أطلق مثقفون مراكشيون نداء دعوا فيه أهل مراكش ومحبيها «للمشاركة الحية في مشروع استعادة العالم الملحمي» لساحة «جامع الفنا» لـ«استلهام بهائها ووظيفتها الجمالية والذوقية فنياً وروحياً واحتفالياً»، وذلك تعبيراً منهم عن رغبة في «دعم الإصلاحات والتوجهات التي من شأنها أن تعيد للساحة مكانتها المحلية وموقعها الدولي الرفيع».
وشدد النداء على أن التصنيف العالمي لـ«ساحة جامع الفناء» من قبل «اليونيسكو» رائعة من روائع التراث اللامادي للإنسانية، في 18 مايو (أيار) 2001، تزامن مع «تدشين أحلك عهود عزلة الساحة عن أهل مراكش ومحبيها»، بعد أن «استنزفت معانيها وخبا إشعاعها الفني الفرجوي وتلاشى عمقها الروحي، لصالح (فوضى البناء)، وهيمنة رواج تجاري ومطعمي (عشوائي)، يخدم زيفاً السياحة».
وزاد النداء أن هذا «التحول» فتح الباب على مصراعيه أمام «الإجهاز على مؤسسة (الحلقة) باعتبارها روح الساحة وجوهر تفردها وحكمة تصنيفها»، الشيء الذي «يفرض اليوم أن تصبح قضية إحياء (ساحة جامع الفناء)، وهي صاحبة الفضل على الإنسانية في بزوغ نجم (الاتفاقية الدولية للتراث اللامادي) سنة 2003. قضية ثقافية وطنية لأهل مراكش ولكل المغاربة، وأن تحتل المكانة الرائدة التي تستحق في برامج واهتمامات (المؤسسة الوطنية للفنون الشعبية والتراث اللامادي)، التي أعلن عن تأسيسها رسمياً من طرف وزير الثقافة الأسبق محمد أمين الصبيحي منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 بمقر بلدية مراكش. وهي المؤسسة التي لم ترَ النور إلى يومنا هذا، بعد أن قدمت القوانين المؤسسة لها، واعتبرت القلب النابض في مسار تدبير القطب الثقافي والفني لبرنامج الحاضرة المتجددة 2014 - 2017. نخص بالذكر الساحة و(متحف جامع الفناء) و(المهرجان السنوي) و(مدينة الفنون الشعبية والتراث اللامادي) (!)».
وبعد أن أشار النداء إلى الأوراش الملكية الكبرى التي تشهدها المدينة العتيقة داخل السور لإعادة الاعتبار لتراثها المادي والمعنوي، وانشغال السلطات المحلية بإعداد برنامج تثمين الساحة، توقف النداء عند التوجهات الكبرى «لميثاق حرم ساحة جامع الفناء»، أولاً، من جهة «تثمين التوجه الرسمي الذي يحمل عالياً لواء التشبث بالمشروعية وإعادة الاعتبار للقانون، وذلك من أجل كبح جماح التطاول في البناء امتداداً وارتفاعاً، وتصحيح أعداد الواجهات تأصيلاً وتناسقاً، وتقويم اختلالات اللافتات الإشهارية الملوثة لجمالية الأجواء وروحانيتها ورونقها.
وبما ينسجم مع المتطلبات القانونية للتصنيف الدولي للساحة ولمدينة مراكش، باعتبارهما من تراث الإنسانية الذي ترعاه المنظمة العالمية للثقافة والفنون (يونيسكو)».
ونوه النداء، ثانياً، بنهج السلطات في التشاور مع الفعاليات والخبرات في إعداد مشاريع التثمين (من إنارة وتبليط وتشوير وبستنة) قبل بدء الأشغال المنتظرة، في النصف الثاني من السنة الحالية، وإدماج الابتكارات الرقمية لما يخدم الأمن والتواصل والتوثيق.
وثالثاً، ناشد النداء السلطات والمؤسسات التمثيلية المختصة بالمدينة «تحرير» الساحة من كل معوقات التعبير الفني الإبداعي، لإعادة الاعتبار لـ«الحلقة» وفنونها وآدابها المتنوعة التي تنتقل من جيل إلى جيل، من خلال إعادة النظر في حدود مجال الترخيص المؤقت لاحتلال الملك العمومي، لترك الفضاء الأكبر في الساحة لما تنفرد به من «حلقات» حكي ملحمي وفرجة ساحرة، وما يميزها كفضاء للقاء والفسحة وتقاسم الفرح والفرجة والإفادة والتعلم والبحث عن المعنى، على أن تخصص نسبة الثلثين على الأقل من المساحة الإجمالية التي تناهز2.7 هكتار (كانت تتجاوز 20 هكتاراً) لتعبيرات التراث اللامادي والفرجة والبهجة، ويتم الحرص على التطبيق السليم لمجال رخصة الاحتلال المؤقت للملك العمومي في الساحة التي لا تتجاوز مساحة مترين مربعين كما ينص عليه القانون.
وبالنظر للقيمة العمرانية والتاريخية الفريدة للتحفة الرائعة (مقر بنك المغرب)، التي عمرها 100 سنة، والموجودة على مشارف الساحة، التي يجري تحويلها إلى منشأة ثقافية تثري الاحتفاء بذاكرة الساحة وتراثها وأعلامها، وبالنظر لما تثيره الأدبيات العلمية من دعوة إلى المحافظة عليها وتصنيفها معلمة تاريخية تمثل طرازاً نادراً لمجموعة معمارية مغربية جديدة وأصيلة تنتمي لبداية القرن العشرين، فقد جدد النداء الدعوة إلى «المحافظة على هذا البنيان العريق المتصالح مع الساحة وذاكرتها الثقافية والروحية».
مثقفو مراكش يطلقون نداء من أجل ساحة «جامع الفنا»
بهدف تحريرها من معوقات التعبير الفني الإبداعي
مثقفو مراكش يطلقون نداء من أجل ساحة «جامع الفنا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة