إدارة أوباما تعتزم استئناف حكم قضى بتعليق خطتها في مجال الهجرة

محكمة فيدرالية أمرت بتوقيف إجراءات منع ترحيل ملايين المقيمين بطرق غير قانونية

أوباما لدى اجتماعه مع مجموعة من «الحالمين» (مهاجرون جرى جلبهم عندما كانوا أطفالا) في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في 4 فبراير الحالي (أ.ب)
أوباما لدى اجتماعه مع مجموعة من «الحالمين» (مهاجرون جرى جلبهم عندما كانوا أطفالا) في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في 4 فبراير الحالي (أ.ب)
TT

إدارة أوباما تعتزم استئناف حكم قضى بتعليق خطتها في مجال الهجرة

أوباما لدى اجتماعه مع مجموعة من «الحالمين» (مهاجرون جرى جلبهم عندما كانوا أطفالا) في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في 4 فبراير الحالي (أ.ب)
أوباما لدى اجتماعه مع مجموعة من «الحالمين» (مهاجرون جرى جلبهم عندما كانوا أطفالا) في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في 4 فبراير الحالي (أ.ب)

تعتزم إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما استئناف حكم قضائي قضى بتعليق العمل بخطتها الرامية لتسوية وضع ملايين المهاجرين غير القانونيين. وأوضح البيت الأبيض أمس أن وزارة العدل ستقدم طلب الاستئناف أمام الدائرة الخامسة بمحكمة الاستئناف في ولاية نيوأورليانز.
وكان أوباما أعلن في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أن إدارته ستمنح تراخيص عمل لثلاث سنوات لنحو خمسة ملايين شخص أوضاعهم غير قانونية من أصل نحو 11 مليونا موجودين في البلاد. وفي قرار صادر مساء أول من أمس علق القاضي اندرو هانن في محكمة براونزفيل بتكساس (جنوب) تطبيق الإجراءات حتى يبت القضاء فيها على خلفية شكوى رفعتها تكساس و25 ولاية أخرى يقود معظمها جمهوريون يعتبرون أن تسوية أوضاع هؤلاء مخالفة للقانون. ورد المتحدث باسم البيت الأبيض أمس «أن وزارة العدل وأخصائيين في القانون وخبراء في الهجرة ومحكمة واشنطن الفيدرالية اعتبرت أن قرار الرئيس يدخل تماما في إطار صلاحياته»، معتبرين «أن قرار القاضي الفيدرالي يخطئ في منع تطبيق هذه الخطة القانونية والمعقولة ووزارة العدل أعلنت أنها ستطعن فيه».
وأقامت نحو 26 ولاية على رأسها تكساس وحاكمها الجمهوري جريج أبوت دعوى قضائية ضد الإدارة لوقف تلك البرامج قائلين بأن أوامر أوباما تمثل انتهاكا للقيود الدستورية على سلطاته. ووصف حاكم ولاية تكساس قرار القاضي الفيدرالي بأنه «انتصار للدستور» وقال: «هذا الحكم يحافظ على الدستور ويحمي سيادة القانون». وكان من المقرر أن يبدأ سريان بعض الإجراءات التنفيذية التي اتخذها الرئيس أوباما لمنع المهاجرين غير الشرعيين من الترحيل اليوم الأربعاء بحيث يتم تطبيقه على الأطفال وهم الجزء الأساسي من خطة أوباما وتمتد إجراءات منع الترحيل لتحمي الوالدين الذين أقاموا في الولايات المتحدة لعدة سنوات وكان من المقرر أن يبدأ سريان الجزء الثاني من القانون في 19 مايو (أيار) المقبل.
ويبدو أن الدوائر الأميركية ستشهد معركة قانونية وأخرى سياسية، حيث يُرجح أن يستغل الجمهوريون في الكونغرس قضية الهجرة خلال حملة الانتخابات الرئاسية في 2016. ورحب الجمهوريون بقرار القاضي الفيدرالي في تكساس وأشاروا إلى مخاوفهم من أن تكون الإجراءات التنفيذية التي اتخذها الرئيس أوباما حول الهجرة قد تجاوزت الحدود القانونية. وهدد الجمهوريون بوقف تمويل وزارة الأمن الداخلي (التي تشرف على الهجرة) ما لم تتراجع الإدارة عن تلك الإجراءات المتعلقة بالهجرة. وقال جون بوينر رئيس مجلس النواب «الرئيس قال 22 مرة إنه لا يملك السلطة لاتخاذ إجراءات حول الهجرة لكنه قام بذلك في نهاية المطاف وليس غريبا أن محكمة واحدة على الأقل اعترضت على إجراءاته». وأوضح رئيس مجلس النواب أن الجمهوريين سيواصلون متابعة القضية وهي تتحرك من خلال الإجراءات القانونية.
وبدوره، قال بوب غودلات رئيس لجنة العدل في مجلس النواب بأن «بتصرفه الأحادي الجانب لإعادة صياغة قوانيننا بشأن الهجرة استخف الرئيس أوباما بإرادة الأميركيين وانتهك الدستور»، مضيفا: «لا يمكننا السماح لرجل بتعطيل القوانين المرعية بمجرد توقيع أو مجرد اتصال».
كما قال زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل «آمل أن يقوم الديمقراطيون في مجلس الشيوخ بمعارضة هذا التجاوز في الإجراءات التنفيذية (التي قام بها أوباما) حتى نبدأ النقاش حول مشروع تمويل وزارة الأمن الداخلي».
وفي الكونغرس يفترض أن يصوت البرلمانيون بحلول 27 فبراير (شباط) الحالي على قانون لتمويل وزارة الأمن الداخلي التي تتبع لها أجهزة الهجرة، لكن القانون الذي صاغه الجمهوريون يتضمن تعديلات عدة من شأنها أن تبطل خطة أوباما لتسوية الأوضاع. وتضامنا مع الرئيس يعمل الديمقراطيون على عرقلة هذا النص لكن التأزم يبقى سيد الموقف مع اقتراب موعد التصويت.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.