هل تؤثر «الترندات المزيفة» على توجهات الجمهور؟

هل تؤثر «الترندات المزيفة» على توجهات الجمهور؟
TT

هل تؤثر «الترندات المزيفة» على توجهات الجمهور؟

هل تؤثر «الترندات المزيفة» على توجهات الجمهور؟

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي أخيراً جدلاً بشأن تصدر أسماء فنانين أو أعمال درامية قائمة «الترند» على «تويتر» خلال شهر رمضان. وبينما حرص بعض الفنانين على تأكيد تصدرهم «الترند»، فإن البعض الآخر تحدث عن «ترندات مزيفة» ومدفوعة الأجر تنشرها لجان إلكترونية للترويج للعمل الدرامي أو الفنان.
ورغم أن تصدر عمل أو فنان «الترند» على مواقع التواصل كان له تأثير كبير في السابق - خصوصاً عندما يتناقل ذلك الصحافيون أو المواقع الإلكترونية أو الصحف أو المحطات التلفزيونية - يرى خبراء أنه لم يعد لتصدر «الترند» هذه المكانة المؤثرة الآن مع زيادة إدراك الجمهور لما هو حقيقي وما هو مزيف. ووفق الخبراء، فإن معنى «الترند» أن الجمهور سيتحدث عن الفنان أو عن مشهد أداه، ولو لم يحدث هذا، لن تؤثر «الترندات» المدفوعة مهما بلغ حجمها.
جدير بالذكر أن «الترند» هو قائمة تنشرها مواقع التواصل للإشارة إلى المواضيع الأكثر بحثاً أو مشاهدة، وتختلف مواقع التواصل في تقييم «الترند»، فموقع «يوتيوب» يقيسه بالأعلى مشاهدة، و«غوغل» بالأكثر بحثاً، بينما يقيسه «فيسبوك» و«تويتر» بالكلمات الأكثر تداولاً بين المستخدمين.
الناقد الفلسطيني تحسين يقين، يربط انتشار ما يُعرف بـ«شراء الترند» بعالم المال. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود ظاهرة شراء الترند له علاقة بعالم المال، حيث يحتاج المنتج الفني لذلك من أجل ضمان التسويق الاقتصادي للعمل، في حين يلجأ الفنانون والفنانات لذلك من باب ضمان النجومية والمكسب المادي»، مشيراً إلى أن «هذه الظاهرة تؤثر سلباً على اتجاهات الجمهور، فيصار إلى برمجته للإقبال على المنتج الفني».
بدوره يعزو الصحافي المصري والناقد الفني محمد عبد الرحمن، رئيس تحرير «إعلام دوت كوم»، انتشار «الترند المزيف» في المجال الفني إلى «الفنانين الذين دخلوا الفن عن طريق السوشيال ميديا». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال إن «كل هذا بدأ بعد عام 2011، وتطور خلال عامي 2014 و2015 عندما ظهر جيل جديد من الفنانين دخل الفن من خلال السوشيال ميديا. هذا الجيل يحسب كل شيء بالأرقام على النقيض من نجوم كبار لا يوجد بعضهم على السوشيال ميديا».
ويضيف عبد الرحمن أن «هذا الجيل حقق أرقاماً في بداياته؛ لكنه عجز عن إكمال المسيرة... ولم يستطع أن يفهم أن هذه الأرقام في البداية كانت مرتبطة بالعالم، وبأن الناس ستكتشفه كممثل، فبدأ يلجأ إلى الغش كي يكرر النجاح ويحافظ على الأرقام التي اعتاد عليها، فالترند المزيف كأنه غش في الامتحان لحصد الدرجات».
وحقاً، حسب خبراء فإن «الترند المزيف» - أو الوهمي - يعتمد على ما يسمى بـ«اللجان الإلكترونية» التي هي عبارة عن مجموعة من الحسابات المزيفة التي تتولى مهمة الكلام عن شيء معين بكثرة، كي يأخذ مكانه على قائمة «الترند». ويحصل ذلك أحياناً عن طريق حسابات إلكترونية بالكامل أو ما يعرف بـ«بوتات» الإنترنت أو «روبوتات الويب»، وهي برامج تنفذ مهمات تلقائية على الإنترنت بشكل متكرر بمعدل أعلى من الإنسان العادي. ويمكن كشف هذه الحسابات عن طريق كونها في الغالب بأسماء غريبة، أو لا تحتوي على بيانات شخصية، أو لا تضم صفحاتها منشورات تتحدث عن أحداث متنوعة.
وفق عبد الرحمن، «سوق الترند المزيف أو الوهمي موجود طوال العام؛ لكنه يزداد في شهر رمضان، مع زيادة الأعمال الدرامية»، ويتابع أن «الترند المزيف يمكن أن يفيد لو كان المسلسل قد حقق نجاحاً متوسطاً فيزيد من نجاحه. لكن عندما يكون الموضوع معدوم القيمة، ولا يوجد قدر من إعجاب الجمهور بالنجم أو المسلسل لا ينجح... فالترند معناه أن الناس تتحدث عن الفنان الفلاني أو عن مشهد أداء، وإذا لم يحدث هذا، لن تؤثر الترندات المدفوعة مهما بلغ حجمها».
بدوره أكد يقين أن «هذا الأسلوب في الدعاية والتسويق يتفق مع تسويق المنتجات الضارة التي تحتوي على مواد حافظة، كما ينسجم مع التزوير السياسي»، معرباً عن دهشته من «لجوء بعض الفنانين لهذا الفعل، بينما الفن رسالة ثقافية وإنسانية».
على صعيد متصل، يرى مراقبون أن ظاهرة شراء «الترند» بهدف الترويج للأعمال الفنية غدت منتشرة بقوة، خصوصاً مع إقرار الخبراء بتأثير مواقع التواصل على الترويج للأعمال الفنية. وفي دراسة نشرها موقع «ماركيتينغ دايف» الأميركي المتخصص بدراسات السوق، عام 2018، تبين أن «التسويق الرقمي يمثل نحو 14 في المائة من سوق إعلانات الأفلام، ويؤدي إلى زيادة المشاهدة بنسبة 46 في المائة».
في أي حال، يتوقع محمد عبد الرحمن أن «يشهد العام الحالي نهاية للترندات المدفوعة، خصوصاً على موقع (تويتر)، لأن نتائجها أصبحت سلبية بشكل كبير جداً. بل، وأصبح سهلاً على الجمهور العادي اكتشافها، خصوصاً بوجود نوع المنافسة بين الشباب داخل السوق السرية للترويج للتريندات المدفوعة، يكشفون بسببها بعضهم البعض لو حدث خلاف مع الفنانين». ويوضح أن «هناك مقاومة الآن من فنانين آخرين لهذا النوع من الترندات. وبعدما كان الفنانون في الماضي يلتزمون الصمت، فهم الآن يخرجون من باب المنافسة لكشف الترندات المزيفة». وبالفعل، نشرت الفنانة المصرية نسرين أمين، قبل أيام، تغريدة عبر حسابها الشخصي على «تويتر» قالت فيها «كفاية ترندات مدفوعة وحسابات مزيفة ولجان إلكترونية».
من جهته، يوافق تحسين يقين على أنه «سرعان ما يكشف زيف هذه الترندات»، معرباً عن أمله في أن «تشهد الفترة المقبلة عودة قوية للدراما، وأن يركز صناع العمل الدرامي على التجويد والإبداع بدلاً من شراء ترندات». في حين يطالب محمد عبد الرحمن «صناع الدراما بالبحث عن وسائل أخرى للظهور خلال سباق رمضان، بعيداً عن الترندات المزيفة التي باتت ورقة مكشوفة أمام الجمهور، وأن يركزوا جهودهم على التحضير للشخصية واختيار المسلسل الجيد كي ينجحوا من دون الحاجة لشراء الترندات».
أخيراً، حسب تحقيق استقصائي نشره موقع الـ«بي بي سي» عام 2018، فإن «متوسط سعر الحصول على ترند مزيف لبضع ساعات يبلغ نحو 200 دولار». ونقل التقرير عن مصدر في «تويتر» قوله إنه «حذف منذ يوليو (تموز) 2017 وحتى سبتمبر (أيلول) 2018 نحو 130 ألف حساب حاولت التلاعب في الترند».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.