إسرائيل و«حماس» تتبادلان رسائل التهدئة في غزة

تأهب أمني تحسباً لامتداد المواجهات إلى فلسطينيي 48

تصاعُد المواجهات بين الفلسطينيين والأمن الإسرائيلي في القدس الشرقية ليلة الأحد (إ.ب.أ)
تصاعُد المواجهات بين الفلسطينيين والأمن الإسرائيلي في القدس الشرقية ليلة الأحد (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل و«حماس» تتبادلان رسائل التهدئة في غزة

تصاعُد المواجهات بين الفلسطينيين والأمن الإسرائيلي في القدس الشرقية ليلة الأحد (إ.ب.أ)
تصاعُد المواجهات بين الفلسطينيين والأمن الإسرائيلي في القدس الشرقية ليلة الأحد (إ.ب.أ)

على الرغم من القرار الإسرائيلي الرسمي رفع حالة التأهب لجميع أجهزتها الأمنية في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة، والتحسب من اتساع حلقة المواجهات لتشمل أيضاً المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن تبادل رسائل مع حركة «حماس»، أكد فيها الطرفان رغبتهما في تهدئة الأوضاع ومنع انفجار عسكري في الوقت الحاضر.
وقالت المصادر إن «إسرائيل أكدت أنها غير معنية بالتصعيد وأنها تحاول تطويق الأحداث بأقل ما يمكن من أضرار للجميع»، وإن «(حماس) أوضحت، أنها لا تستطيع أن تقف على الحياد إزاء انفجار الأوضاع في القدس». وحسب التقديرات الإسرائيلية فإن «حماس» غير مشاركة بشكل فاعل في الصدامات مع القوات الإسرائيلية في القدس الشرقية، «لأن حركة (فتح) هي التي تقودها وتحاول أن تثبت وجودها في هذه المعركة، فسمحت بإطلاق بعض القذائف والصواريخ (نحو 40 قذيفة حتى يوم أمس الأحد)، وحرصت على الإعلان أن أذرعها العسكرية لم تطلق هذه القذائف».
وأشارت هذه المصادر إلى زيارة وفد المخابرات المصرية إلى إسرائيل وقطاع غزة، كدليل على التقدم نحو تهدئة الأوضاع وإعادتها إلى ما كانت عليه، وربما العودة إلى مفاوضات التهدئة الكبرى، التي تجري منذ سنوات بين الطرفين، فيما أكدت أن القصف على غزة كان «حذراً ومحدوداً، وتقصد أن يقتصر على ضرب بنى تحتية وأبنية مهجورة ولا يصيب بشراً أو أهدافاً حيوية». وتابعت أن «إسرائيل تعمل بطرق دبلوماسية للتوصل إلى تهدئة في الجنوب، خصوصاً بواسطة قناة الوساطة المصرية». في حين نقل مراسل الشؤون الفلسطينية في قناة التلفزيون الرسمي (كان 11) غال بيرغر، عن مصادر دبلوماسية دولية قولها: «إن المباحثات بين إسرائيل والفصائل في غزة مستمرة، وتسعى بكل حذر لأن تنجح، وفي حال الفشل فإنها ستردّ بجدية وقوة أكثر على إطلاق الصواريخ من غزة».
وتابعت المصادر أن رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، ألغى زيارته لواشنطن، الاثنين، لإجراء محادثات أمنية ضرورية، لكي يتابع الأمور عن كثب في المنطقة. وقد تم تعزيز بطاريات القبة الحديدية بالجنوب، ورفع حالة التأهب في جميع المناطق. وجرى الحديث في البداية عن «تأجيل الزيارة»، ولكن في وقت لاحق أبلغ أنه قرر إلغاء الزيارة وإرسال الوفد الرفيع لقيادة جيشه إلى واشنطن من دونه. هذا وسيرأس الوفدَ قائدُ شعبة الاستخبارات العسكرية تمير هايمن. وفيما يتعلق بالقدس، ذكر موقع «واللا» العبري، أمس (الأحد)، أن أجهزة الأمن تقدر أن هذه الأحداث ستستمر حتى نهاية شهر رمضان، وربما حتى موعد الانتخابات الفلسطينية. وقال قائد شرطة القدس دورون تورغمان، أمس، إنه يرفض أن يتم تحميل مسؤولية انفجار في القدس بمساواة بين العرب واليهود. وقال: «من الواضح أن غالبية الصدامات في القدس تمت بمبادرة الشبان المسلمين الذين اعتدوا على عابرين يهود وعلى رجال الشرطة». وأبلغ أن قواته تكثف وجودها في المدينة لمحاربة الفوضى والعنف من جميع الأطراف.
وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قد دعا في ختام المشاورات الأمنية التي أجراها مع قادة الأجهزة الأمنية ووزراء الأمن والشرطة والخارجية، إلى «تهدئة النفوس من كل الأطراف» في القدس، وإلى «الاستعداد لجميع السيناريوهات في غزة». وقال نتنياهو إنه استمع إلى عرض للوضع من مفتّش جهاز الشرطة، وإنه يريد أولاً ضمان القانون والنظام، مشدداً: «نحن نحافظ على حرية العبادة مثل كل عام، لجميع السكان ولكل الزوار في القدس». وقد شارك في المشاورات وزيرا الأمن بيني غانتس، والأمن الداخلي أمير أوحانا، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، ورئيس جهاز الأمن العام (شاباك) نداف أرغمان، ومفتّش عام جهاز الشرطة كوبي شبتاي.
ونتيجة لهذا الموقف، وجّه رئيس تحالف «الصهيونية الدينية» بتسلئيل سموتريتش، انتقادات شديدة اللهجة إلى نتنياهو، وقال: «ربما فعلاً حان الوقت لاستبدال نتنياهو». وكتب سموتريتش منتصف ليل أمس (الأحد)، تغريدة على «تويتر»، جاء فيها: «بعد عمليات إرهابية لا تعد ولا تحصى، وعمليات اعتداء من العدو العربي في الأيام الأخيرة، وبعد إطلاق وابل من القذائف الصاروخية من قطاع غزة على بلدات الجنوب، دعا نتنياهو إلى تهدئة الخواطر من قبل الأطراف كاف. ربما فعلاً حان الوقت لاستبداله». وتعليقاً على هجوم سموتريتش، رد عضو الكنيست ميكي زوهار، بالقول: «لقد تجاوز حزب سموتريتش نسبة الحسم بفضل تبرع الليكود للحزب بـ3 مقاعد، القليل من الخجل والحياء لن يضر». وحاول شريك سموتريتش في الحزب، عضو الكنيست إيتمار بن غفير، التخفيف من وطأة تصريحه، فقال: «لا أريد أن أُسقط نتنياهو، أريد تشكيل حكومة معه. لكن تصريحات نتنياهو لم تكن موفقة، نحن اليهود نتعرض للقتل ويتم الاعتداء علينا، ونتنياهو يلتزم الصمت، في نظري هذه وصمة عار».
في هذه الأثناء، رأى الوزير غانتس، أن «الوضع هادئ في الجنوب حالياً». لكنه هدد، إن لم يُحافظ على الهدوء، «فستتضرّر غزة بشكل قاسٍ، مدنياً واقتصادياً وأمنياً، ومن سيتحمّل ذلك هم قادة (حماس). الجيش الإسرائيلي جاهز لاحتمال التصعيد، وسنفعل كل ما هو مطلوب للحفاظ على الهدوء».
كانت جهات دولية قد انضمت إلى مصر، في إجراء اتصالات مع حركة «حماس» منذ ساعات الصباح الأولى من يوم أمس، لاحتواء الموقف والعودة إلى الوضع السابق الذي اتسم بالهدوء النسبي طيلة تسعة أشهر. وأشارت التقديرات التي أوردتها صحيفة «هآرتس» عبر موقعها الإلكتروني، إلى أن «إطلاق القذائف الصاروخية من غزة سيتوقف»، وأن «(حماس) أبلغت مصر أنها لا ترغب في التصعيد». ولفتت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الجيش الإسرائيلي يقدّر أن «حماس» سمحت بإطلاق القذائف الصاروخية لمنطقة محدودة تُعرف في إسرائيل باسم «غلاف غزة»، وذلك لـ«تقييد التصعيد وعدم إخراجه عن السيطرة». وأشارت الصحيفة إلى أن رفع الجيش الإسرائيلي لجزء كبير من القيود التي كان قد فرضها على سكان البلدات الإسرائيليّة المحاذية للقطاع، إثر جلسة تقييم في القيادة الجنوبية، تشير إلى أن الفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة «لا تهدف إلى مزيد من التصعيد»، خلال هذه الفترة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.