أولمرت يلمح إلى احتمال زرع القنبلة في نطنز قبل 15 عاماً

انقسام حول تأثير تفجير المنشأة على مباحثات إنعاش الاتفاق النووي

TT

أولمرت يلمح إلى احتمال زرع القنبلة في نطنز قبل 15 عاماً

نسف رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، الروايات التي تجعل مسؤولين في محيط خليفته، بنيامين نتنياهو، يتباهون بتنفيذ عملية التفجير في منشأة نطنز الإيرانية، ملمحاً إلى أن العبوة الناسفة التي انفجرت هناك، يمكن أن تكون قد زرعت في زمن حكومته هو وليس حكومة نتنياهو.
وقال أولمرت، الذي قام عملاء الموساد، في عهده، بتدمير المفاعل النووي السوري في دير الزور، سنة 2008، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، نتنياهو، هو الذي بادر إلى تسريب الأنباء حول الهجمات ضد إيران، لأهداف تخدم مصالحه السياسية الشخصية. وقال أولمرت، في تصريحات لعدة وسائل إعلام عبرية، أمس الثلاثاء، إن «نتنياهو شخصية متعجرفة، ويتعمد تسريب الأخبار إما بشكل شخصي وإما من خلال العصابة المحيطة به، بقصد تحقيق أهدافه الحزبية، كأن يستخدمها للضغط على شركائه المحتملين في الائتلاف الحكومي، بإظهار أن الوضع الأمني غير مستقر، وأنه يمكن أن يتطور إلى حرب، أو كان يستخدمها لاستفزاز الأميركيين، في وقت دخولهم مفاوضات حول إبرام اتفاق جديد مع طهران، وربما تعطيل هذا الاتفاق». متهما نتنياهو بأنه «مستعد لبيع أمن إسرائيل من أجل تحقيق أمنه الشخصي»، وأنه شخصية «متغطرسة ومصابة بجنون العظمة»، وحذر من أنه «يكلف إسرائيل ثمناً باهظاً في العلاقات مع الولايات المتحدة سياسيا واقتصاديا».
وتكلم أولمرت عن تفجير نطنز، فلم يستبعد أن يكون ما جرى هو تفجير عبوة ناسفة زرعت داخل المنشأة. ولمح إلى احتمال أن يكون هذا الزرع قد تم في عهد حكومته (2005 - 2009)، وقال: «بكل تأكيد لم يكن هناك شخص اقتحم المنشأة النووية في نفس الليلة وزرع القنبلة، بالتأكيد قد تكون العملية تمت مسبقاً. لا أعرف ما حدث هناك ومن قام بالتفجير، سواء زرعت قبل عام أو آخر، أو قبل 10 أو 15 عاماً لا أعرف، مثل هذه الأشياء تحدث ويمكن أن تتخيل كل شيء». وأشار إلى أنه خلال فترة رئاسته للحكومة وبوجود مئير داغان في منصب رئيس جهاز المخابرات الخارجية (الموساد)، تم تنفيذ الكثير من العمليات المتنوعة والجوهرية.
وقال أولمرت: «فشلنا الأمني الخطير كان في سماحنا للقوات الإيرانية بالدخول إلى سوريا، فهي ليست بعيدة عن الحدود، نحن فوتنا فرصة إخراجها من سوريا، ووجودها هناك أكثر خطورة من التهديد النووي على المدى القصير».
وكان السياسيون والخبراء العسكريون والاستراتيجيون في إسرائيل قد فجروا نقاشات حادة فيما بينهم حول عملية التفجير في نطنز ومدى الفوائد أو الضرر من العملية نفسها، وكذلك من نشرها وتسريب تفاصيلها إلى الصحافة.
وقال محلل الشؤون العسكرية في «القناة 13» للتلفزيون الإسرائيلي، ألون بن ديفيد، إن «الضرر في نطنز يمكن أن يقوض النفوذ الإيراني في المحادثات مع الولايات المتحدة». وإن «المسؤولين في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأميركية أعربوا عن رضاهم عن الأضرار التي لحقت بالمنشأة». لكن محلل الشؤون العربية في «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، إيهود يعاري، اعتبر التسريبات عن مسؤولية إسرائيل عن حادثة نطنز، تقرب لحظة الحرب، «حيث لن يكون أمام طهران خيار سوى الرد بضربة عسكرية». وأشار يعاري إلى أن إيران ضبطت نفسها حتى الآن، رغم اغتيال محسن فخري زادة، نائب وزير الدفاع لشؤون الأبحاث والمسؤول النووي، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، والذي حملت مسؤوليته لإسرائيل، والضربات الإسرائيلية المتتالية في سوريا.
وقال إن المخابرات الإسرائيلية أعربت قبل عدة أشهر عن مخاوفها من أن إيران وصلت إلى نقطة الغليان وقد تطلق هجوما قريباً. وأضاف «عندما وصفوا الحادث بالإرهاب النووي، فهذا يعني أن أضرارا كبيرة لحقت بأجهزة الطرد المركزي ومخزونات اليورانيوم هناك. وهذا يحفزهم على الرد». وأكدت مصادر أمنية في تل أبيب أن «إيران تفتش عن أهداف تضربها ردا على إسرائيل». وقالت إن المخابرات قررت التحقيق في مصدر تسريب الأنباء عن دور إسرائيل في تفجير نطنز.
ويرى المؤيدون أنها تدعم الموقف الأميركي في المفاوضات على اتفاق نووي معدل. وقد جاء في ورقة عمل صادرة عن «معهد أبحاث الأمن القومي» في تل أبيب، أنه «رغم رغبة الجانبين في واشنطن وطهران بالتوصل إلى اتفاق كهذا، فإن الطريق إلى هناك مليئة بعقبات، واعتبر أن هذه المحادثات قد تنهار. والتفجير الذي نفذته إسرائيل في منشأة نطنز وألحق أضرارا كبيرة، قد يمس بمحادثات فيينا».
ونوه خبراء المعهد من أن إدارة الرئيس جو بايدن، «مستعدة اليوم للإصغاء إلى الادعاءات الإسرائيلية حول مضار اتفاق نووي جديد، ولذلك وافقوا على استقبال مسؤولين أمنيين إسرائيليين»، لكنهم حذروا من «إضرار إسرائيل بقدرتها على التأثير على الخطوات الأميركية (في المباحثات لإنعاش الاتفاق النووي)، إذا طرحت اعتراضات بالأساس».
ويوصي الخبراء ببلورة موقف إسرائيلي تجاه ما تسعى إليه الإدارة الأميركي في التوصل إلى «اتفاق أطول وأفضل» وأن «تكون المطالب المركزية: تمديد مدة الاتفاق، وضمن ذلك فحص المزاعم الإيرانية كل خمس سنوات، مع إمكانية التمديد، إبطاء ملحوظ وكبير في تطوير أجهزة طرد مركزي متطورة، والحصول على إجابات إيرانية لأسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي ما زالت مفتوحة، وتعزيز التفتيش الدولي». إضافة إلى وضع مطالب أخرى تتعلق بسياسة إيران الإقليمية، وفي مركزها «توضيح أميركي علني أن على إيران أن تسحب قواتها وميليشياتها و(حزب الله) من سوريا، ضمان استمرار وجود أميركي في العراق وسوريا، وتعزيز اتجاهات تقليص التأثير الإيراني في العراق ولبنان».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.