الرئيس الفلسطيني يؤكد الالتزام بالانتخابات على أن تشمل القدس الشرقية

اتصالات مع واشنطن والأوروبيين... وإسرائيل تواصل «اللا رد»

لافتة رُفعت في مسجد الأقصى تتحدث عن التمسك بالقدس الشرقية شرطاً للانتخابات (وفا)
لافتة رُفعت في مسجد الأقصى تتحدث عن التمسك بالقدس الشرقية شرطاً للانتخابات (وفا)
TT

الرئيس الفلسطيني يؤكد الالتزام بالانتخابات على أن تشمل القدس الشرقية

لافتة رُفعت في مسجد الأقصى تتحدث عن التمسك بالقدس الشرقية شرطاً للانتخابات (وفا)
لافتة رُفعت في مسجد الأقصى تتحدث عن التمسك بالقدس الشرقية شرطاً للانتخابات (وفا)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه ملتزم بالمضيّ قدماً في إجراء الانتخابات حسب المواعيد التي أعلن عنها وفق المراسيم الرئاسية، لكن على «أن تجري هذه الانتخابات في الأراضي الفلسطينية كافة، بما فيها القدس الشرقية ترشحاً ودعايةً وانتخاباً».
وأضاف عباس في اجتماع للجنة المركزية لحركة «فتح»: «إننا نُجري اتصالات مكثفة مع العديد من الدول، وتحديداً الأمم المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي، من أجل الضغط على الحكومة الإسرائيلية للالتزام بالاتفاقيات الموقَّعة بيننا فيما يخص العملية الانتخابية، وتحديداً بأن تكون الترشيحات والدعاية والانتخابات داخل المدينة المقدسة، ولغاية الآن لم يصل إلينا أي رد من الجانب الإسرائيلي حول ذلك».
وجاءت تأكيدات عباس حول القدس لتعزز المخاوف بشأن إلغاء الانتخابات الفلسطينية إذا لم تُجرَ في القدس، وهو موقف يعني أن الانتخابات المرتقبة في 22 مايو (أيار) لن تجري على الأغلب، باعتبار أن إسرائيل لا تسمح بإجراء أي نشاط «سيادي» فلسطيني في القدس.
وشددت «المركزية» على ضرورة قيام المجتمع الدولي، بما فيه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وكل الأطراف ذات العلاقة، بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لتنفيذ التزاماتها الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية فيما يتعلق بإجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينية كافة، بما فيها مدينة القدس الشرقية المحتلة.
وقالت اللجنة المركزية إن «الشعب الفلسطيني لن يقبل بأن يكون هناك أي فيتو للاحتلال بأي شكلٍ من الأشكال على العملية الانتخابية، وتحديداً مشاركة أبناء شعبنا المقدسي ترشحاً ودعايةً وانتخاباً فيها»، مؤكدة أن «القدس وأهلها خط أحمر لن يقبل المساس به أو التلاعب فيه».
واستنكرت «مركزية فتح» قيام قوات الاحتلال بمنع تنظيم أي فعالية لمرشحي القوائم الانتخابية والاعتداء عليهم بوحشية واعتقالهم، مشددةً على أن «هذه المحاولات الإسرائيلية لن تنال من عزيمة شعبنا وإصرار قيادته على أن تكون القدس هي القلب النابض للعملية الديمقراطية، بوصفها العاصمة الأبدية لدولة فلسطين».
وأشادت اللجنة المركزية «بصمود أهلنا في مدينة القدس ووقفتهم البطولية أمام همجية الاحتلال، وتمسكهم بالمشاركة في الانتخابات كجزء لا يتجزأ من شعبنا الفلسطيني»، داعيةً القوى الوطنية والإسلامية للتوحد في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية، و«دعم صمود شعبنا في القدس أمام هذا المحتل».
وكان رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، قد أجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس محمود عباس، مساء الاثنين، دعا فيه إلى المضي بإنجاز الانتخابات الفلسطينية العامة المقررة الشهر المقبل. وذكر بيان صادر عن «حماس» أن هنية بحث مع عباس «تطورات العملية الانتخابية والجهد المشترك وطنياً الذي بُذل على هذا الصعيد، سواء الحوار الوطني أو التحضيرات والترتيبات التي تسير على قدم وساق».
وأكد هنية «توفر ثلاثة عناصر شَكّلت المشهد الراهن، متمثلة بالقرار السياسي عبر المراسيم، وقرار الفصائل والإرادة الشعبية عبر التسجيل، والمناخ الديمقراطي عبر القوائم، إلى جانب الحاضنة الإقليمية». وقال إن ذلك «يستوجب المضي قدماً في إنجاز هذا المسار الوطني حتى النهاية، واستكمال العملية الانتخابية في مساراتها الثلاثة، بدءاً بالمجلس التشريعي، ثم الرئاسة، وصولاً إلى المجلس الوطني (لمنظمة التحرير)».
وحسب البيان، تركز الحديث خلال الاتصال بين هنية وعباس على أهمية وضرورة إجراء الانتخابات في مدينة القدس ترشيحاً وانتخاباً، واحتسابها «معركة» وعدم إعطاء إسرائيل أي فرصة للتشويش على مسار الانتخابات، أو فرض وشرعنة احتلالها للمدينة «بما يتطلب المضي في إجراء الانتخابات وبلا تردد».
ويتحرك وزير الخارجية رياض المالكي، في جولة أوروبية منذ أيام، في محاولة لتكثيف الضغط الأوروبي على إسرائيل من أجل السماح بإجراء الانتخابات في القدس والخروج برد نهائي في أسرع وقت. ويدعم الاتحاد الأوروبي موقف الفلسطينيين حول ضرورة إجراء الانتخابات في القدس الشرقية، لكن إسرائيل لا تتجاوب معه حتى الآن. وجدد دعمه خلال لقاء الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، نائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل، وزير الخارجية والمغتربين، رياض المالكي في بروكسل، حيث تبادل الطرفان وجهات النظر حول الانتخابات الفلسطينية المقبلة.
وقال بوريل في بيان: «إن الاتحاد الأوروبي على استعداد لبذل كل ما في وسعه لدعم هذه العملية المهمة، بما في ذلك مساعدته المستمرة للجنة الانتخابات المركزية، وإن المؤسسات الفلسطينية الديمقراطية الشاملة والخاضعة للمساءلة والعاملة، والقائمة على احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان، ضرورية لحل الدولتين».
في شأن آخر أطلع عباس «مركزية فتح» على الاتصالات التي تقوم بها القيادة مع الأطراف الدولية، خصوصاً اللجنة الرباعية الدولية، بما يضمن إطلاق عملية سياسية قائمة على قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، على أساس حل الدولتين لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967.
وجدد الرئيس تأكيد أهمية الإسراع بعقد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة الأطراف الدولية ذات العلاقة تحت مظلة الأمم المتحدة، كمَخْرج للأزمة التي وصلت إليها العملية السياسية. وهو موقف أيّدته «فتح» التي رحّبت بقرار الإدارة الأميركية استئناف تقديم المساعدات الاقتصادية والتنموية والإنسانية للشعب الفلسطيني، خصوصاً تقديم دعم مالي لوكالة «أونروا».
وقالت «مركزية فتح»: «إن القرار الأميركي يشكّل خطوة في الاتجاه الصحيح نحو استئناف العلاقات الفلسطينية – الأميركية، بما يضمن العودة لعملية سلام حقيقية تقوم على أساس قرارات الشرعية الدولية».
وأضافت أن «الجانب الفلسطيني على استعداد للعمل مع الأطراف الدولية، خصوصاً اللجنة الرباعية الدولية للوصول إلى حل سياسي يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة، من خلال قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.