الدراما الخليجية في رمضان... مزيد من «النوستالجيا» وتصدر للبطولات النسائية

أكثر من 8 مسلسلات تحاكي حقبة السبعينيات وما قبلها

ناصر القصبي في «ممنوع التجول»
ناصر القصبي في «ممنوع التجول»
TT

الدراما الخليجية في رمضان... مزيد من «النوستالجيا» وتصدر للبطولات النسائية

ناصر القصبي في «ممنوع التجول»
ناصر القصبي في «ممنوع التجول»

عاماً تلو آخر، تمتد موجة محاكاة الماضي في المسلسلات الخليجية المعروضة خلال شهر رمضان، إلا أن هذه الظاهرة تبدو أكثر وضوحاً مع ترقب عرض عدة مسلسلات ترفع شعار «النوستالجيا» - الحنين إلى الماضي -، وتعيد المشاهد لفترة ما قبل الطفرة النفطية، ومع بداية تعليم المرأة، وتطوّر الحراك المدني، وغيرها من محطات حدثت في القرن المنصرم.
ويبدو تزايد المسلسلات المنغمسة في الماضي طاغياً مع ما تحمله هذه المسلسلات من أزياء قديمة وسيارات كلاسيكية وبيوت ذات الطابع العمراني المندثر، الأمر الذي يدفع للتساؤل إن كانت هذه الأعمال تعكس حنين المُشاهد إلى الماضي في رمضان، أم تشير إلى شح الأفكار القادرة على خلق حالة فنية مغايرة لهذا النمط السائد، مما جعل العودة للماضي حالة لافتة في مسلسلات رمضان.
إذ ينتظر المشاهد عرض مسلسل «شليوي ناش»، الذي يعود لحقبة السبعينيات من القرن الماضي، حيث يحلم الصديقان المقربان - شليويح وناشي - بكسر دائرة الفقر المحيطة بهما، وهو من بطولة: عبد الله السدحان، ويعقوب عبد الله. ويحمل هذا العمل رائحة الماضي عبر الديكور التراثي ونمط الحياة القديمة في تلك الفترة.
والأمر ذاته في مسلسل «الناموس» الذي يعود أيضاً لحقبة السبعينيات، وهو عمل درامي تراثي تدور أحداثه في قالب من الغموض، حول طبيعة الحياة التي عاشها المجتمع الكويتي في تلك الحقبة الزمنية. المسلسل من إخراج جاسم المهنا، وبطولة: محمد المنصور، وهيفاء عادل، وجاسم النبهان، وخالد أمين.
أما الفنانة حياة الفهد، التي عادت لحقبة الستينيات في العام الماضي عبر مسلسلها «أم هارون»، فتقدم هذا العام مسلسل «مارغريت»، الذي يحكي قصة امرأة عاشت في منطقة الخليج العربي في فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ويحمل هذا العمل الكثير من اللمسات التراثية التي ارتبطت في تلك الحقبة. وهناك مسلسل «سما عالية»، الذي تبدأ أحداثه في ستينيات القرن العشرين، ويتناول معاناة المرأة الكويتية خلال عقود، انطلاقاً من الستينيات حتى العصر الحالي، عبر مجموعة من الأحداث، خصوصاً عندما يقترن الرجل المتفتح بفتاة من بيئة محافظة ومنغلقة. وهو مسلسل من إخراج محمد دحام الشمري، وبطولة: جاسم النبهان، وزهرة الخرجي، وحمد العماني، وشيماء سليمان.
أما مسلسل «الوصية الغائبة» فهو عمل تراثي مستوحى من حياة المجتمع الكويتي في الخمسينيات إلى منتصف السبعينيات من القرن الماضي، ويتضمن العلاقات بين الناس في تلك الحقبة، والمشكلات التي كانوا يتعرضون لها، واللافت أن فريق العمل شيّد قرية متكاملة تحاكي المنازل والأحياء القديمة، وهو من بطولة: جاسم النبهان، وعبد الرحمن العقل، وزهرة عرفات، وعبد الإمام عبد الله.
في حين يعود مسلسل «الروح والرية» إلى حقبة التسعينيات، حيث يتمحور العمل حول شخصية امرأة تُدعى «آمنة»، وينتقل المشاهد إلى العديد من الأحداث الفاصلة في حياة أفراد أسرتها. وهو عمل من تأليف أنفال الدويسان، وإخراج منير الزعبي، من بطولة: زهرة عرفات، وهبة الدري، ويعقوب عبد الله، وعبد الله التركماني.
وللمسلسلات الكوميدية نصيبها الوافر من «النوستالجيا»، ومنها مسلسل «غريب»، الذي تدور أحداثه خلال فترة الخمسينيات إلى الستينيات من القرن الماضي، وهو من بطولة الممثل طارق العلي. وكذلك مسلسل «حامض حلو» وهو مسلسل كوميدي من التراث الإماراتي، تدور أحداثه حول وضع المجتمع قبل أكثر من 50 عاماً.
من جهة ثانية، يبدو لافتاً تصدر البطولات النسائية في عدد من المسلسلات الخليجية التي حملت في عنوانها الاسم الرئيسي لبطلة المسلسل، من ذلك مسلسل «مارغريت» للفنانة حياة الفهد، وهناك أيضاً مسلسل «أمينة حاف»، الذي يتناول قصة بطلته «أمينة»، في حالة فنية آخذة في التزايد مؤخراً، فبعد أن تكتشف أمينة أن زوجها يخبئ مبلغاً كبيراً عنها، تتخذ قراراً بالاستفادة من هذا المال، الأمر الذي يقحمها في متاهات لم تتخيلها. وهو مسلسل من بطولة: إلهام الفضالة.
في حين يأتي عمل الفنانة هدى حسين بعنوان «الناجية الوحيدة»، للإشارة إلى بطلة المسلسل الذي يتناول قصتها، ويدور حول امرأة تخرج حية من حادث حريق مروع يلتهم منزلها ويقضي على عائلتها بأكملها، لتبدأ أحداث العمل التي تقلب حياة البطلة رأساً على عقب، في قصة كتبتها منى النوفلي، ويشارك في التمثيل: لمياء طارق، وجمال الردهان، ومحمد العلوي، وفوز الشطي.
وبعيداً عن عوالم الحنين للماضي والقصص التي أبطالها نساء، تأتي أعمال خليجية أخرى مختلفة، مثل مسلسل «ممنوع التجول»، الذي يتناول تداعيات جائحة كورونا وما أحدثته على المجتمع، وهو من بطولة ناصر القصبي وعدد من النجوم السعوديين. وهناك أيضاً مسلسل «الديك الأزرق» الذي تدور قصته حول رجلين يواجهان مجموعة من الأحداث الكوميدية، وهو من بطولة: عبد الله السدحان وبيومي فؤاد. وكذلك مسلسل «ربع نجمة»، الذي تدور أحداثه حول عدد من المواقف الكوميدية بين موظفي فندق والنزلاء، وهو من بطولة: طارق الحربي.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».