المصدر - أن تأمين أجهزة الكشف سيتم عبر التمويل الذاتي، وأن شركات معنية بتأمينها تقدّمت بطلب يسمح لها بتأمينها وأن المعاملة في هذا الخصوص ما زالت لدى ديوان المحاسبة، وهذا ما دفع بوزير المال غازي وزني للتدخل متعهداً بتأمينها في مهلة زمنية تتراوح بين ثلاثة وأربعة أشهر، كما تبين بأن الجمارك لم تكشف على كمية الرمّان المصدّر إلى السعودية لتسهيل توريد المنتجات الزراعية مع أن الموسم ليس موسماً للرمان.
لكن اللافت من خلال المداولات التي جرت في الاجتماع أنها بقيت محصورة في الكشف عن هوية الشركة الوهمية ومتابعة التحقيق لملاحقة من يقف وراء هذه الشركة والعمل على توقيفهم وصولاً إلى ضرورة التشدد في مراقبة المعابر أكانت بحرية أو برية أو جوية لمنع تكرار ما حصل.
إلا أن الإصرار على التشدد لم يأت على ذكر وجوب وضع خطة لدهم المصانع التي تتولى صنع المواد المخدّرة ومنها حبوب الكبتاغون، خصوصاً أنها أخذت تنتشر بسرعة وتحديداً في المناطق الحدودية المتداخلة بين لبنان وسوريا بغياب ترسيم الحدود البرية بين البلدين بدءاً بمنطقة البقاع التي تشكل الحاضنة الرئيسية لهذه المصانع التي تقوم بتصدير «الهدايا السامّة» إلى دول الخليج العربي.
وفي هذا السياق، كشف المصدر أن المهرّبين يقيمون في المناطق المتداخلة بين سوريا ولبنان ويأوون إليها كلما اشتدّ الخناق عليهم وهم يتمتعون بحماية جهات رسمية نافذة في سوريا، ويستفيدون من وضع الأمر الواقع في مناطق لبنانية حدودية تتمتع بحمايات ذاتية من قوى محلية يُمنع على الدولة الدخول إليها أو الاقتراب منها لدهم المصانع التي تصنع المواد المخدّرة والعمل على إقفالها باعتبار أن هذا الإجراء يؤدي حتماً إلى وقفها عن العمل، وبالتالي يحد من عمليات التهريب.
وأكد المصدر أن المهربين يديرون شبكات منظمة تعمل أحياناً على «تصدير» المواد المخدّرة إلى دول أوروبية ومنها تُنقل إلى بعض الدول العربية في محاولة للالتفاف على الإجراءات والتدابير من جهة وإلى تضليل الأجهزة التي تعمل على مكافحة التهريب وتجفيف مصادرها وصولاً لوضع اليد على المصانع التي تتولى صنعها.
ولفت إلى أن قوى الأمن الداخلي من خلال «شعبة المعلومات» ومكتب مكافحة المخدرات تمكنت، بحسب الإحصاءات الأولية، من توقيف أكثر من 15 ألفا بين مدمن ومهرّب ومروّج للمخدرات منذ عام 2017، هذا بالإضافة إلى ما قامت به الوحدات العسكرية التابعة للجيش اللبناني. وأكد أن قوى الأمن تمكنت من مصادرة أكثر من نصف مليار من حبات الكبتاغون وأطنان من مادة حشيشة الكيف بعد أن توقف إتلاف زراعتها منذ 2012.
كما أن قوى الأمن تمكنت من خلال أجهزتها، بالتنسيق مع مكاتب مكافحة المخدرات في عدد من الدول العربية والأوروبية من تزويدها بمعلومات أدت إلى توقيف عدد من الشبكات في نفس الوقت في بيروت والدول التي يتم التواصل معها، وشملت المصدّرين لهذه المواد والمستوردين لها.
لذلك فإن مكافحة المخدرات تهريباً إلى الخارج وترويجاً في الداخل بات يطرح بإلحاح وضع خطة أمنية متكاملة تستهدف المصانع التي تؤمّنها شرط مبادرة القوى السياسية في المناطق التي توجد فيها المصانع إلى رفع الغطاء السياسي عن المهرّبين والمجموعات التي تؤمّن الحماية لاستمرار هذه المصانع، وهذا يفترض إنهاء المناطق الخاضعة لنظام الحكم الذاتي لئلا تبقى مقفلة في وجه القوى الأمنية والعسكرية المولجة بمكافحة المخدرات تهريباً واستعمالاً.
على هذا الصعيد علمت «الشرق الأوسط» أن شعبة «المعلومات» في قوى الأمن كانت نفّذت عملية نوعية أدت إلى توقيف حسن دقو في مكتبه وبحوزته أكثر من 3 ملايين دولار نقداً وهو سوري تحصل على الجنسية اللبنانية، ويُعرف برجل الكبتاغون ويخضع حالياً للتحقيق بإشراف القضاء المختص.
وعليه، فإن حمولة من الرمان أدخلت إلى لبنان من سوريا على أساس التصدير، وهذا ما يفتح الباب أمام تحديد المسؤولية على وزارة الزراعة التي أصدرت شهادة المنشأ لتصديرها، وغرفة التجارة والصناعة التي صادقت عليها وأصدرتها، والجمارك التي لم تكشف عليها. وبالتالي، فإن التحقيق يجب أن يركز على هذه الحلقات الثلاث لتحديد المسؤولية.



تضرر 30 % من الأراضي الزراعية في اليمن خلال عام

جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)
جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)
TT

تضرر 30 % من الأراضي الزراعية في اليمن خلال عام

جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)
جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)

أفاد وزير المياه والبيئة اليمني، توفيق الشرجبي، بأن بلاده خسرت 30 في المائة من الأراضي الزراعية خلال عام واحد بسبب الأمطار والسيول الجارفة، داعياً المجتمع الدولي إلى سد الفجوة التمويلية لمواجهة آثار المناخ.

تصريحات الوزير اليمني جاءت على هامش مؤتمر قمة المناخ الدولي في العاصمة الأذربيجانية باكو، في الجلسة رفيعة المستوى الخاصة ببناء الشبكات لتعزيز السلام والقدرة على الصمود في البيئات المعرضة لتغيُّر المناخ، التي نظمتها مؤسسة «أودي» العالمية.

وزير المياه والبيئة اليمني توفيق الشرجبي التقى في باكو مسؤولين باليونيسيف (سبأ)

وأكد الشرجبي أن بلاده عازمة على مواصلة جهودها مع دول العالم لمواجهة تداعيات تغيُّر المناخ، مشدداً على أهمية إيجاد حلول شاملة للأزمة المناخية تشمل الجميع، بوصف الانتقال العادل جزءاً من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ واتفاق باريس للمناخ.

وأشار إلى أن اليمن شهد 6 أعاصير في 6 سنوات، وقال إن السيول والفيضانات خلال عام واحد أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية في بلد يعتمد، إلى حد كبير، على الزراعة، وهو ما يجعله من أكثر البلدان تأثراً بالتغيرات المناخية.

وشدّد الوزير الشرجبي على أهمية تسهيل الوصول للتمويلات المناخية لأغراض التكيف في البلدان الأكثر تضرراً من المناخ التي باتت تواجه تهديدات وجودية بسبب الآثار المتفاقمة للتغيرات المناخية، والتي تتسبب في زيادة حدَّة النزاعات والصراعات، وتقويض الاستقرار العالمي.

ودعا وزير المياه والبيئة في الحكومة اليمنية المنظمات الدولية إلى التحرُّك لسد الفجوة التمويلية، من خلال تسهيل وزيادة التمويل المخصص للتكيف مع تغير المناخ، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية، وبناء القدرات في الدول النامية، ودعم الخطط الوطنية للدول النامية والأقل نموّاً، ومساعدتها على التكيُّف والانتقال نحو الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر.

برنامج وطني

على هامش فعاليات مؤتمر الأطراف، المُنعقد في العاصمة الأذربيجانية باكو، أطلقت الحكومة اليمنية البرنامج الوطني لتمويل المناخ للفترة من 2025 وحتى 2030، والذي يهدف إلى تعزيز قدرة البلاد على التكيف مع التحديات المناخية المتزايدة.

وأكد عضو مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، عبد الله العليمي، خلال فعالية خاصة ضمن أعمال مؤتمر المناخ، التزام القيادة السياسية والحكومة بتحقيق الأهداف المناخية رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها الحكومة في بلاده.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عبد الله العليمي خلال مشاركته في قمة المناخ في باكو (سبأ)

وأوضح العليمي أن التغير المناخي يمثل تحدياً عالمياً، إلا أنه يُشكل تهديداً أكبر لليمن؛ إذ يعاني الشعب من تبعات الحرب التي أشعلها الحوثيون المدعومون من النظام الإيراني، ما أدّى إلى تدهور الموارد الحيوية، وزاد من هشاشة البلاد تجاه تأثيرات التغيرات المناخية.

في السياق نفسه، أكد توفيق الشرجبي أن اليمن يواجه تحديات بيئية متصاعدة بفعل التغيرات المناخية، مثل الجفاف المتكرر، وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة منسوب مياه البحر، ما يؤثر سلباً على الموارد المائية والزراعة والبنية التحتية.

وأكد الشرجبي، أن البرنامج الذي جرى إطلاقه يهدف إلى استجابة شاملة للاحتياجات الوطنية في مجال تمويل المناخ، من خلال تعزيز القدرات الوطنية وتطوير البنية التحتية وتشجيع الاستثمارات الخضراء.

وشهدت فعالية إطلاق البرنامج مشاركة واسعة من جهات محلية ودولية، منها صندوق المناخ الأخضر، والبنك الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إضافة إلى ممثلين من وزارة الزراعة والري والثروة السمكية في الحكومة اليمنية.

ونقل الإعلام الرسمي اليمني أن البرنامج الوطني المتعلق بالمناخ يأتي استجابة للظروف البيئية الصعبة التي واجهت البلاد خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك الجفاف والفيضانات والأعاصير، التي أسهمت في زيادة هشاشة البلاد تجاه تأثيرات المناخ.

كما يهدف البرنامج إلى دعم جهود اليمن في مواجهة التحديات المناخية، وتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية، بما يسهم في استقطاب استثمارات مناخية مستدامة.

تحذير دولي

في وقت سابق، وقَّعت 11 دولة على بيان يُحذر من آثار التغيرات المناخية على السلام والأمن في اليمن الذي يعاني نتيجة الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم على السلطة الشرعية منذ عام 2014.

وأكد البيان، الذي وقّعت عليه فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وجوب التعاون مع المجتمع الدولي في السعي إلى معالجة آثار تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية في اليمن بوصفه جزءاً من جهود المساعدات الإنسانية وبناء السلام الأوسع نطاقاً.

الوفد اليمني المشارك في قمة المناخ بالعاصمة الأذربيجانية باكو (سبأ)

وطالب البيان بضرورة تعزيز تنسيق الجهود العالمية لبناء القدرات المحلية على الصمود في مواجهة المخاطر المناخية وتعزيز إدارة الكوارث والاستجابة لها.

ومع تنبيه البيان إلى أهمية تنفيذ أنظمة الإنذار المبكر، وتحسين مراقبة موارد المياه الجوفية، دعا منظومة الأمم المتحدة إلى دعم جهود إيجاد أنظمة غذائية أكثر استدامة، واستخدام المياه والطاقة بكفاءة، فضلاً عن زيادة استخدام الطاقة المتجددة.

وذكر البيان أن الصراع المزمن في اليمن أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية وانهيار اقتصادي، وجعل أكثر من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وبحاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، 75 في المائة منهم من النساء والأطفال.