الحكومة «تتحدى» الرئيس التونسي بقرار انتخاب أعضاء {الدستورية}

الرئيس التونسي خلال استقباله شارل ميشيل رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي في العاصمة التونسية أمس (أ.ب)
الرئيس التونسي خلال استقباله شارل ميشيل رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي في العاصمة التونسية أمس (أ.ب)
TT

الحكومة «تتحدى» الرئيس التونسي بقرار انتخاب أعضاء {الدستورية}

الرئيس التونسي خلال استقباله شارل ميشيل رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي في العاصمة التونسية أمس (أ.ب)
الرئيس التونسي خلال استقباله شارل ميشيل رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي في العاصمة التونسية أمس (أ.ب)

أكدت تصريحات قيادات حركة «النهضة» وحزب «قلب تونس» أن الائتلاف الحاكم في تونس أجمع على أن يقوم البرلمان بانتخاب ثلاثة أعضاء بالمحكمة الدستورية بعد غدٍ الخميس، متجاهلاً بذلك رفض الرئيس قيس سعيد للتعديلات، التي أدخلت على شروط انتخاب المحكمة الدستورية، وهو ما سيزيد، حسب عدد من المراقبين، من منسوب الضغوط التي بات يواجهها الرئيس سعيد، واتهامه من طرف أحزاب الائتلاف الحاكم بمحاولة تعطيله للمسار السياسي في تونس.
وأكدت الكتلة البرلمانية لحركة النهضة خلال الأيام البرلمانية، التي عقدتها نهاية الأسبوع الماضي، على ضرورة استكمال البرلمان عملية انتخاب الأعضاء الثلاثة، إثر انتخاب عضو واحد في جلسة برلمانية سابقة، وانتخاب البقية في الجلسة العامة المقررة بعد غد الخميس، وبذل جهد أوسع لتحقيق توافق مع بقيّة الكتل. كما جددت حركة النهضة دعمها للحكومة الحالية، برئاسة هشام المشيشي، مرحبة بمبادرة «الحوار الوطني» التي دعا إليها الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، ودعت إلى ضرورة التزام جميع المشاركين في الحوار بـ«تغليب المصلحة الوطنية العليا على الأجندات الحزبية، والمصالح الشخصية الضيقة».
وفي هذا الشأن، قال عماد الخميري، النائب عن كتلة «النهضة»، إن حركته «تعمل على إتمام انتخاب ثلاثة أعضاء للمحكمة الدستورية، على أن يكون الدور على بقية المؤسسات»؛ في إشارة إلى رئاسة الجمهورية، التي تعين أربعة أعضاء، والمجلس الأعلى للقضاء الذي يعين العدد نفسه في محكمة تتكون من 12 عضواً. وانتقد الخميري محتوى الرسالة، التي وجهها الرئيس سعيد إلى رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، بقوله «إنها توحي بأن مسار إرساء المحكمة الدستورية أصبح غير ذي جدوى لتجاوزه المدة الزمنية، في حين أنها تعد لبنة هامة في بناء المسار الديمقراطي»، على حد تعبيره.
وخلف رفض الرئيس التوقيع على مشروع قانون المحكمة الدستورية، وقرار إرجاعه إلى البرلمان لقراءة ثانية، ردود أفعال متباينة، حيث اعتبر أسامة الخليفي، رئيس كتلة «قلب تونس» بالبرلمان، والحليف الرئيسي لحركة النهضة، أن إرجاع القانون المتعلق بالمحكمة الدستورية للبرلمان «كان متوقعاً»، مشدداً على أن الدولة «ستنتصر في الأخير»، على حد تعبيره.
في السياق ذاته، أكدت كلثوم كنو، الرئيسة السابقة لجمعية القضاة التونسيين، أن تنقيح القانون المتعلق بالمحكمة الدستورية، الذي عرض على رئيس الجمهورية «خطير جداً لأنه لا يضمن استقلالية هذه المحكمة، ولا يوفر لها شروط الكفاءة والحياد والاستقلالية».
في غضون ذلك، دعا المنصف المرزوقي، رئيس الجمهورية الأسبق، إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها، معتبراً أن هذه الخطوة «قد تكون مغامرة، لكن في هذه المغامرة قد يكون بعض الأمل».
وأوضح المرزوقي أن الوضع السياسي الحالي «لا يحمل إلا مزيداً من تعطيل الدولة وتفككها، في ظل تفاقم الأزمة الصحية، وانهيار الطبقة الوسطى، وتزايد عدد الفقراء، ما يزيد من مقومات انفجار اجتماعي قد يذهب بما حققنا، وبما نأمل تحقيقه».
وبشأن الحوار الوطني، أضاف المرزوقي موضحاً: «إذا كانت هناك ضرورة للحوار الوطني فيجب ألا يكون حواراً للصفقات والترضيات والتسميات بين أطراف الأزمة، بل حوار بين كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، والشخصيات الاعتبارية لإنهاء هذا الوضع العبثي، وعودة البلاد لمسار حل المشاكل، لا الغرق فيها».
وكان اتحاد الشغل قد دخل بثقله من أجل إنجاح المبادرة التي قدمها للرئيس سعيد حول الحوار الوطني، بهدف الخروج من الأزمة السياسية والاجتماعية التي تعرفها تونس. لكن نور الدين الطبوبي، رئيس الاتحاد، أوضح أن المبادرة «ليس لها أي قيمة في حال عدم تطرقها إلى محور التغيير السياسي، وحل الأزمة السياسية، وهو خيار ترفضه حركة النهضة، ومن ورائها حكومة هشام المشيشي، وهو ما يجعل مبادرة الحوار، التي تقدم بها الاتحاد قبل نحو أربعة أشهر تسير في طريق مسدود، خاصة بعد أن أبرمت الحكومة اتفاقاً مع اتحاد الشغل حول برنامج للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، متجاهلة موقف رئيس الجمهورية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.