أحزاب لبنانية تبدأ استعداداتها للسباق النيابي قبل عام على موعده

صعوبة تعتري صياغة مشاريعها الانتخابية

TT
20

أحزاب لبنانية تبدأ استعداداتها للسباق النيابي قبل عام على موعده

قبل نحو عام على موعد الانتخابات النيابية، بدأت معظم الأحزاب السياسية، كما مجموعات المجتمع المدني، الاستعداد للاستحقاق الذي يفترض أن يحصل قبل مايو (أيار) 2022، والذي يشكل تحدياً كبيراً، خصوصاً لقوى السلطة، بعد انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، والانهيار المالي والاقتصادي المتواصل. وفي الوقت الذي تتعامل فيه بعض الأحزاب مع العمل الانتخابي بصفته عملاً متواصلاً منذ لحظة انتهاء الانتخابات وصدور النتائج، تعمل أحزاب أخرى على تأهيل ماكيناتها قبل عام واحد أو أشهر من موعد الاستحقاق.
وباستثناء «الحزب التقدمي الاشتراكي»، تؤكد كل الأحزاب الرئيسية أنها بدأت العمل الحزبي على أساس أن الاستحقاق حاصل في موعده، على الرغم من كل ما يشاع عن توجه لتأجيل للانتخابات النيابية، كما تلك الرئاسية عام 2022.
ويقر النائب في «الحزب التقدمي الاشتراكي»، بلال عبد الله، بأن حزبه لم يبدأ بالتحضير للانتخابات، لافتاً إلى أن الحزبيين وأجهزة الحزب مستنفرة لمساعدة الناس، ودعم صمودهم بوجه «كورونا»، كما بوجه الأوضاع الصعبة اقتصادياً واجتماعياً.
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الساعة، لا إشارة باتجاه التحضير للانتخابات، وأعتقد أن من يعمل على الانتخابات يعيش في عالم آخر، في ضوء أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه فلن يبقى هناك بلد، ولن ينفع وزير أو نائب، بالزائد أو الناقص».
وفي المقابل، يؤكد النائب في «التيار الوطني الحر»، أسعد درغام، أن العمل الحزبي بدأ على أساس أن الانتخابات حاصلة في موعدها «ونحن نستعد لها على هذا الأساس، على أن تكون المرحلة الأولى هي للانتخابات التمهيدية الداخلية التي تفرز المرشحين الحزبيين، علماً بأننا نعمل على تحديث آلية هذه الانتخابات التي قد لا تتأخر كثيراً».
أما التحضيرات العملانية للانتخابات فلم تبدأ بعد على مستوى «التيار الوطني الحر»، والتحضير لها، بحسب ما يقوله درغام لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «أعتقد أنه من المبكر الحديث عن العناوين التي سنخوض على أساسها الاستحقاق، من منطلق أنها تُحسم تبعاً للظروف القائمة قبل أشهر من موعد الاستحقاق. فبعد ما مر به لبنان من أزمات اقتصادية ومالية، وبعد احتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) في 2019، يجب على كل الأحزاب أن تعيد صياغة خطابها ومشروعها».
وعلى مستوى الأحزاب المسيحية أيضاً، يشير رئيس جهاز الإعلام في «القوات اللبنانية»، شارل جبور، إلى أن حزبه دائماً في حالة استنفار للتحضير لهذا الاستحقاق، من منطلق أن «الانتخابات هي الوسيلة الوحيدة للتغيير في زمن السلم»، موضحاً أنه «مع انتهاء انتخابات 2018، وضعنا خطة التحضير للانتخابات المقبلة، وانطلقنا فوراً بإعادة النظر بكل تركيبتها لرؤيتنا أن ذلك ضروري طبيعي، وقد انصرفنا لتحديد الثغرات التي واجهتنا في الانتخابات الماضية، وتمت معالجتها». ويضيف جبور لـ«الشرق الأوسط»: «عندما ندعو لانتخابات نيابية مبكرة، لا شك أن لدينا كامل الجهوزية لخوضها. أما العنوان الانتخابي والتحالفات فهي أمور من المبكر حسمها، وإن كان محسوماً أن تحالفاتنا ستكون كما كانت دائماً متجانسة، كوننا لا نعتمد التحالفات الانتخابية، إنما التحالفات السياسية».
وتشبه إلى حد كبير مقاربة «القوات» للملف الانتخابي مقاربة تيار «المستقبل»، حيث يؤكد منسق عام الانتخابات في التيار، فادي سعد، أنهم لا يتوقفون يوماً عن الاستعداد للانتخابات النيابية، موضحاً أنه «عمل دائم، ولذلك نحن جاهزون للانتخابات، ونحضر لها على أساس القانون الانتخابي الذي جرت على أساسه الانتخابات الماضية، وإن كنا لا نزال نتمنى حصول انتخابات مبكرة، نحن جاهزون لخوضها أيضاً».
ويشير سعد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هناك بعض القوى تتمنى -وتعمل على- ألا تحصل الانتخابات، خوفاً من تراجع شعبيتها. أما نحن فنتمسك بها أياً كانت النتائج التي تظهرها الاستطلاعات لأن الاستحقاق النيابي مدخل أساسي لإعادة إنتاج السلطة، وحق للناس لكي يحاسبوا من انتخبوهم»، مضيفاً: «أما مشروعنا الانتخابي فواضح، لجهة الدفاع عن الدولة ومؤسساتها وتقويتها، كذلك فإن خطتنا الاقتصادية موجودة، تماماً كما المشاريع الإصلاحية، على أن تتضح كل معالمها بعد تشكيل الحكومة».
وعلى ضفة «الثنائي الشيعي»، المتمثل في «حزب الله» وحركة «أمل»، فقد انطلق، بحسب مصادر «الثنائي»، منذ شهر تقريباً العمل الداخلي الحزبي في حركة «أمل» «وتمت تسمية شخصية مركزية لكل منطقة، تقوم في مرحلة مقبلة بتشكيل فريق عمل، استعداداً لإطلاق التحرك الفعلي على الأرض». ويُدرك «الثنائي»، بحسب مصادره، أنه لن يحقق ما يطمح له لجهة قانون انتخاب نسبي على أساس لبنان دائرة واحدة، لذلك يستعد للانتخابات على أساس القانون الحالي. ويرجح المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» حصول الانتخابات النيابية في موعدها «مع توجه لتأجيل الانتخابات البلدية، لعدم القدرة، سواء مالياً أو لوجيستياً، على إجراء الاستحقاقين اللذين لا يفصل بينهما إلا أسابيع».
ويشير المصدر إلى أن «الاتفاق على موضوع الانتخابات بين (أمل) و(حزب الله) قائم مستمر، وأنه يتم إطلاق عمليات التنسيق على الأرض قبل نحو 6 أشهر من موعد الاستحقاق الذي ندرك أنه سيشكل تحدياً لكل الأحزاب التي لم تتمكن حتى الساعة، ونحن منها، من حسم الخطاب الذي ستطل به على الناس».
ويضيف المصدر: «الانتخابات المقبلة ستكون فريدة من نوعها، وستشكل تحدياً حقيقياً حتى بالنسبة إلينا (الثنائي الشيعي)، في ظل التحركات الكبيرة لمجموعات المجتمع المدني والـNGOS. ففي نهاية المطاف، هناك جمهور ملتزم حزبياً لا يتأثر بكل ما يجري، لكن القسم الأكبر غير ملتزم، وبالتالي هنا يقع التحدي الأساسي، بدفع هؤلاء للتصويت لصالحنا».
وإذا كانت أحزاب السلطة تجد صعوبة في صياغة برنامجها الانتخابي، وتتعاطى مع الاستحقاق المقبل بصفته أحد أصعب الاستحقاقات التي خاضتها منذ سنوات، فإن أحزاب المعارضة ومجموعات المجتمع المدني تبدو متحمسة مرتاحة لما قد تكون عليه نتائج الانتخابات.
وفي هذا المجال، يكشف أمين عام حزب «الكتائب»، سيرج داغر، أنه «منذ مطلع شهر مارس (آذار)، أطلق الحزب ورشات انتخابية على الصعد كافة: ورشة لاختيار المندوبين وتدريبهم، وورشة للعمل على البرنامج الانتخابي، وورشة للتنظيم والعمل اللوجيستي، وورشة لدراسة التحالفات الانتخابية. ويترافق كل ذلك مع استطلاعات رأي لتحديد أولويات الناس، لأخذها بعين الاعتبار في برنامجنا الانتخابي، علماً بأننا فتحنا النقاش مع كل قوى التغيير، ونطمح إلى أكبر تحالف عابر للمناطق والطوائف».
ويقول داغر لـ«الشرق الأوسط»: «نتعاطى مع حصول الانتخابات في موعدها على اعتباره مسألة حياة أو موت، على أن نواجه أي محاولة للتأجيل بكل الوسائل، فإذا كانت الانتخابات المبكرة مطلباً بالنسبة لنا، فالانتخابات النيابية حق مكتسب للناس، وأي قفز فوقه يعني حرمان الشعب من التعبير عن رأيه».



هل أثّرت «حرب غزة» على جهود التنمية المصرية في سيناء؟

القطار يشق طريقه في سيناء ضمن جهود التنمية (وزارة النقل المصرية)
القطار يشق طريقه في سيناء ضمن جهود التنمية (وزارة النقل المصرية)
TT
20

هل أثّرت «حرب غزة» على جهود التنمية المصرية في سيناء؟

القطار يشق طريقه في سيناء ضمن جهود التنمية (وزارة النقل المصرية)
القطار يشق طريقه في سيناء ضمن جهود التنمية (وزارة النقل المصرية)

تكثف الحكومة المصرية جهود التنمية في سيناء، رغم شكواها من اضطرابات أمنية وسياسية واقتصادية تسببت فيها الحرب الدائرة في قطاع غزة، على الحدود الشمالية الشرقية لشبه الجزيرة المصرية، فيما عد مسؤولون ومراقبون مشاريع التنمية في سيناء «عنصراً رئيسياً في جهود تأمينها ومواجهة أي مخططات خارجية تستهدفها».

وتضمنت جهود التنمية في سيناء على مدار السنوات الماضية «إنشاء وتطوير7 مدن جديدة ونحو 110 آلاف وحدة سكنية، ووصول نسبة تغطية المحافظة بمياه الشرب 96.5 في المائة عام 2025، مقابل 84.4 في المائة، العام الماضي، وإنشاء 5 أنفاق و7 جسور عائمة و5 آلاف كم طرقاً تربط سيناء بالوادي وتدعم التنمية الشاملة»، حسب بيان للمركز الإعلامي لمجلس الوزراء، الخميس.

واعتبر عضو مجلس النواب (البرلمان) عن محافظة شمال سيناء النائب جازي سعد، التنمية هناك «أمناً قومياً» لبلاده، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «متابعته للتطورات التنموية داخل المحافظة تؤكد أن خطة التنمية الحكومية ماضية في طريقها رغم تداعيات حرب غزة، الدائرة من عام 2023»، معتبراً أن مواصلة المشاريع التنموية بـ«الوتيرة نفسها رد عملي على مخطط الرئيس الأميركي دونالد ترمب للتهجير».

واقترح ترمب في 25 يناير (كانون الثاني)، إخلاء قطاع غزة من سكانه ونقلهم إلى مصر والأردن، وهو ما رفضته الدولتان.

واستشهد النائب بتسليم أهالي مدينة رفح القديمة - ممن تركوا مساكنهم خلال الحرب على الإرهاب قبل عدة سنوات - مساكن في مشروع مدينة «رفح الجديدة»، ما يعني إعادة توطين لمصريين في منطقة حدودية قريبة من قطاع غزة.

مدينة رفح الجديدة (صفحة محافظة شمال سيناء فيسبوك)
مدينة رفح الجديدة (صفحة محافظة شمال سيناء فيسبوك)

ووفق الموقع الرسمي «خريطة مشروعات مصر»، تبعد مدينة رفح الجديدة 2 كيلومتر عن الحدود مع قطاع غزة، وتبلغ مساحتها الكلية 535 فداناً، بعدد إجمالي للوحدات 10 آلاف و16 وحدة سكنية (625 عمارة).

محافظ شمال سيناء خلال زيارة مدينة رفح (محافظة شمال سيناء)
محافظ شمال سيناء خلال زيارة مدينة رفح (محافظة شمال سيناء)

ونالت مدينة رفح الجديدة، التي تسلم أهالي سيناء أول دفعة من وحداتها في يناير الماضي، قسطاً من الشائعات المتعلقة بمخطط «التهجير»، حيث نشر البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للمدينة على اعتبار أنها دُشنت لتضم الفلسطينيين الذين سيُهجرون من قطاع غزة.

ونفى محافظ شمال سيناء اللواء خالد مجاور، في 4 أبريل (نيسان) الماضي، ذلك قائلاً عبر «إكس» إنها «جزء من المشروعات القومية التي تهدف إلى إعادة الإعمار».

وخلال مؤتمر صحافي، الأربعاء، بمناسبة احتفالات المحافظة بعيد تحرير سيناء، أكد مجاور مواصلة «معركة التنمية» في شمال سيناء، وأضاف أن خطة التنمية تقوم على توفير «شبكة طرق لجذب الاستثمارات، ومنفذ مائي، وآخر جوي»، مشيراً إلى أن عملية جذب الاستثمار عقب السنوات التي عانت فيها المحافظة من الإرهاب ليست سهلة، وتحتاج إلى جهد كبير. وشكا المحافظ من «متغيرات أمنية وسياسية تؤثر (على التنمية)»، في إشارة إلى حرب غزة.

محطة قطار بسيناء (وزارة النقل المصرية)
محطة قطار بسيناء (وزارة النقل المصرية)

ولفت رئيس جمعية مجاهدي سيناء وأحد عواقل قبيلة الترابين في شمال سيناء، عبد الله جهامة، إلى خط السكة الحديد الذي افتتحت الحكومة أولى مراحله في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بمدينة بئر العبد، لنقل الركاب والبضائع، بينما يتواصل العمل على مد هذا الخط في عمق سيناء.

يتفق حاتم البلك، عضو المكتب السياسي لحزب «الكرامة» بالعريش (شمال سيناء)، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» مع أن «مشاريع التنمية تسير بشكل طبيعي خلال الحرب على غزة، حيث افتتحت الحكومة في العامين الماضيين محطات لتحلية المياه، لمواجهة أزمة تعاني منها المحافظة منذ 43 عاماً».

وأنشأت الحكومة بالتعاون مع منظمات مجتمع مدني 4 محطات لتحلية مياه الشرب في مدينة الشيخ زويد في فبراير (شباط) الماضي.

من جانبه، قال المسؤول السابق في الجهاز الوطني لتنمية سيناء، عادل محسن، إن «سيناء تأثرت بالحرب على غزة تبعاً للتأثر الذي شهدته مصر ككل»، لافتاً إلى استمرار العمل في المشاريع السكنية في رفح الجديدة، والمشاريع الصناعية التي تجري في مدينة بئر العبد.

الحياة تسير بشكل طبيعي داخل مدينة رفح الجديدة (محافظة شمال سيناء - فيسبوك)
الحياة تسير بشكل طبيعي داخل مدينة رفح الجديدة (محافظة شمال سيناء - فيسبوك)

وتستكمل الحكومة تطوير ميناء العريش الذي بلغت نسبة العمل فيه 74 في المائة حتى الآن، حسب حوار صحافي لمحافظ شمال سيناء مع جريدة «الأخبار»، الأربعاء. ورغم عدم اكتماله، أشار المحافظ خلال مؤتمر صحافي في اليوم نفسه إلى أن «الميناء بدأ العمل باستقبال 24 سفينة بينها سفن ضخمة محملة بالمساعدات».

وعلى مدار الشهور الماضية، استغلت الحكومة المصرية زيارات مسؤولين دوليين إلى معبر رفح البري لمتابعة تدفق المساعدات إلى غزة، لإطلاع هذه الوفود على حقيقة التطورات التنموية في سيناء، حسب مجاور، الذي أشار إلى أن كثيراً من الوافدين يكونون «مشوشين، ولا يدركون حقيقة الأوضاع في مصر».