أفراد من عامة الشعب يعملون في عروض الأزياء والحملات الدعائية بالهند

لإضفاء لمسة واقعية قريبة من الحياة

عارضون وعارضات من عامة الشعب
عارضون وعارضات من عامة الشعب
TT

أفراد من عامة الشعب يعملون في عروض الأزياء والحملات الدعائية بالهند

عارضون وعارضات من عامة الشعب
عارضون وعارضات من عامة الشعب

تشهد الهند حاليا تنامي توجه جديد في عالمي الموضة والإعلانات يقوم على الاستعانة بأفراد من عامة الشعب من مدربي اللياقة البدنية إلى الحراس والسيدات كبار السن، للعمل داخل عروض الأزياء وعلى اللوحات الإعلانية.
كانت نيرمالا ماراندي (34 عاما)، بجانب ويه أغاثا وهاسدا وسيسيليا تودو وسيتا هاسدا، وجميعهن من مناطق قبلية بشرق ولاية جهارخاند، قد قدمن لمومباي، عاصمة الموضة الهندية، لحضور ورشة عمل حول تصميم الأزياء نظمتها المصممة أنافيلا ميسرا، لكن هذه الخطوة حولت مسار حياتهن.
أبدت ميسرا، المعروفة بإبداعاتها من تصميمات الساري الأنيقة المصنوعة من الكتان، رغبتها في الاستعانة بنساء «حقيقيات» خلال عرض مجموعة تصميماتها الأخيرة. وفي هذا الصدد، قالت: «هؤلاء سيدات يساعدن في الإبقاء على هذا الزي التقليدي حيا من خلال ارتدائهن له طيلة الوقت في المزارع وأثناء الصيد والسفر. وشعرت أنهن جديرات للمشاركة في عالم الساري الذي ابتكرناه، بدلا من العارضات اللائي يرتدين الساري فقط لالتقاط صور أو للمشاركة في عرض لمدة ساعة ثم لا يقربونه ثانية أبدا».
في هذا الصدد، استعان أكاش داس، مدير شؤون الإبداع والمصور لدى إحدى شركات الإعلانات، بساروج أوبيروي (76 عاما)، وهي أم لثلاثة أبناء وجدة لخمسة أطفال، كي تصبح الوجه الدعائي لعلامة تجارية تتعلق بالجواهر المصنوعة من الألماس.
والملاحظ أن شركات الإعلانات الهندية بدأت تلجأ بصورة متزايدة نحو الاستعانة بوجوه غير معروفة في الإعلانات بهدف إضفاء لمسة من الواقعية على حملاتها.
ويتنوع الأفراد الذين أصبحت شركات الموضة والإعلانات تلجأ إليهم ما بين متقدمين في العمر وموظفين تبدو على ملامحهم السأم وربات منزل وغيرهم من الوجوه التي تعبر عن فئات ديموغرافية اقتصادية واجتماعية متنوعة. وقد قضت هذه الظاهرة الصاعدة على الصورة التقليدية للعارضات التي تتمركز حول فتاة رشيقة وبارعة الجمال لا يقل طولها عن 6 أقدام.
وفي إطار صناعة عانت طويلا من معايير جمال غير واقعية، حملت هذه الظاهرة الجديدة التي تسير عكس التيار معها نتائج إيجابية للجهات التي أقرتها. وعن ذلك، قالت ميسرا: «عندما انتشرت ملصقات صورة السيدات القبليات، أثارت معها موجة كبيرة من التقدير. وبالفعل، ترسخت صورة هؤلاء السيدات في الأذهان أكثر من صور العارضات التقليديات».
من جانبه، أعرب كينيث أوغسطين، مدير شؤون الإبداع لدى شركة «لوي لينتاس آند بارتنرز»، عن اعتقاده بأن: «الصيحة الجديدة في عالم الإعلانات اليوم هي الواقعية».
وأشار أوغسطين كيف أنه ذات مرة ظل يبحث عبر قرابة 400 ملف عن صورة لعارض لإعلان عن مشروب، حتى وقعت عيناه بالصدفة داخل الاستوديو على فتى «حمل وجهه النظرة المطلوبة تماما». وأضاف موضحا أن: «الأمر برمته يتعلق بقدرتك على مس قلوب الناس».
لقد مر وقت من قبل كان الأشخاص أصحاب الأجساد الممتلئة أو النحيفة أو ممن يعانون الصلع ويرغبون في العمل كعارضين يتعرضون للاستهزاء والسخرية، أما اليوم تشهد الهند صعود فئة جديدة كلية من العارضين تضم أمثال هؤلاء.
من ناحيته، استعان مصمم الأزياء راجيش براتاب سنغ في حملة إعلانية لمجموعته لصيف 2014 عارضين يمثلون الأناس العاديين. على سبيل المثال، شارك حارس بأحد مصانع الشركة ومدرب اللياقة البدنية الخاص به في حملته.
في الواقع، هناك لمسة واقعية قريبة من الحياة العادية في هذه الوجوه الجديدة فهم لا يتخذون أوضاعا معينة للتصوير ولا يأبهون كثيرا لمساحيق التجميل ولا يملكون أجسادا مثالية. ولهذا يقدم مصممو الأزياء والإعلانات على الاستعانة بهم ببطء، ولكن على نحو متزايد، بينما بدأوا رويدًا رويدًا في الابتعاد عن العارضين والعارضات أصحاب القوام النموذجي، مفضلين عليهم أصحاب الوجوه العادية التي يمكن للمشاهد العادي الارتباط بها للوهلة الأولى.
من بين المصممين الذين يفضلون الاستعانة بالسيدات العاديين عن العارضات المحترفات المصمم سانجاي غارغ الذي قال في أحد لقاءاته الصحافية: «عندما أرى عارضة أزياء محترفة، أشعر أنها لن ترتدي الساري الذي أصممه في حياتها الحقيقية لأنه ليس هناك ما يجمعها في الواقع بهذا المنتج. إضافة لذلك، فإن الكثير من العملاء يتساءلون حول ما إذا كان التصميم الذي يبدو جيدا للغاية على عارضة ما سيبدو بنفس الدرجة من الجمال عليهم. أما عندما يرتدي الملابس أناس عاديون، تبلغ أجسادهم مقاس 10 أو 14، فإنك تشعر حينها أن مجموعة الأزياء تلك موجهة للجميع».
واستطرد موضحا أن: «الناس الواقعيين العاديين يضيفون روحا جديدة على العرض لامتلاكهم لغة جسدية فريدة. كثيرا ما أسمع المصورين يوجهون العارضات بجمل مثل (حركي شعرك للأمام) أو (أميلي رأسك على هذا النحو) أو (اعطني نصف ابتسامة فقط) أو (احبسي أنفاسك)، وحينها أشعر أن الأمر برمته مصطنع ومدبر. أما النساء العاديات ممن لا يدركن حيل الكاميرا، فإن شخصيتهم الأصلية الصادقة الخام تضيء عبر الصور».
اليوم، تتطلع أعداد متزايدة من المصممين والعلامات التجارية نحو الأفراد العاديين للاستعانة بهم في الحملات الدعائية.
وإذا كانت السيدات العاديات قد وجدن أنفسهن في دائرة الضوء بعالمي الأزياء والموضة، فإن الرجال العاديين ليسوا ببعيد هم الآخرين. وعن ذلك، قال المصمم وينديل رودريكس الذي كان أول من استعان بأجداد في عروض الأزياء الخاصة به: «في البداية، ظن العارضون أنني أمزح... حتى بدأنا في أخذ المقاسات بالفعل. وكي أساعدهم على التخلص من التوتر، حرصنا على الغناء وتشغيل موسيقى تنتمي لسبعينات القرن الماضي. لقد كان عرضا امتزج خلاله الجمهور والصحافة والملابس معا في كيان واحد».
كما بدأت الهند في الاهتمام بتصميمات الأزياء المعنية بأصحاب الوزن الزائد. ويرى الكثير من المصممين ضرورة أن تعكس الموضة بصدق الزمن الذي تحياه، ونظرا لتبدل الأوزان السائدة من وقت لآخر، فإن على تصميم الملابس مجاراة هذا التغيير أيضا.
والواضح أنه رغم أن النساء أصحاب القوام المثالي قد تبدو صورهن جيدة على اللوحات الإعلانية وصفحات المجلات، فإنه بالنسبة للمرأة العادية في الشارع، هذه الصور ربما ليست جيدة بما يكفي.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».