هل يُستعان بـ«الاختبارات الجينية» لتكييف وصفات أدوية القلب؟

قد تتيح انتقاءها لحالة كل فرد

هل يُستعان بـ«الاختبارات الجينية» لتكييف وصفات أدوية القلب؟
TT

هل يُستعان بـ«الاختبارات الجينية» لتكييف وصفات أدوية القلب؟

هل يُستعان بـ«الاختبارات الجينية» لتكييف وصفات أدوية القلب؟


تؤثر جيناتك على كيفية استجابة جسمك لكثير من الأدوية، ومع ذلك لا تزال «الاختبارات الجينية الدوائية» غير مهيأة لدخول حيز الاستخدام الروتيني.

اختبارات جينية دوائية
تركز غالبية الاختبارات الجينية على احتمالات تعرضك لأمراض أو ظروف صحية بعينها. ومع ذلك، فإن هناك بعض الاختبارات، التي تُعرف باسم «الاختبارات الجينية الدوائية» (pharmacogenomic testing)، بمقدورها الكشف عن الكيفية التي ربما يستجيب من خلالها جسمك ويتفاعل إزاء عقاقير مختلفة. وحتى اليوم، حدد باحثون ما يزيد على 400 اختلاف وراثي معروف عنها تأثيرها على استقلاب (التمثيل الغذائي) العديد من العقاقير، منها بعض العقاقير التي تساعد على تقليل الكوليسترول أو الحيلولة دون تكون الجلطات الدموية.
من الناحية النظرية، فإن معرفة كيف يستقلب الناس أدوية بعينها من الممكن أن يعين الأطباء على اختيار من بينها العلاج الأكثر أماناً وفعالية لمرضاهم. بيد أنه من الناحية النظرية، لا يبدو الأمر بهذه البساطة، حسبما نبه دكتور جيسون فاسي، البروفسور المساعد بمجال الطب في مدرسة هارفارد للطب وطبيب رعاية أولية لدى «منظومة في إيه بوسطن للرعاية الصحية».
الجينات وأدوية القلب الشائعة
نشر «اتحاد علم الصيدلة السريري» The Clinical Pharmacogenetic Implementation Consortium إرشادات لمعاونة الأطباء على استيعاب كيف يمكن استخدام نتائج الاختبارات الجينية المتاحة في تحقيق الاستفادة القصوى من العلاج بالأدوية. وفيما يلي موجز للمعلومات المتاحة حول اثنين من أدوية القلب الشائعة.
• أدوية الكوليسترول. يجري وصف دواء «سيمفاستاتين» Simvastatin (زوكور Zocor) لتقليل الكوليسترول المرتفع. وثمة ارتباط بين متغيرات في جين يدعى «إس إل سي أو 1 بي 1» SLCO1B1 ونمط نادر من ألم العظام (اعتلال عضلي myopathy) يسببه دواء الستاتين. ويوجد لدى غالبية الناس نوعان من النسخ الطبيعية للجين، ومن غير المحتمل أن يجابهوا أي مخاطر في هذا الصدد.
كما يوجد لدى ما يقرب من ثلث الأفراد نسخة أو نسختان من الصورة الخطيرة للجين. إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن هؤلاء الأفراد سيعانون حتماً من الاعتلال العضلي، وإنما يعني فحسب أنهم يواجهون مخاطر مرتفعة.
على سبيل المثال، حتى إذا كنت من بين النسبة المقدرة بـ2 في المائة من السكان الذين يملكون نسختين من الصورة التي تنطوي على مخاطر، فإن احتمالات إصابتك بالاعتلال العضلي الناجم عن الستاتين تبلغ نحو 17 فقط في 1000. إلا أنه كإجراء احترازي، فإن الأشخاص الذين لديهم النسخ المنطوية على مخاطر ينبغي لهم تعاطي «سيمفاستاتين» فقط في شكل جرعات تصل إلى 40 ملليغراماً يومياً، أو تناول دواء ستاتين بديل. وقد ينطبق الارتباط بين «إس إل سي أو 1 بي 1» والاعتلال العضلي كذلك على دواء «أتورفاستاتين atorvastatin «(ليبيتور Lipitor)، لكن لا يزال الغموض يحيط بهذا الأمر.
> دواء الجلطات الدموية. من ناحية أخرى، يجري وصف «كلوبيدوغريل Clopidogrel «(بلافيكس Plavix) لمنع تكون جلطات دموية في أعقاب التعرض لأزمة قلبية أو زرع دعامة في الشريان. وتؤثر نسخ متنوعة من جين يدعى «سي واي بي 2 سي 19 «CYP2C19 على مدى قدرة شخص ما على تحويل «كلوبيدوغريل» إلى صورته النشطة في الجسم.
يتميز غالبية الأفراد بقدرتهم الفائقة على الاستقلاب السريع لهذا الدواء، وبالتالي يحصلون على الفعالية المأمولة، لكن قرابة 30 في المائة من الأشخاص يتسمون بمستوى متوسط أو ضعيف من القدرة على الاستقلاب، ما يعني أن الدواء يصبح أدنى فعالية لديهم، الأمر الذي قد يتركهم في مواجهة مخاطر أعلى للإصابة بجلطات خطيرة. وربما يستفيد الأفراد الذين توجد لديهم هذه النسخ من تناول دواء بديل مضاد للتجلطات، مثل «براسوغريل prasugrel «(إيفينت Effient) أو «تيكاغريلور ticagrelor «(بريلينتا Brilinta).
فوائد غير واضحة
أوضح دكتور فاسي أن: «مجرد معرفة الرابط بين الدواء والجين غير كافية لتوضيح ما إذا كانت المعلومات سوف تحسن الحالة الصحية لشخص ما». وحتى هذه اللحظة، لا يوجد دليل واضح على وجود منفعة من وراء ذلك للشخص العادي الذي يعاني مرضاً في القلب أو يواجه مخاطر الإصابة بمثل هذا المرض. وفي سياق متصل، يدعو البعض لاعتماد الاختبارات الجينية الدوائية عند توصيف الأدوية النفسية، التي جرى تسويقها في أوساط المستهلكين على نحو مباشر خلال السنوات الأخيرة. ورغم أن بعض الدراسات لمحت إلى وجود فوائد محتملة، فإن إدارة الغذاء والدواء أعلنت أن هذه الاختبارات لم تثبت فائدتها. إضافة لذلك، فإن كثيراً من العوامل الأخرى - بينها السن والنوع ومتى وكيف تناولت طعامك المرة الأخيرة، والأدوية الأخرى التي تتناولها - يمكن أن تؤثر على مستويات فعالية الدواء داخل الجسم.

معلومات جديدة
أجرى أكثر عن مليون شخص بالفعل اختباراً جينياً دوائياً نفسياً (تبعاً لما كشفته واحدة من الشركات الرائدة بالمجال)، وبالتالي فإنهم قد يتعرفون على تركيب بعض جوانب النمط الجيني لهم، بما في ذلك الجين «سي واي بي 2 سي 19»، الذي يتولى تنظيم عمل إنزيم يؤثر على تفكيك عناصر معينة من مضادات الاكتئاب، بجانب بعض الأدوية الأخرى، بما في ذلك «كلوبيدوغريل» (بلافيكس) المضاد للتجلط.
وتقدم أكثر عن 10 ملايين آخرين بطلبات لإجراء الاختبار لدى شركة «23 آند مي» العاملة بمجال الاختبارات الجينية على نحو مباشر مع العملاء. وتتضمن بعض الخدمات التي تقدمها الشركة توفير معلومات جينية دوائية عن «سي واي بي 2 سي 19» وجين آخر مثير للاهتمام هو «إس إل سي أو 1 بي 1».
من جهته، قال دكتور فاسي: «إذا حصلت على معلومات جينية دوائية من واحد من هذه الاختبارات، فإنه من المهم التشارك فيها مع طبيب الرعاية الأولية وطبيب القلب اللذين تتعاون معهما». وأضاف: «على سبيل المثال، إذا أصبت بنوبة قلبية، فإنك ربما تحتاج إلى دعامة، وهي عبارة عن أنبوب شبكي صغير لدعم فتح شريان القلب المسدود».
في العادة، يصف لك طبيبك بعد ذلك «كلوبيدوغريل» لتثبيط تكون جلطات دموية. إلا أنه إذا عرفت أن جسمك سيستجيب على نحو رديء لهذا الدواء، فإن الطبيب ربما يفكر في وصف دواء بديل (الأمر الذي لا يحدث عادة لأسباب تتعلق بالتكلفة).
وبالمثل، فإن النتائج الجينية الدوائية الخاصة بـ«إس إل سي أو 1 بي 1» يمكن أن تكشف بعض المعلومات حول مخاطر تعرض العظام لآثار جانبية جراء تناول واحد من أدوية الستاتين الشائعة، «سيمفاستاتين» (زوكور)، وربما «أتورفاستاتين» (ليبيتور)، لكن هذا ربما لا ينسحب على أنواع أدوية الستاتين الأخرى.
والمؤكد أن هناك حاجة لإجراء مزيد من الأبحاث قبل استخدام الاختبارات الجينية الدوائية في الزيارات الروتينية لمرضى بحالات على صلة بالقلب.

* رسالة هارفارد للقلب،
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

صحتك ارتفاع ضغط الدم تحدٍّ كبير للصحة العامة (رويترز)

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

بعض العلامات التحذيرية التي تنذر بارتفاع ضغط الدم، وما يمكنك القيام به لتقليل المخاطر:

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

حذَّرت دراسة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)
زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)
TT

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)
زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

حذَّرت دراسة جديدة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

وحسب شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، فقد قام فريق الدراسة التابع لجامعة جنوب فلوريدا، ومعهد سرطان مستشفى تامبا العام، بتحليل 162 عينة ورم من مرضى سرطان القولون.

ووجد الباحثون أن الأورام تحتوي على «عدد زائد» من الجزيئات التي تسبب الالتهاب و«نقصاً» في الجزيئات المختصة بالشفاء.

وقال مؤلف الدراسة الدكتور تيموثي ييتمان، أستاذ الجراحة في كلية الطب بجامعة جنوب فلوريدا: «من المعروف أن المرضى الذين يتبعون أنظمة غذائية غير صحية يعانون من زيادة الالتهاب في أجسامهم. وتشمل هذه الأنظمة زيوت الطهي النباتية التي تستخدم على نطاق واسع».

وأضاف: «لقد وجدت دراستنا صلة كبيرة بين الالتهاب الذي قد تتسبب فيه هذه الزيوت، وبين ارتفاع خطر الإصابة بسرطان القولون. هذا السرطان يشبه الجرح المزمن الذي لن يلتئم مع نقص الجزيئات المختصة بالشفاء في الجسم. فإذا كان جسمك يعيش على هذه الزيوت يومياً، فإن قدرة هذا الجرح على الالتئام تقل بسبب الالتهاب، وقمع الجهاز المناعي الذي يسمح في النهاية للسرطان بالنمو».

وبالإضافة إلى «زيوت البذور المسببة للالتهابات»، أشار ييتمان أيضاً إلى أن هناك بعض الأطعمة التي قد تتسبب في هذا المرض، مثل السكريات المضافة، والدهون المشبعة، والأطعمة المصنعة.

وفي دراسات سابقة، وجد فريق الدراسة نفسه أن «النظام الغذائي غير المتوازن» يزيد أيضاً من خطر الإصابة بأمراض القلب، ومرض ألزهايمر، والسكري.

وأوصى الباحثون بالابتعاد عن الزيوت النباتية والأطعمة غير الصحية، والانتقال إلى تلك الغنية بالألياف وأحماض «أوميغا 3» الدهنية، والفواكه، والخضراوات، والحبوب الكاملة، وذلك لتقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والخرف وكثير من الأمراض الأخرى.