مباحثات فيينا لإحياء «النووي» الإيراني إلى جولة ثانية

الولايات المتحدة مستعدة لرفع بعض العقوبات... وطهران تطالب بخطوة عملية

غروسي يستقبل الوفد الإيراني برئاسة عراقجي في فيينا أمس (الوكالة الدولية)
غروسي يستقبل الوفد الإيراني برئاسة عراقجي في فيينا أمس (الوكالة الدولية)
TT

مباحثات فيينا لإحياء «النووي» الإيراني إلى جولة ثانية

غروسي يستقبل الوفد الإيراني برئاسة عراقجي في فيينا أمس (الوكالة الدولية)
غروسي يستقبل الوفد الإيراني برئاسة عراقجي في فيينا أمس (الوكالة الدولية)

قال كبير المفاوضين الإيرانيين، عباس عراقجي أمس، إن مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي التي بدأت الثلاثاء، ستنتهي اليوم بتقييم من مجموعتي عمل ركزتا على بحث الخطوات النووية الإيرانية المطلوبة والعقوبات الأميركية، على أن تجري الوفود المشاركة مباحثات في عواصمها قبل أن تعود إلى العاصمة النمساوية الأسبوع المقبل، لمواصلة المفاوضات، وذلك غداة إعلان واشنطن استعدادها لاتخاذ الخطوات اللازمة برفع العقوبات التي لا تتسق مع الاتفاق النووي لإعادة الامتثال.
وصرح عراقجي لقناة «برس تي وي» بعد مشاورات أجراها مع المدير العام للوكالة الدولية، رافائيل غروسي، «يجب على الولايات المتحدة رفع العقوبات في خطوة واحدة قبل أن تستأنف إيران الامتثال الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة». وردا على سؤال حول نتائج محادثات حول سبل إحياء الاتفاق النووي، قال عراقجي إن المحادثات «لا تزال بعيدة عن الانتهاء ولكنها تتقدم بشكل جيد».
وقال المدير العام للوكالة الدولية، في تغريدة على «تويتر» إنه أجرى مباحثات مفصلة مع المسؤول الإيراني، حول المشاورات الجارية، مؤكدا أن الوكالة ستواصل المراقبة «التقنية والمهنية»، للأنشطة الإيرانية.
وانسحبت واشنطن من الاتفاق في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، وأعادت فرض عقوبات قاسية على طهران التي تراجعت في المقابل عن الالتزام بالكثير من بنود الاتفاق. وأبدى الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن عزمه العودة إلى الاتفاق، لكن بشرط عودة طهران إلى التزاماتها، بينما تؤكد الأخيرة أولوية رفع العقوبات.
واجتمعت الأطراف التي لا تزال منضوية في الاتفاق النووي، أي إيران وفرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين، وألمانيا، وقد حضرت الولايات المتحدة لكن دون المشاركة مباشرة في المباحثات أو الجلوس إلى طاولة واحدة مع وفد طهران.
وفي تصريح آخر، قال عراقجي للتلفزيون الرسمي إن خبراء من الدول المنضوية في الاتفاق النووي عملت على مدار الساعة منذ تشكيل مجموعتي عمل في اليوم الأولى من المفاوضات، الثلاثاء الماضي، لافتا إلى أنه قد أخذت قضايا متعددة بعين الاعتبار، بهدف تنظيم الإجراءات التي يتعين على الجانبين القيام بها في «مرحلة واحدة».
ونفى الدبلوماسي الإيراني بشكل قاطع أي مقاربة لخطوات تدريجية، أو خطوات تمهيدية، وقال: «نجري مفاوضات لرفع العقوبات مرة واحدة، نحدد، ما هي العقوبات، كيف ترفع، مواصفاتها، سنحددها بدقة»، لافتا إلى أن مجموعة العمل تعمل على جميع العقوبات التي فرضت بعد تنفيذ الاتفاق النووي في فترة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب». وفي المقابل، أشار إلى مجموعة الإجراءات التي يجب على إيران القيام بها للعودة إلى الالتزام التام في الاتفاق النووي، قبل أن يتفاوض الجانبان على ترتيب وطريقة الإجراءات الثنائية.
وصرح عراقجي «يجب على أميركا أن تقوم بإجراءاتها وسنتحقق من ذلك، قبل أن تنفذ إيران التزاماتها»، لافتا إلى أن التحقق «موضوع آخر للنقاش، وكيف تكون فترته الزمنية؟ وما هي جوانبه؟».
وفي وقت لاحق، قال «المرشد» علي خامنئي عبر حسابه في شبكة «إنستغرام» إن التحقق من رفع العقوبات الأميركية «يعني أن إيران يجب أن تكون قادرة على بيع نفطها، بسهولة وبطريقة رسمية، وفي ظروف عادية، والحصول على مواردها».
ومساء الأربعاء، قال المتحدث باسم الوزارة، نيد برايس، للصحافيين: «نحن مستعدون لاتخاذ الخطوات الضرورية للعودة للامتثال للاتفاق النووي، بما يشمل رفع العقوبات التي لا تتسق مع الاتفاق. لست هنا في وضع يسمح لي بإعطاء تفاصيل دقيقة بشأن ما قد يعنيه ذلك». مضيفا أن «اتفاقنا على الانخراط في الدبلوماسية والنقاشات يخدم ذلك، إن الطبيعة الدقيقة لأي تخفيف للعقوبات هي موضوع الدبلوماسية».
ولاحقا قال مسؤول إيراني رفيع لقناة «برس تي وي» ردا على برايس إن «إيران لا تقبل ولا تعترف بالمفاوضات القائمة على تقسيم العقوبات»، لافتا إلى أن «شرط إيران للعودة إلى التزاماتها النووية هو الرفع الدائم لجميع العقوبات بأكملها»، وأضاف «لن يكون استئناف طهران لالتزاماتها ممكناً إلا بعد التحقق المعقول من رفع العقوبات»، مشددا على أن بلاده «ستحتاج إلى وقت كاف للتحقق من إنهاء العقوبات، وأنه لا يمكن القيام بذلك في غضون وقت قصير»، وأضاف «على أميركا وأوروبا ضمان عدم إعادة العقوبات على إيران مرة أخرى بعد رفعها».
وكان برايس قد أكد أن الإدارة الأميركية لن تقدم أي «إشارات أو حوافز» أحادية الجانب لتلطيف أي نوع من الصفقة مع إيران، لكنها في المقابل تحث إيران «على العودة إلى طاولة المفاوضات، أو إلى وضع أفضل على طاولة المفاوضات تلك»، معرباً عن صعوبة المفاوضات غير المباشرة حالياً في فيينا بين الولايات المتحدة وإيران، بوساطة أطراف الاتفاق النووي.
وأفصح عن توقعات في الإدارة الأميركية بأنها «لن تحقق أي اختراقات فورية»، مضيفا «أنهم يدركون أن هذا قد يكون بداية عملية محتملة، مع العلم أن أمامنا طريقا طويلا وصعبا»، وأعاد الصعوبة إلى «الخدمات اللوجيستية» كونها «محادثات غير مباشرة»، ونتيجة لذلك، «يمكن أن تكون آلياتها مرهقة» بسبب فقدان الثقة بين الجانبين.
وقال برايس: «سيكون الأمر صعبا لأن هذه قضايا فنية ومعقدة للغاية، وهذه ليست محادثات استراتيجية، إذ يرجع ذلك في جزء كبير منه إلى أن نقطة النهاية الاستراتيجية المرغوبة، واضحة، وأضاف «ما زلنا نعتقد أن هذه المناقشات حتى الآن عملية، وبدورنا نتمكن من استئناف امتثالنا لخطة الاتفاق النووي التي تتطلب تخفيف العقوبات».
وعن الفريق الذي يمثل الولايات المتحدة في فيينا، أشار برايس إلى مشاورات جرت مع «الشركاء» أي أطراف الاتفاق النووي، الذين بدورهم أجروا لقاءات مع الجانب الإيراني، وأشار إلى تبادل رسائل بين الجانبين بقوله: «سمعنا المزيد عن موقف إيران من شركائنا الذي نقلوه لنا، ونقلوا بعد ذلك موقفنا إلى الإيرانيين».
وشدد برايس على أمر الآخر، «تلتزم به» الإدارة الأميركية، وهو العمل مع الحلفاء والشركاء،» للذهاب إلى أبعد من الاتفاق النووي الحالي، نحو اتفاق أشمل لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان، ودعمها للإرهاب، وبرنامجها للصواريخ الباليستية، مشيراً إلى أنه «عندما يتعلق الأمر بهذه المجالات، فإن هذا هو سبب اعتبار استراتيجيتنا أن العودة المتبادلة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة ضرورية ولكنها غير كافية»، موضحاً أن الإدارة الأميركية «تسعى ليس فقط إلى صفقة أطول وأقوى، ولكن على المدى الطويل، بالعمل مع شركاء في المنطقة، على اتفاقيات المتابعة لمعالجة هذه القضايا بالذات».
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن أميركا «ملزمة» للعودة إلى «خطة العمل المشتركة» برفع العقوبات واتخاذ إجراءات عملية، لكنه وعد بإجراء «إيجابي» متقابل، في رسالة أخيرة قبل أن تتضح اليوم نتائج المباحثات المكثفة بين أطراف الاتفاق النووي، التي بدأت الثلاثاء في فيينا، من أجل إحياء الصفقة.
وخاطب روحاني إدارة جو بايدن في كلمة عبر الفيديو، أمام قمة «مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية»، بنبرة المنتصر بأنها «ملزمة» للعودة إلى الاتفاق النووي، برفع العقوبات واتخاذ إجراءات عملية، في تأكيد على موقف إيران باتخاذ خطوة أميركية أولا تتمثل برفع العقوبات. وأضاف «من المؤكد أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستستجيب للإجراء الأميركي بإجراء إيجابي متبادل».
وتفاخر روحاني بأن الإجراءات «غير القانونية الأحادية» الأميركية «لتركيع» الأمة الإيرانية، «قد فشلت تماما»، وأضاف «رغم الضغوط الاقتصادية الشديدة، حققنا نجاحات وإنجازات كبيرة، بالاعتماد على إرادتنا وقوتنا الداخلية».
وقال روحاني إن السنوات الأربع الماضية شهدت «اشتداد الحرب الاقتصادية الأميركية ضد إيران»، لافتا إلى أن العقوبات «تسببت في الكثير من الضرر لبلدنا». وأضاف «لا تزال إيران تحتفظ بالاتفاق النووي، الذي انتهكته الولايات المتحدة وبذلت قصارى جهدها لتدميره».



إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
TT

إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

وسعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية بعدما صنّفتها «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات. وبينما قتلت الغارات الإسرائيلية 3 فلسطينيين بينهم طفلان في قصف جوي، واصلت عمليتها البرية في شمال غزة وقالت إنها تقترب من «هزيمة (حماس)» هناك.

وقتل الجيش الإسرائيلي 3 فلسطينيين في قصف جوي في بلدة «طمون» شمال الضفة، بينهم آدم بشارات (24 عاماً)، الذي يعتقد أنه الهدف الرئيسي، والطفلان رضا بشارات (8 سنوات) وحمزة بشارات (10 سنوات) ما يرفع عدد من قتلهم الجيش منذ بدأ عملية واسعة في شمال الضفة إلى 6 فلسطينيين، وكان ذلك بعد مقتل 3 إسرائيليين في هجوم فلسطيني قرب قلقيلية يوم الاثنين الماضي. وقتلت إسرائيل 3 فلسطينيين آخرين، يوم الثلاثاء، في طمون وقرب نابلس.

مشيعون يحملون جثمان جعفر دبابسة (40 عاماً) خلال جنازته في قرية طلوزة بالقرب من مدينة نابلس الثلاثاء (إ.ب.أ)

وزعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أن طائرة تابعة لسلاح الجو هاجمت «خلية إرهابية» شمال الضفة، لكن بعد اكتشاف مقتل طفلين في القصف، قال الجيش إنه فتح تحقيقاً حول الأمر.

وقال الجيش في بيانه إن «الغارة جاءت بعد رصد إرهابي يقوم بزرع عبوات ناسفة في منطقة تنشط فيها قوات الأمن».

وبحسب مصادر عسكرية فإن التحقيق «يشمل إعادة النظر في تحديد أهداف الغارة، والتأكد من عدم وجود أخطاء في عملية الاستهداف».

ساحة رئيسية

التصعيد في الضفة جاء بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه صادق على زيادة العمليات الدفاعية والهجومية في الضفة الغربية، رداً على عملية قلقيلية.

وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس إن الضفة الغربية أصبحت «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات الإسرائيلية.

ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن كاتس قوله في لقاء جمعه مع قادة ورؤساء المستوطنين ومجالسهم في الضفة، إن «يهودا والسامرة (الضفة الغربية) أصبحت ساحة مركزية في خريطة التهديدات لإسرائيل ونحن نستعد للرد وفقاً لذلك».

وأضاف: «إننا نرى تهديدات متزايدة للمستوطنين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، ونحن نستعد مع الجيش الإسرائيلي لتقديم الرد القوي اللازم لمنع وقوع أحداث مثل 7 أكتوبر (تشرين الأول) هنا».

قوة إسرائيلية خلال غارة على مخيم الفرا للاجئين قرب مدينة طوباس بالضفة الغربية الثلاثاء (د.ب.أ)

وذكر مكتب كاتس أنه أبلغ رؤساء السلطات بالخطوات الفورية التي وجه الجيش الإسرائيلي باتخاذها لتعزيز الأمن في المنطقة، بما في ذلك زيادة النشاط العسكري، وتنفيذ إجراءات مضادة واسعة النطاق في البلدات وتعزيز إنفاذ القانون على طول طرق المرور، والتزام الجهاز الأمني بتوسيع العمليات العملياتية في كل ساحة يتم فيها تنفيذ هذه العمليات.

ضغط بموازاة المفاوضات

وبينما قرر الجيش التصعيد في الضفة الغربية، وأنه حولها إلى ساحة تهديد رئيسية، واصلت القوات الإسرائيلية عمليتها البرية في قطاع غزة، في الشمال والوسط والجنوب.

وتعهد رئيس الأركان هيرتسي هاليفي بمواصلة القتال في غزة، حتى تصل حماس إلى «نقطة تفهم فيها أن عليها إعادة جميع المختطفين».

وقالت «القناة 12» الإسرائيلية إن الجيش يواصل عمليته في شمال قطاع غزة بالتوازي مع المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق، وقام بتعميق نشاطه في مناطق مختلفة في الأيام الأخيرة بينها بيت حانون، وهي المنطقة التي تدور فيها المعارك الأعنف في قطاع غزة خلال هذه الفترة.

وقالت القناة إن «القوات في المراحل النهائية لتطهير شمال قطاع غزة من الإرهابيين».

ونقلت القناة العبرية أن «الشعور السائد لدى الجنود أن (حماس) قد تنازلت عن شمال القطاع». وزعموا أن انخفاضاً كبيراً في الاحتكاك حدث في جباليا وبيت لاهيا وأن «العديد من المسلحين يفرون إلى الجنوب بأعداد غير مسبوقة».

لكن الجيش الإسرائيلي أعلن مراراً خلال حربه على غزة سيطرته على شمال القطاع، قبل أن يعود المسلحون الفلسطينيون لمفاجأته بعمليات وإطلاق صواريخ تجاه المستوطنات.

صاروخ اعترضه الدفاع الجوي الإسرائيلي يوم الأربعاء فوق بيت حانون بقطاع غزة (رويترز)

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن «المعارك مستمرة، وما يجري (من تحريك للمسلحين) هو تكتيك». وأضافت أن طبيعة المعارك تفرض «قاعدة الكر والفر» في العمل الميداني.

ويواجه الجيش الإسرائيلي معارك عنيفة في شمال غزة، إذ أعلن، الثلاثاء، عن مقتل المزيد من جنوده في المعارك الدائرة هناك. وإلى جانب المعركة في الشمال، واصلت إسرائيل قصف مناطق في القطاع في مدينة غزة، وخان يونس، وقتلت 15 فلسطينياً على الأقل، الأربعاء.

وقالت وزارة الصحة، إن حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ارتفع إلى 45.936 و 109.274 مصاباً منذ السابع من أكتوبر 2023.