مستويات قياسية لمؤشري «الوظائف» و«الخدمات» تشعل «وول ستريت»

مدعومة بزخم اقتصادي واسع

شهدت مؤشرات «وول ستريت» ارتفاعات قياسية مع بيانات غير مسبوقة لقطاع الخدمات (أ.ب)
شهدت مؤشرات «وول ستريت» ارتفاعات قياسية مع بيانات غير مسبوقة لقطاع الخدمات (أ.ب)
TT

مستويات قياسية لمؤشري «الوظائف» و«الخدمات» تشعل «وول ستريت»

شهدت مؤشرات «وول ستريت» ارتفاعات قياسية مع بيانات غير مسبوقة لقطاع الخدمات (أ.ب)
شهدت مؤشرات «وول ستريت» ارتفاعات قياسية مع بيانات غير مسبوقة لقطاع الخدمات (أ.ب)

فتح مؤشر «ستاندارد آند بورز 500» عند قمة غير مسبوقة، الاثنين، مدعوماً ببيانات وظائف وخدمات قوية، تشير إلى أن 2021 قد يشهد أفضل نمو اقتصادي سنوي في نحو 4 عقود.
وصعد مؤشر «داو جونز الصناعي» 69.2 نقطة بما يعادل 0.21 في المائة إلى 33222.38 نقطة، وفتح مؤشر «ستاندارد آند بورز 500» على زيادة 14.6 نقطة أو 0.36 في المائة إلى 4034.44 نقطة، وارتفع مؤشر «ناسداك المجمع» 114.8 نقطة أو 0.85 في المائة إلى 13594.899 نقطة.
وأظهر مسح أن مؤشراً لنشاط قطاع الخدمات في الولايات المتحدة قفز إلى مستوى قياسي وسط نمو قوي في طلبات الشراء الجديدة، وهي أحدث إشارة إلى زخم في الاقتصاد تدعمه زيادة في اللقاحات وتحفيز مالي ضخم.
وقال «معهد إدارة المعروض»، الاثنين، إن مؤشره لنشاط قطاع الخدمات تعافى إلى قراءة عند 63.7 نقطة الشهر الماضي، مدعوماً أيضاً بأحوال جوية أكثر دفئاً. وذلك هو أعلى مستوى في تاريخ المسح، ويأتي بعد قراءة بلغت 55.3 نقطة في فبراير (شباط) الماضي. وتشير قراءة فوق 50 إلى نمو في قطاع الخدمات الذي يشكل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة. وكان خبراء اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا أن يرتفع المؤشر إلى 59.0 نقطة في مارس (آذار) الماضي.
وتعافى المؤشر الفرعي لطلبات الشراء الجديدة بقطاع الخدمات إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 67.2 نقطة في مارس، من أدنى مستوى في 9 أشهر البالغ 51.9 نقطة الذي سجله في فبراير.
وقفز المؤشر الفرعي للتوظيف بقطاع الخدمات إلى 57.2 نقطة الشهر الماضي، وهي أعلى قراءة منذ مايو (أيار) 2019، ارتفاعاً من 52.7 نقطة في فبراير. ويؤكد ذلك التسارع الحاد في التوظيف في صناعة الخدمات بالقطاع الخاص في مارس.
وفي آسيا، أغلقت الأسهم اليابانية على ارتفاع، الاثنين؛ إذ عززت بيانات توظيف قوية في الولايات المتحدة التفاؤل حيال تعافي أكبر اقتصاد في العالم، مما دفع بالمستثمرين لشراء أسهم ذات ثقل على المؤشر مثل أسهم «مجموعة سوفت بنك» و«فاست ريتيلينغ»، إضافة لأسهم شركات مرتبطة بصناعة الرقائق الإلكترونية.
وارتفع مؤشر «نيكي القياسي» 0.82 في المائة ليغلق عند 30089.25 نقطة، ليبلغ حاجز الثلاثين ألف نقطة للمرة الأولى في أكثر من أسبوعين. وتقدم مؤشر «توبكس الأوسع نطاقاً» 0.6 في المائة إلى 1983.54 نقطة.
وقالت وزارة العمل الأميركية يوم الجمعة إن عدد الوظائف في القطاعات غير الزراعية زاد 916 ألفاً الشهر الماضي، في أكبر زيادة منذ أغسطس (آب) الماضي. وكان خبراء اقتصاد استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا ارتفاع الوظائف 647 ألفاً في مارس الماضي.
وقال شويتشي إريساوا، مدير عام إدارة أبحاث الاستثمار في «إيواي كوزمو سيكيوريتيز»: «تفاعل المستثمرون بشكل إيجابي للغاية مع البيانات القوية للوظائف الأميركية». وأضاف: «ارتفعت عائدات السندات الأميركية بعد فترة وجيزة من صدور بيانات الوظائف، وهذا يدعم أسهم البنوك اليابانية أيضاً».
وارتفع سهمان لهما ثقل على المؤشر؛ هما «فاست ريتيلينغ» المشغلة لعلامة «يونيكلو» التجارية للملابس 2.35 في المائة، وسهم «مجموعة سوفت بنك» التي تستثمر في شركات التكنولوجيا الناشئة 2.1 في المائة. كما زادت أسهم الشركات المرتبطة بالرقائق؛ إذ صعد سهم «أدفانتيست» 1.9 في المائة، وارتفع سهم «طوكيو إلكترون» 0.36 في المائة، وزاد سهم «شين إتسو كيميكال» 0.16 في المائة.



الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

أشار صناع السياسة في «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الثلاثاء، إلى أن أسعار الفائدة بمنطقة اليورو ستستمر في الانخفاض، مع القضاء على التضخم إلى حد كبير، في حين أن النمو الاقتصادي الضعيف، الذي قد يتفاقم بسبب الرسوم الجمركية الأميركية، قد يصبح القضية الكبيرة التالية التي تواجه المنطقة.

وخفض «المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة 3 مرات هذا العام، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى في كل اجتماع لـ«لجنة السياسة» حتى يونيو (حزيران) المقبل على الأقل، مع تجنب المنطقة ركوداً آخر، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، قال رئيس «البنك المركزي»، البرتغالي ماريو سينتينو، إن الاقتصاد يواجه ركوداً، محذراً بأن «المخاطر تتراكم نحو الهبوط»، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية التي هدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرضها تشكل تهديداً إضافياً.

وحذر سينتينو أيضاً بأن تأخر «البنك المركزي الأوروبي» في خفض أسعار الفائدة قد يزيد من خطر انخفاض التضخم إلى ما دون المستوى المستهدف.

من جانبه، أوضح نائب رئيس «البنك المركزي الأوروبي»، لويس دي غيندوس، أن النمو أصبح الشغل الشاغل للبنك، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ظهور دورة مدمرة من الحروب التجارية.

وقال دي غيندوس لصحيفة «هلسنغن سانومات» الفنلندية: «القلق بشأن التضخم المرتفع تحول الآن إلى القلق بشأن النمو الاقتصادي».

وأضاف: «عندما نفرض الرسوم الجمركية، فيجب أن نكون مستعدين لرد فعل من الطرف الآخر، وهو ما قد يؤدي إلى بداية حلقة مفرغة».

وأكد دي غيندوس أن «هذا الأمر قد يتحول في نهاية المطاف إلى حرب تجارية، وهو ما سيكون ضاراً للغاية بالاقتصاد العالمي».

وتابع: «هذا سيؤدي إلى ضعف النمو، وارتفاع التضخم، وتأثير على الاستقرار المالي، في وضع يعدّ خسارة لجميع الأطراف».

وكان ترمب قد أعلن هذا الأسبوع أنه سيفرض رسوماً جمركية كبيرة على أكبر 3 شركاء تجاريين للولايات المتحدة: كندا والمكسيك والصين، فور توليه منصب الرئاسة.

وبشأن تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على النمو في أوروبا، فقد قال رئيس «البنك المركزي الفرنسي»، خلال مؤتمر للمستثمرين الأفراد في باريس، إن تأثير التضخم في أوروبا قد لا يكون كبيراً.

وقال فرنسوا فيليروي دي غالهاو: «قد يكون تأثير التضخم محدوداً نسبياً في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل التي تحددها السوق لديها ميل معين لعبور المحيط الأطلسي».

وأضاف: «لا أعتقد أن هذا سيغير كثيراً بالنسبة إلى أسعار الفائدة قصيرة الأجل في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل قد تشهد تأثيراً انتقالياً».

من جهته، أضاف محافظ «البنك المركزي الفنلندي»، أولي رين، تحذيراً بخصوص النمو، متوقعاً أن يظل النشاط الاقتصادي ضعيفاً مع انتعاش بطيء، وهو ما قد يدفع «البنك المركزي الأوروبي» إلى خفض سعر الفائدة إلى المعدل المحايد الذي لا يعوق النمو الاقتصادي، بحلول أوائل الربيع المقبل.

وعلى الرغم من أن المعدل المحايد ليس رقماً ثابتاً، فإن معظم خبراء الاقتصاد يرون أنه في نطاق بين اثنين و2.5 في المائة، وهو أقل كثيراً من المستوى الحالي لـ«البنك المركزي الأوروبي» البالغ 3.25 في المائة.

ولا يُتوقع أن تتوقف أسعار الفائدة عند المعدل المحايد؛ إذ تتوقع سوق المال أن يهبط سعر الفائدة على الودائع إلى 1.75 في المائة العام المقبل، وهو مستوى من شأنه تحفيز النمو.

وقال رين: «إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على منتجات دول أخرى، سواء أكانت بنسبة 10 أم 20 في المائة، وردّ الجميع، فإن جميع الأطراف ستخسر».

وأضاف أنه «في هذه الحالة، فإن الولايات المتحدة ستخسر أكثر؛ لأن الدول الأخرى قد توجه صادراتها إلى أسواق أخرى، في حين ستواجه الشركات الأميركية الرسوم الجمركية نفسها في كل مكان».

في المقابل، انخفض، يوم الثلاثاء، مؤشر رئيسي لتوقعات التضخم بمنطقة اليورو على المدى البعيد في السوق إلى أقل من اثنين في المائة لأول مرة منذ يوليو (تموز) 2022، في دلالة على اعتقاد المستثمرين أن النمو المتعثر قد يؤدي إلى تضخم أقل من الهدف المحدد من قبل «البنك المركزي الأوروبي». وأظهرت بيانات «بورصة لندن» أن مبادلة التضخم الآجلة لمدة 5 سنوات تراجعت إلى 1.9994 في المائة، وهو انخفاض حاد نسبياً مقارنة بأكثر من 2.2 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتعكس هذه المبادلة توقعات المستثمرين بشأن التضخم خلال فترة الـ5 سنوات التي تبدأ بعد 5 سنوات من الآن.

لماذا يعدّ ذلك مهماً؟

يعدّ «البنك المركزي الأوروبي» محافظاً على تناغم دقيق مع توقعات التضخم لدى المستثمرين والأسر والشركات. ويعتقد كثير من خبراء الاقتصاد أن هذه التوقعات يمكن أن تتحول إلى نبوءة تحقق ذاتها، حيث يزيد المستهلكون من إنفاقهم الآن لتجنب ارتفاع الأسعار في المستقبل أو العكس. في عام 2014، أشار رئيس «البنك المركزي الأوروبي» السابق، ماريو دراغي، إلى مبادلة التضخم لمدة 5 سنوات، التي كانت آنذاك أقل قليلاً من اثنين في المائة، بوصف الأمر مقلقاً لـ«البنك المركزي». ومنذ عام 2022، كان «المركزي الأوروبي» يواجه خطر الانكماش بوصفه مصدر قلق رئيسياً.

ومن المرجح أن يعزز هذا الانخفاض الأخير من التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل «المركزي الأوروبي».

وانخفض التضخم في منطقة اليورو من أعلى مستوى قياسي بلغ 10.6 في المائة خلال أكتوبر 2022، إلى 1.7 في المائة خلال سبتمبر من هذا العام، قبل أن يرتفع مجدداً إلى اثنين في المائة خلال أكتوبر الماضي. ومن المتوقع إصدار بيانات نوفمبر (تشرين الثاني) يوم الجمعة المقبل. ووفقاً للمحللين، فقد ساهمت عوامل عدة في تهدئة نمو الأسعار، مثل تطبيع سلاسل التوريد التي تأثرت بجائحة «كوفيد19»، وانخفاض أسعار الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة من قبل «البنك المركزي».

كما أظهرت بيانات مسح يوم الجمعة أن نشاط الأعمال في منطقة اليورو تراجع بشكل حاد في نوفمبر الحالي أكثر مما كان متوقعاً، مما زاد من المخاوف بشأن ضعف النمو بالمنطقة.

في هذا السياق، قال كبير خبراء الاقتصاد في «البنك المركزي الأوروبي»، فيليب لين، يوم الاثنين، إن التضخم قد ينخفض إلى ما دون الهدف في حال استمر النمو الضعيف. وأشار لين، في تصريحات نقلتها صحيفة «ليزيكو» الفرنسية، إلى أنه «ينبغي ألا تظل السياسة النقدية مقيدة لفترة طويلة، وإلا فإن الاقتصاد لن ينمو بالقدر الكافي، وأعتقد أن التضخم سيهبط إلى ما دون الهدف».