تزوجت الملكة إليزابيث الثانية والأمير فيليب في العام الذي ولدتُ فيه، 1947، وذلك عندما لم يكن احترام بريطانيا لعائلتها المالكة قد تعرض بعد للتمزيق الذي لا يرحم، والذي حدث فيما بعد، ففي ذلك الوقت، ربما تكون عائلتي قد رأت حياتها تقريباً تنعكس في حياة العائلة المالكة، وإن كان ذلك عن بعد فقط.
فمثل الأمير فيليب، الذي أقيمت جنازته اليوم السبت، كان والدي قد خدم في الحرب العالمية الثانية، في عمليات انتشار للقوات طال أمدها لدرجة أنه، كما تتذكر والدتي، قد مرت ثلاث سنوات دون رؤيته، كما أنه مثلما تم تفجير قصر باكنغهام في لندن، فإن المنازل في بارو إن فورنيس في شمال غربي إنجلترا حيث يعيش أعمامي وعماتي وأجدادي، بالقرب من أحواض بناء السفن، قد تم استهدافها أيضاً من قبل القوات الجوية الألمانية.
ولكن بحلول الوقت الذي توفي فيه الأمير فيليب الأسبوع الماضي، كان البريطانيون قد توقفوا منذ فترة طويلة عن السير بشكل وثيق بجانب العائلة المالكة، حيث أصبحت المرآة التي كانوا يرون انعكاس حياتهم فيها على العائلة بعيدة للغاية، وحلت محلها أسئلة كثيرة مثل: متى بدأت الأسرة ذات السيادة ورعاياها في السير في طريقين منفصلين؟ وماذا يبشر ذلك لمستقبل النظام الملكي؟
لكن بعض البريطانيين رأوا الأمر بشكل مختلف، حيث تلقت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» حوالي 100 ألف شكوى حول تغطيتها التلفزيونية لوفاة الأمير فيليب عندما ألغت برامجها المجدولة لصالح تغطية شاملة لحياته ووفاته عن عمر يناهز 99 عاماً، وشبه البعض تغطية بريطانيا لوفاة الأمير بما يمكن توقعه في حال وفاة زعيم كوريا الشمالية.
وبالنسبة إلى الجيل الصغير من البريطانيين، فقد كان هناك ميل خاص إلى الاهتمام بوفاة الأمير، حيث إنه طوال حياة الملكة إليزابيث وزوجها، كان حضورهما المستمر على رأس الملكية الدستورية في بريطانيا بمثابة شعار للأمة.
وكان هناك نوع من الألفة والتسامح مع الإيماءات الخبيثة في حياة الأمير فيليب وراء الكواليس، ومع زلاته العامة، والتي كان بعضها مسيئاً على المستوى العنصري والثقافي، حيث أطلق عليه أحد أبنائه، الأمير أندرو، لقب «جد الأمة».
وطوال الأزمات التي هددت بقلب المؤسسة التي كافحت الملكة بإصرار لتأمينها، كان فيليب هو «مصدر قوتها وبقائها طوال هذه السنوات»، وذلك كما قالت في عام 1997.
وفي السنوات الأخيرة، تعرضت العائلة المالكة لضربات مزعجة بسبب الفضائح المتعلقة بوفاة الأميرة ديانا في عام 1997، والفضائح التي أطلقها الأمير هاري، المنفي ذاتياً، حفيد فيليب، وزوجته ميغان، في مقابلة مع أوبرا وينفري في كاليفورنيا، في مارس (آذار) الماضي.
ولكن يبدو أن الأمير فيليب قد تجاوز كل هذه الضربات، بشكل ما، ومع ذلك، فإنه قد ينظر إلى رحيله على أنه بروفة قاتمة ومؤثرة، لأنه في تلك السنوات نفسها، اتخذت الملكة موقعاً ثابتاً على ما يبدو كمركز ثقل للأمة، حيث شهد عهدها وجود 14 رئيس وزراء بريطانيا، وعددا متساويا من الرؤساء الأميركيين.
والآن هو وقت الحداد على فيليب، الذي رحب بأجيال شابة من أفراد العائلة المالكة في حفلات زفافهم، والذي ينسب إليه الفضل في تحفيز فترة سابقة من التقييم الذاتي والتجديد في النظام الملكي، وهي المهمة التي ستقع في السنوات القادمة على عاتق الآخرين، ولكن سيكون ذلك في عالم ربما يكون أقل تعاطفاً من ذلك الذي كان يرحب بأفراد العائلة المالكة الصغار في يوم زفافهم. يكون ذلك في عالم ربما يكون أقل تعاطفاً من ذلك الذي كان يرحب بأفراد العائلة المالكة الصغار في يوم زفافهم.
- خدمة «نيويورك تايمز»