3 نكسات انتخابية موجعة لليسار في أميركا اللاتينية

في انتخابات الرئاسة بالإكوادور والبيرو... ومجالس الولايات في بوليفيا

3 نكسات انتخابية موجعة لليسار في أميركا اللاتينية
TT

3 نكسات انتخابية موجعة لليسار في أميركا اللاتينية

3 نكسات انتخابية موجعة لليسار في أميركا اللاتينية

في الوقت الذي تتحوّل فيه أميركا اللاتينية إلى البؤرة الرئيسية العالمية لانتشار جائحة «كوفيد 19». وعلى رأسها البرازيل التي أوشكت أن يزيد عدد ضحايا الجائحة فيها عن عدد الولادات، شهد 3 دول من هذه المنطقة انتخابات رئاسية وتشريعية وإقليمية نهاية الأسبوع الفائت. نتائج هذه الانتخابات أظهرت عودة الأحزاب اليمينية والمحافظة إلى واجهة المشهد السياسي، بعدما كانت القوى اليسارية والتقدمية قد أحرزت انتصارات بارزة في المكسيك والأرجنتين، معلنة عودة الحياة مجدداً إلى «محور اليسار» الذي كاد يكون مقتصراً على كوبا وفنزويلا إثر الانقلاب الذي أطاح إيفو موراليس في بوليفيا.
في الإكوادور، تمكّن المرشّح اليميني غييرمو لاسّو من انتزاع فوز ثمين ومفاجئ على منافسه آندريس آراوز الذي كان يدعمه الرئيس الأسبق اليساري رافاييل كورّيا، الفارّ من وجه العدالة هرباً من ملاحقات قضائية بتهمة الفساد. ولقد نال لاسّو 52.52 في المائة من الأصوات مقابل 47.48 في المائة لمنافسه، بعدما استقطب تأييد نسبة عالية من أصوات السكان الأصليين الذين يشكّلون مجموعة انتخابية وازنة في الإكوادور. وبينما ترجح استطلاعات الرأي فوز المرشحة المحافظة كبكو فوجيموري بجولة الإعادة الحاسمة في انتخابات الرئاسة بالبيرو على حساب منافسها اليساري الذي تصدر الدورة الأولى بفارق بسيط، مُنيت قوى اليسار بنكسة موجعة في الانتخابات الإقليمية في بوليفيا.
أما القاسم المشترك الثاني المهم في خلفية هذه النكسات لليسار فهو تزايد أهمية الثقل السياسي لشعوب السكان الأصليين. وما يستحق الذكر أنه في البيرو وبوليفيا والإكوادور بعض أعلى نسب السكان الأصليين من مجموع السكان في قارة أميركا الجنوبية.
كان غييرمو لاسّو قد بنى حملته الانتخابية في الإكوادور على كونه «مرشّح التغيير» الذي سيضع حداً لـ14 سنة من الحكم الاشتراكي الذي بدأ مع رافاييل كورّيا في أوج الصعود الحديث لليسار الأميركي اللاتيني... لينتهي بولاية لينين مورينو الذي تدنّت شعبيته إلى 6 في المائة فقط في الأشهر الأخيرة.
كذلك ركّز لاسّو استراتيجية حملته الثالثة للانتخابات الرئاسية على تحالف عقده مع الحزب الاجتماعي المسيحي لتمتين قاعدته في المناطق الساحلية التي تشكّل عادة الخزّان الرئيسي لدعم المرشحين للرئاسة، شعبياً ومالياً، كونها القاطرة الاقتصادية للبلاد، وقاعدتها مدينة غواياكيل، كبرى مدن الإكوادور وميناؤها الأول. والواقع أن لاسّو يحمل تجربة اقتصادية طويلة وناجحة، تولّي خلالها رئاسة مصرف غواياكيل، أكبر المصارف في البلاد، ويملك مجموعة من الشركات التي توفّر ما يزيد عن 100 ألف فرصة عمل. وهو يذكّر دائماً «بعصاميّته»، إذ إنه بدأ العمل وهو ما زال في الرابعة عشرة من عمره بين 11 شقيقاً، هو أصغرهم، وهو المواطن الذي يدفع أكبر قدر من الضرائب لخزينة الدولة.
وبدا واضحاً من التصريحات الأولى التي أدلى بها الرئيس الجديد الذي سبق له أن ترشّح للرئاسة في العامين 2013 و2017، أنه يدرك تماماً صعوبة المهمة التي تنتظره في بلد يعاني من انقسام سياسي واجتماعي حاد، ويرزح تحت وطأة جائحة «كوفيد 19». إذ قال: «أنا أعرف جيداً أنه من الصعب أن ننجز كل ما نصبو إليه، لكن على الأقل سنوقف اندفاع البلاد منذ 14 سنة نحو الهاوية، ونفتح فرصاً واسعة أمام النمو وتحقيق الاستقرار». وأضاف: «لقد أصبح بإمكاننا اليوم أن ننام بسلام وهدوء. وأنا لا أحمل قائمة بأسماء الذين أريد ملاحقتهم أو زجّهم في السجون. بل أريد أن يمارس الجميع حقوقهم ومسؤولياتهم بحريّة، من دون أن يخافوا الحكومة»، في إشارة إلى القمع الذي شهدته القوى المعارضة طوال الولايات الرئاسية اليسارية الأخيرة.

وضع اقتصادي كارثي
تعاني الإكوادور التي سيتسلّم لاسّو قيادتها يوم 24 مايو (أيار) المقبل من اقتصاد على شفا الانهيار منذ سنوات يعتمد الدولار الأميركي عملة منذ العام 1999. وذلك بعدما فرض عليها صندوق النقد الدولي التخلّي عن عملتها الوطنية «السوكريه» لكبح التضخم الجامح والدين العام الذي تجاوز 93 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
وكانت الأزمة الاقتصادية في الإكوادور قد بلغت أوجها في العام 1998 عندما أفلست 4 مصارف كبرى خلال أسبوع واحد. واضطرت الحكومة إلى الرضوخ لشروط صندوق النقد الدولي الذي فرض «دولَرة» الاقتصاد لوقف التضخم الذي بدأ بالتراجع في العام 2003 ليستقرّ في أدنى المستويات منذ العام 2015. وتجدر الإشارة أن الرئيس الأسبق رافاييل كورّيا، وهو خبير اقتصادي مرموق «يحمل الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة إيلينوي الأميركية المرموقة»، قد أطلق شعار «اشتراكية القرن الحادي والعشرين» في أميركا اللاتينية، كان قد انتقد بشدّة فرض الدولار، لكنه عاد وقرّر الإبقاء عليه بعدما لمس تأييداً شعبياً واسعاً لهذا التدبير، معترفاً بأن التخلي عن الدولار سيؤدي إلى فوضى اقتصادية واجتماعية.
اليوم، يرى الخبراء أن العقبة الرئيسة التي تواجه لاسّو لتحقيق الوعود التي أطلقها في برنامجه الانتخابي هي تحديداً «دولَرة» الاقتصاد التي تمنع الدولة من طباعة العملة الوطنية، وعجز الدولة عن تحصيل الموارد الكافية بالدولار لتمويل إنفاقها، ولا سيما بعد تراجع أسعار النفط الذي يشكّل العماد الأساسي للاقتصاد الإكوادوري. يضاف إلى ذلك أن «الدولَرة» تحدّ من القدرة التنافسية في الأسواق الخارجية وتمنع خفض قيمة العملة الذي تلجأ إليه الحكومات لتغطية العجز في ميزان المدفوعات. وبالتالي، تضطر الدولة إلى اتخاذ تدابير تقشفية أو الاقتراض الذي يأتي عادة مصحوباً بشروط اقتصادية واجتماعية قاسية. ما يذكر أن العجز في ميزان مدفوعات الإكوادور بلغ 6 في المائة من إجمالي الناتج القومي العام الماضي. وحسب تقديرات البنك الدولي - الذي وافق أخيراً على تأجيل سداد ديون الإكوادور 4 سنوات – ستكون الإكوادور، إلى جانب الأرجنتين، آخر البلدان في أميركا اللاتينية التي ستخرج من «المنطقة الحمراء». كذلك، تجدر الإشارة أن نسبة الفقر في البلاد تقارب 30 في المائة، بينما لا يتجاوز متوسط الدخل 300 دولار شهرياً، أي أقل من نصف تكلفة الخدمات الأساسية لأسرة من 4 أشخاص.

رئيس من دون غالبية برلمانية
إلى كل ذلك، يضاف أن الرئيس الجديد سيحكم من دون غالبية في البرلمان، إذ نال حزبه نسبة ضئيلة في الانتخابات العامة التي أجريت في فبراير (شباط) الفائت. وعليه، سيجد نفسه مضطراً للتفاوض مع حزب السكان الأصليين «باتشاكوتيك» الذي حلّ في المرتبة الثانية بعد حزب منافسه اليساري آراوز «الاتحاد من أجل الأمل» الذي يشكّل القوة الرئيسة في مجلس النوّاب. ويدرك لاسّو مدى صعوبة التفاوض مع حزب السكان الأصليين الذين حققوا أفضل نتيجة لهم في الانتخابات الأخيرة، وكانوا القوة الأساسية التي قادت الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها الإكوادور في العام 2019 قبل أن تخمدها جائحة «كوفيد 19». وما يستحق الذكر أن السكان الأصليين كانوا في الماضي أيضاً الحليف الأساسي للرئيس الأسبق كورّيا، قبل انقلابهم عليه عندما لم يتجاوب مع مطالبهم الاجتماعية لتنمية المناطق التي يعيشون فيها ومنحهم صلاحيات أوسع لإدارة هذه المناطق.
واليوم، يجمع المراقبون على أن هذا الفوز المفاجئ الذي حققه لاسّو بعد الانتخابات التشريعية التي حصد فيها اليسار والسكان الأصليون غالبية المقاعد في البرلمان، يعود بشكل أساسي إلى المشاعر المناهضة لكورّيا الذي كان يقف وراء مرشّح اليسار، والذي كان القضاء قد حكم بسجنه 8 سنوات بتهمة الفساد وجرّده من حقوقه في تولّي مناصب عامة.
عودة عائلة فوجيموري في البيرو

الانتخابات الرئاسية الأخرى التي شهدت أيضاً عودة اليمين إلى صدارة المشهد السياسي أجريت في البيرو، إلا أنها لم تحسم في الجولة الأولى بانتظار يوم 6 يونيو (حزيران) المقبل، موعد الجولة الثانية، التي سيتواجه فيها الزعيم النقابي والمدرّس الريفي بيدرو كاستيو والمرشحة اليمينية كيكو فوجيموري، الابنة الكبرى للرئيس الأسبق ألبرتو فوجيموري المتحدّر من أصول يابانية.
كانت فوجيموري قد سارعت إلى استنهاض القوى اليمينية والمحافظة للالتفاف حولها بعدما أظهرت كل الاستطلاعات أن كاستيو المعروف بمواقفه اليسارية المتطرفة وخطابه الشعبوي سيجتاز اختبار المرحلة الأولى. ومن ثم، استعادت الخطاب اليميني المتطرف الذي تميّز به والدها مؤسس حزب «القوة الشعبية»، وقالت في نداء إلى الناخبين المحافظين: «لم نعد أمام اختيار شخص أو اسم أو شعار أو حزب سياسي. نحن اليوم أمام اختيار البلد الذي نريد. أوجّه هذا النداء إلى كل الذين يؤمنون بالاستثمار الخاص ولا يريدون أن تتحوّل البيرو إلى كوبا أو فنزويلا. علينا أن نتصدّى للشعبويين ولليسار الراديكالي، وأنا على يقين من أن الناخبين والمرشحين سينضمّون إلينا في هذه المعركة».
المنافسة بين القوى المحافظة فازت بها فوجيموري خلال الجولة الأولى لتنتقل إلى مواجهة المرشح اليساري في يوم الحسم، إذ حلّت ثانية فوجيموري بنسبة 13.8 في المائة من تأييد الناخبين، مقابل 18.6 في المائة لكاستيو. وحقاً، أعلنت معظم القوى اليمينية والمحافظة انضمامها إلى فوجيموري بعد الإعلان الرسمي عن حصر المنافسة في الجولة الثانية بينها والمرشح اليساري.

لا تفاؤل باستقرار قريب
وعما يحمله المستقبل، يقول المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة ليما، رودريغو روميرو: «هذه الانتخابات تضع البيرو أمام مرآة تعكس بوضوح الانقسام العميق الذي تعيشه البلاد منذ سنوات. هناك رؤيتان مختلفتان تماماً؛ الأولى لزعيم نقابي من أعماق الريف يمثّل الذين اصطلح على تسميتهم بالمنسيين، واليسار المتطرف الذي رغم تطرّفه يحمل أفكاراً رجعية على الصعيد الاجتماعي، خاصة ما يتعلّق بحقوق المرأة. والثانية رؤية المرشحة التي تؤيدها الطبقة الميسورة التي ترعى النموذج الإنمائي الحالي والممارسات غير الديمقراطية التي ميّزته حتى الآن. وأخشى أن هذه الصورة تنذر بالاضطراب والقلاقل، أياً كان الفائز في الجولة الثانية».
تجدر الإشارة إلى أن البيرو، منذ سنوات... تخرج من أزمة عميقة لتدخل في أخرى أعمق منها، حتى إنه تعاقب على قيادتها 4 رؤساء خلال أقل من 5 سنوات. ثم إن إدارتها لجائحة «كوفيد 19» كانت بين الأسوأ في أميركا اللاتينية والعالم، وتوّجتها أخيراً فضائح اللقاحات التي حصل عليها كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين بطرق غير مشروعة خارج الخطة والمعايير المعتمدة، وأدّت إلى استقالة وزيرة الصحة وعدد من معاونيها.
من ناحية أخرى، أكثر من ثلث سكان البيرو يعيشون دون خط الفقر، و70 في المائة من القوى العاملة تنشط في القطاع غير المنظّم، في حين يرتفع منسوب الاحتجاجات الشعبية التي اقتضت أخيراً تكليف القوات المسلحة حفظ الأمن في المدن الرئيسة. وهذا ما يدفع بكثير من المراقبين إلى القول إن الفائز في الانتخابات الرئاسية، كائناً من كان، لن يتمكّن من إتمام ولايته، على غرار ما حصل للرؤساء السابقين.
وهنا، يعتبر بعض المراقبين أن هذا المشهد السياسي المعقّد يعود إلى العام 2016 عندما رفضت كيكو فوجيموري هزيمتها في الانتخابات الرئاسية بعد فوز حزبها بغالبية المقاعد النيابية، وسعت إلى ممارسة الحكم الفعلي من البرلمان. وهو ما اضطر رئيس الجمهورية آنذاك مارتين فيسكارّا - الذي كان قد خلف الرئيس المستقيل بسبب تهم الفساد - إلى حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة أسفرت عن تكاثر غير مسبوق في عدد الأحزاب الممثلة في البرلمان، ولّد شبه استحالة في إدارة شؤون البلاد.
في المقابل، يرى آخرون أن الانهيار الذي يواجه المؤسسات والأحزاب السياسية في البيرو ليس سوى ثمرة السياسات والتعديلات الدستورية التي فرضها ألبرتو فوجيموري عام 1993، والتي وفّرت أرضاً خصبة لسلسلة طويلة من فضائح الفساد، التي زعزعت مؤسسات الدولة وقوّضت صدقية الأحزاب والطبقة السياسية.
في أي حال، بانتظار الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي ترجّح الاستطلاعات فوز فوجيموري بها، ويجمع المحللون على أن الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البيرو سيبقى هدفاً بعيد المنال. وثمّة من يخشى تنامي مشاعر الحنين إلى الحلول العسكرية التي عرفت ازدهاراً كبيراً في هذه المنطقة خلال النصف الأخير من القرن الماضي.



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.