ارتفاع الأسعار شرق الفرات بعد إغلاق معبر مع مناطق الحكومة

مؤتمر لعشائر عربية في منطقة «نبع السلام»

مدخل مدينة الطبقة في شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
مدخل مدينة الطبقة في شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

ارتفاع الأسعار شرق الفرات بعد إغلاق معبر مع مناطق الحكومة

مدخل مدينة الطبقة في شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
مدخل مدينة الطبقة في شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

يتكبد تجار الخضراوات والفاكهة في مدينة الرقة شمال شرقي سوريا خسائر كبيرة جراء ارتفاع الأسعار، ذلك نتيجة استمرار إغلاق قوات الحكومة السورية لمعبر الطبقة للأسبوع الثالث الذي يربط مناطق سيطرة النظام بمناطق نفوذ «الإدارة الذاتية» وجناحها العسكري «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) العربية - الكردية المدعومة من واشنطن.
ويشكو تجار سوق الهال المركزية بالرقة من تأخر وصول الشحنات القادمة من مناطق الداخل، الأمر الذي يزيد من ارتفاع أسعارها لجلب البضائع عبر طرق التهريب والتي تستغرق مدة أطول، وزيادة الرسوم والضرائب والأموال من الحواجز العسكرية التابعة للنظام الحاكم.
ويقول عماد، وهو تاجر خضراوات يعمل بسوق الهال إن خسارته يوم أمس فقط بلغت 25 مليون ليرة سورية (سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية 3500)، بعد وصول نصف كمية البندورة تالفة. وزاد: «حمولة السيارة التي اشتريتها 10 أطنان كانت نصفها تالفة وغير صالحة للطعام، واليوم يباع كيلو البندورة 1500 ليرة وتكبدت خسائر كبيرة بسبب إغلاق المعبر واستخدام طرق التهريب».
وتأتي معظم الخضراوات والفاكهة من محافظات الداخل كحلب وحماة وحمص والعاصمة دمشق، تصل لمدينة الرقة ثم تتوزع لباقي مناطق الإدارة شرقي الفرات حيث تربطها 3 معابر حدودية، أولها معبر «التايهة» في مدينة منبج بريف حلب الشرقي، والثاني معبر «الطبقة» الواقع جنوب نهر الفرات، والمعبر الثالث «الرقة» الذي يقع على الطريق السريع بين محافظة الرقة ومدينة السلمية بريف حماة (وسط سوريا).
ورغم تذبذب أسعار صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية، حافظت أسعار الخضراوات والفاكهة على قيمتها نظراً لأنها محلية الزراعة، ونقل التاجر خميس بأن الأسعار زادت إلى الضعف بعد إغلاق المعبر ليقول: «قبل الإغلاق كان كيلو البندورة يباع بالرقة 700 إلى 800 ليرة (2 ست أميركي) لكن بعد الإغلاق ارتفع سعره إلى الضعفين ووصل الكيلو إلى 2500 واستقر بحدود 1500 و1800 ليرة».
ومنذ 21 مارس (آذار) الماضي تمنع القوات النظامية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد الشاحنات والسيارات التجارية من الدخول إلى مناطق سيطرة «قسد» شمال شرقي البلاد، ونشرت منصات التواصل الاجتماعي وحسابات نشطاء صوراً تظهر مئات الشاحنات المصطفة تكدست في الجانب الثاني للمعبر تنتظر السماح بالدخول.
ويأتي هذا الإغلاق وفقاً لنائب رئيس المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية حمد العبد، بسبب التنافس بين عناصر الفرقة الرابعة التي يتولاها شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد، والفيلق الخامس المدعوم من روسيا، ويقول: «هذا الصراع بات ظاهراً للعلن بهدف السيطرة على المنافذ الحدودية مع مناطق الإدارة، لتحقيق أهدافٍ سياسية وعسكرية ومادية من جهة، وإخضاع الإدارة الذاتية لمخططات روسية من جهة ثانية».
في السياق، كشفت مصادر من إدارة الطبقة المدنية بأن موسكو وقعت اتفاقاً بين قوات النظام السوري وقوات «قسد»، يقضي تزويد مناطق الأولى بالنفط الخام عبر شركة القاطرجي على دفعات أسبوعية من مناطق «قسد» وبمعدل 9 ملايين لتر، يضاف إليها زيادة رسوم عبور السيارات التجارية لتصل إلى نحو 30 في المائة، ودفع ضريبة دخول الأفراد 5 آلاف ليرة سورية لكل شخص يدخل من مناطق النظام نحو مناطق «قسد».
غير أن المسؤول بالإدارة الذاتية حمد العبد أكد أن الإغلاق سببه الرئيسي التنافس الدائر بين قادة الفرقة الرابعة الموالين لإيران والفيلق الخامس التابع لروسيا، وزاد: «يقولون إن الإدارة الذاتية مشروع انفصالي ونحن ندعو لوحدة سوريا أرضاً وشعباً، نأسف لوجود معابر جمركية بين أراضي الدولة الواحدة»، وذكر بأنهم طالبوا مراراً روسيا ومسؤولي النظام الحاكم بضرورة افتتاح معابر إنسانية أمنية وليست جمركية، «بهدف تخفيض المعاناة اليومية في لقمة عيش أبناء البلد الواحد، إن كان يعيش في شمال وشرق سوريا، أو كان يعيش في الداخل السوري».
إلى ذلك، قتل مهرب يتحدر من بلدة الشحيل بريف دير الزور الشرقي أثناء مداهمة «قوات قسد» عدداً من المعابر النهرية بحي الشبكة بالبلدة، والتي تربطها بمناطق النظام السوري، وقالت مصادر محلية وحسابات نشطاء إن عناصر «قسد» وبدعم من قوات التحالف الدولي، «تبادلوا إطلاق النار مع مهربين كانوا يحاولون تهريب مشتقات نفطية لمناطق سيطرة النظام؛ وقُتل مهرب وأصيب آخر نتيجة إطلاق النار، وصادرت القوات المواد المعدة للتهريب وأغرقت العبارات المائية».
على صعيد آخر، عقد في منطقة «نبع السلام» التي تسيطر عليها فصائل موالية لأنقرة بين تل أبيض ورأس العين شرق الفرات، مؤتمر للعشائر العربية بحضور ممثلي فصائل وقوى سياسية سورية معارضة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم