البرد يكتسح كرنفال «ماردي غرا» في لويزيانا الأميركية

العارضات ارتدين ملابس ثقيلة.. وبائعو الأطعمة خافوا عليها من التجمد

رجل يرتدي قناعا تنكريا خلال احتفالات «ماردي غرا» في لويزيانا (رويترز)
رجل يرتدي قناعا تنكريا خلال احتفالات «ماردي غرا» في لويزيانا (رويترز)
TT

البرد يكتسح كرنفال «ماردي غرا» في لويزيانا الأميركية

رجل يرتدي قناعا تنكريا خلال احتفالات «ماردي غرا» في لويزيانا (رويترز)
رجل يرتدي قناعا تنكريا خلال احتفالات «ماردي غرا» في لويزيانا (رويترز)

لأول مرة منذ أعوام كثيرة، اكتسحت موجة البرد مهرجان «ماردي غرا» السنوي في نيواورليانز (ولاية لويزيانا) واضطر راقصون وراقصات بملابس متعددة الألوان والأشكال لتغطية أنفسهم بملابس إضافية.
ليلة بداية المهرجان كانت ليلة الثلاثاء، ويسمى اليوم «فات تيوسداي» (الثلاثاء البدين) إشارة إلى أنه يوم أكل كثير، كجزء من تقاليد هي خليط بين المسيحية والشعوذة، أو يسميه البعض «ثلاثاء الشحم»، إشارة إلى أن جزءا من هذه التقاليد هو أكل كميات كبيرة من الشحم. ليلة بداية المهرجان، كادت درجة الحرارة أن تصل إلى درجة التجمد. وخاف أصحاب المطاعم والملاهي التي عادة تقدم مأكولات ومشروبات في الشوارع، من أن تتجمد بضاعتهم.
وقالت راقصة ترتدي ملابس مزركشة وفضفاضة للصحافية ستيسي بلومسانت، مراسلة وكالة «اب»: «لن تلاحظي هذا. لكن، تحت زي الرقص هذا أرتدي ملابس ثقيلة لحمايتي من البرد». وقالت الصحافية إن الناس، عادة، يرتدون ملابس قليلة في هذا المهرجان، بل أحيانا ملابس خليعة. لكن، ليست هذه المرة.
بدأ الاحتفال الرئيسي عندما ظهر الموسيقي المتقاعد، بيت فاونتين (80 عاما)، وفي خطى سريعة بالمقارنة مع عمره، قاد مسيرة 10 أميال في شوارع المدينة (قبل نهاية المسيرة، جلس على كرسي عجلات، وتبادل الناس في دفعه)، وهو يعزف، كعادته في كل مهرجان.
ثم جاء موكب الأفيال، ثم موكب القرود، ثم موكب «زولو»، في عروض ترمز إلى الإضافات الأفريقية للمهرجان، بالإضافة إلى الخلفية الكاثوليكية. وكان مقدمو كل عرض يرمون المتفرجين بالزهور، والشرائط الملونة، والبالونات، وعقود الخرز الملون.
وكانت أكثر الألوان هي الأرجواني، والأخضر، والذهبي. هذه ألوان أول «ماردي غرا» في عام 1872، عندما قررت مجموعة من رجال الأعمال تأسيس الكرنفال.
وتشمل العروض الشعبية الأقنعة، والأزياء، والرقص، والمسابقات الرياضية، والمسيرات.
«ماردي غرا» قريب الصلة بمهرجانات أخرى في أوروبا وفي أميركا الوسطي والجنوبية (مثل مهرجان ريو دي جانيرو في البرازيل). وصل «ماردي غرا» إلى أميركا الشمالية كتقليد كاثوليكي فرنسي في نهاية القرن السابع عشر، عندما كانت فرنسا تحتل ولايات جنوبية، منها ولاية لويزيانا. يوم 3 - 2 - 1699، وصلت إلى ميناء نيواورليانز سفن الملك الفرنسي لويس الرابع عشر لحماية هذه المستعمرات. وكان وصولها مهرجانا كبيرا. لكن، لم تصبح المهرجانات عادة سنوية إلا بعد مائة عام تقريبا. ومنذ ذلك الوقت، تتكرر كل عام.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».