تشكيك في قدرة أوروبا على إنجاز حملة التلقيح في موعدها

بسبب المناوشات التجارية وتأخر الإنتاج

انتظار في طابور التطعيم بمقدونيا الشمالية (أ.ب)
انتظار في طابور التطعيم بمقدونيا الشمالية (أ.ب)
TT

تشكيك في قدرة أوروبا على إنجاز حملة التلقيح في موعدها

انتظار في طابور التطعيم بمقدونيا الشمالية (أ.ب)
انتظار في طابور التطعيم بمقدونيا الشمالية (أ.ب)

بعد مائة يوم على انطلاق حملات التلقيح ضد «كوفيد - 19»، والتعثّر الذي شهدته بسبب من المناوشات التجارية والتأخير في الإنتاج وبعض المفاجآت حول سلامة بعض اللقاحات، كشف الاتحاد الأوروبي عن خطته المعدّلة لاستراتيجية التلقيح استناداً إلى مضاعفة القدرة الإنتاجية أربع مرات عن المستوى الحالي بهدف تحصين 70 في المائة من السكان البالغين أواسط يوليو (تموز) و100 في المائة من الذين تجاوزوا 18 عاماً قبل نهاية الصيف المقبل.
وقال خبراء المفوضية إنه من الممكن تسليم 4 ملايين جرعة يومياً إلى الدول الأعضاء خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مقارنة بمليون جرعة كانت تتسلمها الدول طوال الفصل الأول من هذا العام. ويستند الخبراء في تقديراتهم إلى تسارع وتيرة تسليم الجرعات التي كانت تتضاعف كل شهر خلال الفصل الأول، من 14 مليون جرعة في يناير (كانون الثاني) إلى 28 مليوناً في فبراير (شباط) وإلى 60 مليوناً الشهر الماضي، ويتوقعون أن يصل الإنتاج إلى 120 مليون جرعة شهرياً خلال الفصل الثاني من العام الحالي ليصل إلى 420 مليون جرعة أواسط يوليو (تموز) المقبل. لكن هذه الأهداف التي تؤكد المفوضية الأوروبية منذ أيام توفر القدرات الكافية لتحقيقها، تتراكم في طريقها العقبات رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومات لتسريع وتيرة التطعيم، حتى أن بعض الخبراء لم يترددوا في القول إنها ليست أهدافاً واقعية.
ويقول كريستوفر هوارد، وهو أحد كبار الخبراء العالميين في تطوير وإنتاج اللقاحات ونقل التكنولوجيا المرافقة لها، إن صناعة اللقاحات معقدة جداً والمفاجآت ليست بغريبة عنها. وأضاف أن «البيانات التي تستند إليها المفوضية الأوروبية في تقديراتها، تحصل عليها من شركات الأدوية عن طريق المديرين التنفيذيين الذين بدورهم يحصلون عليها من الموظفين والعمّال في هذه الشركات. وقد بيّنت التجربة طوال عقود أن مشكلات عديدة تطرأ خلال دورة الإنتاج وتحول دون تحقيق هذه التقديرات. فالعنصر الأساسي في صناعة الأدوية هي المادة البيولوجية التي تتميّز بحساسية شديدة، وعند أي انحراف في أحد المؤشرات يودَع المنتوج في المخزن بانتظار مراجعته، والتأكد من مدى خطورة الانحراف، وغالباً ما تقرر الشركة إتلافه». ويذكر هوارد حادثة وقعت مؤخراً في مدينة بالتيمور الأميركية عندما خلط عمال أحد المصانع الذي ينتج لقاحي «أسترازينيكا» و«جونسون أند جونسون» بين العناصر المكوّنة لهذين اللقاحين، مما أدى إلى إتلاف 15 مليون جرعة.
وفي حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط» قال رافايل فيلاسانجوان، عضو المجلس التنفيذي لتحالف اللقاحات العالمي: «إن الهدف الذي أعلنته المفوضية الأوروبية لبلوغ التغطية اللقاحية 70 في المائة من السكان البالغين أواخر هذا الصيف ليس واقعياً»، واعتبر أن الطريق إلى هذا الهدف محفوف بأسئلة «لا نملك إجابات أكيدة عليها في الوقت الراهن، مثل القدرة الفعلية على إنتاج اللقاحات، وقدرات البلاد وأجهزتها الصحية الإقليمية على توزيعها، أو ظهور طفرات فيروسية جديدة تستدعي إعادة النظر في الاستراتيجية الراهنة». وحذّر من أن إشاعة أجواء التفاؤل المفرط قد ترتدّ عكس الأهداف المنشودة بين المواطنين الذين تتزايد تساؤلاتهم وشكوكهم يوماً بعد يوم، وينفد صبرهم من قرب آجال العودة إلى استئناف دورة الحياة الطبيعية. وأضاف فيلاسانجوان: «نقطة الضعف في استراتيجية اللقاحات الأوروبية أنها قامت على التكيّف مع المشكلات والعقبات كلما ظهرت. أوروبا الآن بحاجة ماسّة إلى حملة واسعة تعزز ثقة المواطنين باللقاحات التي نعرف أنها آمنة وآثارها الجانبية نادرة جداً، كما أن مستوى السلامة الذي توفره لا يمكن مقارنته بما ينتج من مخاطر في حال عدم تناولها».
وتجدر الإشارة إلى أن منظمة الصحة العالمية كانت قد دعت مراراً الحكومات الأوروبية إلى تنظيم حملات توعية لتعزيز ثقة المواطنين باللقاحات، وتبديد الشكوك حول فعاليتها وسلامتها ودحض المزاعم والأنباء المزيّفة حول الوباء وعدم خطورته. وكانت المفوضة الأوروبية للشؤون الصحية ستيلا كيرياكيديس قد حضّت الدول الأعضاء في الاتحاد خلال الاجتماع الأخير لمجلس وزراء الصحة على «اعتماد نهج موحّد من اللقاحات يحول دون الغموض واللبس بين المواطنين ويستند إلى القرائن العلمية». لكن يرى فيلاسانجوان أن توحيد النهج الأوروبي من اللقاحات دونه عقبات عديدة، مثل اختلاف المشهد الوبائي والقدرات الصحية واللوجيستية بين الدول، فضلاً عن أن الحكومات الأوروبية لم تتبع نفس المعايير في شراء اللقاحات عن طريق المفوضية التي تفاوضت باسم الاتحاد لإبرام عقود مع الشركات.
وتشهد بلدان أوروبية عدة منذ أيام عزوفاً متزايداً من المواطنين عن تناول لقاح أسترازينيكا الذي يشكّل الركيزة الأساسية لحملات التلقيح في معظم دول الاتحاد. وقد وصلت نسبة الذين رفضوا هذا اللقاح عند دعوتهم لتناوله إلى 70 في المائة في بعض المناطق الإسبانية مثل العاصمة مدريد وإلى 35 في المائة في إقليم لومبارديّا الإيطالي. وأعلنت الحكومة الإيطالية أمس عن تعديل في خطة التلقيح يعطي الأولوية المطلقة لمن تجاوز الثمانين من العمر، حتى على حساب الفئات الأخرى الأكثر تعرّضاً، وذلك في محاولة للحد من أعداد الوفيات التي تتراوح بين 375 و625 حالة يومياً منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، مسجلة أعلى نسبة بين بلدان الاتحاد الأوروبي. ويذكر أن عدد الوفيات في دور العناية بالمسنين الإسبانية قد تراجع بنسبة 99.7 في المائة بعد أن بلغت التغطية اللقاحية 90 في المائة لهذه الفئة التي سجلت أكثر من ربع الوفيات الإجمالية خلال المرحلة الأولى من الوباء.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
TT

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)

عيّن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، اليوم (الاثنين)، أول امرأة لقيادة إحدى الدوائر الرئيسية في الفاتيكان، وهي راهبة إيطالية ستتولى مسؤولية المكتب الذي يشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم.

وستتولّى الأخت سيمونا برامبيلا (59 عاماً) رئاسة مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية في الفاتيكان. وستحل محل الكاردينال جواو براز دي أفيز، وهو برازيلي تولّى المنصب منذ عام 2011، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

البابا فرنسيس يترأس صلاة التبشير الملائكي في يوم عيد الغطاس من نافذة مكتبه المطل على كاتدرائية القديس بطرس في دولة الفاتيكان 6 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ورفع البابا فرنسيس النساء إلى أدوار قيادية بالفاتيكان خلال بابويته المستمرة منذ 11 عاماً؛ إذ عيّن مجموعة من النساء في المناصب الثانية في تسلسل القيادة بدوائر مختلفة.

وتم تعيين برامبيلا «عميدة» لمجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، وهو الكيان السيادي المعترف به دولياً الذي يُشرف على الكنيسة الكاثوليكية العالمية.