اتصال بوتين والحريري استمر 50 دقيقة وتناول أوضاع لبنان والمنطقة

رئيس الوزراء الروسي أكد الاستعداد لتطوير العلاقات بين البلدين

TT

اتصال بوتين والحريري استمر 50 دقيقة وتناول أوضاع لبنان والمنطقة

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، على ضرورة تشكيلها في أسرع وقت، وذلك خلال اتصال هاتفي بين الطرفين استمر 50 دقيقة خلال زيارة عمل يقوم بها الحريري إلى موسكو.
وأعلن الكرملين في بيان أن الحريري أطلع الرئيس بوتين على تطورات الوضع في لبنان، والإجراءات المبدئية من أجل تشكيل الحكومة الجديدة وتخطي الأزمة الاقتصادية. وجرى التأكيد من قبل الجانب الروسي على موقف روسيا المبدئي في دعم سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه.
وأشار المكتب الإعلامي للحريري إلى أن الاتصال الذي جرى من مقر الضيافة التابع لوزارة الخارجية الروسية وبحضور المسؤولين في الوزارة والمبعوث الخاص للرئيس الحريري إلى روسيا جورج شعبان، عبر تقنية الترجمة الفورية، واستمر 50 دقيقة، تناول مجمل الأوضاع في لبنان والمنطقة.
وأجرى الحريري محادثات مع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين في مقر رئاسة الوزراء الروسية، تناولت آخر التطورات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين. وأكد رئيس الوزراء الروسي «أننا على استعدادنا للقيام بما يلزم لتطوير هذه العلاقات في مختلف المجالات في المرحلة المقبلة، بما يخدم مصلحة شعبينا».
وقال الحريري إن «لبنان اليوم يعيش في ضائقة اقتصادية واجتماعية وصحية صعبة جداً، زادها وطأة تفشي فيروس (كورونا)، ونحن نأمل منكم مساعدة لبنان في تأمين اللقاح الروسي الذي أثبت فعاليته، للبنانيين والمقيمين، خاصة أنه لدينا نحو مليون ونصف المليون لاجئ».
ورأى الحريري أن صعوبة الوضع الآن «تتمثل في تشكيل حكومة من الاختصاصيين لكي نقوم بكل الإصلاحات المطلوبة»، لكنه تعهد بأنه «حين نشكل الحكومة ونجري الإصلاحات اللازمة، نريدكم أن تعلموا أننا نرغب برؤية كل الشركات الروسية تأتي إلى لبنان لكي تستثمر فيه في المرافق الموجودة، سواء الكهرباء أو المرافئ أو الطرقات أو كل ما يتعلق بالبنى التحتية».
وأشار الحريري إلى أنه «بسبب الأزمة الاقتصادية، هناك فرص حقيقية لرجال الأعمال للاستثمار في لبنان بسبب انخفاض الأسعار، كما أنها فرصة للسياحة بعد الانتهاء من مشكلة (كورونا)».
وتركز اللقاء الذي وصفته مصادر الوفد اللبناني بـ«الممتاز»، على موضوع الأزمة الحكومية في لبنان، وجرى التشديد خلاله على ضرورة تشكيل الحكومة الجديدة بأسرع وقت ممكن. كما تطرق البحث إلى آفاق التعاون بين لبنان وروسيا في مجال مكافحة جائحة «كورونا» وإمكانية تزويد روسيا للبنان بكميات من اللقاح اللازم. وجرى التفاهم على مواصلة البحث بين الجانبين الروسي واللبناني للاستفادة من الدعم الروسي للبنان في مختلف المجالات وتسهيل الأرضية أمام الشركات الروسية للاستثمار في لبنان والشركات اللبنانية للاستثمار في روسيا.
وكثّفت روسيا تحركاتها باتجاه المسؤولين والقوى السياسية اللبنانية في الفترة الأخيرة، ودعمت وزارة خارجيتها المبادرة الفرنسية لتشكيل الحكومة اللبنانية، وحثت على تشكيل حكومة وتنفيذ الإصلاحات. وتقول مصادر لبنانية مواكبة للحراك الروسي، لـ«الشرق الأوسط» إن الطرف الروسي «داعم للاستقرار، ويولي أهمية لذلك، كما يولي أهمية بالغة لعدم انعكاس الأزمات اللبنانية على المشهد السوري الذي تضطلع فيه موسكو بدور فاعل».
وقال عضو «كتلة المستقبل» النائب محمد الحجار إن «روسيا من الدول التي تربطها بلبنان علاقات وثيقة، وتربطها بالحريري علاقات قوية، وزيارته في هذا الظرف بالذات ترتدي أهمية استثنائية، خصوصاً أن روسيا دولة مؤثرة في العالم، وفي المحيط الذي نحن فيه، وتربطها علاقات قوية كذلك مع أطراف سياسية لبنانية داخلية».
ولفت الحجار في تصريح لوكالة «سبوتنيك» إلى أن الحريري سيضع المسؤولين الروس في تطورات الأزمة السياسية الحكومية، وقال إن «الحريري وبانتظار أن يفرج رئيس الجمهورية ميشال عون عن مراسيم تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة، يقوم بما يمليه عليه واجبه الوطني تجاه بلده وأهله في السعي بزياراته الخارجية للدول الشقيقة والصديقة، وبما يتمتع به من علاقات وإمكانات مميزة يضعها في هذا الإطار تجسيداً لإرادة عنده، كما كانت عند والده الرئيس (الراحل) رفيق الحريري بتمتين خيمة الأمان على لبنان في هذه المرحلة الصعبة جداً في تاريخه».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.