محكمة إسرائيل العليا تؤجل قرارها بشأن منع حنين زعبي من الترشح للكنيست

استطلاعات الرأي تمنح القائمة المشتركة للأحزاب العربية 13 مقعدا

محكمة إسرائيل العليا تؤجل قرارها بشأن منع حنين زعبي من الترشح للكنيست
TT

محكمة إسرائيل العليا تؤجل قرارها بشأن منع حنين زعبي من الترشح للكنيست

محكمة إسرائيل العليا تؤجل قرارها بشأن منع حنين زعبي من الترشح للكنيست

نظرت المحكمة العليا الإسرائيلية، أمس، في قضية المصادقة على منع خوض النائبة العربية حنين زعبي انتخابات الكنيست المقبلة في 17 مارس (آذار) القادم، الذي أقرته لجنة الانتخابات المركزية، وقررت النطق بالقرار في موعد أقصاه الأحد المقبل.
وقالت حنين زعبي، النائبة في الكنيست المنتهية ولايته، للصحافيين بعد انتهاء النقاش في المحكمة: «أنا لا أظن أن المحكمة ستوافق على شطبي من الانتخابات».
وكانت لجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية في الكنيست قد قررت الخميس الماضي منع حنين زعبي من الترشح للانتخابات المقبلة، بحجة أنها «تدعم نشاط بعض المنظمات الإرهابية».
وأكدت زعبي للصحافيين أنها تمثل «نضالا شعبيا، وإجماعا فلسطينيا وعالميا»، لكن بعض الشبان من اليمين المتطرف هتفوا في ساحة المحكمة «إرهابية يجب عليك أن تخرجي من الكنيست.. فنحن لا نريد مخربين في الكنيست». وأشارت زعبي إلى أن النقاش «كان في جو عنصري يتحدث عن أنني أهدم جدار التعايش، وكأنه لا توجد قوانين عنصرية في هذه الدولة».
كما أجلت المحكمة النطق بقرارها في قضية قرار لجنة الانتخابات منع الناشط اليميني المتطرف باروخ مارزل من خوض الانتخابات، والمرشح في قائمة «ياحد»، التي يرأسها عضو (شاس) السابق إلى يشاي، بسبب تحريضه العنصري.
وكان مركز «مساواة»، بتعاون مع ائتلاف مناهضة العنصرية، قد طالب لجنة الانتخابات المركزية بمنع باروخ مارزل من خوض الانتخابات بدعوى التحريض العنصري، مدعما ذلك بتصريحات له ولدوره كناشط في حركة «كاخ» العنصرية، التي منعت بحسب القانون الإسرائيلي.
وعلى صعيد متصل بالانتخابات الإسرائيلية، تشير استطلاعات الرأي إلى أن القائمة المشتركة، التي تضم الأحزاب العربية الوطنية في إسرائيل، تحصل على ما بين 12 و13 مقعدا بشكل ثابت من أسبوع إلى آخر، لكن رئيس القائمة، المحامي أيمن عودة، أعلن أنه يسعى مع رفاقه في قيادة القائمة للفوز بما لا يقل عن 15 مقعدا، أي ما يعادل ثمن أعضاء الكنيست (البرلمان الإسرائيلي).
وقال عودة في حديث خاص مع «الشرق الأوسط» إن الشهر المتبقي للحملة الانتخابية، سيكون حاسما لرفع نسبة التصويت بين العرب، وبين المؤيدين اليهود، والوصول إلى 15 مقعدا، وأضاف موضحا: «على الرغم من الهجمة العنصرية التي تتعرض لها القائمة، خصوصا من حزب (إسرائيل بيتنا)، فإن التأييد للقائمة يتسع، وهناك آفاق كبيرة لرفع نسبة التصويت بشكل كبير، وبالتالي الوصول إلى وضع تكون فيه القائمة المشتركة ثالث أكبر الكتل، بعد الليكود والمعسكر الصهيوني.
وكان عودة يتكلم بعد انتهاء الجلسة الأولى لمحكمة العدل العليا في القدس، أمس، حيث تم البحث في قرار لجنة الانتخابات المركزية شطب ترشيح النائبة الزعبي، بدعوى تصريحاتها المتطرفة، ورفضها اعتبار الخاطفين الفلسطينيين للمستوطنين الثلاثة في الصيف الماضي «إرهابيين».
وقال المحامي محمد دحلة، الخبير في قضايا الحريات، إن الاتجاه يبدو واضحا في المحكمة، إذ إنها سترفض في الغالب قرار لجنة الانتخابات.
والمعروف أن عدد من يملكون حق الاقتراع في الانتخابات القادمة يبلغ 5.3 مليون ناخب (عدد سكان إسرائيل 8.2 مليون نسمة)، وأن نسبة العرب منهم 15 في المائة. ومن الناحية النظرية فإنهم يستطيعون إيصال 18 نائبا إلى الكنيست. لكن نسبة التصويت لديهم متدنية (58 في المائة) بالمقارنة مع المصوتين اليهود (نحو 70 في المائة بشكل عام، ونسبة تتراوح ما بين 80 في المائة - 90 في المائة بين المتدينين والمستوطنين). ولكي يحصل العرب على 18 مقعدا فإنهم يحتاجون إلى رفع نسبتهم لتتساوى مع نسبة اليهود، وتوجيه كل قوتهم لصالح القائمة المشتركة. وتسعى القائمة المشتركة إلى رفع نسبة التصويت إلى 70 في المائة، علما بأن التقديرات تشير إلى أن نسبة التصويت لدى اليهود سترتفع أيضا إلى نسبة 78 في المائة.
وفي هذه الحالة، وإذا افترضنا أن 82 في المائة من الناخبين العرب سيصوتون للقائمة المشتركة، مثلما حصل في الانتخابات الأخيرة سنة 2013 (18 في المائة صوتوا للأحزاب اليهودية)، فإنهم سيصلون إلى 14 – 15 مقعدا، حسب بعض المراقبين.
ويؤكد أيمن عودة أن ارتفاع عدد النواب من 11 نائبا حاليا إلى 15 نائبا سيسجل كانتصار حقيقي لهذا القائمة، وسيكون بمثابة دفعة قوية جدا إلى الأمام في معركة العرب من أجل إزالة الاحتلال، وتحقيق السلام والمساواة في الحقوق. وقال بهذا الخصوص: «قبل شهرين فقط كان أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب (إسرائيل بيتنا)، يطمح بألا يرى عربا في الكنيست، وقاد معركة جعلت نسبة الحسم ترتفع إلى 3.25 من الأصوات الصحيحة، على اعتبار أن الحزب الذي لا يحرز هذه النسبة لا يحسب في توزيع المقاعد. وعليه فقد تحالفنا أولا لنواجه هذا الخطر. ولكن منذ ذلك الوقت حصلت تطورات كبيرة تعطينا فرصا أكثر. فليبرمان نفسه أصبح يتراجع في استطلاعات الرأي منذ الكشف عن تورط 35 من قادة حزبه في أعمال فساد واحتيال، وقد انهار عمليا من 13 مقعدا الآن إلى 5 – 6 مقاعد. وقد يتحول قانون رفع نسبة الحسم إلى مقبرة لليبرمان وحزبه، اللذين بادرا إلى القانون ويصارعان حاليا على تجاوز الحسم.
كما أشار عودة إلى أن الاستطلاعات تؤكد «أننا سنحصل على 12 و13 مقعدا، مما يعني أننا سنكون ثالث أكبر الكتل، ونتولى منصب رئيس المعارضة. وثالثا فإن وجود كتلة كبيرة كهذه سيفرض نفسه على الكنيست، وسيؤتي ثماره بالتأثير على مصدر القرار الإسرائيلي».
الجدير ذكره أنه في سنة 1992 عندما أقيمت حكومة إسحاق رابين، شكل العرب بقيادة الشاعر توفيق زياد، جسما منيعا يقف سدا أمام ائتلاف مشكل من اليمين، وبالمقابل، تعهد رابين بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، والجنوح نحو عملية سلام، وقد صدق رابين، يومها، وأوفى بوعوده.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».