جدل في تونس حول تدخل القصر في تعيين رئيس الحكومة

TT

جدل في تونس حول تدخل القصر في تعيين رئيس الحكومة

خلّفت تسريبات لرسائل صوتية بين نادية عكاشة، مديرة الديوان الرئاسي التونسي، والمحامية والإعلامية التونسية مية القصوري، جدلاً سياسياً واسعاً حول حقيقة الفصل بين السلطات في تونس، وتنفيذ الرؤساء الثلاثة للصلاحيات التي حددها لهم الدستور التونسي.
وتمحورت هذه التسريبات حول كواليس التخطيط للإطاحة بإلياس الفخفاخ، رئيس الحكومة السابق، بسبب انتهاجه لنفس الأسلوب الذي اتبعه يوسف الشاهد في الخروج عن إرادة القصر الرئاسي، وضرورة تعويضه بشخصية سياسية «قابلة للتحكم في قراراتها».
وزاد راشد الخياري، النائب البرلماني الذي سرب هذه المكالمات الهاتفية، من حدة الغموض والتشويق بعد إعلانه أنه «لو كشف كل التسريبات التي بحوزته لاستقال الرئيس قيس سعيد، وهشام المشيشي رئيس الحكومة، ولاتُّخذ قرار بحل البرلمان»، على حد قوله.
وأورد الخياري معلومات عن تدخل أولفيي بوافر دارفور، السفير الفرنسي السابق في تونس، في اختيار رئيس الحكومة الذي سيخلف إلياس الفخفاخ، واقتراحه اسم خيام التركي، غير أن مية القصوري أرغمت، وفق هذا التسريب، سفير فرنسا على التراجع عن هذا الاختيار، وتدخلت من خلال مكالمة مع الديوان الرئاسي لتدعم ترشح المشيشي، الذي كان يشغل وقتها منصب وزير الداخلية، باعتباره «شخصاً مضموناً للقصر ويمكن التحكم فيه». وقالت بهذا الخصوص: «لقد فكرنا في اقتراح المشيشي رئيساً للحكومة، بالشكل الذي يكون فيه بمثابة وزير أول، على أن يدير القصر الرئاسي شؤون القصبة من خلفه».
ونتيجة لردود الأفعال بخصوص هذا التسريب الجديد، نشرت نادية عكاشة، مديرة الديوان الرئاسي، أمس، تدوينة مقتضبة كانت بمثابة رد على ما قاله النائب الخياري بأنها تسريبات لرسائل صوتية بينها وبين الإعلامية مية القصوري، ولم تحدد عكاشة في تدوينتها السبب الذي نشرته من أجلها، مكتفية بالقول: «أعلم مَن يقف وراء هذه الحملات المغرضة والقذرة، ولست معنية بكل هذه التفاهات العقيمة لا من بعيد ولا من قريب». وهو تقريباً نفس الموقف الذي اتخذته القصوري عند تعليقها على تلك التسريبات الصوتية بقولها: «لن أعلق على التفاهات التي تهدف لخدمة حركة النهضة، وتصفية حسابات فشلة يمارسون سياستهم المعتادة، وهي التشويه»، مبرزة أن نشر مثل هذا التسريب «يعد رد فعل متوقعاً من قبل بعض الأطراف على الصفعة الأخيرة التي تلقوها من قبل الرئيس».
إلى ذلك، أعلنت الرئاسة التونسية، أمس، عن زيارة للرئيس قيس سعيد إلى مصر، بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بدءاً من اليوم (الجمعة) وحتى بعد غد (الأحد).
وجاء في بيان للرئاسة أن الزيارة تأتي في إطار ربط جسور التواصل وترسيخ سنة التشاور، والتنسيق بين قيادتي البلدين، كما تهدف الزيارة، وفق البيان، إلى «إرساء رؤى وتصورات جديدة تعزز مسار التعاون المتميز القائم بين تونس ومصر، بما يلبي التطلعات المشروعة للشعبين الشقيقين في الاستقرار والنماء».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.