دعوات عودة العراق إلى محيطه العربي تنتصر على أصوات الرفض

العلاقات توضع على السكة الصحيحة للمرة الأولى منذ 2003

TT

دعوات عودة العراق إلى محيطه العربي تنتصر على أصوات الرفض

في غضون يومين وفي برنامج تلفازي واحد أعرب زعيمان عراقيان كبيران عن الرغبة في نسج علاقات جيدة بين العراق ومحيطه العربي. رئيس الوزراء الأسبق وزعيم ائتلاف دولة القانون وفي حوار مع قناة «الشرقية» أعلن تأييده الواضح للخطوات التي تقوم بها حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بشأن العلاقات العربية.
المالكي الذي كان يعد من مؤيدي المحور الإيراني ربما على حساب علاقات العراق العربية أكد أنه أصر «على عقد القمة العربية في بغداد عام 2012». كما أعلن أن «الدولة الأولى التي حرصت على زيارتها عندما توليت رئاسة الحكومة عام 2006 هي المملكة العربية السعودية». وفي سياق استطراده في الحديث عن العلاقات بين العراق والمحيط العربي بدءاً من دول الخليج العربي وغيرها تجنب فتح أي ملف خلافي يمكن أن ينكأ جروحاً قد تؤدي إلى عرقلة أي إمكانية للمضي نحو المزيد من خطوات الحكومة الحالية لتطبيع علاقات العراق مع العرب برغم أن المالكي كان هو الوحيد بين الزعامات الشيعية الرافض لتولي الكاظمي رئاسة الحكومة، ولم يحضر حفل التنصيب في قصر السلام، كما لم يحضر الحفل الرئاسي في قصر بغداد بمناسبة زيارة البابا فرنسيس إلى العراق خلال شهر مارس (آذار) الماضي.
المالكي أعلن معارضته للحكومة في حديثه التلفازي مع تأييدها «في حال قامت بخطوات إيجابية ومن بينها العلاقات مع المحيط العربي سواء كانت المملكة العربية السعودية أو مصر أو الأردن». بل ذهب المالكي بعيداً حتى في تأييد العلاقات «الثنائية أو الثلاثية» شريطة ألا تكون هذه العلاقات بمثابة «محور على حساب محور آخر».
العراق وعلى لسان كبار مسؤوليه ومنهم رئيس الجمهورية برهم صالح أو رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يرفض سياسة المحاور. كما عمل صالح والكاظمي على المضي في تعبيد الطريق نحو علاقات بأفق جديد بين العراق والعالم العربي. فالرئيس صالح أجرى قبل يومين اتصالاً هاتفياً مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز تم خلاله التأكيد على أهمية العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين. وطبقاً للبيان الرئاسي فإنه وخلال الاتصال تم «بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وتعزيزها في مختلف المجالات وبما يخدم مصالح الشعبين ودعم سبل إرساء الأمن والسلام في المنطقة والتعاضد في مواجهة التحديات في المنطقة». ويضيف البيان الرئاسي أن الجانبين أشارا إلى «الزيارة الناجحة التي قام بها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى المملكة وأهميتها في تعزيز أواصر العلاقة بين البلدين».
الرئيس صالح نفسه كان قد زار الشهر الماضي دولة الإمارات العربية المتحدة وأجرى مباحثات وصفت بالمثمرة مع القيادة الإماراتية. وفي حواره التلفازي دعا صالح أيضاً إلى إقامة أفضل العلاقات مع المحيط العربي قائلاً إن «موقع العراق الجغرافي يرتكز على عمقه العربي المهم، وعلاقاتنا مع إيران وتركيا مهمة، والانفتاح العراقي مع الأردن ومصر خطوة مهمة من التعاون المشترك وسيكون مفيداً لكل المنطقة»، لافتاً إلى أن «سبب مشاكل المنطقة هو انهيار المنظومة الإقليمية، وعودة العراق قوياً ومقتدراً ذا سيادة مع عنصر تلاقي المصالح، سيكون عماداً لمنظومة إقليمية مستقرة تستند إلى المصالح المشتركة للجميع».   
ورغم أن العراق يقيم علاقة جيدة مع إيران ويعلن قادته حرصهم على تنميتها في مختلف المجالات لكن المشكلة سواء في العلاقة العراقية - العربية أم العراقية - الإيرانية لا تكمن في الجوانب الرسمية السياسية والاقتصادية بقدر ما تكمن فيما فوق وتحت هذه الجوانب. ففي الوقت الذي يفتقر المحيط العربي إلى ما يمكن أن يطلق عليه لوبيات ضغط داخل العراق من شأنها المساهمة في تفعيل العلاقات العراقية - العربية، فإن إيران تملك ليس فقط لوبيات ضغط سياسية بل هناك فصائل مسلحة قريبة منها أو موالية لها.
مع ذلك فإن العلاقات العراقية مع المحيط العربي بدأت توضع ولأول مرة على السكة الصحيحة بعد عام 2003. وفي هذا السياق يقول السياسي العراقي والأكاديمي البارز الدكتور نديم الجابري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إنه «في الوقت الذي ينبغي أن تنقلب المعادلة على صعيد العلاقة العراقية مع محيطيه العربي والإسلامي باتجاه بناء علاقات تحالف استراتيجي مع العرب مقابل علاقات حسن جوار مع إيران وتركيا» فإن المعادلة تبدو مقلوبة الآن لصالح المحيط الإسلامي على حساب المحيط العربي. فبالإضافة إلى العلاقة مع إيران سياسياً واقتصادياً وميادين أخرى فإن العلاقة مع تركيا هي الأخرى متميزة على الصعيد الاقتصادي لجهة كون الميزان التجاري بين العراق وتركيا يبلغ نحو 12 مليار دولار ومع إيران نحو 10 مليارات دولار، بينما لا يبلغ ربع هذا المبلغ مع أي دولة عربية.
الجابري يرى أن «أول من بادر إلى إقامة علاقات جيدة مع العرب هو رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، تلاه في خطوات محدودة عادل عبد المهدي لكن الذي مضى بعيداً هو رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي». وفيما يعزو الجابري ذلك إلى «علمانية الكاظمي التي تجعله يتحرك بدلالة الهوية القومية لا المذهبية» فإنه يرى أن «من بين أهم أسباب القطيعة العراقية - العربية بعد عام 2003 هي دلالات الهوية حيث إن حكومات ما بعد 2003 حكمت العراق بدلالات المذهب لا القومية العربية، وأن عملية توظيف الهوية المذهبية بدت واضحة منذ انتخابات عام 2005». ويضيف الجابري أن «حكومة الكاظمي وإن كانت تحاول لكنها ربما لن تتمكن من المضي حتى النهاية في حال عقدت اتفاقيات تحتاج إلى غطاء تشريعي مع الدول العربية، حيث لا تزال الأصوات الرافضة للتطبيع مع العرب غير قليلة وإن كانت ليست مثلما كان عليه الأمر الذي يجعل علاقة العراق مع العرب الآن تتجه نحو التبريد بعد أن كانت تمر في مرحلة سخونة ورفض كبير».
أما عميد كلية العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور خالد عبد الإله فيرى من جهته في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك معادلات جديدة إقليمية ودولية في الشرق الأوسط بدأت تنعكس بشكل أو بآخر على الداخل العراقي سواء لأخذه إلى محور معين أم جعله نقطة توازن». وأضاف عبد الإله أن «هناك رغبة عربية في أن ينفتح العرب على العراق وينفتح العراق على العرب وهو أمر بات يتحدث عنه الطرفان سواء في بغداد أم العالم العربي».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.