مقتل شرطي وسبعة مسلحين بمواجهات بشمال سيناء.. واستهداف مواقع أمنية في القاهرة

اشتباكات وعنف خلال مسيرات للإخوان في العاصمة والمحافظات

جندي مصري يجلس فوق مدرعة بمدينة نصر شرق القاهرة أمس (أ.ف.ب)
جندي مصري يجلس فوق مدرعة بمدينة نصر شرق القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

مقتل شرطي وسبعة مسلحين بمواجهات بشمال سيناء.. واستهداف مواقع أمنية في القاهرة

جندي مصري يجلس فوق مدرعة بمدينة نصر شرق القاهرة أمس (أ.ف.ب)
جندي مصري يجلس فوق مدرعة بمدينة نصر شرق القاهرة أمس (أ.ف.ب)

قتل ضابط شرطة بالإضافة إلى سبعة مسلحين في اشتباكات متفرقة مع قوات الأمن بشمال سيناء، وفقا لما أعلنته مصادر أمنية في مصر أمس. في وقت واصل فيه أنصار الرئيس السابق محمد مرسي أمس مظاهراتهم الأسبوعية عقب صلاة الجمعة، تخللها اشتباكات مع قوات الأمن. كما شهدت العاصمة المصرية القاهرة عددا من العمليات المسلحة التي استهدفت مواقع أمنية.
وتشهد مصر منذ عزل مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين المصنفة رسميا كجماعة «إرهابية»، تفجيرات وأعمال عنف مسلحة، قتل خلالها المئات من الأشخاص بينهم عناصر تابعة للجيش والشرطة.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، مقتل وإصابة 12 من «العناصر التكفيرية» شديدة الخطورة جنوب الشيخ زويد (شمال سيناء). وقال العقيد أركان حرب أحمد محمد علي في بيان له أمس إن «طائرات القوات الجوية التابعة للجيش المصري استهدفت أربعة منازل خاصة لعناصر تكفيرية شديدة الخطورة تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية جنوب الشيخ زويد، مما أدى إلى مقتل سبعة تكفيريين وإصابة خمسة آخرين إلى جانب تدمير المنازل الأربعة».
كما أسفرت الحملة الأمنية الموسعة بجنوب العريش والشيخ زويد عن حرق وتدمير 16 بؤرة إرهابية. وقالت مصادر أمنية إن «البؤر الإرهابية من العشش والمنازل كانت تستخدمها العناصر الإرهابية كقواعد انطلاق لتنفيذ هجماتها ضد قوات الجيش والشرطة».
في المقابل، أكد مصدر أمني بالشرطة المصرية أن ضابطا قتل مساء أول من أمس (الخميس) برصاص مجهولين بمنطقة وسط سيناء. وأوضح المصدر وفقا لوكالة «رويترز» أن «الضابط برتبة ملازم أول وكان يستقل سيارته حينما أطلق عليه مجهولون النار بمنطقة المليز بوسط سيناء وأردوه قتيلا».
وفي العاصمة القاهرة، أصيب أمين شرطة إثر انفجار عبوتين ناسفتين بدائيتي الصنع أثناء مرور سيارة أمن مركزي أعلى محور 26 يوليو (غرب القاهرة)، وأسفر انفجار العبوتين عن تهشم السيارة من دون أن يؤدي إلى أي خسائر في الأرواح. وإثر ذلك انتقل على الفور خبراء الحماية المدنية ورجال الإدارة العامة لمباحث الجيزة، حيث نشرت بعض الأكمنة للتمشيط وتحديد هوية الجناة وضبطهم.
وفي مدينة السادس من أكتوبر (غرب القاهرة)، اقتحمت سيارة «ميكروباص» الحواجز الأمنية بنقطة التفتيش ولم تمتثل للطلقات التحذيرية، فأطلقت قوات التأمين عدة أعيرة نارية تجاه السيارة، مما أسفر عن مقتل قائدها وضبط ثلاثة من مرافقيه وإصابة أحدهم، وجار فحص الجناة للوقوف على ظروف وملابسات الواقعة وأبعادها، وفقا لما ذكره بيان لوزارة الداخلية أمس.
من جهة أخرى، نظم أنصار جماعة الإخوان المسلمين مسيرات أمس انطلاقا من عدة مساجد بالقاهرة والمحافظات عقب صلاة الجمعة، طالبوا فيها بسقوط الإدارة الحالية للبلاد، وعدم الاعتراف بخارطة الطريق، والإفراج عن كافة المعتقلين والقصاص للقتلى، رافعين صور الرئيس المعزول محمد مرسي وكذلك إشارات «رابعة». بينما شددت قوات الأمن قبضتها على الميادين الرئيسة بالقاهرة لمنع توجه المتظاهرين لها، وعلى رأسها ميادين «التحرير، ومصطفى محمود، ورابعة العدوية».
وكان «التحالف الوطني لدعم الشرعية»، المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي، قد دعا أنصاره للاحتشاد بدءا من أمس (الجمعة) وطوال أيام الأسبوع المقبل، خلال فعاليات ما سماه أسبوع «الصمود.. وفاء للشهداء».
وعد بيان للتحالف، أن «إعلان المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع نيته الترشح للرئاسة يظهر الخيانة ويسقط ورقة التوت الأخيرة عن السفاح وأعوانه بإعلانهم المشترك لجريمة جديدة».
ودأب أنصار الرئيس السابق على التظاهر منذ عزل مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، يوميا احتجاجا على ما سموه «الانقلاب ضد الشرعية». وقتل نحو 60 شخصا معظمهم من أنصار مرسي في اشتباكات مع الشرطة يوم السبت الماضي في الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير (كانون الثاني). ففي منطقة الهرم (شمال الجيزة) تظاهر المئات من أنصار الإخوان عقب صلاة الجمعة وقاموا بإشعال النيران في إطارات السيارات بمنتصف شارع الهرم، مما أدى لاشتباكات بينهم وبين بعض الأهالي، قبل أن تتدخل قوات الشرطة للسيطرة على الموقف.
ووقعت اشتباكات وتراشق بالحجارة، بين المئات من أنصار الإخوان المشاركين في مسيرة انطلقت عقب تشييع جثمان قتيل للجماعة في اشتباكات بالإسكندرية أول من أمس، وبين الأهالي الذين احتجوا على هتافات تهاجم الجيش أثناء سير المسيرة بشارع أبو قير. وقامت قوات الأمن بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع على المشاركين في المسيرة لتفريقهم.
وتمكنت الأجهزة الأمنية بمحافظة الفيوم من السيطرة على اشتباكات وقعت بين الأهالي بميدان «السواقي» وأعضاء بالإخوان الذين خرجوا في مسيرة مناهضة للجيش ومطالبة بعودة ما وصفوه بـ«الشرعية»، وألقت قوات الأمن القبض على عدد منهم.
وفي المنيا نظم العشرات من أعضاء الجماعة بمدينة ملوي مسيرة للمطالبة بسقوط حكم العسكر ورفض الدستور. وانطلقت المسيرة وجابت شوارع المدينة، وردد المتظاهرون هتافات ضد الجيش والشرطة، بينما قامت قوات الأمن بالتصدي للمتظاهرين.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.