شحنة صواريخ إيرانية تدخل من العراق إلى دير الزور والرقة

ميليشيات موالية لطهران تتهم عناصر النظام بالهجمات عليها

ميليشيات عراقية موالية للقوات الإيرانية في دير الزور (المرصد السوري)
ميليشيات عراقية موالية للقوات الإيرانية في دير الزور (المرصد السوري)
TT

شحنة صواريخ إيرانية تدخل من العراق إلى دير الزور والرقة

ميليشيات عراقية موالية للقوات الإيرانية في دير الزور (المرصد السوري)
ميليشيات عراقية موالية للقوات الإيرانية في دير الزور (المرصد السوري)

أفادت مصادر في منطقة غرب الفرات بريف دير الزور الشرقي، بأن شحنة أسلحة جديدة مؤلفة من 4 شاحنات تضم صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، تابعة للميليشيات الموالية لإيران، دخلت صباح أمس، الأراضي السورية، قادمة من العراق، عبر معبر «السكك» غير الشرعي الواقع قرب مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، حيث رافقت الشاحنات، ثلاث سيارات عسكرية تابعة للميليشيات الإيرانية، وسيارة للفرقة الرابعة، بعد عبورها الأراضي العراقية.
وبحسب مصادر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فقد جرى إفراغ شاحنتين في مستودعات ميليشيا «فاطميون» الأفغانية، في منطقة عياش بريف دير الزور الغربي، وتابعت الشاحنتان الأخريان طريقهما نحو مواقع الميليشيات الإيرانية في الريف الشرقي لمحافظة الرقة.
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، قد نشر مؤخراً، بأن شحنة أسلحة جديدة تابعة للميليشيات الموالية لإيران، وصلت مع ساعات الصباح الأولى إلى منطقة الميادين قادمة من الأراضي العراقية، حيث دخلت 3 شاحنات «برادات» تحمل خضراوات وفاكهة قادمة من العراق، وتوجهت في بداية الأمر إلى «سوق الهال» في الميادين، وقامت بإنزال صناديق خضراوات وفاكهة كنوع من التمويه، قبل أن تغادر إلى منطقة المزارع - أكبر تجمع للميليشيات في منطقة الميادين - وقامت بإفراغ الأسلحة داخل أنفاق كان تنظيم «داعش» قد حفرها سابقاً، ويتم استخدامها حالياً من قبل الميليشيات الموالية لإيران للتنقل وتخزين السلاح والذخيرة.
في شأن متصل، قالت مصادر محلية في دير الزور، بأن الأجهزة الأمنية التابعة للنظام تتابع عن كثب تحركات الميليشيات الإيرانية في البوكمال والميادين، كما تجري تلك الأجهزة دراسات أمنية، حول المنتسبين المحليين الجدد إلى الميليشيات الإيرانية، ومن يتعامل معها من الأهالي.
وضمن هذا النشاط، اعتقلت قوى الأمن السوري قبل نحو أسبوعين، أحد أبناء بلدة الهري الواقعة على الحدود السورية - العراقية في البوكمال، أثناء تواجده في العاصمة دمشق؛ بتهمة المساعدة في تنفيذ هجمات ضد الميليشيات الإيرانية المتواجدة في مدينة البوكمال. ويعد المعتقل من أبرز المتعاملين مع الميليشيات الإيرانية، ومقرباً من النظام، كما عُرف بنشاطه في عمليات التهريب وعلاقاته مع مختلف الفصائل المسيطرة شرق البلاد، بما فيها «داعش»، قبل أن تسيطر الميليشيات الإيرانية، وقد نشط معها لاحقاً في التهريب وتولى مهمة تسهيل بيع الأراضي والعقارات للإيرانيين.
وتنتشر الميليشيات التابعة لإيران في ريف دير الزور غرب نهر الفرات، في حين تتمركز «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) شرق الفرات. وتقدر أعداد المقاتلين المنضوين في الميليشيات التابعة لإيران في دير الزور، بنحو خمسة عشر ألف مقاتل من جنسيات متعددة، عراقية وأفغانية وباكستانية ولبنانية، ويتركزون بين مدينتي البوكمال الحدودية ودير الزور، مروراً بالميادين.
من جانب آخر، أفادت مصادر متقاطعة بمقتل ضابط وعنصرين من قوات الفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام، في سجن مطار الجراح العسكري، شرق حلب، الخاضع لسيطرة إيران، وقالت المصادر، إن هؤلاء قُتلوا أثناء التحقيق معهم على خلفية اتهامهم بالضلوع في هجمات على الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وكانت ميليشيا «حزب الله» اللبنانية وكتيبة أفغانية، قد شنّت، حملة اعتقالات في صفوف ضباط وعناصر أمن وقوات النظام السوري، في منطقة مسكنة وريفها شرقي حلب، بعد هجمات تعرضت لها الميليشيات التابعة لإيران. وبحسب المصادر، رفضت الميليشيات الإيرانية الإفراج عن المعتقلين الذين يتعرضون للتعذيب، رغم تدخل قياديين من الفرقة الرابعة بدمشق.
يشار إلى أن منطقة السيدة زينب معقل الميليشيات الإيرانية جنوب دمشق، شهدت قبل يومين تشييعاً حاشداً للداعية الشيعي السوري حسين بن علي الرجا، رئيس جمعية «الإمام المرتضى». والرجا من مواليد بلدة حطلة في دير الزور 1948، واعتنق المذهب الشيعي في ثمانينات القرن الماضي، كما يعد مؤسس أول حسينية للشيعة في شرق سوريا.
ومع أن الرجل الذي دُفن في مرقد السيدة زينب توفي جراء إصابته بفيروس كورونا الذي تصيب سوريا موجته الثالثة، فقد أقيم له حفل تأبين حاشد استمر ثلاثة أيام.
في شأن آخر، أفادت مصادر في المناطق الشرقية في سوريا، بانشقاق وفرار عدد من عناصر ميليشيا الدفاع الوطني المدعومة من روسيا والرديفة لقوات النظام السوري في مدينة دير الزور؛ وذلك خوفاً من إرسالهم إلى البادية، للقيام بعمليات التمشيط ضد عناصر تنظيم «داعش».
وذكرت شبكة «عين الفرات»، أن أكثر من 25 عنصراً من ميليشيا الدفاع الوطني في دير الزور، لم يلتحقوا بمواقع خدمتهم؛ خوفاً من «إرسالهم إلى بادية دير الزور للمشاركة في عمليات التمشيط»؛ وذلك بسبب ازدياد عمليات الخطف والهجمات والاغتيالات، والتي باتت تشكل مصدر رعب لعناصر الميليشيات. وأوضحت الشبكة، بأن قسماً من المنقطعين عن الدوام فرّوا باتجاه ريف دير الزور الغربي، وقسماً آخر باتجاه مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد). وأصدر قائد ميليشيا الدفاع الوطني في دير الزور، فراس العراقية، أوامر بإلقاء القبض على كل عنصر تابع له يتهرب من الذهاب نحو البادية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.