«بافاروتي الصغير» يكتسح نيويورك في غراميات «هوفمان» الفاشلة

فيتوريو غريغولو.. نجم ساطع جديد في عالم المسرحيات الغنائية

لوتشيانو بافاروتي في مشهد بإحدى المسرحيات الغنائية
لوتشيانو بافاروتي في مشهد بإحدى المسرحيات الغنائية
TT

«بافاروتي الصغير» يكتسح نيويورك في غراميات «هوفمان» الفاشلة

لوتشيانو بافاروتي في مشهد بإحدى المسرحيات الغنائية
لوتشيانو بافاروتي في مشهد بإحدى المسرحيات الغنائية

من كان يظن أن الطفل الذي غنى دور الراعي الصغير قبل 25 عاما في أوبرا «توسكا» لبوتشيني على مسرح دار الأوبرا بروما التي أبدع فيها عملاق الفن لوتشيانو بافاروتي سيحاول وراثة مغني الأوبرا الشهير في أهم دار للأوبرا في العالم وهي المتروبوليتان في نيويورك؟
شاهدنا في إحدى دور السينما في العاصمة الإيطالية وفي نفس الوقت في 160 صالة للسينما في إيطاليا النجم الساطع الجديد فيتوريو غريغولو الذي سمي آنذاك «بافاروتي الصغير» (بافارانتينو بالإيطالية) في نقل مباشر من دار أوبرا المتروبوليتان في نيويورك إلى 70 بلدا في العالم يقوم بدور البطولة في أوبرا «حكايات هوفمان» للموسيقار الفرنسي ذي الأصل الألماني جاك أوفنباخ. كانت المرة الأولى التي يغني فيها غريغولو في نيويورك وكان أداؤه مذهلا وسيمهد له الطريق ليصبح من أشهر وأروع مغني الأوبرا في العالم.
يقول غريغولو: إن «الحياة مثل علبة شوكولاته لا يمكنك أن تعرف مذاق كل قطعة إلا حين تفتحها وتضعها في فمك». بالنسبة لمغني التينور الشاب الوسيم المتحمس ذي الثمانية وثلاثين عاما والملامح العربية تبدو الحياة بهيجة ومفرحة والمستقبل مليء بالتفاؤل والتقدم، فهو يملك الموهبة الفذة والتدريب المميز والشخصية المحببة. حين قدمته مغنية الأوبرا الأميركية المشهورة ديبورا فويت ذكرت أنه يخلف العمالقة الذين قاموا بدور هوفمان في السابق أمثال الفريدو كراوس وبلاسيدو دومينغو حيث فشل هوفمان في غرامياته مع 3 نساء فسألته على الهواء: ما رأيك في أولئك النساء ومن المفضلة لديك؟ أجابها غريغولو على الفور: تلك التي تقف بجانبي! فوجئت فويت بجوابه وغزله وسألته: ماذا تتوقع منها؟ رده السريع قبل أن تكمل سؤالها: أنت تعرفين الجواب، ثم اقترب منها فقالت: قبلة، وقبلته قائلة: إنك رائع وبعدها اختتمت المقابلة وأدارت وجهها نحو المشاهدين وأردفت: هذه إحدى متع عملنا!
ولد فيتوريو في مدينة اريتزو بمقاطعة توسكانا وترعرع في روما ويذكره الكثير من هواة الموسيقى فيها حين ظهر في أوبرا «حلاق إشبيلية» لروسيني و«لاترافياتا» لفيردي وها هو يكتسح الصرح الفني الكبير في نيويورك بنجاح باهر سهله دور هوفمان وموسيقى أوفنباخ العذبة. قصة «حكايات هوفمان» تروي غراميات الشاعر هوفمان مع 3 نساء حطمن قلبه وما جرى معه في محاولاته الوقوع في حب «اللعبة» أوليبميا ثم «المسلولة» «انتونيا وبعدها» المحظية «جوليتا» من مدينة فينيسيا (البندقية) التي تغني المقطوعة الشهيرة «باركارول» ترجو الليل أن يكون رقيقا ليسهل الطريق الطويل إلى الحب المستحيل أو كما يقول الشاعر نزار قباني: «وهل يستطيع المتيم بالحب أن يستقيلا».
يشتهر أوفنباخ أيضا بالرقصة المعروفة ذائعة الصيت «كان كان» المأخوذة من أوبرا أورفيوس في العالم السفلي (أو جهنم) التي يتندر فيها على إلهة وإلاهات الإغريق وهو يقصد فعلا التهكم على المجتمع الفرنسي في عهد الإمبراطور نابليون الثالث.
ولد أوفنباخ في ألمانيا عام 1819 وتجنس بالجنسية الفرنسية واشتهر في باريس بموسيقاه الخفيفة. كان مصابا بقصر البصر ذا جسم هزيل ونحيل يعتليه أنف ضخم وشعر طويل ورأس كالببغاء فكان يبدو وكأنه إنسان ذكي بشكل فزاعة لإخافة الطيور والعصافير. سماه الموسيقار الإيطالي روسيني موتسارت جادة الشانزلزيه بباريس وكان معجبا بألحانه وروحه المرحة وحبه للهجاء والمحاكاة الساخرة حيث لم يسلم أحد من شره كالساسة والجيش والإمبراطور نفسه وبعض المؤلفين الموسيقيين مثل فاغنر الذي كان يبادله الكراهية ويصف موسيقاه بأنها «سطحية ومبتذلة مثل روث الحيوانات يتمرغ فيها الخنازير».
أعجب أوفنباخ في آخر حياته بقصة «حكايات هوفمان» للكاتب الألماني الرومانسي الخيالي مع نزعة إلى الترويع أرنست فيلهلم هوفمان (1776 – 1822) وهو نفس مؤلف قصة باليه «كسارة البندق» لتشايكوفسكي وباليه «كوبيليا» لديليب وله تأثير كبير على أدباء القرن التاسع عشر مثل بودلير وديكنز وغوغول وكافكا وحتى المخرج السينمائي هيتشكوك.
تفتحت موهبة فيتوريو غريغولو الغنائية وعمره 9 سنوات حين رافق والدته في زيارتها إلى طبيب العيون في روما وسمع أحدهم يغني في الغرفة المجاورة فرافقه في الغناء، وتم تدريبه على الغناء في الفاتيكان وبالتحديد كنيسة سيستينا الضخمة المليئة بالأعمال الفنية النادرة وأبرزها لوحة «العشاء الأخير» لمايكل أنجلو، وقد التحق بها كمغن في الجوقة الموسيقية. في بداية شبابه عمل سائقا في سباق سيارات «فورمولا 1» الرياضية لكنه بعد حادث جرى له عاد إلى حقل الموسيقى وبرع فيها كما انتسب إلى أوبرا فيينا وعمره 18 عاما وكان أصغر فنان يؤدي دورا غنائيا في أوبرا لاسكالا بميلانو وعمره لا يتجاوز 23 سنة. قام بدور هوفمان قبل سنوات في دار أوبرا زيوريخ بسويسرا كما سجل المسرحية الغنائية «قصة الجزء الغربي» (ويست سايد ستوري) لبرنستاين على أسطوانة مدمجة لقيت استحسانا كبيرا لصفاء صوت وجماله وقوته، وألحقها عام 2011 بأسطوانة مدمجة رائعة بعنوان «إلى اللقاء» (اريفيدرتشي بالإيطالية) يشرح فيها معنى الكلمة باللغة الإيطالية التي تختلف عن غيرها من اللغات حيث يقال «وداعا» أو «مع السلامة». بالنسبة لغريغولو الكلمة الإيطالية تعني لنبحث عن الماضي كي نعود إلى الحاضر لذا اختار عددا من روائع أغاني الأوبرا الإيطالية مثل فيردي وروسيني وجوردانو وبوتشيني ثم أضاف الأغاني المشهورة في نابولي وروما مثل «تي فوليو تانتو بينه» واريفيدرتشي روما وختمها بالمغني الكبير لوتشو دالا في أغنيته الرائعة «كاروزو». انتقى غريغولو مختارات الأغاني بعناية فائقة كي تعتبر عن الاستمرارية في الثقافة الإيطالية وربط الماضي بالحاضر والتطلع إلى المستقبل.
يضيف غريغولو قائلا «حين أتجول في روما على متن دراجتي البخارية وأنتقل من ساحة إسبانيا إلى نافورة العشاق أحس بمدى ارتباطي بتاريخ هذه المدينة الساحرة». يمثل غريغولو الروح الإيطالية في الغناء وأسلوبه في الأداء يقنعك بأنه صقل صوته فأصبح مثل الذهب لأنه ينشد بثقة وعاطفة وبصوت جميل صاف واضح اللفظ ويمكنك أن تغمض عينيك وتصغي إليه فتشعر بالطرب والاطمئنان والمتعة فتحب ما تسمعه منه دون أن تدرك كيف صاغ الجمل الموسيقية والسحبات والتموجات بطريقة غضة أنيقة جذابة، وشعاره «سأراك مجددا عما قريب».
وصفته جريدة «إندبندنت» البريطانية بأنه أكثر المغنين الموهوبين إثارة هذه الأيام، ووصفته صحيفة «الغارديان» بأن «لديه كل شيء» أما المجلة الفرنسية «دياباسون» المختصة بالموسيقى فقد أكدت أنه «اكتشاف العام». ذكرت جريدة «لا ريببليكا» الإيطالية أن «صوته يلاحق صوت بافاروتي في تطوره ونضوجه».
سيبحث عنه المجد في أرجاء العالم لكن حنينه سيبقى دائما في روما فهي بالنسبة إليه «عاصمة العالم، (كابوت موندي باللغة اللاتينية) كما كان يقول الرومان ذات يوم، والآن غدت نيويورك العاصمة الجديدة للعالم التي اكتسحها هذا الفنان الموهوب.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.