هل حان وقت تجربة متصفّح إلكتروني جديد؟

للمستخدمين القلقين على خصوصيتهم

هل حان وقت تجربة متصفّح إلكتروني جديد؟
TT

هل حان وقت تجربة متصفّح إلكتروني جديد؟

هل حان وقت تجربة متصفّح إلكتروني جديد؟

تحوّل استخدام المتصفحات الإلكترونية إلى عادة بالنسبة لمعظم النّاس.
إذا كنتم تستخدمون «مايكروسوفت إدج» لتصفّح شبكة الإنترنت، فهذا يعني أنّكم غالباً تعملون ببرنامج ويندوز. وإذا كنتم تستخدمون متصفّح «سافاري»، فهذا يعني غالباً أنّكم من زبائن آبل. أمّا في حال كنتم من مستخدمي «كروم»، فهذا يعني أنّكم تملكون هاتفا أو لابتوباً من غوغل، أو أنكم حمّلتم متصفّح غوغل على جهازكم الخاص بعد استخدامه على الكومبيوتر في المدرسة أو العمل.
بمعنى آخر، يقع اختيار المستخدمين عادة على المتصفّحات الشّائعة والمألوفة، ومن السّهل جداً أن يُغرم المستخدم بأحد المتصفّحات لأنّها جميعها تطبيقات سريعة وقادرة وتخدم الهدف نفسه: زيارة موقعٍ إلكتروني.
إذن، طالما أنّ الفروقات بينها طفيفة، لماذا نكلّف أنفسنا عناء البحث عن خيار آخر؟
متصفح شخصي
آمل أن أنجح في إقناعكم في نهاية هذا المقال بتجربة شيء آخر: نوعٌ جديد من أدوات الملاحة الإلكترونية يُعرف باسم المتصفّح الشخصي. ظهر هذا النّوع من المتصفّحات من علامات تجارية أقلّ شهرة كـ«داك داك غو» DuckDuckGo و«برايف» Brave خلال السنوات الثلاث الماضية. ولكنّ المميّز فيها هو أنّها تجمع كميّة أقلّ من البيانات عن مستخدميها من خلال حجبها للتقنيات المستخدمة للتعقّب.
بشكلٍ عام، تقدّم معظم محرّكات البحث التقليدية وتحديداً «غوغل كروم» أفضل الخدمات. وبينما تضمّ بعض المحرّكات كـ«سافاري» و«فايرفوكوس» إعدادات وقائية للتعقّب، تركّز العلامات التجارية الأقلّ انتشاراً أكثر على حماية الخصوصية.
وصلنا اليوم إلى نقطة تحوّل فيما يتعلّق بالخصوصية الرقمية لا سيما أن صناعة الإعلانات الإلكترونية تشارف على التوقّف عن استخدام ملفّات إعداد الارتباط وهي عبارة عن رموز مزروعة في محرّكات البحث التي نستخدمها ومهمّتها ملاحقتنا من موقعٍ إلى آخر والمساعدة في استهدافنا بالإعلانات. تحاول شركة غوغل والتي يعتبر محرّكها البحثي الأكثر استخداماً في العالم منذ مدّة تطوير وسيلة جديدة لاستهدافنا بالإعلانات دون الاعتماد على هذه الملفّات.
ولكن دعونا لا ننتظر هذه المرحلة لأنّنا نستطيع ومنذ اليوم أن نتّخذ قراراً بعدم السماح بتعقّبنا من الآن فصاعدا.
تقول جيني جيبهارت، مديرة الحقوق الرقمية في منظّمة «إلكترونيك فرونتيير فاونديشن» (منظّمة الحدود الإلكترونية) غير الربحية التي تتابع المسائل المتعلّق بالخصوصية: «نقف اليوم أمام مفترق طرق. تبحث الشركات التي تحقّق أرباحاً عن طريق استهداف مستخدميها بالإعلانات، ومنها غوغل عن وسيلة جديدة للاستمرار بهذه المسرحية. لقد حان وقت حصول المستخدمين على المعرفة اللازمة ليحدّدوا خيارهم».
على عكس محرّكات البحث التقليدية، تأتي المتصفّحات الشخصية بأشكالٍ عديدة وتخدم أهدافاً مختلفة.
اختبارات ميدانية
على مدارِ أسبوعٍ كاملٍ، اختبرتُ ثلاثة متصفّحات من هذا النّوع هي «داك داك غو» و«بريف» و«فايرفوكس فوكوس» Firefox Focus وتفاجأتُ باقتناعي أخيراً بالانتقال إلى متصفّح «برايف» واعتماده محرّك بحث رئيسي على هاتفي الآيفون. وإليكم ما حصل.
*ما المتصفّح الخاص؟ من المهمّ جداً أن نعرف ما تفعله المتصفّحات الخاصّة وما الذي لا تفعله ولهذا السبب، سنلقي نظرة على ما تخفيه.
تضمّ المتصفّحات الخاصّة عادة تقنيات شبكية تستخدم منذ سنوات:
- تعتمد على ما يُسمّى الوضع الخاص والذي يُعرف أيضاً بالوضع الخصوصي private mode، وهو جلسة تصفّح لا تسجّل تاريخاً عن المواقع الإلكترونية التي زرتموها. يعتبر هذا الأمر مفيداً لكم إذا كنتم لا ترغبون بأن يتمكّن أشخاصٌ آخرون من الدخول إلى جهازكم للتلصّص عليكم.
- تستخدم المتصفّحات الخاصّة أيضاً ما يُعرف بحاجبات المتعقّبات tracker blockers التي يتمّ غالباً تحميلها كبرنامج إضافي في المتصفّح. تعتمد الحاجبات على لائحة من المتعقّبات المعروفة التي تجمع المعلومات المتعلّقة بهوية المستخدم. عند تحميلكم لأي موقعٍ إلكتروني، يرصد البرنامج هذه المتعقّبات ويمنعها من ملاحقتكم من موقعٍ إلى آخر. ولكنّ الجانب السلبي المؤثّر لهذه المقاربة هو أنّ حجب هذه البرامج قد يؤدّي إلى انهيار بعض المواقع الإلكترونية وتعطّل بعض العناصر كبطاقات التبضّع والفيديوهات.
تشغّل المتصفّحات التي تركّز على الخصوصية عادة وضع الخصوصية غيابياً أو تبادر إلى حذف تاريخ تصفّحكم بشكلٍ تلقائي فور مغادرتكم لها. تضمّ المتصفّحات أيضاً وسائل وقائية مدمجة لردّ التعقّب تتيح لها حجب المتعقّبات التي تستخدم مقاربات تضعف تفكيك المواقع الإلكترونية.
ولكنّ المتصفّحات الخاصّة لا تمنع مزوّد خدمة الإنترنت من الاطلاع على المواقع الإلكترونية التي تزورونها. لذا، إذا كنتم في عطلة واستخدمتم اتصال الواي - فاي المتوفّر في الفندق، فلن يستطيع المتصفّح الخاص حجب معلومات تصفّحكم عن مزوّد خدمة الإنترنت هناك. لهذا النّوع من الحماية، يجب الاتصال بشبكة خاصّة افتراضية وهي عبارة عن تقنية تعتمد على نفقٍ افتراضي يحمي معلومات التصفّح الخاصّة بكم.
فروق بين المتصفحات
*تعرّفوا على الفروق بين المتصفّحات الخاصّة. تتشابه متصفّحات «فايرفوكس فوكوس» و«داك داك غو» و«برايف» بين بعضها ولكنّها أيضاً تخفي فروقات مهمّة.
- يضمّ متصفّح «فايرفوكس فوكوس» المتوفّر على الأجهزة المحمولة فقط كالآيفون وهواتف الآندرويد الذكية، المكوّنات الأساسية التي يُبحث عنها عادة في أي متصفّح. يطبع المستخدم فيه عنواناً إلكترونياً، وعند الانتهاء من التصفّح، يمكنه النقر على رمز القمامة لحذف الجلسة، فضلاً عن أن مغادرة التطبيق تؤدّي إلى حذف التّاريخ تلقائياً. عند تحميلكم لأي موقعٍ إلكتروني، يعتمد المتصفّح على قاعدة بيانات للمتعقّبات لتحديد التي تستوجب الحجب منها.
- يتوفّر «داك داك غو» أيضاً للأجهزة المحمولة فقط ولكنّه متصفّح أكثر تقليدية، ما يعني أنّه يتيح لكم تحديد إشارات مرجعية وفتح أكثر من نافذة تصفّحية.
عندما تستخدمون شريحة البحث فيه، يستعيد المتصفّح النتائج من محرّك بحث «داك داك غو» الذي تدّعي الشركة المالكة له أنّه أكثر تركيزاً على الخصوصية لأنّ إعلاناته لا تتعقّب سلوك المستخدمين الإلكتروني. علاوة على ذلك، يمنع «داك داك غو» المتعقّبات الإعلانية من التحميل. عند الانتهاء من التصفّح، انقروا على رمز الشعلة في أسفل الشّاشة لحذف الجلسة.
- بدوره، يعتبر «برايف» أيضاً أقرب إلى المتصفّحات التقليدية المزوّدة بتقنية مقاومة للتعقّب وبمزايا كالإشارات المرجعية وتعدّد النوافذ. يضمّ هذا المتصفّح وضع الخصوصية الذي يجب تشغيله إذا كنتم لا ترغبون بوصول الآخرين إلى تاريخ تصفّحكم.
يتّسم «برايف» بالصرامة لجهة حجب المتعقّبات إلى درجة أنه يمنع الإعلانات من الظهور بشكلٍ كامل بينما يحجب المتصفّحان الآخران الإعلانات بوتيرة أقلّ.
يعتبر معظم النّاس عدم ظهور الإعلانات مكسباً لهم. أمّا بالنسبة لأولئك الذين يريدون ردّ جميل ناشرٍ تمّ حجب إعلاناته، يستضيف «برايف» شبكة خاصّة للإعلانات يمكنكم استخدامها. ومقابل مشاهدة إعلانات لا تتعقّب سلوككم، ستحصلون على نسبة من العائدات على شكلِ عملة رمزية يمكنكم منحها للمواقع التي تحبّونها. (تجدر الإشارة إلى أنّ هذه العملات تُعطى للمواقع التي تجمعها شراكة ببرايف فقط).
معركة المتصفّحات
اختبرتُ المتصفّحات الثلاثة المذكورة أعلاه على هاتفي الآيفون واستخدمتُ كلّ واحدٍ منها كمتصفّح رئيسي لبضعة أيّام. ووجدتُ أنّ ثلاثتَها تضمّ زراً يتيح للمستخدم معرفة عدد المتعقّبات التي حُجبت عند تحميل المواقع. لاختبار هذا الزر، زرتُ موقع صحيفة «نيويورك بوست» الذي يحمّل 83 متعقّباً دون أي إجراءات وقائية. وكان عدد المتعقّبات المحجوبة 15 في «داك داك غو» و22 في «برايف»، بينما حجب «فاير فوكس فوكوس» 45 من أصل 83.
ولكنّ هذه الأرقام لا تكشف القصّة الكاملة، فقد عمل متصفّح «فايرفوكس فوكوس» أحياناً على تفكيك عناصر المواقع الإلكترونية ما أدّى إلى فشل تحميل الفيديوهات، وعدم إقفال نوافذ الإعلانات على بعض المواقع.
شرحت سيلينا ديكلمان، مسؤولة تنفيذية في شركة «موزيلّا» التي تملك «فايرفوكس» أنّ الإجراءات الحمائية الصارمة في «فايرفوكس فوكوس» يمكن أن تؤدّي أحياناً إلى انهيار المواقع الإلكترونية، وأنّ الشركة عملت مع الناشرين لضمان تحميل مواقعهم بشكلٍ صحيح.
لم أعان من مشاكل كثيرة عندما استخدمتُ «برايف» أو «داك داك غو» رغم بعض العلل الصغيرة. في حالة واحدة فقط، كنتُ أستخدم «داك داك غو» لتصفّح موقع «واير كاتر» المتخصص في تقييم المنتجات الجديدة التّابع لصحيفة «نيويورك تايمز»، وغابت أسماء بعض المنتجات بسبب فشله في تحميلها رغم استمرار الموقع بالعمل بشكلٍ طبيعي، ما بدى لي غريباً بعض الشيء.
وأخيراً، أعتقد أنّكم ستشعرون بالرّاحة لاستخدام أي من هذه المتصفّحات الخاصّة حتّى ولو لم تجعلوه متصفّحكم الرئيسي لأنّه ضروري جداً في بعض الأبحاث الحسّاسة كتلك المرتبطة بصحّتكم على شبكة الإنترنت.
أمّا بالنسبة لي، فيجب أن أعترف أنّ «برايف» أذهلني لأّنه حمّل مواقعي المفضّلة دون مشاكل ومنحني شعوراً بالرضا عندما أتاح لي تصفّحها دون إعلانات، فضلاً عن المرونة التي منحني إيّاها لمشاهدة الإعلانات التي أريدها في أي وقت. من جهته، قال بريندان إيتش، المسؤول التنفيذي في «برايف»، إنّ متصفّح الشركة يحجب ملفّات تعريف الارتباط «دون رحمة. إذا استخدم النّاس برايف بأعداد كبيرة، لا شكّ في أنّه سيقضي على الاقتصاد القائم على التعقّب».
* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

عالم الاعمال «بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

تعود فعالية الأمن السيبراني الأبرز عالمياً «بلاك هات» في نسختها الثالثة إلى «مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات» ببلدة ملهم شمال العاصمة السعودية الرياض.

تكنولوجيا «غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة لتعزيز الخصوصية ومشاركة البيانات الصحية (غوغل)

«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة

أطلقت «غوغل» النسخة التجريبية الأولية من آندرويد 16 للمطورين، وهي خطوة تمهد الطريق للتحديثات الكبيرة المقبلة في هذا النظام.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا «أبل» تؤكد مشكلة اختفاء الملاحظات بسبب خلل بمزامنة (iCloud) وتوضح خطوات استعادتها مع توقع تحديث (iOS) قريب (أبل)

اختفاء الملاحظات في أجهزة آيفون... المشكلة والحلول

وفقاً لتقرير رسمي من «أبل»، فإن المشكلة تتعلق بإعدادات مزامنة الآيكلاود (iCloud).

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا تمكنك «دورا» من تصميم مواقع ثلاثية الأبعاد مذهلة بسهولة تامة باستخدام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لأي معرفة برمجية (دورا)

صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود»

تتيح «دورا» للمستخدمين إنشاء مواقع مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر إدخال وصف نصي بسيط.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص يحول الذكاء الاصطناعي الطابعات من مجرد خدمة بسيطة إلى أداة أكثر ذكاءً واستجابة لحاجات المستخدمين (أدوبي)

خاص كيف يجعل الذكاء الاصطناعي الطابعات أكثر ذكاءً؟

تلتقي «الشرق الأوسط» الرئيسة العامة ومديرة قسم الطباعة المنزلية في شركة «إتش بي» (HP) لفهم تأثير الذكاء الاصطناعي على عمل الطابعات ومستقبلها.

نسيم رمضان (بالو ألتو - كاليفورنيا)

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
TT

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)

هل وصلت نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى طريق مسدود؟ منذ إطلاق «تشات جي بي تي» قبل عامين، بعث التقدم الهائل في التكنولوجيا آمالاً في ظهور آلات ذات ذكاء قريب من الإنسان... لكن الشكوك في هذا المجال تتراكم.

وتعد الشركات الرائدة في القطاع بتحقيق مكاسب كبيرة وسريعة على صعيد الأداء، لدرجة أن «الذكاء الاصطناعي العام»، وفق تعبير رئيس «أوبن إيه آي» سام ألتمان، يُتوقع أن يظهر قريباً.

وتبني الشركات قناعتها هذه على مبادئ التوسع، إذ ترى أنه سيكون كافياً تغذية النماذج عبر زيادة كميات البيانات وقدرة الحوسبة الحاسوبية لكي تزداد قوتها، وقد نجحت هذه الاستراتيجية حتى الآن بشكل جيد لدرجة أن الكثيرين في القطاع يخشون أن يحصل الأمر بسرعة زائدة وتجد البشرية نفسها عاجزة عن مجاراة التطور.

وأنفقت مايكروسوفت (المستثمر الرئيسي في «أوبن إيه آي»)، و«غوغل»، و«أمازون»، و«ميتا» وغيرها من الشركات مليارات الدولارات وأطلقت أدوات تُنتج بسهولة نصوصاً وصوراً ومقاطع فيديو عالية الجودة، وباتت هذه التكنولوجيا الشغل الشاغل للملايين.

وتعمل «إكس إيه آي»، شركة الذكاء الاصطناعي التابعة لإيلون ماسك، على جمع 6 مليارات دولار، بحسب «سي إن بي سي»، لشراء مائة ألف شريحة من تصنيع «نفيديا»، المكونات الإلكترونية المتطورة المستخدمة في تشغيل النماذج الكبيرة.

وأنجزت «أوبن إيه آي» عملية جمع أموال كبيرة بقيمة 6.6 مليار دولار في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، قُدّرت قيمتها بـ157 مليار دولار.

وقال الخبير في القطاع غاري ماركوس «تعتمد التقييمات المرتفعة إلى حد كبير على فكرة أن النماذج اللغوية ستصبح من خلال التوسع المستمر، ذكاء اصطناعياً عاماً». وأضاف «كما قلت دائماً، إنه مجرد خيال».

- حدود

وذكرت الصحافة الأميركية مؤخراً أن النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو وكأنها وصلت إلى حدودها القصوى، ولا سيما في «غوغل»، و«أنثروبيك» (كلود)، و«أوبن إيه آي».

وقال بن هورويتز، المؤسس المشارك لـ«a16z»، وهي شركة رأسمال استثماري مساهمة في «أوبن إيه آي» ومستثمرة في شركات منافسة بينها «ميسترال»: «إننا نزيد (قوة الحوسبة) بالمعدل نفسه، لكننا لا نحصل على تحسينات ذكية منها».

أما «أورايون»، أحدث إضافة لـ«أوبن إيه آي» والذي لم يتم الإعلان عنه بعد، فيتفوق على سابقيه لكن الزيادة في الجودة كانت أقل بكثير مقارنة بالقفزة بين «جي بي تي 3» و«جي بي تي 4»، آخر نموذجين رئيسيين للشركة، وفق مصادر أوردتها «ذي إنفورميشن».

ويعتقد خبراء كثر أجرت «وكالة الصحافة الفرنسية» مقابلات معهم أن قوانين الحجم وصلت إلى حدودها القصوى، وفي هذا الصدد، يؤكد سكوت ستيفنسون، رئيس «سبيلبوك»، وهي شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي القانوني التوليدي، أن «بعض المختبرات ركزت كثيراً على إضافة المزيد من النصوص، معتقدة أن الآلة ستصبح أكثر ذكاءً».

وبفضل التدريب القائم على كميات كبيرة من البيانات المجمعة عبر الإنترنت، باتت النماذج قادرة على التنبؤ، بطريقة مقنعة للغاية، بتسلسل الكلمات أو ترتيبات وحدات البكسل. لكن الشركات بدأت تفتقر إلى المواد الجديدة اللازمة لتشغيلها.

والأمر لا يتعلق فقط بالمعارف: فمن أجل التقدم، سيكون من الضروري قبل كل شيء أن تتمكن الآلات بطريقة أو بأخرى من فهم معنى جملها أو صورها.

- «تحسينات جذرية»

لكنّ المديرين في القطاع ينفون أي تباطؤ في الذكاء الاصطناعي. ويقول داريو أمودي، رئيس شركة «أنثروبيك»، في البودكاست الخاص بعالم الكمبيوتر ليكس فريدمان «إذا نظرنا إلى وتيرة تعاظم القدرات، يمكننا أن نعتقد أننا سنصل (إلى الذكاء الاصطناعي العام) بحلول عام 2026 أو 2027».

وكتب سام ألتمان الخميس على منصة «إكس»: «ليس هناك طريق مسدود». ومع ذلك، أخّرت «أوبن إيه آي» إصدار النظام الذي سيخلف «جي بي تي - 4».

وفي سبتمبر (أيلول)، غيّرت الشركة الناشئة الرائدة في سيليكون فالي استراتيجيتها من خلال تقديم o1، وهو نموذج من المفترض أن يجيب على أسئلة أكثر تعقيداً، خصوصاً في مسائل الرياضيات، وذلك بفضل تدريب يعتمد بشكل أقل على تراكم البيانات مرتكزاً بدرجة أكبر على تعزيز القدرة على التفكير.

وبحسب سكوت ستيفنسون، فإن «o1 يمضي وقتاً أطول في التفكير بدلاً من التفاعل»، ما يؤدي إلى «تحسينات جذرية».

ويشبّه ستيفنسون تطوّر التكنولوجيا باكتشاف النار: فبدلاً من إضافة الوقود في شكل بيانات وقدرة حاسوبية، حان الوقت لتطوير ما يعادل الفانوس أو المحرك البخاري. وسيتمكن البشر من تفويض المهام عبر الإنترنت لهذه الأدوات في الذكاء الاصطناعي.