أكد عبد اللطيف المكي، قيادي حركة النهضة التونسية، استعداد حزبه لتقديم تنازلات لحل الخلافات المتواصلة بين رأسي السلطة التنفيذية والأفرقاء السياسيين في البلاد، في إطار ما يتفق عليه المجتمع السياسي وأركان الدولة التونسية، واشترط في المقابل عدم المساس بالدستور وتطبيق مقتضياته.
وقال المكي إن الاتفاق بين مختلف الأطراف السياسية لن يكون إلا عبر تنظيم الحوار الوطني المقترح من قبل اتحاد الشغل (نقابة العمال)، وطالب القيادات السياسية في مختلف مواقع المسؤولية بـ«الكف عن الخطاب العدائي»، داعياً الأحزاب السياسية ومسؤولي الدولة إلى توجيه رسائل إيجابية إلى التونسيين لطمأنتهم، وإعادة الثقة لديهم. كما دعا إلى ضرورة الكف عن التناحر والصراع، والعمل على خلق وضع حكومي مستقر، لتلافي عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد، في ظل تواصل أزمة «اليمين الدستورية»، والخلافات المتفاقمة بين الرئيس قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي.
وفي غضون ذلك، نفى نور الدين البحيري، النائب البرلماني عن حركة النهضة، وجود أي انزعاج لحزبه تجاه الزيارة التي قام بها الرئيس سعيد إلى مصر، ولا يقلقها دعم العلاقات مع الأشقاء. وقال في تصريح إذاعي إن «خلافات الإخوان والسيسي في مصر لا تعني حركة النهضة... ولا وجود لـ(الإخوان) في تونس التي تعيش في ظل نظام ديمقراطي تعددي، ودستور يساوي بين الجميع»، مبرزاً أن حزب النهضة معترف به قانونياً، وأنه الحزب الأول في البرلمان التونسي، على حد قوله.
وبخصوص هذه المتغيرات، قال عادل العوني، المحلل السياسي التونسي، إن حركة النهضة «باتت مضطرة للتأقلم مع المستجدات. فالوضع الجديد لن يتطلب منها الانحناء أمام العاصفة فحسب، بل تغييراً جذرياً على مستوى المواقف والاستراتيجيات السياسية. وأولى هذه التغييرات تتعلق بالرئيس قيس سعيد، ذلك أن قادة الحركة مطالبون بالتوقف عن التعرض له، وأن يتركوا المهمة عند الضرورة للآلة الإعلامية الموالية»، على حد تعبيره.
وأضاف العوني موضحاً: «قد تكون هذه الخطوة متبوعة بحملة إعلامية في الخارج، هدفها تلميع صورة الحركة، والامتناع عن شيطنة أعداء الإسلام السياسي وحركة الإخوان. أما على المستوى الداخلي، فهي مدعوة للسير بجدية في طريق المدنية، والفصل الفعلي بين الدعوي والسياسي، وقد تقدم مزيداً من التنازلات، تبعاً لتغير علاقة تركيا بمصر، خوفاً من الوقوع في السيناريو المصري».
وفي هذا السياق، توالت تصريحات قيادات حركة النهضة التي تقلل من أهمية التقارب التركي - المصري، وهو ما قد يجعل حركة النهضة، وفق عدد من المتابعين، في «ورطة سياسية لخسارتها حليفاً آيديولوجياً، خاصة بعد توالي الاتهامات الموجهة لها بتبني (الفكر الإخواني)، وعدم تخلصها من علاقاتها القديمة مع هذا التنظيم الذي بات مصنفاً ضمن التنظيمات الإرهابية».
وتواجه «النهضة» أيضاً تحديات داخلية، تتمثل في الهجوم الحاد الذي قاده الرئيس سعيد ضد ممثلي الإسلام السياسي خلال زيارته إلى العاصمة المصرية، وانتقادات القيادات السياسية المعارضة، وعلى رأسها «الحزب الدستوري الحر» الذي تتزعمه عبير موسي، الداعي إلى إخراج ممثلي الإسلام السياسي من المشهد البرلماني والسياسي.
وفي سياق ذلك، عد محمد الناصر، الرئيس السابق للبرلمان، أن الوضع الحالي الذي تعرفه تونس «محير». وقال إن الإجماع حول خيارات وطنية واضحة، واعتماد خطة إنقاذ واضحة المعالم «تمثل الحل الأمثل للأزمة السياسية التي تمر بها البلاد. وهذا الحل سيعتمد على تصور جديد يكون محل إجماع، وتوافق واسع من قبل الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية».
«النهضة» لتقديم «تنازلات» لحل أزمة الحكم في تونس
في ظل تواصل أزمة «اليمين الدستورية» وخلافات الرئيسين سعيّد والمشيشي
«النهضة» لتقديم «تنازلات» لحل أزمة الحكم في تونس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة