حسم حزب المستشارة أنجيلا ميركل اسم خليفتها، وقرر بعد تردد طويل دعم زعيم الحزب أرمين لاشيت، ليكون مرشحه لمنصب المستشارية، رغم أن استطلاعات الرأي لا تصب في صالحه. وبعد اجتماع مطول صباح أمس للحزب المسيحي الديمقراطي، خرج لاشيت الذي يترأس حالياً حكومة ولاية شمال الراين فستفاليا، مبتسماً ليعلن أنه «سعيد» لحصوله على دعم هيئتي الرئاسة والقيادة في الحزب للترشح لمنصب المستشار. ولكن رغم ذلك، فإن معركة لاشيت لم تنتهِ بعد. وهو لم يحصل على التسمية الرسمية التي تنتظر اجتماعاً بينه وبين زعيم الحزب البافاري الشقيق، ماركوس زودر الذي أعلن قبل يوم عن طموحه بأن يحصل على ترشيح الاتحاد الحاكم لمنصب المستشار المقبل. ويتقدم زودر الذي يرأس الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري في استطلاعات الرأي التي تعتبره أكثر أهلا ليكون مستشار ألمانيا المقبل. ولكن فشله في الحصول على دعم الحزب الأكبر يعني أن طموحه بالوصول إلى برلين قد لا يتحقق رغم تقدمه في الاستطلاعات. وعادة يقرر الحزبان الشقيقان بالإجماع مرشحهما لمنصب المستشار بشكل توافقي. ولم يحصل من قبل أن انتخب الحزبان زعيم الحزب البافاري ليكون المستشار المقبل، كونه الحزب الأصغر ولا وجود له إلا في ولاية بافاريا. ورغم حسم حزب ميركل القرار، فإن الأنظار توجهت إلى الحزب الشقيق الأصغر لمعرفة من قرر أن يدعم. وعبر البعض عن مخاوفهم من حصول انشقاق في داخل الاتحاد الحاكم، في حال قرر الحزب البافاري دعم زودر، ما يعني الدخول في مواجهة مع الحزب الأكبر.
وفي إشارة إلى إمكانية حصول شرخ بين الحزبين الشقيقين على خلفية دعم الحزب المسيحي الديمقراطي للاشيت، أعلن رئيس ولاية هيس فولكر بوفييه أن التحدي «كبير جداً ولا يمكن إلا أن نواجهه معاً». وأضاف أن الاتحاد المسيحي الحاكم هو أفضل «من يقود ألمانيا» خلال وباء كورونا، ولكنه أشار إلى ضرورة أن يبقى الحزبان موحدين للنجاح. ورغم أن مندوبي ولايتي برلين وشمال الراين فستفاليا في الحزب المسيحي الديمقراطي اختارا دعم زودر في معركة المستشارية، فإن آخرين داخل الحزب حذروا من اتخاذ قرار مبني على استطلاعات الرأي التي تعطي الأفضلية لزودر ليصبح المستشار المقبل. ومن بين هؤلاء الذين حذروا من الاعتماد على استطلاعات الرأي، السياسي المخضرم فولفغانغ شوبل الذي يتولى رئاسة البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ)، الذي أعلن دعمه للاشيت. ولا ينتخب المستشار الألماني مباشرة من الشعب، بل يصبح المستشار المقبل مَن يفوز حزبه بأكبر نسبة أصوات في الانتخابات العامة التي ستجري في نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل.
ويواجه الاتحاد المسيحي الحاكم الانتخابات للمرة الأولى من دون أنجيلا ميركل التي ترأست الحزب منذ العام ٢٠٠٥ حتى العام ٢٠١٨. ويخوض اتحاد اليمين الوسطي الانتخابات وسط تراجع غير مسبوق في شعبيته بسبب سوء إدارة أزمة كورونا، رغم أن الحزب كسب في بداية الوباء شعبية إضافية لما اعتبر أنها إدارة جيدة للأزمة. ولكن تباطؤ حملة التلقيح ضد فيروس كورونا، والإغلاق المستمر منذ أشهر، عاد وانعكس سلباً على الحزب والحكومة بشكل عام. ورغم أن شعبية الاتحاد المسيحي الديمقراطي تراجعت بشكل كبير، فهو ما زال في طليعة الأحزاب في الانتخابات العامة، ولكنه سيضطر لتشكيل تحالفات مع أحزاب أخرى للحكم. وهو الآن يحكم مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط)، الحزب الأقدم في ألمانيا، الذي تراجعت شعبيته بشكل غير مسبوق وبات في المرتبة الثالثة في استطلاعات الرأي بعد حزب الخضر. ويعد حزب الخضر أكبر الرابحين في تراجع شعبية الحزبين الحاكمين، وحتى إنه قد تكون له حظوظ بتشكيل الحكومة المقبلة وقيادتها في حال ارتفعت شعبيته ونجح في التقدم على الاتحاد المسيحي الديمقراطي. وهذا السيناريو هو ما يخيف البعض داخل الحزب المسيحي الديمقراطي الذين يعتبرون أنهم بتأييدهم لزودر، فهم يعطون حزبهم حظوظاً أكبر بالنجاح وفرصة للعودة إلى الحكم. وقد يضطر الاتحاد المسيحي الديمقراطي للتحالف مع الخضر لتشكيل الحكومة المقبلة، خاصة أن التوقعات بأن تحالفاً مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي لن يكون كافياً للحصول على الأغلبية. ويتخوف آخرون من الذين يعارضون ترشح زودر لمنصب المستشار، أن تكون حظوظ هكذا حكومة ائتلافية مع الخضر معدومة، خاصة أن رئيس حكومة بافاريا محافظ أكثر بكثير من لاشيت، وقد يكون من الصعب عليه الاتفاق مع الخضر. وسيحسم الحزبان اسم مرشحهما لمنصب المستشارية خلال الأسبوع الجاري، ما يمنحهما ٥ أشهر للتحضير قبل الانتخابات العامة.
اختيار لاشيت مرشحاً لمنصب المستشارية الألمانية
معركته لم تنتهِ بعد... في انتظار دعم الحزب المسيحي الشقيق
اختيار لاشيت مرشحاً لمنصب المستشارية الألمانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة