إثيوبيا تصر على موعد الملء الثاني للسد

مصر تشدد على «حسن إدارة موارد المياه»... والسودان يسعى لحشد دعم إقليمي

TT

إثيوبيا تصر على موعد الملء الثاني للسد

تمسك رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أمس، بالموعد الذي أعلنته بلاده للملء الثاني لخزان «سد النهضة» في يوليو (تموز) المقبل، متجاهلاً التحفظات المصرية والسودانية على المضي في الخطوة من دون اتفاق قانوني بين البلدان الثلاثة لتنظيمها.
وفي حين كثّفت الحكومة السودانية تحركاتها الدبلوماسية لحشد الدعم الأفريقي والعربي المساند لموقفها في ملف السد، شددت الحكومة المصرية على «حسن إدارة الموارد المائية» في ظل تحديات، بينها أزمة السد الإثيوبي.
وأكد رئيس الوزراء الإثيوبي في تغريدات، أمس، أن «الملء التالي سيتم خلال الهطول الغزير للمطر في يوليو وأغسطس (آب)»، معتبراً أن «هذا سيمنع حدوث فيضانات في السودان». وأضاف أن بلاده «تعمل لتلبية احتياجاتها، ولا نية لديها لإلحاق الضرر بدول المصب».
وأشار إلى أن «الأمطار الغزيرة العام الماضي ساعدت على إتمام الملء الأول للسد بنجاح، وفي الوقت نفسه، حال السد بلا شك دون حدوث فيضانات عارمة في السودان».
وكان حجز إثيوبيا 4.9 مليار متر مكعب في عملية الملء الأول في يوليو الماضي، أدى إلى ارتفاع كبير في مناسيب المياه في كل الأحباس السودانية، وخروج عدد من محطات مياه الشرب في الخرطوم عن العمل لعدم وجود تنسيق وتبادل للمعلومات بين البلدين.
وتعترض القاهرة والخرطوم على «التصرفات الأحادية» لأديس أبابا في إطار مساعيها لملء السد من دون اتفاق قانوني ملزم. وفشلت محادثات، استضافتها الكونغو، مطلع الشهر الحالي، في التوصل إلى اتفاق. وفي حين تدعو مصر والسودان إلى إشراك وسطاء دوليين (الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة) في المفاوضات، ترفض إثيوبيا ذلك التوجه.
وعقدت وزيرة الخارجية السودانية، مريم المهدي، أمس، اجتماعاً لسفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي المعتمدين لدى البلاد. وشددت المهدي في بيان على موقف السودان الثابت بضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم قبل المضي في الملء الثاني للسد من الجانب الإثيوبي.
وذكر البيان أن المهدي قدّمت للسفراء الأفارقة شرحاً مفصلاً عن مخرجات مفاوضات السد، على خلفية اجتماعات كينشاسا الأخيرة. وقالت إن بلادها تتطلع لدعم الدول الأفريقية للتوصل لحلول شاملة ومرضية لجميع الأطراف.
وشارك في الاجتماع وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس الذي أكد بدوره ضرورة توفر الإرادة السياسية لتحقيق المكاسب المرجوة للأطراف الثلاثة. وأحاط السفراء الأفارقة بالإجراءات الفنية والتقنية للمقترحات المقدمة في المفاوضات.
وأشار إلى أن السودان تقدم بمقترح الوساطة الرباعية التي تتكون من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأميركا، إلى جانب الاتحاد الأفريقي، سعياً إلى التوصل لاتفاق عاجل.
وفي القاهرة، قال وزير الموارد المائية والري المصري محمد عبد العاطي، خلال جلسة برلمانية أمس، إن مصر «تواجه مجموعة من التحديات في ملف المياه، من بينها سد النهضة، إضافة إلى التغيرات المناخية، وكذلك الزيادة السكانية».
وشدد على أن «التحديات تفرض علينا ضرورة حسن إدارة المياه، ولا سيما ما تمثله هذه التحديات من صدمات، خاصة في حالات الجفاف والفيضان»، لافتاً إلى أن «الزيادة السكانية تفرض على الجميع البحث عن موارد مائية... ومنذ 5 سنوات، اتبعت الوزارة استراتيجية لتحسين نوعية المياه، وإعادة استخدامها بكفاءة عالية». ونوّه بأن «الدولة مستمرة في جهود تنمية الموارد المائية، والبحث عن موارد إضافية، ومنها تحلية مياه البحر»، مشدداً على «ضرورة تضافر الجهود من أجل التوعية بالحفاظ على المياه».
وأكد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس الشيوخ المصري أسامة الجندي، أن «قضية المياه بالغة الأهمية، ولها أبعاد أمنية وسياسية»، منوهاً بأنها في صدارة اهتمامات الدولة. وقال إن «المياه أحد أبعاد الأمن القومي، لما تمثله من أهمية في التنمية الشاملة»، مضيفاً أن «نهر النيل لا يمثل المصدر الرئيسي للمياه في مصر، بل هو أساس وجودها».
وتتهم القاهرة والخرطوم أديس أبابا بـ«التعنت وإفشال المفاوضات». وصعّد الرئيس المصري من لهجته حيال الأزمة، أخيراً، معتبراً أن «مياه مصر خط أحمر» لن يسمح بتجاوزه. كما لوّحت الحكومة السودانية بأن جميع الخيارات أمامها مفتوحة في التعامل مع إثيوبيا إذا أصرت على المضي في الخطوات الأحادية من دون اتفاق.
وتخطط إثيوبيا لحجز 13.5 مليار متر مكعب خلال عملية الملء الثاني في يوليو، ما قد يلحق بالسودان أضراراً أكبر من التي شهدها العام الماضي. وشرع السودان في اتخاذ التحوطات الفنية في تشغيل السدود، وحجز مليار متر مكعب في سد الرصيرص تحوطاً لأي نقص في الاحتياجات الأساسية من مياه الشرب والري، كما حدث إبان عملية الملء الأول للسد.
وكان رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك دعا، الأسبوع الماضي، نظيريه المصري مصطفى مدبولي والإثيوبي آبي أحمد، لعقد قمة ثلاثية مغلقة خلال 10 أيام لتقييم المفاوضات، وبحث الخيارات الممكنة للمضي قدماً في التفاوض، بعد أن وصلت المفاوضات إلى طريق مسدودة.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.