أزمة المنازل التاريخية في بريطانيا... أمراض الزمن وتوقف الزوار

تراجع عائداتها بسبب الإغلاق أثّر على جهود صيانتها الموسمية

TT

أزمة المنازل التاريخية في بريطانيا... أمراض الزمن وتوقف الزوار

مثلها مثل المنشآت السياحية تواجه دارة «كنتويل هول» التاريخية المشيّدة خلال حكم أسرة تيودور لبريطانيا خطراً وجودياً، شأنها في ذلك شأن مبانٍ تاريخية كثيرة اضطرت إلى إقفال أبوابها مع فرض إجراءات الإغلاق عقب تفشي جائحة «كوفيد - 19»، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
و«كنتويل هول» المشهور بأبراجه قرب منطقة باري سانت إدموندز في شرق بريطانيا صمد على مدى 450 عاماً تخللها كثير من الاضطرابات التاريخية، لكنه الآن بحاجة ماسّة إلى أعمال صيانة ضرورية لا يمكن تأمين تكلفتها بسبب تراجع عائدات المنزل المالية منذ بدء الجائحة.
وفي وجه هذه المصاعب المالية المتنامية، لم يكن أمام أصحاب المباني التاريخية مثل باتريك فيليبس الذي اشترى كنتويل عام 1971، سوى مناشدة الحكومة السماح لهم بإعادة فتح المنازل أمام الزوار في أسرع وقت.
وقال المحامي العريق السابق الذي تولى عملية ترميم المنزل لعقود، إنه اضطر للتقشف إلى أقصى الحدود بعد تراجع الموارد المالية للمنزل بمعدل 90% في عام 2020، بعد أن بلغت 1,5 مليون جنيه (مليوني دولار) عام 2019.
وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية: «محاولة إدارة هذا المنزل من دون عائدات تشكّل عبئاً هائلاً جداً»، مشيراً إلى أن معظم الأموال التي يدرّها المنزل التاريخي جاءت من استئجاره لإقامة المناسبات والزوار. لكن غياب أي مصدر مالي في الأشهر الـ12 الماضية يعني تعليق أعمال أساسية، مثل صيانة حائط خندق مائي حول المنزل يبلغ طوله 731 متراً.
وقال فيليبس إن محاولة إصلاح حائط الخندق الذي تداعى في منطقة حساسة هو «كارثة بالمطلق» في غياب التمويل.
وأضاف: «هذا الجزء بشكل خاص يدعم مبنى قديماً مشيداً في القرن الخامس عشر»، لافتاً إلى أنه «قبل أن نتمكن من دخوله وإلقاء نظرة، لا يمكننا أن نعلم مدى خطورة الأمر».
مالك المنزل التاريخي كان واضحاً في انتقاده خطط الحكومة بإعادة فتح الاقتصاد، قائلاً: إنهم «يتبعون المسار الخطأ». وشبّه فيليبس المباني التاريخية بقطاع الضيافة، معتبراً: «نحن جميعاً نعاني بلا أي داعٍ».
وكشفت الحكومة البريطانية في فبراير (شباط) عن خطة وصفها رئيس الوزراء بوريس جونسون بأنها «حذرة لكن لا عودة عنها» للخروج من إغلاق وطني ثالث.
ومع ذلك فإن المنازل التاريخية وقطاعات أخرى تطالب بأجوبة عن سبب اضطرارها إلى الانتظار حتى مايو (أيار) لفتح أجزاء من أعمالها، وحتى يونيو (حزيران) لإعادة الفتح بالكامل، بينما من المقرر إعادة فتح متاجر التجزئة غير الأساسية في 12 أبريل (نيسان). وتطالب جمعية المنازل التاريخية التي تمثل 1500 منزل، الحكومة، بضمان التزامها بالنصائح العلمية، دون فرض أعباء غير ضرورية على أصحاب هذه المنازل.
وقال جيمس بروبيرت، مدير الجمعية للتسويق والتنمية: «إنها أعمال حيوية وعليها تأمين مساهمات مادية حيوية أيضاً».
وأضاف: «لم نقل إنه يجب عليكم السماح لهذه الأعمال بأن تفتح في 12 أبريل، بل قلنا: هل بإمكانكم النظر في هذا الأمر والتأكد من أن كل شيء يجري على ضوء النصائح العلمية المنطقية؟».
ويترتب على أعضاء جمعية مالكي المنازل التاريخية أعمال صيانة وترميم بقيمة 1,4 مليار جنيه إسترليني لعام 2019، منها 400 مليون جنيه لأعمال طارئة، وهو مبلغ يتوقع بروبيرت أن يرتفع خلال الجائحة.
وقال إن المنازل التاريخية تواجه «تراكم أزمة» العفن الذي يعشش في كثير من المنازل بسبب الرطوبة.
وأضاف أن هذه المشكلة تصيب «منازل تاريخية مهمة جداً تعد جزءاً من تراثنا الوطني ومفتوحة أمام العموم».
وليست المنازل التاريخية في بريطانيا وحدها مَن يدفع ثمن الجائحة، بل أيضاً 34400 عامل يوظفهم أصحاب المنازل ويواجه 3 آلاف منهم الآن خطر الصرف التعسفي على الرغم من خطة المساعدات الحكومية للعمال المتضررين. عاشت عائلة تشارلز كورتيناي، الإيرل الـ19 لمقاطعة ديفون، في قلعة باودرهام في جنوب غربي بريطانيا منذ 600 عام.
وفي حين أنه لا تمكن مقارنة تداعيات أزمة كوفيد بالأضرار التي أصابت القلعة خلال الحرب الأهلية في بريطانيا في القرن السابع عشر، يقول كورتيناي إن المياه ألحقت أضراراً بالسقف وصلت إلى «مرحلة أزمة تقريباً».
لكنّ مؤسسات تُعنى بالتراث الوطني مثل «هيستوريك إنغلاند» ساعدت أصحاب المنازل من خلال تمويل الصيانة في فترة الشتاء، ما حدّ من تفاقم المشكلات وتراكم الأعباء المادية.
وقال كورتيناي إن شركة باودرهام ستعيد فتح حدائقها «بأسرع ما يمكننا ذلك»، مشيراً إلى أن عدداً قليلاً جداً من المنازل التاريخية تملك فائضاً مالياً.
وأضاف: «كل ما تم جنيه يعاد استثماره في البناء أو الإدارة».
وأوضح الإيرل أن الجائحة «دمّرتنا مالياً»، لكن عند فتح الحدائق الصيف الماضي باتت القلعة أقرب ما تكون إلى «مساحة مجتمعية حيث بإمكان الناس أن يأتوا ويكونوا في الهواء الطلق بعد وقت عصيب هذا العام».
وأكد: «كنا فخورين ومسرورين بكوننا قادرين على جعل هذه المساحة متوافرة للناس».


مقالات ذات صلة

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.