الحكومة الإيرانية تبدأ مواجهة داخلية لتثبيت موقعها التفاوضي في فيينا

الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقباله وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي في طهران أمس (أ.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقباله وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي في طهران أمس (أ.ب)
TT

الحكومة الإيرانية تبدأ مواجهة داخلية لتثبيت موقعها التفاوضي في فيينا

الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقباله وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي في طهران أمس (أ.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقباله وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي في طهران أمس (أ.ب)

غداة انتهاء الجولة الثانية من المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في فيينا، بدأت الحكومة الإيرانية مواجهة داخلية لتثبت موقعها التفاوضي بعد تجدد الانتقادات للسياسة الخارجية. وأعرب الرئيس حسن روحاني عن تفاؤله بـ«الجدية» لرفع العقوبات، في وقت هاجم فيه «السوبر ثوريين» في الداخل لانتقادهم دبلوماسية حكومته.
وبدا روحاني، في اجتماع الحكومة أمس، متمسكاً بشروط بلاده للعودة إلى الاتفاق، وقال: «ما نريد تنفيذ وثيقة الاتفاق النووي، لا كلمة أقل ولا كلمة أكثر؛ لا نريد اتفاقاً زائداً»، مضيفاً: «الجميع يعلم أن حل المشكلة يكمن في تنفيذ الاتفاق» لعام 2015.
وأشار روحاني إلى أن العودة المتبادلة للاتفاق النووي، بين واشنطن وطهران، تمر بـ«ثلاثة سلالم»: السلم الأول هو رفع العقوبات كاملة، ورأى أنه «على عاتق أميركا التي فرضت العقوبات»، وطلب مساعدة الأطراف الأخرى أيضاً، مضيفاً: «يجب أن تشمل أي عقوبات بذرائع مختلفة». والسلم الثاني هو «التحقق» الذي يلي رفع العقوبات، قبل الارتقاء إلى «السُلم الثالث»، وهو «العودة (الإيرانية) إلى الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق»، حسب موقع الرئاسة الإيرانية.
وأضاف روحاني: «عليهم اتخاذ الخطوة الأولى؛ يبدو إنهم جادون في الوقت الحالي»، لكنه طالب الطرف الآخر بأن يحدد كيفية رفع العقوبات. وقال روحاني، أول من أمس، إن المفاوضات تقدمت بين 60 و70 في المائة، لكنه رهن التوصل إلى نتيجة في أقرب وقت ممكن باستمرار «الصدق» الأميركي. وكرر، أمس، أنه يأمل في «جدية وصدق وحل سريع للقضية» من مجموعة «5+1».
وبدأت إيران وأطراف الاتفاق النووي والولايات المتحدة، مطلع هذا الشهر، مباحثات في العاصمة النمساوية بهدف إحياء الاتفاق النووي، بعد جولتين من المفاوضات غير المباشرة بين الوفدين الأميركي والإيراني، بوساطة الاتحاد الأوروبي المسؤول عن اللجنة المشتركة في الاتفاق، وتشكلت ثلاث مجموعات عمل لتحديد إطار العودة بين الجانبين. وقالت جميع الأطراف إنها تحقق تقدماً، على الرغم من الصعوبات والتحديات. وهذا ما أعلنته الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق مع إيران، أمس، مؤكدة أنها لمست تقدما في أول جولتين من المفاوضات لإحياء الاتفاق لكن لا تزال هناك عقبات كبيرة ينبغي التغلب عليها.
ونأى روحاني بحكومته عن أي «توجه انتخابي» في قضايا الاتفاق النووي، واللقاح والتصدي لجائحة كورونا، ومعيشة الناس. وقال إن سياستها لن تتأثر بانتخابات 18 يونيو (حزيران) التي يخرج من صناديقها اسم الرئيس الذي يخلفه.
وألقى الرئيس الإيراني باللوم على خصومه، قائلاً: «المرشد حدد إطار، ونحن نتحرك داخله، ولا نضيع ثانية واحدة. وبطبيعة الحال، لن نستعجل؛ سنتقدم بالعمل». وحذر من يريدون المشاركة في الانتخابات، ويعملون على عرقلة رفع العقوبات، من أن «الناس لن تصوت لهم». كما دافع عن أداء حكومته الاقتصادية، بقوله: «كنا سباحين ماهرين، لكن الآن كتفوا أيدينا، ويقولون لنا: قاوموا! نحن لا نخاف، ولا نريد ترديد هتافات؛ نجيد ترديد الهتافات أفضل منكم إذا تطلب الأمر». وقال: «لا يقولون شيئاً عن أميركا، حتى كلمة واحدة، لكن يعدون أنفسهم (سوبر ثوريين) متصلبين، ويشتمون الحكومة ويسيئون لها، وينشرون الأكاذيب ضدها فقط».
وجاءت تصريحات روحاني وسط جدل على أثر تلاسن قناة كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي وقناة «برس تي وي» الإيرانية الناطقة بالإنجليزية. وبدأ الأمر عندما احتج عراقجي على تغطية القناة، ونشرها تسريبات عن مباحثات فيينا على لسان «مصادر مطلعة». وكتب في تغريدة على «تويتر»: «لا أعرف من هو المصدر المطلع لقناة (برس تي وي) في فيينا، لكن بالتأكيد ليس على علم!».
وفي المقابل، ردت القناة بتغريدة، طلبت فيها من عراقجي أن يشير إلى الجزء الذي يعتقد أنه جرى تحريفه، بدلاً من التشكيك في مصداقية المصادر الإخبارية. ونقلت القناة عن مصدر مطلع أن «إيران رفضت الرفع المتسلسل للعقوبات، وأنه يجب رفعها بالكامل». وأضاف المصدر أن إيران «لن تقبل بأي حال من الأحوال تعليق أو تخفيف أو تمديد الإعفاء من العقوبات، وأنه ينبغي رفع العقوبات بالكامل»، ونوه بأن التحقق من رفع العقوبات خلال فترة أسبوع من رفع العقوبات «غير ممكن»، وأن الأمر «يستغرق من 3 إلى 6 أشهر».
وفي الأثناء، تناقلت قنوات «تلغرام» منسوبة لـ«الحرس الثوري»، أمس، معلومة واحدة بشأن مفاوضات فيينا، تفيد بأنه «من المقرر أن تعلق أميركا العقوبات لفترة 120 يوماً»، وعدت ذلك «خدمة أميركية للدخول إلى الاتفاق النووي للتحكم بآلية (سناب بك)، لكي تضغط على إيران في قضايا غير نووية متى تريد».
ومن جانبه، انتقد نائب الرئيس الإيراني، إسحاق جهانغيري، «الهجمات» ضد الفريق المفاوض النووي، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، وكتب على «تويتر» أن «الهجوم في ظروف المفاوضات الحساسة بمثابة إطلاق النار على أقدامنا»، وأضاف: «التنافس الانتخابي ليس بأي ثمن؛ فكروا بمصالح إيران».
وجاءت تغريدة جهانغيري في سياق انتقادات حكومية حادة لوثائقي جديد بثه التلفزيون الإيراني تحت عنوان «نهاية اللعبة». ويسلط الوثائقي الضوء على العلاقة الودية التي تربط مجموعة الأزمات الدولية، ورئيسها السابق المبعوث الأميركي الخاص بإيران روب مالي، وفريق وزير الخارجية.
ويزعم الوثائقي أن الاتفاق النووي نسخة «مكررة» من ورقة بحثية لمجموعة الأزمات يعود تاريخ نشرها إلى مايو (أيار) 2014. وذلك بعد لقاء في مارس (آذار) من العام نفسه، جمع الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني بوفد من المجموعة في طهران.
ويشير الوثائقي إلى لقاءات كثيرة جمعت ظريف ومالي في 2019 للتشاور حول التعامل مع استراتيجية الضغط الأقصى التي اتبعتها إدارة دونالد ترمب لتعديل سلوك إيران.
وفي الأثناء، كشفت صحيفة «جمهوري إسلامي» المحافظة عن توتر العلاقات بين مدير المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي، ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، على أثر أول تغريدة نشرها الأخير للإعلان عن رفع نسبة التخصيب إلى 60 في المائة، وذلك على الرغم من ترحيب صالحي بالإعلان عبر مقابلة تلفزيونية.



خامنئي: غرفة عمليات أميركية - إسرائيلية أطاحت بالأسد

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
TT

خامنئي: غرفة عمليات أميركية - إسرائيلية أطاحت بالأسد

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، اليوم (الأربعاء)، إن الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد كانت نتيجة خطة وضعتها الولايات المتحدة وإسرائيل، نافياً تراجع دور إيران في المنطقة.

وأضاف أن «إحدى الدول المجاورة لسوريا كان لها دور أيضاً». ولم يذكر تلك الدولة بالاسم لكن بدا أنه يشير إلى تركيا التي تدعم معارضين مسلحين مناهضين للأسد. ويُنظر للإطاحة بالأسد على نطاق واسع على أنها ضربة كبيرة للتحالف السياسي والعسكري المسمى «محور المقاومة» بقيادة إيران، الذي يعارض النفوذ الإسرائيلي والأميركي في الشرق الأوسط.

وقال خامنئي في كلمة نشرها موقعه الرسمي إن «ما حصل في سوريا كان مخططاً له بشكل أساسي في غرف عمليات بأميركا وإسرائيل. لدينا دليل على ذلك. كما شاركت حكومة مجاورة لسوريا في الأمر»، وأضاف أن تلك الدولة الجارة كان لها «دور واضح ومتواصل للقيام بذلك» في إشارة ضمنية إلى تركيا.

وكانت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي التي تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي في شمال سوريا بعد عدة توغلات عبر الحدود ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية، داعماً رئيسياً لجماعات المعارضة المسلحة التي سعت للإطاحة بالأسد منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب ونشرت «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة. وبعد ساعات من سقوط الأسد، قالت إيران إنها تتوقع استمرار العلاقات مع دمشق بناء على «نهج بعيد النظر وحكيم» للبلدين، ودعت إلى تشكيل حكومة شاملة تمثل جميع فئات المجتمع السوري.

وقال خامنئي في كلمته أيضاً إن التحالف الذي تقوده إيران سيكتسب قوة في أنحاء المنطقة بأكملها، وأضاف: «كلما زاد الضغط... تصبح المقاومة أقوى. كلما زادت الجرائم التي يرتكبونها، تأتي بمزيد من التصميم. كلما قاتلت ضدها زاد توسعها»، وأردف قائلاً: «إيران قوية ومقتدرة، وستصبح أقوى».

كما نقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن خامنئي قوله إن المخابرات الإيرانية حذرت الحكومة السورية بوجود تهديدات لاستقرارها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مضيفاً أن دمشق «تجاهلت العدو».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، للتلفزيون الرسمي إن «الاستخبارات الإيرانية والسورية كانتا على دراية كاملة بتحركات إدلب، وتم إبلاغ الحكومة السورية بذلك»، لافتاً إلى أن طهران «كانت تتوقع حدوث هذا السيناريو» بناءً على المعلومات التي وصلت إليها.

وأشار عراقجي إلى أن الأسد أبدى «انزعاجه واستغرابه» من الجيش السوري.

ونفى مكتب علي لاريجاني، ما قاله محلل مقرب من السلطات للتلفزيون الرسمي بشأن عرض إيراني للأسد في اللحظات الأخيرة، يقضي بحض جيشه على الوقوف بوجه المعارضة السورية لمدة 48 ساعة، حتى تصل قوات إيرانية إلى سوريا.

وقال المحلل، مصطفى خوش جشم، في تصريح لـ«القناة الرسمية الثانية»، إن لاريجاني التقى بشار الأسد، الجمعة، وسأله عن أسباب عدم التقديم بطلب لإرسال قوات إيرانية إلى سوريا. وفي المقابلة التي أعادت بثها وكالة «مهر» الحكومية، صرح خوش جشم بأن الأسد قال للاريجاني: «أرسلوا قوات لكنني لا يمكنني إعادة معنويات هذا الجيش»، وأوضح المحلل أن «تصريح الأسد كان اعترافاً منه وكرره عدة مرات»، وتابع: «ماذا يعني ذلك، عندما قال بصراحة: تقرر أن يتدخل الجيش ويعمل لمدة يومين حتى تصل القوات الإيرانية ومستشاروها، وهو ما حدث جزئياً»، ولفت إلى أن «جماعات (محور المقاومة) هي التي تسببت في إيقاف زحف المسلحين في حمص لبعض الساعات»، وأضاف في السياق نفسه: «لكن عندما كانت أفضل قواتنا تعمل هناك، الجيش توقف عن العمل، وانضمت له وحدات الدفاع الشعبي السورية، ونحن بقينا وحدنا، حتى لم يقفوا يوماً واحداً لكي نبقى».