ليبيا تدعو الأطراف التشادية للحوار بعيداً عن «استخدام القوة»

طالبت مع قادة السودان والنيجر بجلسة طارئة لـ{السلم والأمن» الأفريقي

رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة (أ.ف.ب)
TT

ليبيا تدعو الأطراف التشادية للحوار بعيداً عن «استخدام القوة»

رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة (أ.ف.ب)

دعا قادة ليبيا والسودان والنيجر إلى إقامة «حوار وطني» بين مختلف الأطراف في جمهورية تشاد، بعيداً عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها، وعقد جلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي (PSC)، «لاتخاذ خطوات وتدابير لتخفيف التوتر، والمساهمة في صون وتعزيز السلم والأمن واستقرار المنطقة».
وأعرب قادة الدول الثلاث، في بيان مشترك، وزّعه مكتب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، أمس، عن «قلقهم العميق» بسبب الأوضاع التي تشهدها تشاد، وأكدوا أنهم يتابعون «باهتمام تطورات الأحداث هناك»، مثمنين في المقابل «الدور الهام» للرئيس الراحل إدريس ديبي في «تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، ومساهمته في مكافحة الجماعات الإرهابية».
كما دعا قادة البلدان الثلاثة «الأشقاء في تشاد إلى تغليب مصلحة البلاد، وانتهاج الحوار والتحلي بروح المسؤولية، حفاظاً على الأمن والسلم في المنطقة»، مناشدين جميع الجهات الفاعلة «ممارسة ضبط النفس، وتجديد الالتزام بالحفاظ على وحدة تشاد وسلامة أراضيها».
وخلال مناقشتهم قضية تأمين الحدود، أكد قادة الدول الثلاث حرصهم على تكثيف الجهود لدعم التعاون الأمني، ومراقبة الحدود المشتركة وتوطيد السلام والاستقرار وحسن الجوار، مشددين على ضرورة تفعيل اتفاق تعزيز التعاون في مجال أمن ومراقبة الحدود المشتركة، بين ليبيا والسودان وتشاد والنيجر، الموقع في إنجمينا في 31 مايو (أيار) عام 2018.
وانتهى قادة الدول في بيانهم بالتأكيد على أهمية مواصلة التعاون الوثيق بين الدول الثلاث لتعزيز مكافحة الإرهاب، والتهريب والجريمة المنظمة والهجرة غير المشروعة. وكان المنفي قد أعلن اتفاقه مع رئيس المجلس الانتقالي السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، على التنسيق المشترك بشأن الوضع في تشاد، وقال إنه اتفق مع البرهان خلال اتصال هاتفي، مساء أول من أمس، على أهمية التواصل والتنسيق المستمر على أعلى مستوى بشأن الوضع في تشاد، وأكدا عزمهما على مواصلة الجهود المشتركة بخصوص القضايا المصيرية.
في السياق ذاته، قدم عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة الليبية، تعازيه للشعب التشادي في مقتل الرئيس إدريس ديبي، وأعرب في بيان له مساء أول من أمس، عن رفضه أي وجود للقوات الأجنبية داخل ليبيا، واستغلال أراضيها لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
في غضون ذلك، بدأت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية الليبية، زيارة إلى العاصمة الإيطالية روما، أمس، في أول زيارة من نوعها منذ تولي مهام منصبها، لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين في الحكومة الإيطالية في مجالات الدفاع والهجرة والتنمية الاقتصادية.
وطبقاً لوسائل إعلام إيطالية، فإنه سيتم خلال الزيارة، التي ستستغرق يومين، الاتفاق على الاجتماع المقبل للجنة الاقتصادية الفنية الإيطالية - الليبية المشتركة.
في شأن آخر، تعهد الدبيبة بعد جولة تفقدية لجنوب العاصمة طرابلس، مساء أول من أمس، رفقة مسؤولين محليين، بالوقوف على الأضرار وإصلاح المساكن المدمرة، بإنشاء صندوق مالي مخصص لدعم عودة السكان إلى منازلهم.
وقال الدبيبة، في بيان، إنه طالب بضرورة إزالة آثار ومخلفات الحرب، موضحاً أنه استمع من أهالي المناطق المتضررة إلى احتياجاتهم، ومطالب العودة إلى مساكنهم.
إلى ذلك، كشف مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، طاهر السني، عن مساعٍ لعقد جلسة في مجلس الأمن، بالتنسيق مع المجموعة الأفريقية، لبحث مصير المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا، الذين اعتبر أن خروجهم من البلاد «أمر حتمي».
واشترط السني، في بيان مقتضب عبر «تويتر»، أن يتم ذلك، وفق آلية تتفق عليها اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، التي تضم ممثلي «الجيش الوطني» والقوات الموالية لحكومة «الوحدة»، مشيراً إلى أن خروج «المرتزقة» بأسلحتهم «سيعيد تدوير الصراع في ليبيا، وزعزعة أمن الجوار والمنطقة، كما يحدث الآن».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».