«حظر الكيماوي» تبحث إجراءات ضد دمشق

دعوى قضائية في السويد لمحاسبة النظام على استخدام غاز سام

TT

«حظر الكيماوي» تبحث إجراءات ضد دمشق

بحث أعضاء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أمس (الثلاثاء)، مقترحاً لتجريد سوريا من حقوقها في المنظمة التي مقرها لاهاي، رداً على نتائج تقرير أفاد بأن قوات الحكومة استخدمت مراراً غازات سامة في الصراع. واطّلعت «رويترز» على نسخة من مسودة وثيقة وُزعت على ممثلي الدول الأعضاء وعددها 193 في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية. وطرحت 46 دولة الوثيقة من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
وكانت أربع منظمات غير حكومية قد أعلنت الاثنين أنها تقدمت بشكوى جنائية إلى الشرطة السويدية ضد مسؤولين رفيعي المستوى في النظام السوري بمن فيهم الرئيس بشار الأسد نفسه بتهمة ارتكاب هجمات بالأسلحة الكيماوية عامي 2013 و2017.
والشكوى المقدمة من منظمات المجتمع المدني وهي: «المدافعون عن الحقوق المدنية» و«المركز السوري للإعلام وحرية التعبير» و«الأرشيف السوري» و«مبادرة عدالة المجتمع المفتوح» تتهم النظام السوري بشن هجمات باستخدام غاز الأعصاب السارين في خان شيخون عام 2017 والغوطتين الغربية والشرقية عام 2013. وغاز السارين محظور بموجب الاتفاقية الدولية لحظر الأسلحة الكيماوية.
وتتضمن الشكوى «شهادات مباشرة من ضحايا وناجين من الهجمات بغاز السارين في كل من خان شيخون والغوطة»، بالإضافة إلى «مئات الأدلة الوثائقية، بما في ذلك الصور ومقاطع الفيديو»، و«تحليل شامل لتسلسل القيادة العسكرية السورية».
وقالت عايدة سماني المستشارة القانونية في منظمة «المدافعون عن الحقوق المدنية» لوكالة الصحافة الفرنسية: «في النهاية الهدف من الشكوى هو تقديم هؤلاء المسؤولين عن الهجمات بالأسلحة الكيماوية إلى العدالة». وأضافت «ما نأمله هو أن يقوموا بفتح تحقيق (...) وإصدار مذكرات اعتقال بحق المشتبه بارتكابهم هذه الأفعال».
وأشارت سماني إلى أن مثل هذا القرار يعني أن المدعين العامين السويديين قد يصدرون مذكرات توقيف أوروبية للقبض على المشتبه بهم في حال دخولهم الأراضي الأوروبية. ووفقاً لملخص الشكوى، فقد تمت تسمية أكثر من عشرة أشخاص باعتبارهم مشتبهين بهم في ارتكاب الهجمات وبينهم الرئيس السوري بشار الأسد.وتم ربط وزير الدفاع السوري علي عبد الله أيوب بالهجوم على خان شيخون وماهر الأسد شقيق الرئيس السوري بالهجوم على الغوطة.
كما تم إدراج أسماء مسؤولين آخرين رفيعي المستوى في النظام والجيش السوري يعتقد بأنهم متورطون بشكل مباشر في الهجمات. وقالت المنظمات التي قدمت شكوى في ألمانيا وشكوى مماثلة في فرنسا، إنها تأمل في تعاون السلطات السويدية مع نظيرتيها في برلين وباريس.
وقال مازن درويش الذي يرأس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير إن «الجهد المشترك بين السلطات سيزيد من فرص إصدار مذكرة توقيف أوروبية، وتحقيق العدالة الفعالة للضحايا والناجين».
وأوضحت سماني أنه تم اختيار هذه الدول بسبب عوامل عدة بينها وجود سوريين متضررين على أراضيها، ولأن ولاياتها القضائية تسمح لها بالتحقيق بجرائم ارتكبت خارج أراضيها.
وتم تقديم الشكوى في اليوم السابق لاجتماع الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي.ووفق المنظمات قامت دول عدة بتقديم مشروع قرار لحرمان سوريا من حقوقها في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، وذلك ردا على استخدامها المستمر للأسلحة الكيماوية.
وقال إريك ويت كبير مسؤولي السياسات في «مبادرة عدالة المجتمع المفتوح» إن «تمرير القرار من شأنه أن يشير إلى أن استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية له عواقب دبلوماسية».وبعد هجمات عام 2013 وعدت الحكومة السورية بتفكيك مخزونها من الأسلحة الكيماوية. لكن وفقا لتقرير صادر عن منظمتي «الأرشيف السوري» و«مبادرة عدالة المجتمع المفتوح» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي فإن الحكومة السورية لا تزال تدير برنامجا «قويا» للأسلحة الكيماوية.
إلى ذلك، صرح المندوب الروسي لدى منظمة حظر الأسلحة ألكسندر شولغين بأن الاتهامات الغربية لسوريا بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية «مفبركة وتمليها المصالح الجيوسياسية».
وقال شولغين خلال ندوة «الحقيقة والأكاذيب عن استخدام السلاح الكيماوي في سوريا» التي جرت قبيل انعقاد الدورة الـ25 لمؤتمر الدول الأعضاء في المنظمة، إن هناك «احتمالا كبيرا أن الدول الغربية ستحاول تمرير مشروع القرار حول الحد من حقوق سوريا بذريعة انتهاكها لاتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية».
وأكد شولغين أن «الاتهامات الموجهة إلى سوريا مفبركة، وتمليها الأهداف الجيوسياسية لتلك الدول التي تسعى لتحقيق أجنداتها الضيقة بشأن القضية السورية. وإذا حققت أهدافها على ساحة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، فستبدأ بالتفكير في الخطوات التالية، منها إعادة المسألة للنقاش في مجلس الأمن الدولي، وستدرس إمكانيات فتح قضايا أمام المحاكم ضمن مناطق الاختصاص الوطنية أو في المحاكم الدولية».
وأضاف أنه «في الحقيقة يدور الحديث عن تحقيق تغيير الحكومة في سوريا. ونأمل أن الوفود التي ستبدأ بالعمل غداً وستناقش هذه المسألة، ستتمكن من التوصل إلى رأي مستقل واتخاذ قرار مسؤول».
من جهتها، دعت رئيسة البعثة السورية لدى منظمة حظر الأسلحة ر رانيا الرفاعي، الدول لـ«رفض مشروع القرار الذي تعده الدول الغربية»، قائلة إنه «موجه ضد الشعب السوري».



​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

كشف مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عن جهود عربية - أميركية جديدة لدفع جهود التهدئة في السودان. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة، على التنسيق على أمل حلحلة الأزمة السودانية».

وأفاد المصدر المصري بأن «اجتماعاً ضم مسؤولين من الدول الأربع، استضافته السعودية نهاية الأسبوع الماضي، ناقش دفع الجهود المشتركة؛ لتحقيق انفراجة بالأزمة».

وسبق أن شاركت الدول الأربع في اجتماعات «جنيف»، التي دعت لها واشنطن لإنهاء الحرب بالسودان، منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، غير أنها لم تحقق تقدماً، في ظل مقاطعة الحكومة السودانية المحادثات.

غير أن المصدر المصري، قال إن «اجتماع السعودية، الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين (ليس امتداداً لمبادرة جنيف)، وإن الآلية الرباعية الحالية هي للدول صاحبة التأثير في المشهد السوداني، وتستهدف دفع الحلول السلمية للأزمة». ورجح المصدر «انعقاد اجتماعات أخرى؛ لدفع جهود الدول الأربع، نحو وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين منها».

صورة جماعية بختام اجتماعات جنيف حول السودان في أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «ما يفوق 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعقب اندلاع الحرب، استضافت مدينة جدة العام الماضي، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، الذي نصّ على حماية المدنيين، والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية. وتتمسك الحكومة السودانية بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة»، قبل الانخراط في أي مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع».

توحيد الجهود

وترى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أن «توحيد جهود الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية، سيسهم في تحريك حلول وقف إطلاق النار»، موضحة: «أدى تضارب الرؤى والمسارات الدولية، بسبب كثرة المبادرات والتدخلات التي خرجت من دول أفريقية وإقليمية ودولية، إلى إضعاف أي تحركات لوقف الحرب السودانية».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق الرباعي بين مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، سيسهم في دفع جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب على الأقل بصورة أكثر فاعلية»، مشيرة إلى أن «هناك مناطق مثل الفاشر في دارفور وولاية الجزيرة، تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية».

ودعت إلى ضرورة تركيز تحرك الرباعي الدولي على «جهود وقف إطلاق النار، وأعمال الإغاثة، وصياغة خريطة طريق سياسية، تنهي الأزمة السودانية».

سودانيون يتلقون العلاج في مستشفى ميداني أقيم بمدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويواجه السودان «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية حالياً»، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وأشار مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أن «أكثر من نصف سكان السودان، يواجه خطر المجاعة والكوارث الطبيعية، مما يؤدي لانتشار الأوبئة»، وخلال زيارته لمدينة بورتسودان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، شدّد على أن «الأزمة الإنسانية بالسودان، لا تجد اهتماماً كافياً دولياً».

دول مؤثرة

وباعتقاد الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «تشكيل رباعية من الدول صاحبة التأثير في الساحة السودانية، قد يحرك مسار الحلول السلمية، وتفعيل مسار جدة»، مشيراً إلى أن «توحيد جهود هذه الأطراف، سيسهم في تغيير مسار الأزمة السودانية»، منوهاً بأن «الدول الأربع تؤيد العودة لمسار جدة».

ورجح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشاركة الحكومة السودانية في مسار مفاوضات «الآلية الرباعية حال العودة إلى مسار جدة، ولن تقاطعه كما فعلت في مبادرة جنيف».

وأشار إلى أن «فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يغير من معادلة التأثير الدولي في الحرب داخل السودان».

وكان السفير السوداني في القاهرة عماد الدين عدوي، شدّد على «تمسك بلاده بمسار جدة، بوصفه آلية للتفاوض لوقف الحرب»، وقال في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين المصرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده ترفض المشاركة في أي مبادرة أفريقية، إلا بعد عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقي».