رمضان ينعش حراك الأزياء في السعودية بعد سبات الجائحة

ازدهار الطلب على الملابس «التراثية»

من أعمال المصممة سميرة يوسف
من أعمال المصممة سميرة يوسف
TT

رمضان ينعش حراك الأزياء في السعودية بعد سبات الجائحة

من أعمال المصممة سميرة يوسف
من أعمال المصممة سميرة يوسف

أعاد شهر رمضان إحياء حراك تصميم الأزياء في السعودية، بعد سبات عاشه القطاع في مثل هذه الفترة من العام الماضي، حيث توقفت أنشطة المصممين بالكامل بسبب جائحة كورونا التي أبقت الناس في منازلهم لعدة فترات، وعطّلت الحفلات والأعراس، وأدخلت صناعة الأزياء في غيبوبة لأشهر.
عاد حراك تصميم الأزياء للانتعاش بقوة مع دخول شهر رمضان، خصوصاً أن رمضان هذا العام يتزامن مع بدء إجازة الصيف، إضافة لتزايد أعداد متلقي لقاح كورونا في السعودية، ما يطمئن العاملين في القطاع.
ويتنافس مصممو الأزياء السعوديون على إطلاق مجموعاتهم الجديدة، حيث يمتاز شهر رمضان بارتفاع الطلب على الملابس التراثية، وتحديداً الجلابيات، التي تشهد رواجاً بين الفتيات والسيدات وتمثل القطعة الأساسية في الشهر المبارك. ليس ذلك فقط، فهناك سلسلة من المواسم التي تلي رمضان، من عيد الفطر إلى موسم أعراس الصيف ثم عيد الأضحى.
ويظهر التعافي ما كشفته وزارة الثقافة في تقرير «الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية 2020»، الذي نشرته أواخر الشهر الماضي، من أنه مع فرض حظر التجول في 2020 انخفضت قيمة عمليات نقاط البيع في قطاع الملابس والأحذية في الربعين الأول والثاني، بشكل استثنائي، ثم عادت إلى مستويات أعلى في الأشهر التالية، حيث قفزت مبيعات الملابس والأحذية من 5 ملايين ريال في الربع الثاني إلى 9 ملايين ريال في الربع الرابع.
وترى المصممة السعودية الدكتورة سميرة يوسف أن آثار الجائحة ما زالت باقية، إلا أنها أخف بكثير من العام الماضي حين أغلقت صالات الأفراح، مؤكدة أن فساتين الأعراس والسهرة هي أهم القطع التي يحرص عليها المصمم. وتشير إلى عودة الانتعاش مع شهر رمضان الذي تقدم فيه جديدها في قطع مستوحاة من نقوش التراث السعودي، من جميع مناطق البلاد، بقصات حديثة.
وتؤكد يوسف، لـ«الشرق الأوسط»، أن السبب الرئيسي في انتعاش الأزياء مؤخراً، هو اهتمام وزارة الثقافة وتدشين هيئة خاصة معنية بالأزياء تعطلت بسبب جائحة كورونا في السنة الماضية، ولكن خلال بداية العام الحالي 2021، قامت بأنشطة عديدة وتوظيف عدد من المهتمين بالموضة، بعضهم مشهورون من خلال الإعلام، فنشروا عن طريق حساباتهم خطوات تقدم الهيئة وجديدها، كما تقول.
وكانت وزارة الثقافة أوضحت، في تقريرها السنوي، أن آثار جائحة «كوفيد – 19» والاستجابة لها هي المعلم الرئيس لحالة الإنتاج والنشاط الإبداعي في مجال الأزياء للعام الماضي، إذ لم ينحصر تأثير الجائحة في مردودها السلبي على الصناعة، إنما حفزت استجابة إبداعية من قبل الممارسين في المجال، وظهر ذلك في أشكال ومضامين لتصاميم جديدة تتناسب مع السياسات الوقائية المفروضة.
وألقت جائحة كورونا بظلالها على قطع الأزياء أيضاً، حيث يفيد التقرير بأن الكمامة أصبحت قطعة أساسية في أزياء العام الماضي، وأضيف إلى دورها الوقائي وظيفة جمالية، إذ قدمها المصممون السعوديون في أشكال وألوان متنوعة تناسب مختلف الأذواق، ثم تطور هذا التحول مع العودة التدريجية لما يُسمى الحياة الطبيعية.
وأشار تقرير الثقافة إلى أنه مع الاعتياد على البقاء في المنزل ازداد الميل إلى شراء الأزياء المريحة، وتبعاً لذلك اتجه مصممو الأزياء نحو البساطة في التصميم واختيار الأزياء ذات القصات الواسعة، ونوعية القماش المريحة، وكان للثياب التقليدية النسائية نصيب وافر لطبيعتها المريحة والأنيقة.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
TT

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل

يدرك الجزء الثالث من مسلسل «للموت» أنّ الخطأ ممنوع، ومع ذلك تلقّفته أخطاء على شكل مبالغات. حوَّل تونس أرضاً لبنانية - سورية، وأعاد بطلتيه «سحر»، ماغي بوغصن، و«ريم»، دانييلا رحمة، إلى عالم المافيا بحجّة واهية بعد توبة لم تدم. وهو كرّر المحفوظ غيباً في المسلسلات المشتركة: فتيات ومخدرات ورجال وسلاح ودولارات مُسددة بعشرات الآلاف لارتكاب جرائم. ذلك يحاكي جانب «الأكشن» ويضمن اشتعال الأحداث. جانبه الآخر أشدّ واقعية؛ إنسانه يمكن تصديقه.
على الورق أن يضمن مكاناً في المنافسة الرمضانية، فالمسلسل يطلّ بعد موسمين قالا الكثير. تُوزّع كاتبته نادين جابر سطورها بين الحقيقة والخيال. تتجرأ في الطرح وتُجدّد المقاربة، باستعمال «حيل» تصطدم أحياناً بالهشاشة. لِمَ تونس والمطاردات السوريالية في شوارعها؟ أهكذا تعود البطلتان إلى بحيرة الدم؟ ماذا عن «القوى الخارقة» و«الحاسة السادسة»، فتكشفان (خصوصاً «سحر») المستور والمعلن، ويقع جميع الرجال في غرامهما!
إنها الدراما ولا مفرّ من توابل تُنكّه الطبخة. هنا، يخرج المسلسل من كونه «واقعياً» ويسبح حيث تتكاثر الحيتان. هذا الموسم، تدخل امرأة على الخط؛ ويكاد عنصر اللعب مع الرجال يعلن خواتيمه لولا رغبة «شفيق» (اللافت كميل سلامة) بالانتقام. هذه المرأة هي «كارما» (أداء متفوق لورد الخال)، فتضرب بيد من حديد وتمسك الزمام، إلى أن يطال شرّها ابنتها فتُذعن للمصير.

ورد الخال تتألق بشخصية «كارما» (لقطة من المسلسل)

لم تعد بوغصن ورحمة تقفان أمام كاميرا فيليب أسمر بكونهما ممثلتين. تستبدلان بكيانهما الشخصيتين وتتوهّجان فيهما. تقدّمانهما على طريقة ذوبان السكر في الماء لبلوغ المحلول الواحد المُحلّى. الثلاثية مع الخال تتألق.
عوامل قوة المسلسل (إنتاج «إيغل فيلمز»، «MTV» و«شاهد») تغلب ثغراته. فالنص مشغول لحبس الأنفاس، وإن مرّت حلقات باردة. الحوارات بعيدة عن السطح. وهناك أشعار تُقال على ألسنة الشخصيات، وأوجاع وحكم حياة. يحدث ذلك أمام عين مخرج ينتشل الجمال من أقصى القهر. كادراته ناطقة واختياره لـ«اللوكيشنات» خلّاق. أمامه، يعطي الممثلون الإحساس الصائب والـ«ريأكشن» المطلوب، فلا تتكاثر الدعسات الناقصة حول الأقدام. فيليب أسمر فنان المسلسل.
خطايا «كارما» المتوارثة عن الأب تصيب العائلة بأسرها. تمتلئ الشخصية بدوافع ارتكاب الشر، من دون مبرر يمنح سلوكها أسباباً تخفيفية. لكنها إنسان، والبشر خَطَأة. فإلى جانب السوء، تستطيع الحب ولفرط كثافته يصبح مَرضياً تجاه الرجل وشبه هوسي تجاه ابنتها بعد موت ابنها ضحية الأثمان المترتّبة على الصفقات.
يحرص مهيار خضور ويامن الحجلي عن الانفعال الموزون. الأول يجيد التردد ومراجعة الحسابات، ثم الخلاص بالحب. والآخر فنان في غضبه وألم الذاكرة، يقلّب صفحات مضيئة عنوانها حب العُمر. خلطُ أوراق يعيدهما إلى المعدن الطيب قبل توحّش الظروف، فيتحالفان على الجَمعة بعد قطيعة.
ذلك العالم الفانتازيّ ظلّ شاهداً على مشاعر صادقة وعطف لا مشروط. «سحر» و«ريم» جدليتان في كل حالاتهما؛ في خصامهما وصُلحهما. وَقْعٌ فريد في الدراما العربية، غير مفهوم إلا لأمهات لم ينجبن ولأوفياء هم عملة نادرة في زمن الغدر. عنوان المسلسل «للموت»، منبعه عاطفة لا يبررها إلا القادرون على العطاء.

ثنائي البطولة من سوريا يامن الحجلي (يمين) ومهيار خضور (لقطة من المسلسل)

المقلب الواقعي يبلغ جماله الإنساني في رندة كعدي بشخصية «حنان». العطف وأمومة العالم في العيون والملامح واللسان والقلب. لم يعد الحي فقيراً وهجرت أحوال ناسه الويلات؛ مع ذلك، تعتصره المعاناة حيث المال يصطدم بمنغّصات الحياة ودورة الزمن على البشر؛ فيؤدي أحمد الزين مشهداً بديعاً لرجل بلا ذاكرة، تآكل بالألزهايمر، وتقدّم كعدي أنبل دروس مواجهة السرطان بإرادة التغلّب عليه، وسط عويل ختام اللحام البارعة وتكاتف الأسرة رغم الامتحانات القاسية.
تُلقي نادين جابر على وسام صباغ بشخصية «محمود» قيمتين إنسانيتين يؤديهما بالدمع: إسقاط النظرة الذكورية حيال المرأة المطلّقة، وإعلاء صوت المواطن الشريف. ومن باب الانتخابات النيابية، يُبيّن المسلسل مدى تجذّر الفساد اللبناني وقدرة أزلامه على سحق الأنقياء.
مرة أخرى، تؤكد الكاتبة حق الأم بحضانة أطفالها وإنْ انحازت القوانين للأب. ورغم مسحة الكآبة الطافحة على وجه دوجا حيجازي، فقد قدّمت آلام الأمهات المنسلخات عن أولادهن بالظلم والقوة. يمرّر المسلسل رسائل نبيلة بصوت صريح حيناً وبرمزية فنية حيناً آخر. لا يكتفي بالتحوّل مسرحاً لغلبة المبالغة وسطوة البطولات؛ بل يتبنّى مواقف ويُذكّر بقضايا تمسّ الصميم، تستوجب التحديث وإعادة النظر.
ينطبق على المسلسل عدُّه مسلسلَ كل شيء، ففيه خليط يخاطب الجميع. يصبح أبطاله بعضاً من الناس، الجدد منهم والقدماء. ريان حركة بشخصية «لميس»، أداء عفوي منساب، اختزالها مؤثر لثمن الزواج المبكر وتطوّر أفكار الإنسان. كارول عبود بدور «سارية» القناع الترفيهي لنفس طمّاعة تجيد إمساك تفاصيلها. فادي أبي سمرا حالة خاصة؛ ومن تونس فاطمة بن سعيدان بشخصية «جاكو» بطعم العسل.
يكتمل الأداء الجماعي مع فايز قزق ومحمد عقيل وعلي منيمنة وسحر فوزي ورانيا عيسى وساشا دحدوح وعلي سكر وروزي الخولي ومنير شليطا وسلطان ديب وأوس وفائي ومارلين نعمان... مع خليل أبو عبيد والطفلة تالين بورجيلي بشخصية «خلود» المُحمّلة عذابات الكبار.