طعمة يدعو إلى تشكيل «حكومة طوارئ» لمعالجة الأزمة الاقتصادية

قال لـ«الشرق الأوسط» إن الأمور معقدة داخلياً وإقليمياً

TT

طعمة يدعو إلى تشكيل «حكومة طوارئ» لمعالجة الأزمة الاقتصادية

دعا عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب نعمة طعمة إلى «تشكيل حكومة طوارئ اقتصادية تنكبّ على معالجة الأزمة المتنامية في الشأن الاقتصادي، والتي تتفرّع منها أزمات معيشية تُنهك المواطنين، بحيث أضحت هناك شريحة كبيرة من اللبنانيين تعيش معاناة حقيقية»، مطالباً كل المسؤولين بـ«تحكيم الضمير والتنازل عن الشروط السياسية حول هذه الحقيبة الوزارية أو تلك؛ لأن لبنان على شفير الهاوية، وثقة المجتمع الدولي بنا باتت مهزوزة».
وعدّ طعمة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما يحصل في لبنان اليوم، خصوصاً على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، هو مأساة يعيشها اللبنانيون الذين باتوا أسرى هذا النزف السياسي، واللامبالاة عند أهل الربط والحل، من أجل تشكيل حكومة تنقذ لبنان من كبواته وأزماته، حيث يرزح البلد تحت أعباء معيشية لم يسبق أن مرّ بها في ظل المراحل والظروف كافة». كما تحدث عن قلق ينتابه جراء الهجرة المتنامية للأطباء والأكاديميين، نتيجة الظروف الصعبة السائدة في لبنان.
وأوضح طعمة موقف «اللقاء الديمقراطي» من الحراك السياسي الداخلي والخارجي، قائلاً: «قد نكون أبرز من سهّل كل العملية الدستورية؛ من الاستشارات النيابية إلى التكليف، إذ شددنا على أنه لا مطالب لدينا أو مكاسب، وجلّ ما نريده تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن، وأن تكون إصلاحية وإنقاذية، خصوصاً في المسائل الاجتماعية والمعيشية»، لافتاً إلى «أننا حذّرنا مراراً من مغبة المماطلة والغرق في المحاصصة، في وقت البلد فيه يغرق والأزمات تتفاقم، وها نحن اليوم في حالة يرثى لها». وبصدد الحراكين الغربي والعربي، يلفت طعمة إلى أن «ذلك يأتي من حرص الأشقاء والأصدقاء ومحبتهم التاريخية للبنان؛ هذا البلد الذي له خصائص تُعدّ علامة فارقة في الثقافة والطب والتربية وفي كل المجالات». ورغم ذلك، فإنه قال: «لا تزال الأمور معقدة داخلياً وإقليمياً، بفعل الخلافات بين المكونات السياسية اللبنانية، وصولاً إلى الكباش الإقليمي، مما يؤثر على مسار التأليف والوضع اللبناني بشكل عام». وحول زيارة السفير السعودي لدى لبنان وليد بخاري إلى المختارة (بلدة النائب السابق وليد جنبلاط) ودوره حيال الحركة الدبلوماسية التي يقوم بها، يشير النائب طعمة إلى أن «هناك علاقة تاريخية بين المختارة والمملكة العربية السعودية؛ سواء مع الشهيد كمال جنبلاط، ومع رئيس (الحزب التقدمي الاشتراكي) وليد جنبلاط، ورئيس (اللقاء الديمقراطي) النائب تيمور جنبلاط»، مؤكداً أن «حراك السفير السعودي يصب في خانة دعم لبنان والحرص على أمنه واستقراره». وشدد طعمة على أن السعودية «لم تتخلَّ عن لبنان، وهي التي وقفت إلى جانبه في السراء والضراء، وكانت وما زالت السند الأساسي له ومن يحتضن أكبر جالية لبنانية»، وقال: «علينا أن نبادل المملكة الوفاء بالمثل، ونؤكد على شجبنا الاعتداءات التي تتعرض لها عبر القصف على منشآتها الحيوية والسكنية؛ الأمر الذي يقوض الاستقرار العربي والاقتصاد العالمي». وقال إن السعودية «سيكون لها، كما في كل المراحل، الدور المفصلي لخلاص لبنان من أزماته، كما كان لها الدور الأبرز في (اتفاق الطائف)، وهي التي تقف على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين».



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.