المسلم الأميركي الذي قتل مع زوجته وشقيقتها كان يجمع أموالا لمساعدة اللاجئين السوريين

السفارة الأميركية بالرياض لـ«الشرق الأوسط»: شعبنا وحكومتنا تتضامن مع عوائل ضحايا نورث كارولينا

المسلم الأميركي الذي قتل مع زوجته وشقيقتها كان يجمع أموالا لمساعدة اللاجئين السوريين
TT

المسلم الأميركي الذي قتل مع زوجته وشقيقتها كان يجمع أموالا لمساعدة اللاجئين السوريين

المسلم الأميركي الذي قتل مع زوجته وشقيقتها كان يجمع أموالا لمساعدة اللاجئين السوريين

قال باراك أوباما الرئيس الأميركي، إن مكتب التحقيقات الفيدرالي باشر أول من أمس فتح تحقيق موسع، فيما يتعلق بما وصفه بالجريمة الشنيعة في حق 3 طلاب أميركيين مسلمين في شمال كارولينا، الذين راحوا ضحية إطلاق نار متعمد الثلاثاء الماضي، مؤكدا أن أميركا كلها عائلة واحدة ولن تسمح بفقد أحدهم بهذه الصورة اللا إنسانية.
وأضاف أوباما في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط»، نسخة منه من البيت الأبيض الأميركي: «إن مكتب التحقيقات الذي بدأ التحقيق في هذه الجريمة الشنيعة، سيبذل قصارى جهده لمعرفة أبعاد القتل الوحشي الذي تعرض له كل من يسر محمد أبو صالحة، وزوجها ضياء شادي بركات وشقيقتها رزان محمد أبو صالحة، قرب كنيسة صغيرة في شابيل هيل في شمال كاليفورنيا».
ولفت الرئيس الأميركي إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي، يتخذ حاليا الخطوات والإجراءات اللازمة كافة لتحقيق العدالة ومنع أي انتهاك للقوانين الفيدرالية المتعلقة بمثل هذه الجرائم، مشيرا إلى أن تحقيقاته متواصلة، بجانب التحقيقات التي لا تزال جارية ومستمرة من قبل السلطات المحلية.
وقال أوباما: «أجزم أنه ليس من أحد في الولايات المتحدة، يستحق أن يتعرض لعملية استهداف وتصفية من كائن من كان في أي بقعة من البلاد، بسبب عنصري أو انتماء ديني أو انتماء عرقي، أو ممارسته صنفا من العبادة والصلوات»، مؤكدا أنه لن يقبل مثل هذه التصرفات الشنيعة تحت أي مسوغ من المسوغات المسمومة.
وقال: «على الرغم من أننا نعلم أنه لن تتوفى نفس قبل أجلها، فإننا لا نزال نستذكر كيف كان أولئك النفر من الضحايا يعيشون بيننا وكيف كانوا يشيعون بيننا السلام، كما لا تزال الكلمات التي كان ينطق بها ضياء ترن في الآذان، فهي بمثابة النور الذي ينير أمامنا الطريق».
وتابع: «كان ضياء يقول، إن النشأة في أميركا تحفها البركات، لأنها أرض كل الناس باختلاف ألوانهم ولغاتهم، بغض النظر عن الوجهة التي أتوا منها، وطبيعة وشكل الثقافات والانتماءات الدينية التي ينتمون إليها، وخلاصة الأمر أننا أميركيون فحسب».
ولفت إلى أن الحشد الشعبي الأميركي الكبير الذي حضر لأداء واجب العزاء والتضامن مع عوائل الضحايا وتشييع القتلى، يؤكد وحدة وتضامن قلوب كل أفراد الشعب الأميركي ووقوفه بجانب العوائل المكلومة. وزاد الرئيس الأميركي: «أتقدم وزوجتي بخالص التعازي لذوي الضحايا وأؤكد أن كل الشعب الأميركي يتضامن مع هذه العوائل المكلومة، خاصة أن العالم كله يشهد كم كان حجم المعزين والمواسين لهم كبيرا».
من جهته، قال يوهان شمونسيس، المتحدث الرسمي بالسفارة الأميركية لدى السعودية: «أكدت لنا السلطات الأميركية مباشرة سعيها الحثيث في استقصاء التحقيقات اللازمة للحصول على الحقيقة وأبعاد هذه الجريمة الشنيعة»، على حد تعبيره.
يشار إلى أن كلا من ضياء شادي بركات (23 عاما)، وزوجته يسر محمد أبو صالحة (21 عاما)، وشقيقتها رزان محمد أبو صالحة (19 عاما)، وهم طلاب أميركيون مسلمون، لقوا مصرعهم بعد إطلاق النار عليهم بالقرب من شمال كارولينا الثلاثاء الماضي.
وكانت تقارير صحافية، ذكرت أن مرتكب الهجوم هو القاتل كريغ ستيفن هيكس (46 عاما)، سلم نفسه لشرطة شابيل هيل، حيث وجهت إليه 3 اتهامات بالقتل من الدرجة الأولى. والضحايا الثلاثة هم زوجان مرتبطان حديثا ويدعيان ضياء شادي (طبيب سوري) وزوجته يسر وأختها رزان محمد أبو صالحة، وهما فلسطينيتان تحملان الجنسية الأردنية.
وتقول الشرطة المحلية إن سبب الحادثة قد يكون خلافا بين الجيران، رغم أن التحقيق لا يزال مستمرا لمعرفة إذا ما كانت الحادثة مرتبطة بجرائم الكراهية لكون القتلى من المسلمين. وأقيمت ظهر يوم الجمعة وقفة احتجاج نظمها مجموعة من الطلبة من جامعة جورج تاون الأميركية ذائعة الصيت وحضرها مجموعة من المسلمين وغير المسلمين أمام البيت الأبيض لمطالبة الرئيس الأميركي بشجب الحادث.
وأطلق ضياء بركات، الشاب الأميركي المسلم الذي قتل الثلاثاء في الولايات المتحدة مع زوجته وشقيقتها برصاص رجل معاد للأديان، قبل فترة حملة لجمع تبرعات لمساعدة اللاجئين السوريين بلغت قيمتها الجمعة 335 ألف دولار أي أضعاف هدفها المحدد.
وبركات الذي كان طالبا في السنة الثانية في كلية طب الأسنان في جامعة نورث كارولينا اشترك مع «الجمعية الطبية السورية الأميركية» في إطلاق حملة لجمع تبرعات مالية عبر موقع «يوكارينغ دوت كوم» الإلكتروني المخصص لجمع التبرعات». وهدفت الحملة إلى جمع 20 ألف دولار لتمويل رحلة كان بركات يعتزم القيام بها الصيف المقبل برفقة مجموعة تضم نحو 10 أطباء أسنان محليين وزملاء له في الكلية، إلى مدينة الريحانية التركية القريبة من الحدود مع سوريا لتقديم الرعاية الطبية لتلاميذ سوريين لاجئين فيها. لكن مقتل هؤلاء الشبان المسلمين الثلاثة أثار موجة تعاطف في الولايات المتحدة وخارجها أدت إلى إقبال كثيف على التبرع لصالح هذه الحملة بحيث وصلت قيمة التبرعات الجمعة إلى 335 ألف دولار أي 16 ضعف الهدف المحدد أصلا وهو 20 ألف دولار.
وفي شريط فيديو نشره على موقع جمع التبرعات يتحدث بركات بإسهاب عن حملته هذه، مشيرا إلى أن «ألف دولار كافية لتغطية نفقات طبيب أسنان ومساعدة عيادة لطب الأسنان». ويضيف في الشريط أن الرحلة التي كان يعتزم القيام بها تهدف إلى تقديم علاجات في طب الأسنان لتلاميذ مدرسة السلام البالغ عددهم نحو ألفي تلميذ، وبينهم مئات ممن يحتاجون إلى علاجات طارئة في طب الأسنان. وتهدف الحملة أيضا إلى توعية التلاميذ بنظافة الفم وطرق العناية بالأسنان من أجل تعزيز الوقاية، كما تهدف إلى تمويل شراء الأدوات اللازمة لتنظيف الأسنان من معجون وفراش لتقديمها إلى هؤلاء التلاميذ الذين يفتقرون إليها، كما يقول بركات. ولم تحدد الشرطة حتى الساعة ما إذا كان مقتل بركات وزوجته يسر أبو صالحة وشقيقتها رزان أبو صالحة سببه ديانتهم أم أنه خلاف بين جيران.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.