اقتصاد المدن الألمانية في خطر

الناتج الإجمالي يتراجع في الربع الأول من 2021

اقتصاد المدن الألمانية في خطر
TT

اقتصاد المدن الألمانية في خطر

اقتصاد المدن الألمانية في خطر

تعاني المدن في ألمانيا اقتصادياً بشدة من أزمة كورونا، حيث ارتفعت فيها البطالة بشكل أسرع وتدهور مناخ الأعمال أكثر من أي مكان آخر، حسبما أظهرت دراسة نشرها معهد «إيفو» الألماني للبحوث الاقتصادية أمس (الاثنين) في ميونيخ.
وقال أندرياس بايشل، مدير مركز «إيفو» للاقتصاد الكلي والدراسات الاستقصائية: «الاستهلاك الاجتماعي يلعب دوراً أكبر في المدن، حيث تتجلى تداعيات الجائحة بشدة».
بالإضافة إلى ذلك، تفتقد المدن إلى محرك مهم للتعافي، حيث قال بايشل: «نظراً لوجود صناعة أقل في المدن، فقد استفادت أيضاً بشكل أقل من التعافي في قطاع التصنيع بالنصف الثاني من عام 2020».
وفي الدراسة، فحص الباحثون أربع مجموعات من المدن والمناطق وفقاً للتقسيم التالي: مجموعة تشمل مدناً، وأخرى مناطق في شمال ألمانيا ذات معدل إصابة منخفض بكورونا، وثالثة تشمل مناطق في جنوب وغرب ألمانيا خارج المدن، ورابعة تشمل مناطق في شرق ألمانيا ذات معدل إصابة مرتفع.
وعلى الرغم من أن مجموعة المدن لم يكن لديها أعلى معدل إصابات مقارنة بباقي المجموعات، كان معدل البطالة فيها هو الأكبر بفارق كبير، حيث ارتفع بمقدار نحو 1.5 نقطة مئوية خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) حتى أغسطس (آب) 2020، بينما ارتفع معدل البطالة في المجموعات الأخرى بمقدار ما يتراوح بين 0.3 و0.8 نقطة مئوية. وبحلول نهاية فترة الرصد للدراسة في ديسمبر (كانون الأول) 2020، كان الوضع قد هدأ إلى حد ما، إلا أن المدن لا تزال هي الأسوأ.
وذكر معدو الدراسة أنه لا يمكن حتى الآن تقييم ما إذا كانت المدن ستستمر في تكبد خسائر من أزمة كورونا على المدى الطويل، أم لا. وجاء في الدراسة: «من ناحية يجب أن تستفيد المدن أكثر من المتوسط من أي آثار للحاق بالركب بعد الأزمة. من ناحية أخرى، يمكن للتطورات الجديدة مثل العمل من المنزل والرقمنة أن تجعل مواقع المدن المركزية أقل جاذبية من منظور الشركات، ما يدفعها إلى الهجرة لمناطق ريفية أرخص».
في الأثناء، أظهرت تقديرات البنك المركزي الألماني أن إغلاق كورونا وانتهاء تخفيض ضريبة القيمة المضافة في مطلع العام، أديا إلى تقليص الناتج الاقتصادي الألماني في الربع الأول من عام 2021.
وجاء في التقرير الشهري للبنك المركزي الذي نُشر أمس، أن «الناتج الاقتصادي في ألمانيا انخفض في الربع الأول من هذا العام».
وعزا الخبراء ذلك إلى قيود كورونا المستمرة، التي أثرت بشكل خاص على كثير من قطاعات الخدمات، وكذلك المشتريات السابقة لأوانها التي قام بها المستهلكون في النصف الثاني من عام 2020 بسبب التخفيض المؤقت في ضريبة القيمة المضافة.
وأوضح التقرير أن هذا الحجم من المشتريات لم يتكرر في بداية العام. وجاء في التقرير: «إلى جانب خيارات الاستهلاك المحدودة للغاية، كان من المتوقع أن يسهم ذلك (انتهاء خفض ضريبة القيمة المضافة) في تراجع الاستهلاك الخاص بشكل كبير».
في غضون ذلك، طالب اتحاد الصناعات الألمانية الحكومة الألمانية أمس، بالعمل على تعزيز الوجود الاقتصادي للاتحاد الأوروبي في الخارج.
وقال رئيس الاتحاد، زيجفريد روسفورم، وفق وكالة الأنباء الألمانية: «يجب على الاتحاد الأوروبي أن يضع سياسته التجارية الخارجية على نحو استراتيجي أكبر في الأشهر المقبلة، وأن يقوم بحملة قوية من أجل وضع قواعد ومعايير جديدة قابلة للتطبيق عالمياً مع لاعبين ذوي تفكير مماثل»، مضيفاً أنه يتعين على الحكومة الألمانية العمل على تحقيق مزيد من السرعة في هذا الاتجاه في بروكسل لتعزيز الوضع الدولي للاتحاد الأوروبي.
وذكر روسفورم أن من أهم مهام السياسة التعامل بثقة أكبر مع الصين، مضيفاً أن عدم المساواة في فتح السوق لم يعد مقبولاً، وقال: «يجب على الاتحاد الأوروبي والحكومة الألمانية الآن الإصرار على أن توفر بكين ظروفاً متساوية وعادلة لجميع المشاركين في السوق، تماماً كما تتوقع الصين العكس لأنشطتها الاقتصادية الدولية».


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.