جنوب اليمن يغلق حدوده مع البيضاء تحسبا لتمدد الحوثيين

قبائل في محافظة شبوة تجتمع للتصدي لأي جماعات متطرفة

جنوب اليمن يغلق حدوده مع البيضاء تحسبا لتمدد الحوثيين
TT

جنوب اليمن يغلق حدوده مع البيضاء تحسبا لتمدد الحوثيين

جنوب اليمن يغلق حدوده مع البيضاء تحسبا لتمدد الحوثيين

أعلنت قبائل في محافظة شبوة بجنوب اليمن، اليوم (الخميس)، إغلاق حدودها مع محافظة البيضاء التي تدور فيها معارك شرسة بين المتمردين الحوثيين ورجال قبائل، تحسبا لتمدد حوثي محتمل إلى الجنوب.
وقالت مصادر محلية وقبلية إن اجتماعا قبليا عقد اليوم وشارك فيه زعماء قبيلة العوالق كبرى قبائل شبوة، وأكد على التصدي لأي نشاط لأي جماعات مسلحة مرتبطة بـ"القاعدة" أو الحوثيين.
وذكرت المصادر أن الاجتماع قرر تشكيل قوة مسلحة قبلية من ثلاثة آلاف مقاتل و200 طاقم لحماية مصالح المحافظة النفطية ورفض أي أعمال تخريب لأي مصالح خاصة أو عامة بها.
وأكد الاجتماع القبلي رفضه الإعلان الدستوري الذي أصدره الحوثيون قبل أسبوعين في العاصمة صنعاء، حلّ بموجبه الحوثيون البرلمان اليمني، ودعوا لتشكيل مجلس مؤقت بديل، ومجلس رئاسي من خمسة أشخاص وحكومة.
وأكد المجتمعون التمسك بشرعية الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي.
وأدان الاجتماع استمرار حصار واحتجاز هادي ورئيس وزرائه خالد بحاح، وطالب بسرعة فك الحصار المفروض عليهما، وحمل الحوثيين المسؤولية عن أي مساس بأمنهما وحياتهما.
ومحافظة شبوة من محافظات اليمن النفطية ويوجد فيها أكبر مشروع صناعي في البلاد، وهو مشروع الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال، الذي تقوده توتال من بين سبع شركات عملاقة في إدارة محطة لانتاج الغاز الطبيعي المسال في اليمن بتكلفة 4.5 مليار دولار على بحر العرب.
ويقول مراقبون ومحللون سياسيون إن المتمردين الحوثيين يتطلعون إلى السيطرة على شبوة باعتبارها خط الدفاع الاول عن النفط في اليمن، وبالإمكان التمدد منها إلى محافظة حضرموت النفطية الحدودية مع السعودية وكذا التمدد إلى مدينة عدن كبرى مدن الجنوب.
وتشير تقارير اخبارية إلى أن 80 في المائة من حقول النفط في اليمن تقع في الجنوب الشرقي في محافظتي حضرموت وشبوة.
ويرى مراقبون أن اقدام الحوثيين على محاولة اقتحام شبوة، سيلقى مقاومة شرسة لوجود رجال قبائل أشداء. وتعد شبوة أيضا معقلا لمسلحي "القاعدة" ومتشددين يتبعون نفس الفكر.
ويواجه اليمن فراغا سياسيا بعد اجتياح الحوثيين المدعومين من إيران للعاصمة صنعاء في سبتمبر (أيلول)، والاستيلاء على مقر هادي في يناير (كانون الثاني) مما أجبره وحكومته على الاستقالة.
وحذر جمال بن عمر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، من أن البلد أصبح على شفا حرب أهلية. وأغلقت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وايطاليا وهولندا وتركيا والسعودية والامارات سفاراتها في العاصمة صنعاء هذا الاسبوع لدواع أمنية، بعد سيطرة الحوثيين، ما زاد من عزلة اليمن الدولية.
وتواجه مؤسسات الدولة شبح الانهيار بعد أسبوعين من استيلاء الحوثيين رسميا على السلطة في البلاد وتوغلهم العسكري جنوبا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم