«الانسداد» الأميركي ـ الروسي ينعش اقتراح «خطوة ـ خطوة» في سوريا

توقعات في دمشق بقرب برنامج الانتخابات الرئاسية... ومؤتمر بروكسل يجدد شروط «التطبيع» و«الإعمار»

عربات عسكرية أميركية وروسية في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا في مايو 2020 (أ.ف.ب)
عربات عسكرية أميركية وروسية في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا في مايو 2020 (أ.ف.ب)
TT

«الانسداد» الأميركي ـ الروسي ينعش اقتراح «خطوة ـ خطوة» في سوريا

عربات عسكرية أميركية وروسية في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا في مايو 2020 (أ.ف.ب)
عربات عسكرية أميركية وروسية في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا في مايو 2020 (أ.ف.ب)

أعاد المؤتمر الدولي للمانحين في بروكسل، سوريا إلى رأس الأجندة الدولية والإقليمية بعد تراجع الاهتمام بها منذ تسلم إدارة الرئيس جو بايدن التي لا تزال في طور المراجعة السياسية بمشاركة المؤسسات الأميركية المختلفة.
في الوقت نفسه، كشف هذا «الاهتمام المؤقت» في الذكرى العاشرة لبدء الأزمة، استمرار الجدار وعدم بلورة تفاهم دولي - إقليمي بسبب تفاقم التوتر بين أميركا وروسيا وانعكاساته المختلفة في ملفات عدة بينها سوريا، المكان الوحيد الذي يقف فيها جيشا البلدين وجها إلى وجه تنظم العلاقة بينهما تفاهمات عسكرية لمنع الصدام، ما أعاد طرح مقاربة «خطوة - خطوة» بين موسكو واشنطن.
- ما هو المشهد من موسكو؟
تدعم موسكو دمشق في خطتها السياسية والمضي قدما في ملفي الانتخابات الرئاسية والإصلاح الدستوري. حسب المعلومات، فإن مجلس الشعب (البرلمان) السوري سيبدأ في 19 الشهر الجاري جلسة برلمانية، يرجح أن تطلق فيها عملية الإعداد للانتخابات الرئاسية، بموجب الدستور الحالي للعام 2012، ونص على أن «يدعو رئيس مجلس الشعب لانتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس القائم في مدة لا تقل عن ستين يوماً ولا تزيد على تسعين يوماً»، علما بأن ولاية الرئيس بشار الأسد تنتهي في 17 يوليو (تموز) المقبل.
كما تضمنت الشروط بأن «لا يقبل طلب الترشيح إلا إذا كان طالب الترشيح حاصلاً على تأييد خطي لترشيحه من 35 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب، ولا يجوز لعضو مجلس الشعب أن يمنح تأييده إلا لمرشح واحد»، حسب الدستور. وزاد: «إذا لم تتوافر الشروط المطلوبة للترشيح سوى بمرشح واحد خلال المهلة المحددة، فيتوجب على رئيس مجلس الشعب الدعوة إلى فتح باب الترشيح مجدداً وفق الشروط ذاتها».
وإلى الآن، لم تظهر مؤشرات لظهور مرشح جديد ولم يعلن رسمياً برنامج الانتخابات ومواعيدها، علما بأن الانتخابات السابقة في 2014، وهي الأولى التي تجري بموجب دستور 2012 شهدت مشاركة مرشحين اثنين، وكانت الأولى التي لم تجر بصيغة الاستفتاء على مرشح واحد منذ عقود.
وتدعم روسيا هذا الاتجاه، وتقول إنه لا علاقة بين الانتخابات الرئاسية المقبلة والإصلاح الدستوري برعاية الأمم المتحدة بموجب القرار 2254، وجدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هذا الاتجاه في خطابه يوم أمس. كما كرر الموقف من ضرورة عدم وجود سقف زمني لعمل اللجنة الدستورية في جنيف. وأقصى ما كان ذهب إليه في جلسات خاصة، أنه في حال حصل إصلاح دستوري يمكن الدعوة لانتخابات رئاسية جديدة بعد الانتخابات المقبلة. وقد توافق دمشق على هذا لأنه يعطي غطاء في الدستور لولاية جديدة أو أكثر للأسد.
في غضون ذلك، يواصل المبعوث الأممي غير بيدرسن اتصالاته مع رئيسي وفد الحكومة أحمد الكزبري و«هيئة التفاوض» المعارضة هادي البحرة للوصول إلى اتفاق خطي حول آلية عمل اللجنة وكيفية البدء بصوغ الإصلاح الدستوري، خصوصاً بعدما تسلم الكزبري «توجيهات» للبدء بعملية «صوغ الدستور». وتتضمن الاتصالات الأممية مع الكزبري والبحرة تفاصيل الاتفاق على آلية العمل وإمكانية عقد جلسة جديدة للجنة الدستورية قبل الانتخابات الرئاسية مع مراعاة قدوم شهر رمضان بحدود 13 الشهر الجاري وانعقاد جلسة مجلس الشعب في 19 منه.
وتواصل موسكو هجماتها الدبلوماسية باتجاهات عدة، وتحث دولاً عربية وأوروبية على المساهمة في إعمار سوريا و«التطبيع» مع دمشق بعد استقرار العمليات العسكرية فيها وقرب الانتخابات الرئاسية. كما تواصل عنادها في مجلس الأمن باتجاه عدم التمديد للقرار 2533 الخاص بتقديم المساعدات الإنسانية «عبر الحدود» الذي تنتهي ولايته في 11 يوليو المقبل. وهي تضغط على الدول المانحة لتقديم المساعدات من دمشق والمؤسسات الأممية المقيمة فيها.
- ما هي «المأساة» من واشنطن؟
أول إطلالة لوزير الخارجية الأميركي الجديد أنطوني بلينكن في الملف السوري، كانت من بوابتين: الأولى، ترؤسه اجتماع مجلس الأمن الخاص بـ«المأساة الإنسانية». الثانية، رئاسة مؤتمر وزاري مصغر للتحالف الدولي ضد «داعش». أما بالنسبة إلى مؤتمر بروكسل للمانحين، فإنه فضل إيفاد المندوبة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد.
في مجلس الأمن، واجه بلينكن الجانب الروسي بأنه دعا إلى فتح ثلاثة معابر حدودية في باب الهوى وباب السلامة مع تركيا واليعربية مع العراق والعودة إلى الوضع الذي كان سائدا في بداية العام الماضي قبل تمديد القرار الدولي. وقال: «13.4 مليون شخص - اثنان من كل ثلاثة سوريين - بحاجة إلى المساعدة الإنسانية. إن ستين في المائة من السوريين معرضون لخطر الجوع». وزاد: «الطريقة الأكثر فاعلية ونجاعة لتوصيل أكبر قدر من المساعدة لمعظم الناس في الشمال الغربي والشمال الشرقي هي عبر المعابر الحدودية. ومع ذلك، سمح مجلس الأمن بانتهاء الترخيص لمعبرين حدوديين، هما: باب السلام في الشمال الغربي، والذي كان يُستخدم لإيصال المساعدات إلى ما يقرب من 4 ملايين سوري. ومعبر اليعربية في الشمال الشرقي، والذي قدم مساعدات لـ1.3 مليون سوري».
وشكل مجلس الأمن، منصة للصدام الأميركي - الروسي حول «تسييس المساعدات» و«السيادة السورية». وقال بلينكن: «السيادة لم يكن القصد منها أبداً ضمان حق أي حكومة في تجويع الناس، أو حرمانهم من الأدوية المنقذة للأرواح، أو قصف المستشفيات، أو ارتكاب أي انتهاك آخر لحقوق الإنسان ضد المواطنين»، ذلك في رد على نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فرشينين من أن المساعدة العابرة للحدود «تنتهك مبادئ القانون الدولي، لأن الحكومة القائمة لا تناسب الغرب»، وقوله إن عدم دعوة الحكومة السورية إلى مؤتمر بروكسل «تعد إضافي على سيادتها»، وانتقاده «التسييس المتزايد للمساعدات الإنسانية».
هذا الجدل الغربي - الروسي انتقل من نيويورك إلى بروكسل، وطال المساعدات والتمويل والسيادة وعدم دعوة دمشق. لكن المفاجأة السارة، كانت حجم التعهدات المعلنة في ختام مؤتمر المانحين الذي شارك فيه 79 وفداً (52 دولة) و«تأكيد التزام المجتمع الدولي سياسياً وإنسانياً ومالياً نحو الشعب السوري».
حسب الأرقام الرسمية، فإن التعهدات هي: 4.4 مليار دولار (3.6 مليار يورو) لعام 2021 وتعهدات متعددة الأعوام بملياري دولار (1.7 مليار يورو) لعام 2022 وما بعده. إضافة إلى تقديم مؤسسات مالية دولية ومانحين دوليين 7 مليارات (5.9 مليار يورو) كقروض ميسّرة.
لا تمانع موسكو ودمشق في ذلك لأنه يسهم في «تخفيف العبء» رغم الانتقادات العلنية. لكن المفاجأة غير السارة، قناعة المشاركين وبيان الرئاسة المشتركة من مفوض الشؤون الخارجية والأمنية الأوروبي جوزيف بوريل والمبعوث الأممي غير بيدرسن أن «التقدّم نحو حل سياسي لا يزال بعيد المنال بعد عقد من الصراع» وأن الاشتباكات على خطوط التماس مستمرة رغم «الهدوء الهش» ووقف النار منذ أكثر من سنة.
- ما شروط «التطبيع» و«الإعمار»؟
أيضا، أظهر المؤتمر الخلاف الروسي - الغربي حول الانتخابات الرئاسية السورية واستمرار التزام شروط «التطبيع» و«الإعمار»، إذ أشارت الرئاسة المشتركة إلى أن الحل يكمن في تنفيذ القرار 2254 و«إكمال عملية صياغة دستور جديد، تمهيداً لانتخابات حرّة وعادلة تحت إشراف الأمم المتحدة، يشارك فيها السوريون الموجودون في الشتات»، ما يعني عدم الاعتراف بالانتخابات المقبلة. وكان بوريل قال لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الانتخابات «لن تؤدي إلى التطبيع مع النظام السوري» وإن هذه الرسالة بعثت إلى دول في المنطقة، التي كانت تسلمت «رسالة» مختلفة من الجانب الروسي، تحث على المساهمة بإعمار سوريا لـ«الحفاظ على الدولة وإضعاف إيران».
وإذ أعرب مؤتمر بروكسل واجتماع مناهضة «داعش» عن القلق من ظهور «داعش» في البادية السورية، مناطق سيطرة الحكومة براً والطائرات الروسية جواً، في بداية العام الجاري، فإن الرسالة المشتركة، هي أن «اجتثاث الإرهاب على نحو دائم في سوريا يتطلب تسوية سياسية حقيقية تعالج أسباب الصراع الجذرية»، في وقت «تسوء الظروف الاجتماعية والاقتصادية» جراء عوامل عدة، بينها الفساد والعقوبات.
أما بالنسبة إلى إعمار سوريا، فإن الشرط الأوروبي غير السار لروسيا، لا يزال قائماً، إذ أفادت وثيقة المؤتمر بأن «الدول المانحة والاتحاد الأوروبي يؤكدان أن إعادة الإعمار (في سوريا) والدعم الدولي لتنفيذها سيكونان ممكنين فقط لدى سريان حلّ سياسي موثوق وراسخ ينسجم مع القرار 2254 وبيان جنيف... وحكومة سورية ديمقراطية وجامعة (...) ومحاورين (سوريين) موثوقين وشرعيين وضمانات فيما يتعلّق بتمويل المحاسبة». وأكد أيضا: «سوريا لا تفي حالياً بأي من هذه الشروط».
وأمام الفجوة الكبيرة بين موقفي روسيا وحلفائها من جهة وأميركا وشركائها الأوروبيين والإقليميين من جهة ثانية، أعيد طرح تفعيل مقاربة «خطوة مقابل خطوة» بين واشنطن وموسكو التي كانت اختبرت مرات عدة إلى صيف العام الماضي عبر محادثات سرية بينهما في فيينا. يتضمن العرض القديم - الجديد، استعداد الغرب لتقديم «حوافز» بينها رفع أو تخفيف أو عدم فرض العقوبات وفك العزلة على دمشق مقابل إقدام موسكو على «خطوات إيجابية» في مجال العملية السياسية ودور إيران في سوريا.
بيدرسن كان من أكثر المتحمسين لهذا الاقتراح خصوصاً مع تفاقم التوتر بين موسكو - بوتين وواشنطن - بايدن، لكن الجديد أن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس دعم هذا الاتجاه مع أنه كان غير مقتنع به في ضوء «خيبات» برلين من الحوار السابق بين المستشارة أنجيلا ميركل والرئيس فلاديمير بوتين عن سوريا.



إسرائيل تضرب الحوثيين للمرة الخامسة... وبالتنسيق مع غارات أميركية - بريطانية

القادة الإسرائيليون هددوا الحوثيين بمصير مشابه لـ«حماس» و«حزب الله» اللبناني (الجيش الإسرائيلي)
القادة الإسرائيليون هددوا الحوثيين بمصير مشابه لـ«حماس» و«حزب الله» اللبناني (الجيش الإسرائيلي)
TT

إسرائيل تضرب الحوثيين للمرة الخامسة... وبالتنسيق مع غارات أميركية - بريطانية

القادة الإسرائيليون هددوا الحوثيين بمصير مشابه لـ«حماس» و«حزب الله» اللبناني (الجيش الإسرائيلي)
القادة الإسرائيليون هددوا الحوثيين بمصير مشابه لـ«حماس» و«حزب الله» اللبناني (الجيش الإسرائيلي)

شنت إسرائيل خامس موجة من ضرباتها الجوية والأولى في السنة الجديدة، رداً على الهجمات الحوثية المتصاعدة، واستهدفت الضربات منشآت ومواقع عسكرية في صنعاء وعمران، الجمعة، كما استهدفت ميناءي الحديدة ورأس عيسى على البحر الأحمر، وذلك بالتوازي و«التنسيق» مع ضربات أميركية وبريطانية.

وإذ أكد الجيش الإسرائيلي شن الضربات على صنعاء والحديدة، قالت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران إن 12 غارة استهدفت مواقعها في مديرية حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران (50 كيلومتراً شمال صنعاء).

كما استهدفت الغارات مواقع خاضعة للحوثيين في محيط القصر الرئاسي بصنعاء، حيث معسكرات «النهدين والحفا»، إلى جانب محطة توليد كهرباء جنوب المدينة (محطة حزيز)، بالتزامن مع سلسلة غارات ضربت ميناءَي الحديدة ورأس عيسى النفطي على البحر الأحمر.

وبحسب بيان الجيش الإسرائيلي، شملت الأهداف التي ضربها مواقع للبنية التحتية العسكرية في محطة كهرباء حزيز في صنعاء والبنية التحتية العسكرية في ميناءَي الحديدة ورأس عيسى على الساحل الغربي، وفق البيان.

وعقب الضربات، نقلت «رويترز» عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قوله إن الحوثيين «يدفعون وسيستمرون في دفع ثمن باهظ لعدوانهم علينا».

من جهته، وصف وزير الدفاع الإسرائيلي الضربات الجديدة بأنها رسالة واضحة للحوثيين بأن إسرائيل ستواصل العمل بقوة ضد كل من يشكل تهديداً لأمنها، وتوعد بالقول: «يد إسرائيل الطويلة ستلاحق قادة الحوثيين في أي مكان».

ولم تتحدث الجماعة الحوثية عن أثر هذه الضربات، من حيث الخسائر المادية أو البشرية على الفور، وسط مخاوف من أن تؤدي الضربات الجديدة إلى شل مواني الحديدة بشكل نهائي، بعد الأضرار التي كانت تسببت بها الضربات السابقة، ما يعني مزيداً من المعاناة الإنسانية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة إسرائيلية قبل انطلاقها لشن هجوم ضد الحوثيين (الجيش الإسرائيلي)

وبالتزامن مع حشد الجماعة أنصارها في التجمع الأسبوعي كل يوم جمعة، زعم المتحدث العسكري باسمها يحيى سريع مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع العسكرية المصاحبة لها، بالصواريخ والمسيَّرات، كما تبنَّى مهاجمة تل أبيب في إسرائيل بثلاث طائرات مسيّرة، وهي المسيّرات التي قال الجيش الإسرائيلي في بيان إن سلاح الجو قام باعتراضها، مساء الخميس.

الضربات السابقة

رداً على تصعيد الحوثيين الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيّرة باتجاه إسرائيل، كانت الأخيرة ردت بأربع موجات من الضربات الانتقامية قبل هذه الضربة الخامسة، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقُّع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

وتضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

إسرائيل ردت على هجمات الحوثيين بموجة خامسة من الضربات الجوية (الجيش الإسرائيلي)

واستدعت الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.

تصعيد مستمر

أرقت الجماعة الحوثية يوم الخميس بتلقي 5 غارات وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت مواقع في صنعاء والحديدة وعمران، غداة ضربات تبناها الجيش الأميركي ضد منشأتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض خاضعتين للجماعة في عمران وصنعاء.

ولم يتحدث الجيش الأميركي على الفور بخصوص هذه الغارات، في حين لم تكشف الجماعة المدعومة من إيران عن الآثار الناجمة عنها، وسط تقديرات بأنها ضربت مستودعات للأسلحة.

مقاتلة من طراز «إف 15» تعمل ضمن منطقة القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

ووفق ما أورده إعلام الجماعة، ضربت غارتان منطقة جربان التابعة لمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، فيما ضربت 3 غارات مواقع في مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران (50 كيلومتراً شمال صنعاء)، إلى جانب غارة قالت الجماعة إنها استهدفت موقعاً في مديرية اللحية الساحلية التابعة لمحافظة الحديدة غرباً.

ويوم الأربعاء، كان الجيش الأميركي أعلن استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً، بعد يوم من مزاعم الحوثيين حول مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية، وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر.

واعترفت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، بواقع اثنتين في منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، و4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، ويضم الموقعان معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة، تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، استخدم الحوثيون تلك المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

مقاتلة أميركية من طراز «إف 16» (الجيش الأميركي)

وتشن الجماعة منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، بينما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

ورداً على هذا التصعيد استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي، وأدى ذلك إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة أنشأت، في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان من نصيب الحديدة الساحلية أغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.