نيودلهي حجر ثقل أساسي في استراتيجية واشنطن بوجه بكين

من المصالح الدفاعية والجيوسياسية... إلى الحسابات الاقتصادية والتعاون العلمي والتقني

نيودلهي حجر ثقل أساسي في استراتيجية واشنطن بوجه بكين
TT

نيودلهي حجر ثقل أساسي في استراتيجية واشنطن بوجه بكين

نيودلهي حجر ثقل أساسي في استراتيجية واشنطن بوجه بكين

أطلق الرئيس الأميركي جو بايدن العديد من النشاطات الدبلوماسية خلال مارس (آذار)، علماً بأنه بحلول الوقت الراهن، يكون قد مر شهران على توليه الرئاسة. وخلال الأسبوع الماضي، بعث بايدن بوزير دفاعه، لويد أوستن، في جولة عبر عدد من الدول الآسيوية من بينها الهند. وقبل ذلك، قرر عقد أول قمة دولية رفيعة المستوى للدول الأعضاء في «الحوار الأمني الرباعي»، المعروف اختصاراً باسم «كواد»، وذلك في أول فعالية كبرى له على صعيد السياسات الخارجية منذ توليه الرئاسة، وكان رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، مشاركاً في الحدث.
التساؤل هنا: هل تُولي الولايات المتحدة أهمية خاصة للهند؟ وهل تعبر زيارة أوستن للهند في قلب جائحة فيروس «كوفيد - 19» عن مدى قوة التزام واشنطن بروابطها مع نيو دلهي، مع ملاحظة أن الهند تعد الدولة الوحيدة التي يتفق بخصوصها الديمقراطيون والجمهوريون، بل يتنافس الحزبان على أيهما يظهر أنه شريكها الأفضل. ولا يخفى أن وراء اهتمام صانعي السياسات في واشنطن بإمكانية بناء شراكة استراتيجية مع الهند، تزايد التنافس الأميركي - الصيني، وقدرة الهند، بالتالي، على المساهمة في تعزيز الموقف الأميركي.
تعمّقت العلاقات بين الهند والولايات المتحدة على امتداد العقدين الماضيين لتتحول إلى شراكة استراتيجية قوية على ثلاثة أصعدة: الاقتصاد والدفاع/الصعيد العسكري والقيّم. ويعني التنافس بين الولايات المتحدة والصين، أن الولايات المتحدة تودّ أن يقف حلفاؤها وشركاؤها معها في وجه الصعود الصيني، وتحمل الهند على وجه التحديد أهمية حيوية على هذا الصعيد. وتتمثل الاستراتيجية الواضحة في تعزيز التحالفات والشراكات على جبهة الهند - المحيط الهادي. والمؤكد أن ما ستقرره الهند والولايات المتحدة سيترك تأثيرات على مجمل منطقة جنوب آسيا ومنطقة الحوضي المحيطين الهندي والهادي.
- الروابط الدفاعية المتنامية
تنامت التجارة الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة من حيث الحجم خلال السنوات الـ12 الماضية؛ ذلك أنها انتقلت من مستوى الصفر تقريباً عام 2008 إلى 20 مليار دولار عام 2020. ويأتي هذا في إطار جهود الهند لتنويع مصادر مشترياتها الدفاعية. اليوم، تشتري الهند أسلحة من إسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة بكميات ضخمة. وبجانب «الحوار الأمني الرباعي»، ترتبط نيودلهي وواشنطن بعدد من الترتيبات الدفاعية، بينها التشارك في المنشآت اللوجيستية التابعة للمؤسسة العسكرية لدى كل من الطرفين. وفي الوقت الذي لم تتقبل واشنطن صفقة شراء نيودلهي منظومة صواريخ «إس - 400» الروسية، يبقى من غير المحتمل أن تدفع هذه الصفقة القيادة الهندية إلى خانة الخصوم من وجهة نظر واشنطن في وقت تحتاج فيه الأخيرة إلى نيودلهي بشدة للوقف في وجه كل من الصين وروسيا، بجانب رغبة الأميركيين في تيسير تحول الهنود بعيداً عن الاعتماد بمجال الأسلحة على جهات التصنيع الروسية باتجاه نظيراتها الأميركية.
ونظراً لغياب الاتساق بين القدرات العسكرية الهندية - الصينية، يحمل التعاون الدفاعي الأميركي - الهندي أهمية محورية لنيودلهي، خاصة أن بمقدور واشنطن منح الهند دفعة كبيرة على صعيد تحديث قدراتها الدفاعية. ومع توقيع 4 اتفاقات دفاعية، جرى بذلك تمهيد الساحة أمام مزيد من التعاون الدفاعي مستقبلاً.
- التصدّي للصين
وفيما يخصّ وزارة الدفاع الأميركية، توفر الهند الاستقرار، أو على الأقل درجة من التوازن، داخل منطقة تحاصرها التوجهات العدوانية الصينية. وبهذا الشأن، قال أحد وزراء خارجية الهند السابقين، شيام ساران، إن بلاده تشكل جزءاً محورياً في استجابة الرئيس الأميركي بايدن للتحديات الصادرة عن بكين. وأضاف ساران، أن مواقف واشنطن ونيودلهي من المحتمل أن تتقابل وتقترب من بعضها أكثر فأكثر على مدار السنوات القليلة المقبلة إزاء قضية التعامل مع والاستجابة للتحديات الصادرة عن الصين. وعلى هذا الصعيد، يبدو أن إدارة بايدن تواصل، وإن بنحو أكثر دهاءً، سياسة الرئيس السابق دونالد ترمب تجاه الصين، عبر الاستعانة بعدد من الأنظمة الديمقراطية المنتقاة داخل منطقة الهندي - الهادي عبر إحياء منظمة «كواد».
من جانبه، كتب المعلق السياسي الهندي أسد ميرزا، أن «الهند تشكل الديمقراطية الأكبر على مستوى العالم في وقت تحتد المنافسات الآيديولوجية. وتبدو الهند ثقلاً موازناً للتمدد الصيني في جنوب آسيا والمحيط الهندي. وتمثل الهند الذراع الغربية لـ(كواد) (المؤلفة من أربعة نظم ديمقراطية هي: أستراليا واليابان والهند والولايات المتحدة). وتقع هذه الدول حول المحيط الاستراتيجي الصيني، وتبدي هذه الدول الأربع التزامها بمنع تحول منطقة الهندي - الهادي إلى ساحة للنفوذ الجيوسياسي الصيني». وبفضل القدرات الهندية على الابتكار، وكذلك السوق الهندية الضخمة، تبدو الهند عنصراً جوهرياً في أي «ائتلاف تكنولوجي» ديمقراطي يسعى لصياغة الوجه العام لشبكة الإنترنت والصناعات في المستقبل.
- أميركا والهند وروسيا
من ناحية أخرى، شهدت العلاقات الأميركية - الروسية تراجعاً حاداً منذ تولي جو بايدن منصبه، وتبدو الأوضاع اليوم في حالة تغير وتبدل، ويبدو أن العالم يعاين إحياءً للفترة التي شهدت ذروة الخصومة بين واشنطن وموسكو. ولكن، مع ذلك، ورغم الدفء المتزايد في العلاقات الهندية - الأميركية والمزايا الكثيرة التي تحملها العلاقات مع القوة العظمى الوحيدة في العالم، لا يبدو أن نيودلهي على وشك التخلي عن استقلاليتها الاستراتيجية. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه في وقت مضى كانت موسكو الصديق الوحيد القوي الذي كان باستطاعة نيودلهي الاعتماد عليه عندما أدارت واشنطن وحليفاتها الغربيات ظهرها عنها. وهنا يوضح الكاتب الهندي براكاش دوتا، أن «الهند تمثل خياراً صعباً أمام الولايات المتحدة. ومع انقلاب الرئيس الأميركي جو بايدن ضد بوتين، ثارت تكهنات بأن الهند ستكون الهدف التالي على قائمة العقوبات.
إلا أن القيادة الأميركية ليست في موقف يمكنها من فرض عقوبات ضد الهند، ومن المحتمل أن تجعل من الهند (استثناءً). أما الأسباب التي تقف وراء ذلك، فبسيطة؛ إذ إن فرض عقوبات ضد الهند سيخلق توتراً في العلاقات التجارية الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، وسيؤثر كذلك بالسلب على الجهود الأميركية لخلق توازن في مواجهة الصين داخل منطقة الهندي - الهادي، بجانب كون الهند الصديق الوحيد للولايات المتحدة الموثوق به في جنوب آسيا. الحقيقة أن الهند تحمل أهمية كبرى للولايات المتحدة بدرجة تجعل من المتعذر على الأخيرة المخاطرة بخسارتها بسبب صفقة مع بلد لطالما اعتمدت عليه الهند». وما يُذكر أنه رغم الضغوط الهائلة من جانب إدارة ترمب، مضت الهند قدماً في طلب شراء منظومة الدفاع الصاروخية «إس - 400» الروسية مقابل 5.5 مليار دولار أميركي عام 2018. وكان البيت الأبيض، تحت قيادة ترمب، قد فرض يومذاك عقوبات ضد تركيا لشراء نفس منظومة الدفاع الصاروخية من روسيا، ولكن لم بحصل المثل مع الهند.
على الجهة المقابلة، نجد أن العلاقات بين الهند والكرملين تعرضت لضعف واضح، ومن المتوقع بذل إدارة بايدن قصارى جهدها لوقف هذه الصفقة. وأفادت مصادر في وزارة الخارجية الهندية أن وزير الدفاع الأميركي أوستن أثار قضية الـ«إس - 400»، وشدد على وجوب تجنب الحلفاء والشركاء «أي نمط من الشراء يمكن أن يستثير عقوبات». ومع ذلك، ظلت حكومة مودي على موقفها وشرحت للجانب الأميركي بوضوح أن القوات المسلحة الهندية تحرص على تنويع مصادر التسليح الخاصة بها، ولا يمكن أن تقبل الحكومة الهندية بأن يصبح هذا الأمر محل نقاش مع أي دولة أخرى. وحول هذا الموضوع يرى الكاتب الهندي سي. راجا موهان، الخبير بمجال الشؤون الخارجية، أن «رئيس الوزراء مودي التزم أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشراء منظومة (إس - 400)، ومن غير المحتمل أن يتراجع عن هذا الأمر. وسيكون من المثير متابعة كيف سيتطور هذا الأمر. ورغم (كواد) والأوجه المتنوعة للروابط مع الأميركيين، لا يمكن للهند بسهولة التخلي عن استقلاليتها الاستراتيجية».
واستطراداً، قال الأدميرال الأميركي جون أكويلينو رداً على سؤال من السيناتورة جين شاهين حول قرار الهند شراء منظومة «إس - 400» الصاروخية من روسيا «على الولايات المتحدة فهم حقيقة أن للهند علاقة صداقة طويلة الأمد مع الروس بمجالي التعاون الأمني وشراء المعدات العسكرية». وبعد سؤال شاهين «هل ينبغي لنا فرض عقوبات ضد الهند لشرائها المنظومة؟»، رد أكويلينو «أعتقد من الأفضل ترك هذه المسألة لصانعي السياسات ليتخذوا القرار المناسب حيالها... أعتقد أنه بالتأكيد علينا فهم أننا نقف إلى جانب الهند وأعتقد أن طرح بدائل ربما يكون سبيلاً أفضل للتعامل مع الأمر». وأردف «الهند شريك رائع بالفعل، ومثلما رأينا خلال المناقشات الأخيرة في إطار (كواد)، أعتقد أن أهمية الهند وباقي الدول الأعضاء في (كواد) ستزداد الفترة المقبلة. نحن نسعى لإقرار توازن. ومع هذا، ترتبط الهند بعلاقات طويلة مع الروس بمجال التعاون الأمني وشراء المعدات العسكرية».
- البُعد الباكستاني
من ناحيته، ذكر المحلل السياسي الهندي كيه. سي. سينغ، أن «العلاقات الهندية - الروسية قد لا تكون على الدفء ذاته الذي كانت عليه أثناء (الحرب الباردة)، ومع هذا تدرك نيودلهي أن روسيا مهمة كي تتمكن الهند من الحفاظ على سياسة خارجية متوازنة. ولا ترغب الهند في انتقال روسيا على نحو كامل باتجاه التحالف الصيني - الباكستاني؛ وذلك لأسباب متنوعة منها قدرة روسيا على إنتاج وبيع الأسلحة، والتي غالباً ما تتضمن نقل تكنولوجيا». وتابع «بجانب ذلك، لا يمكن للهند التحول من المزيج الحالي لمعداتها الدفاعية نحو الاعتماد على إمدادات تهيمن عليها الولايات المتحدة بين عشية وضحاها. أيضاً، تعتبر روسيا عاملاً مهماً في منطقة غرب آسيا وإيران. وقد نجحت في بناء نفوذ لها داخل أفغانستان، مثلما اتضح من استضافتها لعدد من الأطراف الأفغانية الفاعلة المختلفة حتى قبل انعقاد الحوار بين - الأفغاني الذي اقترحته الولايات المتحدة على الأراضي التركية. ومع التمدد الصيني بوسط آسيا، بالاعتماد على (مبادرة الحزام والطريق)، تلتقي المصالح الروسية والهندية في ضمان احتفاظ روسيا بنفوذ قوي لها في المناطق التي كانت خاضعة لها سابقاً».
- الجهود الدبلوماسية الأفغانية
وحقاً، في خضم الشراكة المتنامية بين روسيا والصين، أقصت خطة روسية مقترحة الهند من مجموعة الدول التي ترى موسكو أنه منوط بها الاتفاق حول خريطة طريق للسلام في أفغانستان، وهي روسيا والصين والولايات والمتحدة وباكستان وإيران. لكن، بفضل جهود دبلوماسية محمومة خلف الكواليس وبدعم من الولايات المتحدة، أصبحت الهند الآن جزءً من هذه المجموعة التي ربما تحدد ملامح مستقبل أفغانستان. ومن جانبه، بعث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خطاباً في مطلع مارس المنصرم إلى الرئيس الأفغاني أشرف غني ورئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية، عبد الله عبد الله. واقترح بلينكن في إطار الخطاب عقد مؤتمر إقليمي تحت رعاية الأمم المتحدة لوزراء خارجية الولايات المتحدة والهند وروسيا والصين وباكستان وإيران لمناقشة اتباع «توجّه موحّد» إزاء أفغانستان.
وعليه، يوحي قرار أوستن المفاجئ بالتوقف في العاصمة الأفغانية كابل والرسالة التي وجهها للجنود المتمركزين بالبلاد بإمكانية أن تبقى هذه القوات لفترة أطول. ويعني ذلك أن أمام نيودلهي فرصة لبناء جسور مع قوى أخرى تمكنها من الاضطلاع بدور مؤثر... ويبدو الرهان الأفضل أمامها هو في ترتيب أولوياتها على نحو يتوافق مع واشنطن.
من جهتها، لا يبدو أن إدارة بايدن تتحرك بسرعة وفي عجالة كما كان الحال مع إدارة ترمب، والموعد النهائي المحدد في الأول من مايو (أيار) ليس منقوشاً على الحجر، بمعنى أنه تظل هناك إمكانية لتعديله. إلا أنه بينما تترك الولايات المتحدة خلفها أفغانستان في حالة متوترة وقابلة للاشتعال في أي لحظة، فإن هذا الأمر يشكل أهمية لنيودلهي ويستلزم مشاركة نشطة من جانبها في القضية الأفغانية.
- أهمية مركز اللقاحات الهندي في المعركة ضد «كوفيد ـ 19»
> كحال باقي دول العالم، ترغب الولايات المتحدة في إبقاء الهند إلى جانبها لإدراكها كيف أن الهند تشكل عنصراً محورياً للحفاظ على خط إمدادات بلقاحات ضد فيروس «كوفيد - 19». وعلاوة على ذلك، قررت مجموعة «كواد» إطلاق مبادرة كبرى بمجال اللقاحات سيجري في إطارها إنتاج لقاحات ضد الفيروس داخل الهند لدول منطقة الهندي – الهادي؛ من أجل التصدي للنفوذ الصيني. وترمي المبادرة إلى ضمان تشارك الهند في إمدادات اللقاح المتاحة لديها مع العديد من الدول الأخرى، وفي الوقت ذاته، ضمان تلبية الاحتياجات الداخلية.
هذا، وكان الرئيس جو بايدن و«كواد» قد أعلنا خطة لتوسيع نطاق القدرة الإنتاجية لإنتاج لقاحات ضد «كوفيد - 19» داخل الهند. ووصف بايدن هذه الجهود بأنها «شراكة جديدة طموحة ترمي لتعزيز جهود إنتاج اللقاحات... من أجل نفع كامل منطقة الهندي - الهادي». وتأتي جهود «كواد» من أجل تعزيز قدرة الهند التصنيعية للقاحات، بينما إدارة بايدن وقيادات دول غنية أخرى دعوات من بعض المنظمات المعنية بالصحة العالمية بالتبرع بنسبة صغيرة من اللقاحات المنتجة داخل الولايات المتحدة ودول صناعية أخرى لدول فقيرة. وتسعى جهود «كواد» لتعزيز إنتاجية الهند على تصنيع اللقاحات بمقدار مليار جرعة بحلول عام 2022، تبعاً لما ورد في بيان صادر عن البيت الأبيض.
وللعلم، اللقاحات الهندية أظهرت أعراضاً جانبية أقل واتسمت بانخفاض تكلفتها وسهولة تخزينها ونقلها. في الوقت ذاته، ثمة ارتفاع هائل في الطلب العالمي على لقاحات «كوفيد - 19». ودخلت قرابة 90 دولة في اتفاقات لتوريد لقاحات. وفي حين التزمت الصين السرية تجاه البيانات المرتبطة بلقاحاتها؛ ما أثار جدالات حول مدى فاعليتها، نظمت الهند جولات لسفراء أجانب لزيارة مصانعها الدوائية في بون وحيدر آباد.
- دور الشتات الهندي في العلاقات الثنائية
في غضون أقل عن 50 يوماً من رئاسته، عيّن الرئيس الأميركي جو بايدن على الأقل 55 أميركياً من أصول هندية في مناصب كبرى في إدارته تتنوع ما بين كاتب خطاباته إلى مراكز قيادية في وكالة «ناسا»، وكذلك جميع قطاعات الحكومة تقريباً... وهذا من دون أن ننسى طبعاً أن والدة نائبته كامالا هاريس... هندية.
الأميركيون من أصول هندية يعدّون بين المجموعات العرقية الأكثر ثراءً وتعليماً على مستوى الولايات المتحدة. وبدأت أعداد كبيرة من أبناء الجيل الثاني من الأميركيين من أصول هندية تبرز بقوة في المشهد السياسي الأميركي. وحتى الآن، تميزت إدارة أوباما - بايدن (2009 – 2017) بأنها الإدارة الأميركية التي عينت أكبر عدد من الأميركيين من أصول هندية في تاريخ البلاد. ولم تكن إدارة ترمب على مسافة بعيدة عن إدارة أوباما على هذا الصعيد، وتميزت بأنها أول إدارة تعين أميركياً من أصول هندية في منصب بدرجة وزير وداخل مجلس الأمن الوطني.
وفي وقت قريب، قال بايدن مازحاً «إن الأميركيين من أصول هندية يهيمنون على البلاد»، في إشارة إلى العدد الضخم الذي انضم إلى إدارته. ويرى البعض، أن هذا الصعود للأميركيين من أصول هندية يوحي بوجود تأثيرات تتجاوز السياسات المحلية الأميركية تدفع باتجاه يمكنه أن يعزز الاقتصاد الهندي ويعزز العلاقات الأميركية - الهندية. وبالنظر لوجود أنتوني بلينكن على رأس وزارة الخارجية وجايك سوليفان في مجلس الأمن الوطني، بجانب بايدن نفسه، من الواضح أن الإدارة الأميركية الراهنة تملك خبرة أكبر في التعامل مع الهند عن أي من الإدارات السابقة. كذلك يبدو واضحاً أن ثمة تصميماً على دفع العلاقات الأميركية - الهندية نحو مكانة مركزية في الخطط الأميركية.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.