واشنطن ترفع عقوبات ترمب عن «الجنائية الدولية»

المحكمة تنظر في اتهامات بارتكاب «جرائم حرب» في قطاع غزة

أعلنت الولايات المتحدة أمس إلغاء عقوبات فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب ضد المحكمة الجنائية الدولية (أ.ب)
أعلنت الولايات المتحدة أمس إلغاء عقوبات فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب ضد المحكمة الجنائية الدولية (أ.ب)
TT

واشنطن ترفع عقوبات ترمب عن «الجنائية الدولية»

أعلنت الولايات المتحدة أمس إلغاء عقوبات فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب ضد المحكمة الجنائية الدولية (أ.ب)
أعلنت الولايات المتحدة أمس إلغاء عقوبات فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب ضد المحكمة الجنائية الدولية (أ.ب)

نقضت إدارة الرئيس جو بايدن العقوبات الأميركية المفروضة على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، ورئيس السلطة القضائية بالمحكمة فاكيسو موتشوتشوكو، ملغية أحد أكثر القرارات العدائية التي اتخذتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب ضد المؤسسات الدولية والمسؤولين العاملين فيها.
وجاء القرار الأميركي على الرغم من أن الادعاء العام في المحكمة الجنائية أعلن فتح تحقيق رسمي في جرائم حرب يُزعم أنها حصلت في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك حرب إسرائيل ضد قطاع غزة عام 2014.
وتشكل هذه أحدث إشارة إلى أن إدارة بايدن تعتزم العودة إلى السياسة المتعددة الأطراف، بعد 4 سنوات تخلت خلالها الولايات المتحدة عن صلاتها بالمؤسسات والمعاهدات والاتفاقات الدولية، ومنها المحكمة الجنائية الدولية، معتبرة أنها معيبة وتعمل ضد المصالح الأميركية.
وأورد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في بيان، أن الرئيس بايدن نقض الأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس ترمب في شأن «حظر ممتلكات بعض الأشخاص المرتبطين بالمحكمة الجنائية الدولية»، مضيفاً أن ذلك «ينهي التهديد وفرض عقوبات اقتصادية وقيود على التأشيرات فيما يتعلق بالمحكمة». وقال إن وزارة الخارجية «أنهت أيضاً سياسة 2019 المنفصلة في شأن قيود التأشيرات على بعض موظفي المحكمة الجنائية الدولية»، معتبراً أن هذه التدابير «كانت غير مناسبة وغير فعالة». وأوضح أن الولايات المتحدة لا تزال تعارض بشدة بعض الإجراءات التي تتخذها المحكمة المكلفة بالتعامل مع الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. والولايات المتحدة ليست واحدة من الدول الـ120 الأعضاء في المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها.
وأكد بلينكن: «نعتقد، مع ذلك، أن مخاوفنا في شأن هذه القضايا يمكن أن تعالج بشكل أفضل» من خلال الدبلوماسية «وليس من خلال فرض عقوبات».
وكانت العقوبات الأميركية قد استهدفت بنسودا وموتشوتشوكو لمضي المحكمة في إجراء تحقيقات في جرائم مشتبه في ارتكابها من الولايات المتحدة وإسرائيل. وفرضت إدارة ترمب مجموعتين من العقوبات: الأولى في مارس (آذار) 2019، تتضمن حظر سفر على بنسودا، ثم بعد 18 شهراً لتشمل تجميد أي أصول لبنسودا وموتشوتشوكو في الولايات المتحدة. وتشمل المجموعة الثانية العقوبات التي تعد أن توفير «الدعم المادي» لهما جريمة يحتمل أن يعاقب عليها. ووصف وزير الخارجية السابق مايك بومبيو المحكمة بأنها «مؤسسة محطمة فاسدة تماماً»، مضيفاً: «لن نتسامح مع محاولاتها غير المشروعة لإخضاع الأميركيين لسلطانها القضائي».
ومنذ تولي بايدن منصبه، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، أبطلت إدارته قراراً سابقاً بالخروج من منظمة الصحة العالمية، وعادت إلى التعامل مع مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فضلاً عن العودة إلى اتفاق باريس للمناخ. وتسعى في الوقت الراهن إلى العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني. وأنشئت المحكمة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في القضايا التي لا تتوافر فيها أنظمة قضائية مناسبة. ولم تنضم الولايات المتحدة إلى المحكمة الجنائية الدولية التي بدأت عملها عام 2002، بعدما صادق عدد كافٍ من الدول على المعاهدة التي أنشأتها، بسبب مخاوف من احتمال استخدام المحكمة لمحاكمات ذات دوافع سياسية لقوات ومسؤولين أميركيين.
وقال بلينكن إن الولايات المتحدة ترى أن المساءلة عن الفظائع هي مصلحة للأمن القومي الأميركي، مشيراً إلى دعم الولايات المتحدة لمحاكم أخرى غالباً ما تكون مؤقتة على مستوى العالم. ولفت إلى أنه «منذ محكمتي نورمبرغ وطوكيو بعد الحرب العالمية الثانية، كانت القيادة الأميركية تعنى بأن التاريخ يسجل بشكل دائم أحكاماً عادلة صادرة عن المحاكم الدولية ضد المتهمين المدانين بحق، من البلقان إلى كمبوديا ورواندا وأماكن أخرى»، مضيفاً: «واصلنا هذا الإرث من خلال دعم مجموعة من المحاكم الدولية والإقليمية والمحلية، وآليات التحقيق الدولية للعراق وسوريا وبورما (ميانمار)، لتحقيق وعد العدالة لضحايا الفظائع».
وتعليقاً على القرار الأميركي، قالت رئيسة هيئة إدارة المحكمة سيلفيا فرنانديز دي غورمندي إن رفع الولايات المتحدة للعقوبات مفيد لجهة تعزيز «النظام الدولي القائم على القواعد»، لافتة إلى أن المحكمة والدول التي تديرها تدرس حالياً إجراءات لتحسين عمل المحكمة بغية توفير المساءلة في أسوأ الجرائم الدولية.
وأشادت منظمة العفو الدولية بقرار الإدارة الأميركية، واصفة عقوبات ترمب بأنها «عمل تخريبي» ضد العدالة الدولية، داعية إلى انضمام الولايات المتحدة للمحكمة.
وفي تل أبيب، قالت مصادر إسرائيلية إن الولايات المتحدة ناقشت مع إسرائيل قرار رفع العقوبات عن المحكمة الجنائية الدولية التي فرضتها إدارة ترمب. وأكد موقع «واللا» الإسرائيلي أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تحدث إلى نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي، وأخطره نهائياً بقرار الولايات المتحدة رفع العقوبات عن الجنائية الدولية قبل إعلانه رسمياً.
وأوضح الموقع أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اتخذت قرارها برفع العقوبات عن الجنائية الدولية، بعد طرح القضية أمام القضاء الأميركي. ونظرت محكمة فيدرالية في التماس قدم لها في هذا الشأن، وكان من الضروري الرد عليه بحلول يوم الاثنين المقبل.
وخلال الأيام الماضية، أبلغ مسؤولون في الإدارة الأميركية نظراءهم في الحكومة الإسرائيلية بأن السلطات الأميركية ستجد صعوبة في تبرير العقوبات التي فرضتها الإدارة السابقة على قضاة وموظفي الجنائية الدولية أمام المحكمة الفيدرالية الأميركية، ولن تتمكن كذلك من طلب تأجيل آخر لجلسة النظر في الالتماس.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن إدارة بايدن أخرت رفع العقوبات قدر الإمكان بناء على طلب إسرائيلي، ولكن «بمجرد أن قررت المدعية العامة في المحكمة، فاتو بنسودا، فتح تحقيق لم تعد العقوبات ذات قيمة».
وتنتهي ولاية الغامبية فاتو بنسودا في يونيو (حزيران) المقبل، وسيحل محاميها البريطاني كريم خان المحامي في مجال حقوق الإنسان ليتولى المهام لمدة 7 سنوات.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.