حددت أكبر دراسة من نوعها في المملكة المتحدة الاختلافات في الاستجابة المناعية لـ«كوفيد - 19» بين الأشخاص الذين ليس لديهم أعراض، وأولئك الذين يعانون من رد فعل أكثر خطورة للفيروس.
ووجد باحثون من معهد ويلكوم سانجر، وجامعة نيوكاسل، وكلية لندن الجامعية، وجامعة كامبريدج، والمعهد الأوروبي للمعلومات الحيوية، مستويات مرتفعة من خلايا مناعية معينة في الأشخاص الذين لا يعانون من أعراض، كما أظهروا أن الأشخاص الذين يعانون من أعراض أكثر خطورة فقدوا هذه الأنواع من الخلايا الواقية، لكنهم اكتسبوا خلايا التهابية، ويمكن أن تساعد هذه الاختلافات في الاستجابة المناعية في تفسير التهاب الرئة الخطير وأعراض تخثر الدم، ويمكن استخدامها لتحديد الأهداف المحتملة لتطوير العلاجات.
ويعد البحث، الذي نُشر في 20 أبريل (نيسان) الجاري في دورية «نيتشر ميدسين»، هو الدراسة الأولى التي تشمل الأشخاص الذين لم تظهر عليهم أعراض، وتم تنفيذها ضمن مبادرة «أطلس الخلايا البشرية»، لرسم خريطة لكل نوع خلية في جسم الإنسان، من أجل فهم أفضل للصحة والعدوى والمرض.
وحتى الآن، تسبب الوباء العالمي «كوفيد - 19» في وفاة الملايين والعديد من الإصابات في جميع أنحاء العالم، وتتباين الأعراض بشكل كبير من حيث الشدة ويمكن أن تتراوح من سعال خفيف إلى ضائقة تنفسية شديدة وجلطات دموية وفشل في الأعضاء.
وسلطت العديد من الدراسات السابقة الضوء على استجابة مناعية معقدة في الدم، ولكن حتى الآن لم يتم التحقيق بالتفصيل في الاستجابة المناعية المنسقة الكاملة، وكيف يختلف هذا بين المرضى الذين يعانون من أعراض ومن لا يعانون من أعراض.
وفي دراسة جديدة لفهم كيفية استجابة الخلايا المناعية المختلفة للعدوى، اجتمع فريق كبير من الباحثين لتحليل الدم من 130 شخصاً مصاباً بـ«كوفيد - 19»، وجاء هؤلاء المرضى من ثلاثة مراكز مختلفة في المملكة المتحدة (نيوكاسل وكامبردج ولندن) وتراوحت حالتهم بين من يعانون من أعراض شديدة وأخرى دون أعراض.
وأجرى الفريق تسلسل خلية واحدة من حوالي 800 ألف خلية مناعية فردية، إلى جانب تحليل مفصل لبروتينات سطح الخلية ومستقبلات المستضدات الموجودة في الخلايا المناعية في الدم، وكشفوا عن اختلافات في أنواع متعددة من الخلايا المناعية التي تشارك في استجابة الجسم لـ«كوفيد - 19».
ووجد الفريق البحثي في الأشخاص الذين لم تظهر عليهم أعراض زيادة في مستويات الخلايا البائية التي تنتج الأجسام المضادة الموجودة في الممرات المخاطية، مثل الأنف، وقد تكون هذه الأجسام المضادة أحد خطوط دفاعنا الأول ضد «كوفيد - 19».
ومع ذلك، فإن هذه الخلايا البائية الواقية كانت مفقودة لدى الأشخاص الذين يعانون من أعراض خطيرة، مما يشير إلى أهمية وجود استجابة مناعية فعالة مرتبطة بالأجسام المضادة في الأنف والممرات المخاطية الأخرى.
واكتشف الفريق أنه في حين أن المرضى الذين يعانون من أعراض خفيفة إلى متوسطة، لديهم مستويات عالية من الخلايا البائية والخلايا التائية المساعدة، والتي تساعد في مكافحة العدوى، فإن أولئك الذين يعانون من أعراض خطيرة فقدوا العديد من هذه الخلايا المناعية، مما يشير إلى أن هذا الجزء من الجهاز المناعي لديه فشل في الأشخاص المصابين بمرض شديد.
وفي المقابل، كان لدى الأشخاص الذين يعانون من أعراض أكثر خطورة تؤدي إلى دخول المستشفى زيادة غير منضبطة في الخلايا الوحيدة والخلايا التائية القاتلة، والتي يمكن أن تؤدي المستويات العالية منها إلى التهاب الرئة، كما كان لديهم أيضاً مستويات مرتفعة من الخلايا المنتجة للصفائح الدموية، والتي تساعد الدم على التجلط.
يقول البروفسور مزلفة حنيفة، من جامعة نيوكاسل ومعهد ويلكوم سانجر في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة كامبريدج بالتزامن مع نشر الدراسة: «هذه واحدة من الدراسات الفريدة من نوعها التي تبحث في العينات التي تم جمعها من الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض، مما يساعدنا على البدء في فهم سبب وجود بعض الأشخاص تتفاعل بشكل مختلف مع عدوى «كوفيد - 19»، ويمكن أن تفسر أيضاً أعراضا مثل التهاب الرئة والجلطات الدموية.
ويتكون الجهاز المناعي من مجموعات مختلفة من الخلايا، على غرار الطريقة التي تتكون بها الأوركسترا من مجموعات مختلفة من الأدوات، ولفهم الاستجابة المناعية المنسقة، عليك أن تنظر إلى هذه الخلايا المناعية معاً.
ورغم عدم فهم كيفية تحفيز العدوى لهذه الاستجابات المناعية، تقدم الدراسة تفسيراً جزيئياً لكيفية تسبب «كوفيد - 19» في زيادة خطر تخثر الدم والتهاب الرئتين، مما قد يؤدي إلى احتياج المريض إلى جهاز التنفس الصناعي.
ويكشف هذا أيضا عن أهداف علاجية جديدة محتملة للمساعدة في حماية المرضى من الالتهابات والأمراض الشديدة، فعلى سبيل المثال، قد يكون من الممكن تطوير علاجات تقلل من إنتاج الصفائح الدموية أو تقلل من عدد الخلايا التائية القاتلة المنتجة.
ويقول البروفسور مينا كلاتوورثي، أستاذ علم المناعة في جامعة كامبريدج وكلية معهد ويلكوم سانجر المشارك بالدراسة: «هذه واحدة من أكثر الدراسات تفصيلاً عن الاستجابات المناعية في (كوفيد - 19) حتى الآن، وتبدأ في مساعدتنا على فهم لماذا يمرض بعض الأشخاص حقاً بينما يقاوم الآخرون الفيروس دون أن يعرفوا حتى أنهم مصابون به، وستساعد هذه المعرفة الجديدة في تحديد أهداف محددة للعلاج للمرضى الذين يمرضون بفيروس (كورونا) المستجد، المسبب لمرض (كوفيد - 19)».
اختلافات مناعية وراء تباين أعراض مرضى «كوفيد ـ 19»
دراسة حددتها ضمن مبادرة «أطلس الخلايا البشرية»
اختلافات مناعية وراء تباين أعراض مرضى «كوفيد ـ 19»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة