مهرجان للتزلج على الثلج بحضور جماهيري وإعلامي واسع

للمرة الأولى في الإقليم والعراق

وتخلل العروض إيقاد شعلة نارية على قمة الجبل مع غروب الشمس بوصفه تقليدا كرديا قديما
وتخلل العروض إيقاد شعلة نارية على قمة الجبل مع غروب الشمس بوصفه تقليدا كرديا قديما
TT

مهرجان للتزلج على الثلج بحضور جماهيري وإعلامي واسع

وتخلل العروض إيقاد شعلة نارية على قمة الجبل مع غروب الشمس بوصفه تقليدا كرديا قديما
وتخلل العروض إيقاد شعلة نارية على قمة الجبل مع غروب الشمس بوصفه تقليدا كرديا قديما

استضافت مدينة أربيل الكردية فعاليات المهرجان الأول للتزلج على الثلج التي شهدتها لأول مرة في تاريخها بحضور جماهيري وإعلامي واسع، وتضمن عروضا من لاعبين لبنانيين ورومانيين وبولنديين. بدأ المهرجان يوم الجمعة الماضي على قمة جبل كورك في شمال أربيل، الذي بلغ ارتفاعه 419 مترا فوق مستوى سطح البحر في جو اتسم بالبرودة وتساقط رذاذ الثلج طيلة النهار.
المهرجان بدأ بكلمة من طاهر عبد الله نائب محافظ أربيل ورئيس اللجنة العليا المشرفة على فعاليات أربيل عاصمة السياحة لعام 2014، حيث أكد فيها على أن هذا المهرجان «يعد الأول من نوعه في الإقليم والعراق، ويعد أحد الفعاليات الشتوية الكبيرة للاحتفاء باللقب السياحي لمدينة أربيل لهذا العام». وأوضح عبد الله أن استعدادات كثيرة جرت في سبيل إنجاح هذا المهرجان كما شكر عبد الله الشركات المنظمة لهذا المهرجان، مؤكدا أن مشاركة هذه الشركات من مختلف دول العالم «لهو دليل على ثقتها بالوضع الأمني المستقر في الإقليم، وعلى وجود مقومات سياحية كثيرة تؤهل أربيل لتنظيم الكثير من المهرجانات الكبيرة».
مدير المهرجان زيد بطيش قال في كلمة أثناء المراسم إن «شركة زت كروب أخذت على عاتقها تنظيم المهرجان مع فرق عالمية كبيرة متخصصة في رياضة التزلج على الثلج ومن دول كثيرة، منها كندا وبولندا ورومانيا، بالإضافة إلى لبنان». ولم يخف بطيش أن منظمي المهرجان «فوجئوا بالمقومات الموجودة في المكان والتي أنجحت إقامة المهرجان، حيث حققت نجاحا كبيرا بحضور أعداد كبيرة من المواطنين لمشاهدة العروض من أربيل ومختلف مدن ومحافظات العراق»، مؤكدا على «أنهم كانوا متخوفين أن لا يحقق المهرجان النتيجة المرجوة».
وبين بطيش أن الجو في أربيل وتحديدا في الموقع الذي اختير لإقامة هذا المهرجان كان مساعدا لإنجاحه وبالأخص بوجود الكثير من المنحدرات التي ساعدت على إكمال العروض بشكل جيد جدا، مؤكدا أن مستوى العرض أيضا كان جيدا ومر دون أي مصاعب.
وكان للمواطنين الذين حضروا العرض تفاعل كبير مع ما قدم خلال يومي المهرجان، وخصوصا ممن قدموا من خارج الإقليم من مدن وسط وجنوب العراق. مسرات (18 سنة) حيث كانت موجودة مع أهلها في العرض قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها قدمت من البصرة قبل يومين من بداية العرض لتكون هي وعائلتها.
أما شيروان (28 سنة) الذي قدم من أربيل لمتابعة العروض فأكد لـ«الشرق الأوسط» أن الإقليم يمتلك مقومات أكثر من التي جرى تقديمها وبالأخص في فصل الشتاء وفي المناطق المرتفعة، حيث الثلج مستمر لفترة طويلة من السنة، وقال إن الإقليم يستطيع «بناء مدينة ثلجية كاملة للمسابقات من هذا النوع، ولاستضافة ألعاب شتوية على مستوى المنطقة والعراق».
استمرت العروض لمدة يومين حيث قدمت استعراضات للتزلج والاسكيدو «وجرت عروض التزلج بإشراف المدرب اللبناني شربل صباغ وبمشاركة ثمانية لاعبين من لبنان وأربعة من بولندا وثلاثة من رومانيا. أما في اليوم الثاني فقد جرى تقديم عروض الاسكيدو بإشراف نقولا الحاج بمشاركة ستة لاعبين من لبنان ولاعب كندي».
نائب محافظ أربيل ورئيس اللجنة العليا المشرفة على فعاليات عاصمة السياحة بين لـ«الشرق الأوسط» أن العمل من أجل إقامة هذا المهرجان لم يكن بالأمر السهل وبالأخص أن هذا المهرجان يقام للمرة الأولى في الإقليم، وهذا يعني أن الإقليم يواكب التطورات ويطمح إلى الوصول لمستويات عالية بين دول المنطقة والعالم، وبالأخص بوجود مقومات لم يجرِ استغلالها في العقود الماضية بسبب السياسات الخاطئة التي اتبعتها الحكومات السابقة التي حكمت العراق والتي لم ترد الخير للشعب الكردي ولم تستغل طبيعته وثرواته بشكل إيجابي يخدم الإقليم ومن يسكن هذه المنطقة.
وأوضح عبد الله أن النشاطات المتعلقة بالاحتفاء باللقب السياحي «لن تقف عند هذا الحد، وبالأخص في فصل الشتاء، ووصف تفاعل الحضور مع اللاعبين والعروض بالناجحة جدا، حيث أثبت الحضور أنهم متعطشون لرؤية مدينتهم تتطور وتزدهر لتشهد هذه الأنواع من المسابقات».
وتخلل العروض إيقاد شعلة نارية على قمة الجبل مع غروب الشمس بوصفه تقليدا كرديا قديما يقام في جميع الاحتفالات، وهذا التقليد مستوحى من شعلة نوروز، حيث توقد الشعلة النارية احتفاء بعيد رأس السنة الكردية.
كما شهد المهرجان تقديم عروض بالمظلات قدمت من قبل نادي الطيران من مدينة السليمانية.
ولم يكن الطريق قديما إلى جبل كورك بالسهولة التي نراها اليوم بسبب وعورة الطريق المؤدي إليها حيث طبيعة المنطقة الجبلية، والتي لا تتمكن جميع أنواع السيارات من عبورها، حيث جرت الاستعانة بالتلفريك لعبور المسافة المؤدية لقمة الجبل، حيث المطاعم والمقاهي والطبيعة الجبلة التي جرى تزيينها بتماثيل هندسية ورمزية تعبر عن طبيعة المنطقة. كما تتميز المنطقة بالجو البارد شتاء والثلوج المستمرة فيه بالإضافة إلى جو معتدل في الصيف، حيث يقبل عليه الكثير من المصطافين من كل أنحاء العراق ومن خارج الإقليم. ويقع جبل كورك ضمن الحدود الإدارية لمحافظة أربيل في إقليم كردستان العراق، حيث يبعد بمسافة خمسين كيلومترا عن الحدود الإيرانية وترتفع قمة جبل كورك 2127 مترا عن مستوى سطح البحر، و1500 متر عن الأرض المحيط بها، وتتساقط الثلوج على الجبل بكثرة وتصلح لممارسة الألعاب الشتوية المختلفة، لكن صعوبة الوصول إلى قمة الجبل حالت دون إمكانية استغلالها سياحيا.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».